كم جامعا وكم زاوية في مصر تحت الاحتلال؟ سؤال يبدو غريبا. لكن ما يحدث في مصر من احتلال متطرفين لزوايا ومساجد في إمبابة وغيرها أمر يدعو للتساؤل: لماذا لم تُضم هذه الزوايا للأوقاف التي وضعت شرطا ألا تُضم إلا إذا كانت مساحتها أكثر من مائة متر مربع، فقام هؤلاء بإنشاء مساجد وزوايا بين الحارات والأزقة لا تتجاوز 99 مترًا فتركتها لهم وزارة الأوقاف لأن مساحتها أقلّ من مائة متر مربع كما حددها مهندسو الأوقاف... وراح هؤلاء يأخذون الأطفال والنشء والكبار في دروس وخطب تدعو إلي التطرف والتشدد وقتل الأبرياء وقتل الجند الذين يتترس بهم الحاكم وأن من يفجّر نفسه سيجد نفسه بين الحور العين.. وأن التقيّة واجبة في هذا العصر، وغير ذلك من خطاب التشدد والتعصب والارهاب.. في محافظة قنا - مثلا - أكثر من 108 زوايا أهلية لم تضم منذ 2010 حتي الآن وأكثر من 56 مسجدا لم يضم أيضا. والعجيب أننا تركنا هذه الزوايا والمساجد التي تعدّ بالآلاف علي مستوي الجمهورية دون اشراف من الازهروهو الذي ينبغي أن يشرف علي الدعوة... وبعد ذلك نتساءل في براءة: من أين جاء هؤلاء المتطرفون؟ قوانين بقرش صاغ لدينا قوانين تحدد مكافآتها أو غراماتها بالقرش صاغ والمليم، هذه القوانين في حاجة إلي تعديل لأن الزمن يمر وتغدو العقوبة مضحكة غير رادعة، وعلي سبيل الأمثلة لو ذهب مفتش الصحة إلي سوبر ماركت أو مطعم، أو محل تجاري يبيع مواد غذائية في أماكن غير مستوفاة الشروط الصحية، أي سوء تخزين يعرّضها للتلف، فسيحرر له محضرا والغرامة »خمسة جنيهات» والحد الأقصي »خمسون جنيها»! وفي المحلات التي لا يمتلك مالكها رخصة المحل أو عدّل النشاط دون إخطار الجهة المسئولة أو قام بتشغيل عُمّال دون التأمين عليهم أو قام بتشغيلهم ساعات زيادة عن أوقات العمل الرسمية علي غير رضاهم أو لم يوفر لهم الأمان في أثناء تأديتهم العمل، ولم يوفر لهم عقودًا أو لم يمنحهم إجازاتهم فإن الغرامة 200 »مائتا قرش صاغ» أي »جنيهان»؛ ومثال آخر لا توجد عقوبة لمن حمل سلاحه الشخصي المرخّص وخرج إلي الشارع وأخذ يُطلق الرصاص في الشارع دون داع أمني ولم يُصب أحدا فلا عقوبة عليه علي الرغم من أنه أزعج الجميع! في قانون تنظيم الجامعات الحالي الذي قارب عمره منذ إنشائه أكثر من خمس وأربعين سنة تجد عجبا، فهذا القانون رقم 49 لسنة 1972 يقرّ في مادته 294 أنه »يمنح مكافأة مقدارها مائة جنيه لكل من يشترك في فحص الرسالة لدرجة الماجستير» يعني تقرأ وتفحص رسالة جامعية وتسافر إلي أسوان أو الإسكندرية لمناقشتها ولن تأخذ سوي 79 تسعة وسبعين جنيها بعد الخصومات. فهل يُعقل أن يقرأ أستاذ جامعي رسالة ماجستير ويسافر لمناقشتها في آخر مصر ليقبض كما يقول القانون 79 تسعة وسبعين جنيها. هل تُصلح لجنة الإصلاح التشريعي هذا الخلل؟ وتنظر في هذه القوانين التي تحتاج إلي تعديل مُلِح... أتمني هذا وأعرف أن مهمتها صعبة لكنها ليست مستحيلة. الدور الثاني والدور الأول جاءتني إحدي الطالبات وشكت إليّ أن نتيجتها قد ظهرت وأنها في الفرقة الرابعة بإحدي الكليات ورسبت في مادة واحدة، وقالت سأعيد السنة كاملة من أجل مادة واحدة؟! فقلت لها: لماذا تعيدين السنة كاملة؟ أنت من حقك دخول دور أكتوبر بعد شهرين فقط؟ فقالت: لا.. لن أمتحن بعد شهرين حتي لا يكتبوا لي في الشهادة »دور ثان» وهذا معناه عدم التعيين. فقلت لها: لا يوجد في أي شهادة »الدور الأول» ولا »الدور الثاني» فقالت: لو تقدمت إلي أي إعلان فلن يأخذوني لأني »دور أكتوبر».. وبكل أسف وجدت أن هذا الفهم عام لدي معظم الطلاب الذين يضيّعون عاما كاملا حتي لا يُكتب في الشهادة أنه خريج دور أكتوبر أو كما يقولون »الدور الثاني»، والحقيقة أن الوظائف لا علاقة لها بدور مايو ولا دور أكتوبر، وإنما الفيصل هو التقدير فإن تساووا فالمجموع هو الذي يحدد الفائز بالوظيفة، قد يقول قائل: تتدخل الوساطة والمحسوبية، وهذا يحدث أحيانا للأسف؛ لكن المتفوق هو الذي سيكون له الحظ الأوفر وإلا يلجأ للقضاء.. فلا يستطيع عميد كلية أو رئيس جامعة أن يتخطي الأول ويعيّن الثاني معيدا، وعلي الشباب أن يثق في قدراته، وأن يتمسك بحقوقه. أكشاك القراءة قبل عامين عندما كنتُ رئيسا للهيئة العامة لقصور الثقافة طرحتُ فكرة تستهدف نشر الثقافة في ربوع مصر وجعل شعار »مصر تقرأ» حقيقة علي أرض الواقع، من خلال وضع »أكشاك كتب» في محطات المترو والأتوبيس والقطارات، بالإضافة إلي الحدائق العامة في المحافظات. عادت الفكرة للطرح من جديد، وصرح مؤخرا الشاعر أشرف عامر، القائم بأعمال رئيس هيئة قصور الثقافة؛ باعتزامه تطبيقها ومخاطبة الجهات المعنية لتنفيذها. كما نُشر بصحيفة أخبار الأدب الغراء في عددها الحالي، وأوضحتُ تفاصيل الفكرة: حيث كان في مخيلتي أن نضع كشكا صغيرا لا تتجاوز مساحته 9 أمتار مربعة، يُصَمَّم من الزجاج بحيث يري الناس محتواه، بداخله ألف كتاب من جميع إصدارات الهيئات الحكومية، مختومة بشعار موحد يخص المشروع وكان عدد الأكشاك المستهدف ألف كشك بذلك ستكون المحصلة مليون كتاب في جميع الأكشاك، يمكن للمسافر في أي محافظة بعد أن يشتري تذكرته؛ الذهاب للكشك وانتقاء الكتاب الذي يعجبه أيا كان سعره مقابل خمسة جنيهات كحد أقصي، إذا انتهي منه قبل وصوله لمحافظة أخري، يمكنه النزول خلال فترة توقف القطار واستبداله بآخر من الكشك، أو استرجاع نقوده، وهكذا؛ يمكنه استبدال الكتب في كل محطة حتي يصل لجهته الت يكون أمامه فيها ثلاثة اختيارات؛ إما أن يُعيد الكتاب ويسترجع نقوده، أو يحتفظ به ويتداوله بين أصدقائه وأقاربه وحينما ينتهي منه يعيده لأقرب مكان يتواجد به الكشك بعد أن يمده ويستبدله أو يسترجع نقوده، أو يحتفظ به للأبد في مكتبته الخاصة. وليكن شعار المشروع (كتاب لكلّ مسافر) مثلا». سيحدث ذلك نوعا من الرواج للكتب وسيصل بالثقافة للناس، فالمواطن سيشغل وقته بما يفيد، وإذا قرأ عشرةُ أشخاص كلَّ كتاب في العام، ستكون النتيجة اكتساب عشرة ملايين قارئ في العام الأول. بالإضافة إلي تفريغ المخازن وإنقاذ هذه الثروة العظيمة المعرّضة للتلف، فهناك كتب مخزنة منذ ما يزيد علي عشرين عاما. ومع تطور المشروع قد يسعي أصحاب المكتبات ودور النشر الخاصة للاشتراك فيه». لن نوظف عاملي نجددا، بين موظفي الهيئة، فعددهم كبير جدا ولديهم استعداد للعمل، يمكن انتقاء ثلاثة منهم لكل كشك يتناوبون العملية، كلّ منهم في كشك علي مقربة من بيته، ومع مكافآت تُصرف لهم سنجد كثيرين منهم يتسابقون للعمل بهذه الأكشاك، القابلة للذهاب للمدارس والجامعات والأندية ومراكزالشباب».أرسلتُ حينما كنتُ رئيسا للهيئة الفكرة لجميع المحافظين بخصوص الحدائق العامة، لم يرد عليَّ سوي سبعة منهم، وتم البدء في حديقة بالقاهرة، لكن المشروع توقف مع تركي الهيئة، أما إدارة المترو والسكك الحديدية فلم يصل منهما أي رد، رغم محاولة التواصل معهما مرتين. ومما يثير الدهشة أن يتحدث البعض عن كيفية تمويل المشروع ودفع إيجار الأكشاك، فهذا مظهر حضاري للبلد، لا يستهدف الربح، ولذلك ليس مبنيا علي الاستئجار، فهناك قري ومدن وشوارع ومحطات لا يصلها أي كتاب علي الإطلاق، بتلك الأكشاك سنوفر لهم مكتبة من لا شيء، ففي محافظة قنا بالكامل -التي أعيش بها- لا توجد مكتبة عامة». مَلَقَة القراء: من الرسائل التي وصلت إليّ تعقيبا علي ما كتبتُه في يومياتي عن مثلث الخير »المثلث الذهبي»رسالة من الأستاذ محمد عبده حمدان (البحر الأحمر) وبها أفكار جديرة بالمناقشة: »من المعروف أن المثلث الذهبي رأسه في محافظة قنا وضلعاه قنا / سفاجا وقنا قفط/ القصير وقاعدته سفاجا / القصير علي ساحل البحر الأحمر - الحديث عن ضلع المثلث قفط / القصير بطول 180 كم وهو الضلع البائس والمظلوم والمحروم من كل الخدمات الأساسية : الطريق حالته سيئة وازدادت سوءا بعد استخدام سيارات النقل الثقيل له التي تنقل خام الفوسفات من مناجم وادي النيل إلي ميناء الحمراوين. الطريق بالكامل محروم من خدمة التليفون المحمول ومن يسر عليه يعد في عالم الغيب طوال المسافة حتي يصل إلي قفط أو القصير. الطريق كان يوجد به 3 كمائن أمنية وهي من جهة القصير كمين البيضة كم 21، كمين الفواخير كم 90، كمين اللقيطة كم 140 _ تم إلغاؤهم بعد الثورة. و لما كان هذا الضلع أو الطريق يحتوي علي كل المقومات الاقتصادية التي بني عليها المثلث وهي: مشروعات زراعية وهي من خلال الأراضي المنبسطة القريبة من وادي النيل خاصة في منطقة وادي اللقيطة - مشروعات تعدينية وصناعية تبدأ من الفواخير حيث مناجم الذهب ثم الخامات التعدينية الكثيرة والمختلفة في عمق الصحراء الشرقية حتي الساحل - مشروعات سياحية من خلال سياحة الآثار في منطقة وادي الحمامات والفواخير والسياحة البيئية والبدوية ثم سياحة الشواطئ علي ساحل البحر والتبادل السياحي مع الأقصر. كما كانت هناك الرحلات السياحية المتبادلة علي الطريق بين الأقصر والفنادق والقري السياحية في البحر الأحمر ثم الغاؤها بسبب عدم وجود هذه الخدمات. لذلك نأمل بتشكيل لجنة بمعرفة السيد رئيس الوزراء لتفقد هذا الضلع أو الطريق علي الطبيعة لوضع الحلول العاجلة وحتي يكون هذا الضلع جاهزا لاستقبال مشروعات المثلث الذهبي». في النهايات تتجلي البدايات مللٌ... مللْ ستنامُ إنْ جاء المساءُ وأنت حيٌ كيْ تقومَ مع الصباح إلي العملْ... وتقابل الأشباحَ مُبتسمين في زمنِ الدَّجلْ... وستغمضُ العيْنيْن في الطّرقِ القبيحة، كي تفتِّحَها علي وجهٍ رحلْ... وتحسّ أن حياتنا لعبٌ وأن عقولنا رمزُ الخبلْ... وستفتح التلفازَ كي تجدَ الدماء بكلّ وديانِ الخليقة إنه ألمٌ... ما عاد حقاً يُحتملْ... وتقابل الأحبابَ والأعداء، والمتجالسينَ علي الحواف المتهامسين إذا مضيتَ، الساكتين إذا أتيتَ المادحين إذا حضرتَ، الناقدين إذا رحلتَ الشامتين إذا فشلتَ، الحاقدين إذا نجحتَ الفاشلين بكل شيْءٍ غيرِ ساعاتِ الجدلْ... مللٌ... مللْ العمرُ يا ويلي رحلْ... وإذا عرفتَ الركضَ فاركضْ يا فتي، ولسوف يلحقك الأجلْ... مللٌ....مللْ.