وسط فرحة كبيرة من المصلين.. حضور رسمي وشعبي واسع في افتتاح المساجد اليوم    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    زيادة جديدة في أسعار شيكولاتة «فريسكا»    انخفاض كبير ب«حديد عز» الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالأسواق    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك التعاون الرقمي    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات ورفع كفاءة شوارع سيدي سالم ودسوق في كفر الشيخ    بالصور.. رئيس مدينة المنيا يفتتح مسجدين جديدين    كرم جبر: مصر تصدت بكل حزم وقوة للإدعاءات الإسرائيلية الباطلة    مقتل شرطيّين جنوب ماليزيا خلال هجوم يشتبه بأن منفّذه على صلة بإسلاميين    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    الرئيس الأوكراني يوقع قانونا يسمح للسجناء بالخدمة في الجيش    وديًا.. مودرن فيوتشر يفوز على النجوم بثلاثية إستعدادًا للزمالك    الهلال بالقوة الضاربة أمام النصر في كلاسيكو الدوري السعودي    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    تعليم الجيزة: متابعة جاهزية اللجان استعدادًا للشهادة الإعدادية    مصرع طالب طعنًا ب مطواه في قنا    السكة الحديد: إيقاف بعض القطارات أيام الجمعة والعطلات الرسمية لضعف تشغيلها    أمه خدرته لاستخراج أعضائه.. نجاة طفل فى بورسعيد من نفس مصير فتى شبرا الخيمة    زعيم السعادة 60 سنة فن    البيت الأبيض: الولايات المتحدة لا تريد أن ترى احتلالا إسرائيليا في قطاع غزة    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    بسبب تمثال للزعيم.. ليلى علوى تتعرض للسخرية من رواد "السوشيال ميديا"    غدًا.. متحف البريد يستقبل الزائرين بالمجان بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    شوقي علام: من يفتي بعدم جواز التبرع بالزكاة لحياة كريمة فقد أخطأ المنهج    صحة قنا: الكشف على 917 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقفط    حسام موافي يحدد أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الأنشطة غير المصرفية تقدم تمويلات ب 121 مليار جنيه خلال فبراير الماضي    أحمد السقا: أنا هموت قدام الكاميرا.. وابني هيدخل القوات الجوية بسبب «السرب»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    بعجينة هشة.. طريقة تحضير كرواسون الشوكولاتة    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مخيم البريج ورفح بقطاع غزة    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    «المستشفيات التعليمية» تكرم المتميزين من فرق التمريض.. صور    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    البنك المركزي الصيني يعتزم تخصيص 42 مليار دولار لشراء المساكن غير المباعة في الصين    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.مصطفي الفقي »الأمين المنتظر« للجامعة العربية يختص »الأخبار« بأول حوار عقب ترشيحه
المتغطي بالأمريكان .. » عريان « ! »شبح التوريث« أمر مخيف جدا في الأنظمة العربية
نشر في الأخبار يوم 24 - 04 - 2011

استثمار أجهزة الدبلوماسىة العربىة للمرحلة القادمة فى التعامل مع العالم منصب أمين عام جامعة الدول العربية أصبح يثير جدلا أكثر من ذي قبل.. أليس كذلك د. مصطفي الفقي؟
جامعة الدول العربية هي منظمة اقليمية قومية همها الاول قومية ووحدة الدول العربية ،وهي المنظمة التي سبقت في الانشاء الامم المتحدة، ومثل كل المنظمات الدولية والإقليمية هناك أمين عام تكون مهمته الأساسية هي التنسيق بين مواقف الدول العربية المختلفة وأيضا رئاسة جهاز الأمانة أو السكرتارية التي تعمل، ولذلك فان مثل هذا الأمر يؤدي بالضرورة إلي ان يكون هذا الشخص ملما بالأوضاع العربية، مقبولا لدي كل الأطراف، ومحايدا ومتخذا لمواقف أخلاقية تسمح له بأن يستمر في موقعه.
لأنها محصلة الإرادات
بين المعني المبني في جامعة الدول العربية.. هوة بعيدة لا يشعر المواطن العربي بها كما ينبغي لاسيما في واقعه المرير الراهن؟
الجامعة العربية محصلة الارادات العربية، إذا أراد العرب.. كانت! يدعمونها ويعطونها قدرا من الاهتمام ومن القوة التي لزمتها في كثير من القرارات، والاحترام المتبادل بين القوي العربية المختلفة داخل الجامعة، وان تتصرف الجامعة بندية وموضوعية كاملة مع كل الاطراف وان تسعي دائما إلي حل المشكلات العربية الاجنبية والعربية العربية، دون تدخل في الشأن الداخلي لكل دولة، الا إذا طلب منها غير ذلك من الدولة صاحبة الشأن.
إذن لماذا الصراع الآن علي منصب الأمين العام، مع ان الشواهد التاريخية تؤكد انه كان ثابتا علي مصر باستثناء وحيد حين الانتقال المؤقت للمقر في تونس 1979- 1990في أجواء القطيعة إياها؟
لأكن معك صريحا، هذا المنصب بدأ منذ عام 1945 وكان الذي رشح أول أمين عام مصري هو الملك عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الذي دعا مع مصر لتأسيس الجامعة العربية، واشترط يومها لكي تقبل المملكة الانضمام إلي الجامعة، ان يكون (عبدالرحمن عزام باشا) هو أول أمين عام لها، فوضع بقيمته وقامته هذا التقليد الذي ظل مستمرا مع عبدالخالق حسونة ثم محمود رياض وعندما - وهذا هو اللافت- انتقلت جامعة الدول العربية إلي تونس جاء الأمين العام تونسيا، وهذه هي المرة الوحيدة، فجري تلازم عربي ليس مصريا فقط بين دولة المقر وجنسية الأمين العام، ليس بالضرورة ان يكون مصريا، ولكن لأنها منظمة قومية فالسوري مثل العماني مثل الإماراتي مثل السوداني مثل الجزائري وهكذا وأنت تختار في الغالب الأمين العام من دولة معينة لأسباب (لوجستية) بمعني التسهيلات، وأنا أقول إن كل بلد عربي لديه من الكفاءات والكوادر من يصلح لهذا المنصب، ومنافسي أيا كان يجب ان أحترمه بكل تأكيد.
أنا هنا..!
ثورة.. ثورتان.. ثلاث ثورات.. والبقية تأتي في جنبات الروح العربية، ماذا تري وأنت الراصد القومي لمجريات الأمور؟ وأنت أيضا الأمين المنتظر للجامعة العربية؟
هناك تحولات كبيرة بدأت تجري علي الساحة العربية، اري جيلا جديدا، قد بدأ يطل برأسه علي الميادين الكبري في العواصم العربية، ويقول: أنا هنا، وأنا صاحب المستقبل ، ولذلك فالنظام العربي الذكي هو الذي يستطيع ان يحتويه في اللحظة المناسبة. وهذا أهم شيء، فأنت إذا تركت الأمور دون ان تتدخل في الشرطة المناسبة، ودخلت في مرحلة الثورة الشاملة، فقد فات الأوان، ولذلك فان النظام الذكي هو الذي يحتوي أبناءه ويتبني مشاعر الأجيال الجديدة، ويقود الإصلاح الحقيقي، ديمقراطيا وتعليميا وفكريا، ولذلك أقول ان التكتلات الطوعية تنبع من الشارع العربي الذي يصنع الثورات الأخيرة.
اننا امام تطور مذهل قلب الأوضاع رأسا علي عقب وادخلنا في عالم جديد يبدو فيه كل شيء مختلفا، وكأنما نواجه دنيا سحرية خفية
التحرك المبكر!
أثناء وعقب ثورتي تونس ومصر، تحركت بعض الأنظمة العربية، حاول بعض القادة احتواء الموقف الثوري أو الاحتجاجي أو الاعتصامي، بسرعة قبل ان ينفرط العقد.. ما تفسيرك؟
هذا هو ذكاء الحاكم العربي الذي يشتم رائحة ما هو قادم، ويتفهم مطالب شعبه مبكرا، ويقوده إلي هذه المطالب، لا ان ينتظر لكي تشده هو إليها، كما ذكرت في تونس ومصر علي سبيل المثال، لم يدرك الحاكمان لحظة الانصراف السليمة، ولم يحسنا التصرف في مواجهة الرغبات المكبوتة لدي شعوبهما، المعاناة في مصر كانت قائمة في العشر سنوات الاخيرة التي تولي فيها ابن الرئيس تقريبا قيادة مقاليد الأمور.
في سلطنة عمان كان الاحتواء الموضوعي والتصرف السريع ؟
السلطان قابوس بن سعيد معروف عنه التوازن والعقلانية، ومعهود فيه الحكمة والحصافة، لذلك تم التعامل مع شعبه بمودة بعيدا عن العنف، فكان الحفاظ علي السلام الاجتماعي المشهود له في مسقط
وفي البحرين؟
ما جري في البحرين له خصوصية لانه ليس موقفا ضد الملك والعائلة الحاكمة لكنه صراع سُني شيعي، صراع فارسي عربي أطماع في دولة البحرين، وأعان الله اشقاءنا في البحرين علي تجاوزها، علما بانني صاحب المقولة الشهيرة عن مصر (أن مصر بلد سُني المذهب شيعي الهوي) فمسألة السُنة والشيعة لا ينبغي ان تكون مبررا للاختلاف أبدا.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية؟
هي دولة عربية كبري وقادرة علي امتصاص مثل هذه الأمور، وتتجاوزها، فما أكثر ما تعرضت لهجمات من إرهابيي تنظيم القاعدة ولكنها بحكم قدرتها العسكرية وإمكانياتها الاقتصادية ومكانتها الدولية، استطاعت احتواء الأمور،لان الاستقرار هناك يضرب به المثل تاريخيا منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز حتي الآن.
و.. الوضع السوري؟
سوريا هي أكبر الدول العربية تأثيرا في مستقبل المنطقة وهي الآن تتعرض لعدد واضح من الاحتجاجات ونرجو ان يتمكن الرئيس بشار الأسد من تلبية مطالب هذه الجماهير التي خرجت في بعض المدن خصوصا ان سوريا، من ناحية السياسة الخارجية، لا غبار عليها، والاوضاع الداخلية الاقتصادية تحتاج إلي قدر سوف تعالجه الحكومة السورية.
لكن الحالة اليمنية تبدو مستعصية.. أليس كذلك؟!
اليمن صورة مكررة إلي حد كبير من الأوضاع في بلاد عربية كثيرة، والرئيس علي عبدالله صالح يذكر له فكرة (توحيد اليمن) ونجاحه فيها، والاستقرار لسنوات طويلة فهو أطول مدة حاكمة في تاريخ اليمن، ولكن يبدو ان هناك اتجاهات شعبية لها وجهات نظر.
الكويت بالذات هل هي دائما في حالة ثورية؟
التجربة البرلمانية الكويتية تجربة عربية حيوية لافتة، لا نري اسقاط الحكومات وحل البرلمان بالصورة التي نراها، وفي هذا دلالة علي حيوية هذه التجربة، وقدرتها علي التقدم والانتشار. ولم يحدث فيها ثورة لان ليس لديها ما يمكن ان نسميهم (طبقات مطحونة)
التقاليد القبلية
الديمقراطية.. والتقاليد العربية خاصة في منطقة الخليج في حالة غير منسجمة، ربما هو التضاد؟! ربما هي خصوصية التكوين؟
يستعيض الأشقاء في الخليج العربي - وأنا معجب بهذا - عن الديمقراطية بمعناها الغربي، بالتقاليد القبلية مثل احترام الأقدم، تقدير السن الأكبر، الجلسات المفتوحة، كما يحدث في الكويت ذات التجربة الديمقراطية العريقة، وانظر إلي مجلس الأمن الكويتي، فرئيس البرلمان العربي الحالي هو علي الدوكماتي من الكويت، وقد سبقه محمد جاسم الصقر، وبذلك كان الخليج العربي يحتل مكانا هاما في المنظومة العربية وهو رئاسة البرلمان العربي الدائم، ونحن ننظر إلي الخليج علي انه (نبع العروبة الصافي) فلا نستطيع ان نجادل في عروبة أهل الخليج، وأبناء الجزيرة هم الأصول العربية الخالصة.
في الغرف المغلقة
يبدو أن ثمة مشكلة عامة وخاصة في الوقت ذاته في كل الأنظمة؟
انا أريد القول إن (شبح التوريث) من الأمور المخيفة جدا في الأنظمة الجمهورية في العالم العربي ويحرض الشارع في اللحظة المناسبة.
ما يجري بين رجال السياسة والدبلوماسية في الغرف المغلقة لا علاقة له بما يجري في الخارج.. هذه اعترافات سياسي عربي عريق؟
بعد ظهور (وثائق ويكيليكس) وأمثالها في العالم، لن يحدث هذا ، الكل يدرك ان ما يقوله في الغرف المغلقة سوف يكون علي الملأ بعد قليل، فالدنيا تغيرت، والعالم تحول، والثورة الالكترونية أحدثت انقلابا في العالم رأسا علي عقب. ان الحياة السياسية المعاصرة والعلاقات الدولية في العقود الأخيرة بل والنظم الداخلية ايضا قد تأثرت ولاشك بالثورة التكنولوجية وتداعياتها الكبري في عالم اليوم، ولعلنا نعترف الآن بأن ظهور مجموعة من وثائق ويكيليكس في الشهور الماضية كانت تمهيدا متعمدا لثورات شعبية رائعة لانها فضحت الاسرار الخفية وطرحت ما كان خلف الابواب المغلقة وقدمت مادة وافية كشفت عن الفساد في جميع جوانبه لذلك فإن تأثير العصر الالكتروني في الحياة السياسية تأثير جلي لاينكره احد فكما ان مهارات الثورة الالكترونية تفتح الابواب واسعة امام تطورات مذهلة في عالم البحث العلمي عندما تقدم نماذج للانجاز في فروع العلم والمعرفة، بدءا من الطب والهندسة، وصولا إلي عوالم البيئة والمناخ والتربة. إننا امام مفاتيح جديدة للمعرفة لم تكن متاحة منذ عقود قليلة مضت، وعليه يجب ان نعترف ان الثورة الالكترونية اضافة كبري لمسيرة الانسان في هذا العصر. إن التكنولوجيا الحديثة خصوصا في عالم المعلومات تستطيع ان ترصد من الظواهر ما يتجاوز الحقيقة احيانا أو يكون دونها احيانا اخري.
المتغطي بالأمريكان عريان!
الشخصية العربية، إذا جاز التعبير، هل تتغير ملامحها في عيون العالم الآن.. وماذا ينتظرها؟ وكيف تراها بين الفعل ورد الفعل؟
بالتأكيد صورة الشخصية العربية تتحسن في العالم، نحن نقترب الآن من صورة العرب عام 1973ثمة صحوة عربية، ودعم عربي من الدول العربية المختلفة، خذ مثلا.. أثناء الثورة المصرية، وقف العرب جميعا علي أطراف أصابعهم تحية للشعب المصري وتضامنا معه، ولذلك كنت من مؤيدي الثورة منذ اللحظة الأولي، لانني كنت أدرك انها ستعيد مصر إلي أمتها العربية.
أكثر من مفكر وعالم مثل د.فاروق الباز والسيد ياسين وغيرهما يستبعدون نظرية المؤامرة الخارجية ويؤكدون ان الأمريكان والغرب عموما أجهل وأغبي من ان يخططوا لثورات عربية نتيجة جهلهم بالشخصية العربية.. فماذا نري من البعد القومي؟
هذا صحيح.. لا توجد دوافع حقيقية لدي الولايات المتحدة الأمريكية لرعاية الديمقراطية في العالم العربي، فالقضية تبدأ وتنتهي من المصالح الأمريكية ذاتها وموالاة هذه النظم للسياسات الأمريكية، عدا ذلك لا يعنيها في شيء، ولهذا قلت العبارة الشهيرة(المتغطي بالأمريكان عريان) لا يمكن ان تثق فيهم ثقة مطلقة هم الذين اسقطوا (نظام المبي) في تشيلي عام 1973 لصالح ديكتاتورية عسكرية، أبادت عشرات الآلاف من الشعب الشيلي.هم يدعمون النظم وفقا لمصالحهم، وليس من أجل تقدم هذه الشعوب ورفع مقدراتها الديمقراطية والاهتمام بمستقبلها السياسي، ليست هذه قضية مطروحة هناك. الولايات المتحدة الأمريكية تسعي لايجاد نظم سياسية مستقرة، عندما شعرت ان بعض النظم العربية غير مستقرة، ساعدت في تسريب هذه المعلومات لامكانيات التغيير إما بقدرة هذه النظم علي التغيير من الداخل والاستقرار، وإما علي التغيير من الخارج، ليس حبا في الشعوب، ولكن رغبة في استقرار الأوضاع في منطقة تزخر وتمتلئ بالمصالح الأمريكية، وفي مقدمتها النفط وأمن إسرائيل.
الملفات.. ساخنة!
الملفات الساخنة عربيا واقليميا كثيرة وثقيلة وينوء بحملها من يتحمل أمانة الجامعة العربية.. ما أهم الملفات التي تشغلك أو ستشغلك أكثر حين تطرق باب (بيت العرب) وهو البيت الذي يحتاج ترتيبات جديدة وجريئة، بل يحتاج عودة الروح ؟
إننا ممن يؤمنون بالسلام، وبأنه تصور للمستقبل لا يمكن الفكاك منه، ولكن أي سلام؟ أنا أتحدث عن السلام الشامل العادل الذي يعطي للفلسطينيين حقوقهم ويعيد الأرض العربية لأصحابها..
ولكن إسرائيل تريد ان تأخذ الأرض والسلام والمياه والمستقبل كله، لا يمكن ان يحدث هذا، ولا يمكن ان تُقبل إسرائيل في المنطقة قسرا وضغطا علي الشعوب، يمكن ان يقبل طواعية من خلال التعهدات الأمنية المتبادلة من خلال فكرة التعايش المشترك بعد ان يتحقق السلام، ومشكلة إسرائيل انها لا تحترم الشرعية الدولية، ولا تفكر في المستقبل، تعتمد علي منطقة القوة، والقوة وحدها، وهي دولة استيطانية عنصرية عدوانية بكل المعاني.
أنا لا أقول ذلك وحدي، بل يقوله كثير من الغربيين كذلك فالصراع العربي الإسرائيلي ملف أساسي قد تعود به جامعة الدول العربية إلي الأمم المتحدة من جديد، كما دعا إلي ذلك عمرو موسي، وقد نحاول بدء حوار علي الهامش مع بعض العناصر المعتدلة في الشارع الإسرائيلي، وبعض العناصر المعتدلة عربيا، كمقدمة لإمكانية الوصول علي مائدة المفاوضات إلي ما يمكن تحقيقه، ولكن يجب ان تعمل إسرائيل ولاتتهرب من التزاماتها وأن تمضي في طريقها بصورة صحيحة. ولعله من حقي شخصيا أن اسجل هنا انني رفضت الضغوط الشديدة التي مورست عليّ لزيارة اسرائيل عام4002 لتمثيل مصر في الاحتفال بمرور ربع قرن علي توقيع اتفاقية السلام حيث أكدت انني لا أقبل نفسيا زيارة اسرائيل في ظل ممارساتها العدوانية في العقود الاخيرة ومع ذلك فانني اسجل التزامي بالسلام والمحافظة عليه فهناك فارق بين ان نقول لا وبين ان نقرع طبول الحرب التي لا نريد لها ان تعود ولكننا نطالب الدولة العبرية باحترام قرارات الشرعية الدولية والدخول مع العرب والفلسطينيين في مفاوضات جادة لا توقفها بالاستيطان ولا تجمدها بمواصلة العدوان.
حساسية الملف الإيراني
لكن الملف الإيراني فيه من الحساسية ما يحتاج جهدا غير مألوف.. أليس كذلك؟!
الملف الإيراني يعتبره البعض حساسا، وأري ان إيران دولة إسلامية جارة كبيرة في الشرق الأوسط، ولكن أعلم ان لديها أجندة للهيمنة في منطقة الخليج وغيرها، صحيح أن لكل دولة أجندتها، لكني أطالب بضرورة متابعة ما يجري في العلاقات العربية الإيرانية دون تسرع، لانني أعتقد ان سلامة البحرين قضية مقدسة، وجزر الإمارات قضية مقدسة، وعروبة العراق قضية هامة، كل هذه ملفات معلقة بين طرفين، هما الطرف العربي والطرف الفارسي.
إنني أتساءل هل يمكن ل مصر التي تملك واحدا من أقدم الاجهزة الدبلوماسية في عالمنا المعاصر ان تترك هي وغيرها من الدول العربية، الدولة الفارسية لكي تكون متحدثا وحيدا حول مستقبل المنطقة واحتمالاته بدعوي الحوار أو النزاع حول الملف النووي وهل نترك ايضا للدبلوماسية التركية مع تقديرنا لبعض جوانبها أن تتحرك وحدها علي الساحة الاقليمية. ان الامر مختلف اذ يجب ان نتصرف كقوي فاعلة وليس مجرد أرقام علي خريطة
أول ملف ستناقشه؟
إذا حدث.. سيكون أول ملف سيسلمه لي السيد عمرو موسي لتستمر الأمور.. لا يجب ان يكون هناك انقطاع، أنا ضد كل من يأتي ليدمر سابقه ويرفض لاحقيه.. هذه جريمة عربية كبري..
معظم الملفات سياسية حتي النخاع، فأين ملف التنمية وهو الذي تحتاج إليه الشعوب العربية التي هرمت من السياسة؟
ملف التنمية يجب ان يحتل جزءا كبيرا، بدءا من التعليم والبرامج التعليمية المشتركة، ليكن لدينا في الدول العربية المختلفة مقر أو اثنان ثابتان لنخلق عقلا مشتركا مع المستقبل، لان في الوضع الحالي مفارقات كثيرة واختلافات كبيرة.
هذا أمر.. والأمر الثاني الذي أريد أن اركز عليه هنا أيضا وبكل وضوح، هو الجانب (التقني) لابد أن يشعر المواطن العربي بأن القضية القومية تفيده، وليس مجرد شعارات وكلمات كبيرة بلا طائل، انتهي زمن العواطف، وقد أوضحت ذلك في كتابي (تجديد الفكر القومي) الذي صدرت منه عشرات الطبعات، وقلت ان علينا ان نفكر بطريقة واضحة في مسألة الانتقال من المرحلة التقليدية في الفكرة القومية كما قادها عبدالناصر في الخمسينيات إلي فكرة قومية عصرية، كما هو الأمر بالنسبة للقوميات الحديثة في العالم.ناقشت النظرية القومية، ورأيت ان هذه النظرية لم تعد هي تلك النظرية العاطفية القائمة علي أسس نظرية وأطر تاريخية، ولكنها أصبحت الآن شبكات طرق وخطوط غاز ووصلات كهرباء، وتعليم مشترك، أي خلق أسباب للشراكة في المصلحة وهي التي تربط بين الشعوب ، وليست أبدا العناصر الرمزية العاطفية العامة.
روح الدبلوماسية العربية
محاور الفكر القومي في مشروعك الفكري، كثيرة ومتعددة ومتشابكة.. هل تكشف أهمها؟
ان هناك أمة عربية لديها من فرط مقومات التوحد ما لا يدعوها إلي ذلك للأسف، فنحن نلتقي في البرلمان الأوروبي ونري الأوروبيين يتحدثون من خلال (كبائن الترجمة) بعدة لغات وعدة قوميات، فما بالك بنا نحن العرب، قومية واحدة ولغة واحدة، ومع ذلك لا نتحد ولا نتضامن، من فرط شعورنا باننا شيء واحد فلا نسعي إلي تحقيقه. الهند دولة (فيدرالية) وفيها كل القوميات ولكن الكل انضوي تحت لواء فكرة الضرورة في دولة واحدة.
الدبلوماسية العربية في منظورك أين؟ وإلي أين؟ وماذا تتسم في هذه الآونة؟
أحب ان أؤكد هنا ان وصول الوزير نبيل العربي إلي وزارة الخارجية، يعتبر نقله نوعية للدبلوماسية المصرية، والدول العربية أصبح لديها أجهزة دبلوماسية قوية، وأري ان من دبلوماسيينا في كل أنحاء العالم العربي من يحملون أرقي الشهادات وأعلي المؤهلات، ولديهم لقاءات عالية، نجدهم في المنظمات الدولية، والعلاقات الثنائية، والمؤتمرات العالمية، هذا أمر يدعو إلي الاطمئنان.
لكن أين اصداء ذلك علي الواقع؟
لاننا لا نجلس معا، ولا نتحاور معا، ولا نتفق علي ان نختلف، فالاتحاد الأوروبي يعرض الاتفاقية المشتركة للتأشيرات الخارجية والمنطقة الجمركية الواحدة، والمنطقة النقدية بواحدة، بريطانيا تقول انا متحفظة لأسباب تاريخية لا مانع، ولا نجبر أحدا، قضية الجبر والاكراه في العلاقات الدولية قضية سيئة للغاية.
تكفل جيل جديد من أبناء الشعب المصري بصيحاتهم المدوية في ميدان التحرير من تغيير المشهد المصري كاملا عندها قال العرب في صوت واحد( مصر عادت)؟
لانها كانت غائبة ودعني أذكر لك انني كنت في الصيف الماضي التقيت في جنيف مع الأخ فايز الطراونة آخر رئيس وزراء في عهد الملك حسين، وكان رئيسا للديوان الملكي ومعه طاهر المصري رئيس مجلس النواب الاردني وسألوني أين مصر؟ أين أنتم، لقد غبتم، فاحرجتمونا وأتعبتمونا، وكنا ننظر إليكم.ولذا أقول أن قضية الدور المصري هي معطاة تاريخية وواحدة من المسلمات التي لا يجب التشكيك فيها أو الحد من قيمتها وأنا أتذكر ان الوطنية المصرية تقدم دائما الارضية الصالحة للقومية العربية انتماء وفكرا وسلوكا وانه مما يدعو الي الارتياح ان يكون من تداعيات ثورة يناير المصرية صحوة في الجهاز الدبلوماسي بقيادته الجديدة لكي تصلح اخطاء الماضي وترمم اثار انكماش الدور وتراجع المكانة فمصر تفتح ذراعيها للدول العربية والافريقية وكافة القوي العالمية التي تتفهم طبيعة الدور المصري وتدرك ابعاده فكما ان الدور القومي المصري هو ركن ركين من شخصية الدولة المصرية منذ ابرام المعاهدة الاولي من الحيثيين أو الاشتباك العسكري مع الهكسوس ولقد توالت علي ارض الكنانة الحضارات ووفدت اليها الثقافات ولكنها ظلت دائما معقد الامل وموطن الرجاء لانه لا يوجد من يعيش وحده كذلك فإننا لم نعثر بعد علي من عاش الزمان كله ووجد في كل مكان علي نحو دائم حتي يجعله ذلك قادرا علي أن يحتكر الحكمة ويفرض رأيا علي غيره، فالقضية مفتوحة والجدل مطلوب والحوار حضارة.
الدبلوماسية المصرية؟
أنا ابن الدبلوماسية المصرية، التي عشت في أحضانها خمسة وثلاثين عاما، خدمت في أروقتها، وتتلمذت علي أيدي أساتذتها الكبار مثل د.بطرس غالي، ود.أسامة الباز، ونبيل العربي، وعمرو موسي، وعملت مع هؤلاء العمالقة عن قرب، لذلك فأنا لست ابن النظام السابق إنما ابن الدبلوماسية المصرية، ولم أدخل الحياة العامة إلا عام 2000 وقبل ذلك سفيرا، وسفيرا ممتازا ومندوبا دائما في الجامعة العربية ومساعدا أول لوزير الخارجية ومندوبا دائما في الوكالة الدولية للطاقة الذرية شأن كل زملائي من أبناء هذه المؤسسة العريقة التي أفتخر بها بدءا من المعلم الكبير د.محمود فوزي، ومحمد عوض الخولي وحتي وصلنا إلي الفقيه الدبلوماسي الدولي نبيل العربي وزير الخارجية الآن.
حقيقة الشموخ المصري
الشموخ المصري .. عراقة مصر وعروبتها.. دور مصر الاقليمي والتاريخي.. مصر شمس لا تغيب.. هذه مفردات فكرية تتكرر في قاموسك ومشروعك الفكري القومي، وفي كل كتاباتك السياسية والثقافية والعامة؟
عروبة مصر.. قدر ومصير وحياة، لا يتوهم أحد أنها مسألة ترفيه، أو انها رداء نلبسه حين نريد ونخلعه حين نشاء، ان عروبة مصر حيوية لمستقبلنا، خاصة ان هذا الوطن عرف تاريخيا بفكرة الدور السياسي الإقليمي وكان لنا دائما دور تنويري في كل العصور المختلفة منذ الفراعنة حتي الآن، ولا يجب ان يتواري هذا الدور أو يخفت أبدا، ومن يتصور أن هناك تعارضا بين القطرية والقومية هو قصير النظر عاجز الرؤية لان الانتماء الي الكيان الاصغر يعزز بالضرورة الانتماء الي الكيان الاكبر، فالوطنية المصرية لا تتعارض مع القومية العربية بل هما انتماءان متكاملان بشهادة التاريخ وواقع الجغرافيا أي بالزمان والمكان بل والسكان أيضا فإن شمس التوحيد انطلقت من مصر وذكرتها الكتب المقدسة للديانات السماوية الثلاث، إنها مصر التي تكسّرت علي نصالها أطماع الغزاة وأوهام البغاة وأحلام الطغاة، فالأدوار لا تختفي والشمس لا تغيب، لقد كانت أدوات الدور المصري هي التعليم والثقافة والتنوير مدعومة بالتاريخ الناصع لبطولات الجيش المصري، والآن قد تتغير أدوات الدور أو بعضها، ولكن تبقي مصر أبداً شامخة تقدم النموذج لغيرها في المنطقة وتدفع بأدوات حديثة لدورها الحيوي المتجدد، وأنا أؤكد هنا أنني لن أملّ من الحديث عن قضية الدور المصري الإقليمي بمعناه الحقيقي وليس بمرجعية تاريخية تشير إلي حقبة بذاتها.
إن أدوات الدور المصري تختلف كما قلنا من عصر إلي آخر، ولكنها تقوم في كل الأحوال علي الفهم الوطني لطبيعة ذلك الدور، واستغلال الميزة النسبية في الشخصية المصرية من أجل تحقيق الأهداف القومية والغايات الإقليمية فلقد استمعت منذ شهور إلي وزير الدفاع الأمريكي وهو يتحدث في إحدي الفضائيات، غير المتعاطفة مع مصر، فإذا به يقول نصاً. (ويبقي الجيش المصري هو أقدم جيوش المنطقة وأكبرها وأكثرها مهنية) . الدور المصري الذي نريده خادماً للأهداف الوطنية، متماشياً مع الشخصية المصرية، مؤمناً بأن لكل جهد دولي أو إقليمي عائده، وأن الدور في النهاية ليس مجموعة شعارات أو مغامرات أو حتي مفاجآت، إنه عمل مدروس يقوم علي حسابات صحيحة وتوقعات مؤكدة، فليست النوايا الحسنة وحدها هي طريق النجاح، كما أن طريق الفشل أحياناً مفروش هو الآخر بمثل تلك النوايا الحسنة، إن مصر دولة وسطية من أم إفريقية وأب عربي، بعقلية بحر متوسطية ووجدان إسلامي، هكذا أرادها الله وسوف تبقي دائماً حاضنة لتراثها الخالد، حامية لنيلها الذي لا يتوقف، متمسكة بوحدتها الوطنية التي لا تنفصم، تنشر الضياء حولها لأنها شمس لا تغيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.