تشير المتابعات والتقارير الاقتصادية الدولية للاوضاع في مصر إلي جوانب ايجابية وآخري سلبية تتعلق بحالة الاقتصاد المصري في المرحلة القادمة. المواجهة المحلية في كلتا الحالتين تتطلب جهوداً غير عادية لتحقيق التوازن الذي يقود بعد ذلك الي معاودة الانطلاق والارتفاع مرة أخري بمعدلات النمو الاقتصادي علي أسس جديدة تنعكس آثارها علي الغالبية وليس فئة محدودة. وتشير بعض هذه التقارير الي أن الاحداث التي مرت بها مصر منذ بداية هذا العام وعلي المدي القصير سوف يترتب عليها تراجع فرص الاستثمار بنسبة 31٪ خلال العام الحالي. أما علي المدي الطويل فإن هذه التقارير تري أنه قد تكون هناك فرص كبيرة للتدفق الاستثماري علي ضوء ما أعلنته الحكومة المصرية متعلقا بدعمها للاقتصاد الحر. ووفقا لما نشرته صحيفة الشرق الاوسط اللندنية فإن التقرير الصادر عن »سي آي كابيتال« تحدث عن وجود عدة دلائل حول عزم عدد من المستثمرين علي الدخول الي السوق المصرية. استند هذا التقرير ايضا الي ارتفاع اعداد الشركات التي تم تأسيسها خلال شهر مارس الماضي بنسبة 03٪. كما شملت قائمة المستثمرين الذين ابدوا اهتماماً بالسوق المصرية عددا من المستثمرين العرب والأجانب. وقد عكس صمود البورصة المصرية عند استئناف عملها بعد شهرين من التوقف هذا الشعور التفاؤلي الذي يشير الي تحسن المناخ الاستثماري في مصر. دعم هذه التوقعات ما أعلنته مجموعة من المستثمرين السعوديين عن الاعداد لإنشاء بنك استثماري في مصر لتمويل الاستثمارات المباشرة في المشروعات برأس مال تبلغ قيمته عشرات الملايين من الجنيهات.. في نفس الوقت الذي قررت احدي الشركات السعودية العاملة في السوق المصري ضخ ما يقرب من 055 مليون دولار استثمارات جديدة كما تم استئناف محادثات استحواذ شركة »الكترولكس« السويدية علي شركة اولمبيك جروب المصرية والتي كانت قد توقفت بعد أحداث ثورة 52 يناير. من ناحية أخري أعلنت شركة بريتش بتروكيم البريطانية العملاقة رفع سقف استثماراتها في مصر والتي يأتي ضمنها دراسة انشاء مشروع ضخم للغاز الطبيعي تقدر استثماراته ب11 مليار دولار. ويري تقرير »سي آي كابيتال« انه ورغم حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها مصر الا أن الاداء الاقتصادي والمالي مازالا يتسمان بالقوة وهو ما يزيد من ثقة المستثمرين. ويضيف التقرير عوامل اخري تساهم في زيادة هذه الثقة والتي من بينها صدور المرسوم الذي يجرم تعطيل حركة العمل والانتاج والغاء الرسوم المفروضة علي المشروعات الصناعية وهو ما يدخل ضمن الحوافز الجاذبة للاستثمار. من ناحية اخري توقع التقرير تراجع سعر العملة المصرية أمام الدولار والعملات الاجنبية الاخري وهو ما قد يؤدي إلي تدخلات جديدة من البنك المركزي باستخدام احتياطي العملات الاجنبية الذي شهد انخفاضا نتيجة التدخل لصالح الجنيه في نهاية فبراير الماضي. ومن بين المظاهر السلبية للاوضاع الاقتصادية فإنه من المتوقع زيادة في عجز الموازنة العامة للدولة ليصل إلي حوالي 2.9٪. ان ذلك يعود إلي تراجع في إيرادات الدولة نتيجة تعطل الشركات بسبب الاضرابات وانعكاس ذلك علي أرباحها وما تدفعه من ضرائب. لا جدال ان هذه التطورات والأرقام المعلنة والمتعلقة بحالة الاقتصاد المصري علي مدي الشهور الثلاثة الماضية تدعو إلي وقفة جادة سواء من اجهزة الدولة أو من الشعب في مواجهة هذا الموقف.. الجميع مطالب بدور إيجابي في التصدي للسلبيات التي قد تعوق جهود تحسين مناخ الامن والاستقرار بما يؤدي إلي النمو الاقتصادي لتحقيق طموحات الشعب في الحياة الكريمة وضمان المستقبل.