هناك تداعيات اقتصادية مهمة لثورة25 يناير المباركة لابد من دراستها دراسة متعمقة, نظرا لان البعد الاقتصادي كان احد اهم الاسباب التي أدت الي قيام الثورة, وفي نفس الوقت يعتبر البعد الاقتصادي هو من اهم اهداف وغايات الثورة. اصبح جليا لدي الجميع ان ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستويات الاجور لغالبية الموظفين والعاملين سواء بالقطاع الحكومي او القطاع الخاص وفي نفس الوقت ارتفاع مستويات الاسعار بصورة غير مسبوقة في السنوات القليلة الماضية ادخل غالبية الشعب في دائرة جهنمية. كانت ومازالت تلك المشاكل هي التي تؤرق المواطنين, ولكن هناك ايضا مشاكل اقتصادية هيكلية تؤدي الي خلل في التوازن الاقتصادي وتؤثر علي الاداء الاقتصادي الكلي, ولعل اهم المشاكل التي يواجهها الاقتصاد المصري ارتفاع نسبة الدين العام والذي يصل الي نسبة حوالي90% من الناتج المحلي الاجمالي بالاضافة الي عجز الموازنة المرتفع والذي من المتوقع ان يزداد في الفترة القصيرة لتلبية بعض المتطلبات الاجتماعية الضررية. اما فيما يتعلق بافاق او مستقبل الاقتصاد المصري والذي يشغل الجميع فإن هناك سيناريوهات متعدددة ويمكن تقسيم آفاق او مستقبل الاقتصاد المصري الي افاق قصيرة الاجل وافاق طويلة الاجل. الاقتصاد المصري في الاجل القصير تشير التقديرات الاولية لمعدل النمو الاقتصادي الي5.7% في عام2010 وبسبب التطورات الاخيرة فقد تأثرت معظم القطاعات الاقتصادية وخصوصا قطاع السياحة والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج والضغوط المتواصلة علي سعر صرف الجنيه والضغوط علي الاحتياطات الرسمية بسبب بعض التحويلات للخارج وخروج بعض الاستثمارات الاجنبية والعربية مما سيؤثر سلبا علي ميزان المدفوعات, ومن الجدير بالذكر ان العناصر السابق الاشارة اليها تمثل المصادر الاساسية للدخل القومي بالعملات الاجنبية والتي تستخدم في سداد الالتزامات الخارجية سواء ديونا خارجية او مدفوعات للواردات بالاضافة الي ذلك الانخفاض الحاد في اداء البورصة واغلاق البنوك لفترات وهومالم يحدث من قبل. سيتأثر معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي وتشير التوقعات الاولية الي انه سيخفض الي3.5%. كانت تلك الآثار المباشرة ولكن الاثار غير المباشرة في تقديري هي الاهم ويأتي في مقدمتها تزعزع ثقة المستثمرين الاجانب والعرب وثقة رجال الاعمال المصريين الشرفاء, اما بالنسبة لرجال الاعمال الفاسدين فإن الاقتصاد المصري في غني عنهم لانهم اضروا بالاقتصاد المصري وسمعته ولوثوه بالفساد اكثر مما أفادوه, لاشك ان الاقتصاد المصري سوف يتأثر سلبيا في الفترة القصيرة ولكن يعتمد حجم التأثر علي مدي تفهم الجميع مؤسسات وافراد للمرحلة التي نمر بها والانتاج بالروح الجديدة التي تخلقها ثورة25 يناير والتي جعلت الجميع يفخر بمصريته ويظهر السلوك الممتاز في حب الوطن واذا انعكس ذلك علي العمل فستكون مبهرة. الاقتصاد المصري في الأجل الطويل تعتمد الرؤية الاقتصادية طويلة الاجل علي عدةعوامل تبدأ من الوضع الاقتصادي الراهن وتوقعات السياسات الاقتصادية المستقبلية, بالاضافة الي التوقعات الخاصة بالاصلاح السياسي. من المسلمات المعروفة في الاقتصاد, ان الاصلاح السياسي والتوجه نحوالديمقراطية يعتبر شرط اساسيا من شروط تحقيق نتائج افضل في مجال الاصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وعدم تغليب مصلحة فئة علي فئة اخري, وتشير المؤشرات الي ان الاصلاح السياسي قد بدأ بالفعل بعد القرارات التي اتخذها المجلس الاعلي للقوات المسلحة بتعطيل العمل بالدستور وحل مجلسي الشعب والشوري وكل ذلك لمحاربة الفساد وخلق البيئة السياسية والاقتصادية السليمة والتي ستساهم بدرجة كبيرة في تحسين وضع مصر في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الدولية مثل مؤشرات الفساد والشفافية والحرية الاقتصادية والحوكمة.ومما لاشك فيه ان الاصلاح السياسي يؤدي الي تحسين وضع مصر في المؤشرات الجيدة مثل مؤشرات الحوكمة والتنمية البشرية ويضع مصر في موقع متأخر في المؤشرات السلبية مثل مؤشر الفساد. لاشك ان الاصلاح السياسي والذي سيتبعه اصلاح اقتصادي تعود ثماره علي الجميع سوف يؤدي الي اكتساب ثقة المستثمرين المصريين الشرفاء والمستثمرين الاجانب والعرب الجادين ولن يكون هناك مجال للفساد مرة اخري, لذا فأن توقعاتنا للاقتصاد المصري في الاجل الطويل ستكون جيدة وذلك بشرط ان تكون السياسات الاقتصادية سياسات جيدة. وان يكون القائمون عليها من المشهود لهم بالكفاءة ونظافة اليد وان يكونوا من اهل الخبرة وليس اهل الثقة. ان مصر غنية بشعبها ومواردها, واعتقد ان التضحيات التي ضحي بها الشعب المصري في سبيل نجاح ثورته ستجعله يكافح حتي يحقق اهدافه السياسية والاقتصادية.