150 مليار جنيه هي حجم الاقتصاد السري أو الاقتصاد الأسود, والذي تتمثل خطورته في انه ليس كله نتيجة طرق غير مشروعة, بل تدخل فيه طرق مشروعة أيضا ومن نتائجه السيئة أنه يربك خريطة النسق الاجتماعي, ويغري صغار النفوس وضعافها بالصعود الاجتماعي السريع, بعد أن يصنع حاجات كمالية يفرض عليهم أن يشبعوها, ولو عن طريق الانحراف الاقتصادي أو الجريمة الاقتصادية المتمثلة في غسيل الأموال وتجارة المخدرات. ويشمل الاقتصاد الأسود أنشطة انتاجية وتجارية وخدمية يعمل فيها كثيرون بمن فيهم حاصلون علي شهادات عليا وأطفال رغم ما يتعرضون له من مخاطر صحية ورغم خطر عمالة الأطفال.والأكثر خطورة أن جانبا كبيرا من الاقتصاد الأسود يعمل بصورة علنية حيث تغيب السجلات الرسمية وأعين الأجهزة الرقابية.. ويرتبط40% من حجم هذا البيزنس بالأنشطة غير المشروعة التي تتعلق بالجرائم كما يرتبط بالأنشطة المشروعة وكلها تلحق الخسائر الاقتصادية بالدولة بسبب المنافسة غير المشروعة للاقتصاد الوطني وعدم الخضوع لحسابات الدخل القومي كما يترتب عليها أيضا نتائج اجتماعية خطيرة وهو ما أثبته الباحث شقيق عاشور في رسالة علمية حول الابعاد الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الاقتصاد الخفي والتي نال بها الدكتوراه من كلية الآداب بجامعة طنطا. ويسجل عاشور في دراسته أن حجم الاقتصاد الخفي أو الموازي في مصر يبلغ30% من الدخل القومي أي نحو150 مليار جنيه منه40% ناتج عن دخول غير مشروعة مرتبطة بالجريمة كالتهريب وغسيل الاموال والرشاوي والاختلاس وتزييف العملات وغيرها من مظاهر الفساد الاقتصادي التي تحقق الكسب السريع بأي صورة ولو علي حساب القيم الفردية والقومية.. وهو ما يؤدي إلي الحراك الاجتماعي الزائف علي حد قول الباحث الذي يقول إن الاقتصادي القومي يحقق خسائر بسبب المنافسة غير المشروعة له من جانب الاقتصاد الأسود الذي لا يخضع لحسابات الدخل العام للدولة اضافة إلي الدخول غير المشروعة المتمثلة في الاستيلاء علي أموال البنوك ومنح القروض بدون ضمانات كافية لعملاء من أصحاب النفوذ المالي الأمر الذي فتح الباب أمام هروب هؤلاء المقترضين للخارج وهو ما كشف عن فوضي في قطاع البنوك وهو من أهم القطاعات المالية في الدولة. التهرب الضريبي ويري ان ظاهرة التهرب الضريبي من أخطر مظاهر الاقتصاد الخفي حيث تمثل نسبة التهرب الضريبي في مصر أكثر من50% من الممولين الذين لا علاقة لهم بمصلحة الضرائب رغم تحقيقهم للملايين من الجنيهات حيث يوجد مستوي عال من التهرب الضريبي نتج عنه وجود مستحقات ضريبية لم تسدد بلغت قيمتها17,8 مليار جنيه بسبب ارتفاع معدلات الضريبة وعدم وضوح النظام الضريبي مع وجود صلاحيات كبيرة للمسئولين عن تحصيل الضرائب دون وجود رقابة فعالة عليهم وغياب المتابعة الدقيقة لتطور ثرواتهم وهو ما يفتح الباب لتلقي الرشاوي لتخفيض تلك الضرائب, حيث ترصد التقديرات ان قيمة المبالغ المغسولة تقدر بحوالي6,8% من الناتج المحلي الاجمالي سنويا وتمثل30% من الاقتصاد الخفي وغير الرسمي في مصر وهو ما يؤكد خطورة هذه الظاهرة وأثرها السلبي علي الاقتصاد. ويضيف ان هناك أنشطة اقتصادية مشروعة تمارس في الخفاء, لكنها تدخل ضمن الاقتصاد الخفي( الاسود) الذي يشمل كل الأنشطة الاقتصادية التي تمارس بشكل مشروع أو غير مشروع بعيدا عن الرقابة والتسجيل والضرائب الحكومية بهدف اخفائها لتحقيق مكاسب مادية أو اجتماعية بهدف سعي الممارسين لهذه الأنشطة إلي الانتماء إلي مستوي اجتماعي أرقي نتيجة لتحقيقهم ثراء سريعا, ويوضح أن مخاطر هذه الظاهرة تكمن في أنها ليست اقتصادية فقط ولكن لها آثار اجتماعية ناتجة عن حجم هذا النشاط منها حدوث حراك اجتماعي زائف بمعني احتلال الأفراد الممارسين لهذا النشاط مكانة اجتماعية أرقي من طبقتهم الحقيقية بسبب الثراء غير المشروع مما يسبب خللا في النسق الاجتماعي, إضافة إلي انتشار القيم الفردية والسلبية كالانانية والانتهازية والفساد واعلاء المصلحة الخاصة علي المصلحة العامة وتغليب الخلاص الفردي بدلا من الروح الجماعية, واعلاء قيم الثروة والنجاح الفردي السريع علي قيم العمل المنتج, والثروة القومية والقيم الاجتماعية وتأكيد القيم الاستهلاكية بدلا من القيم الانتاجية. ويصب ذلك في ظاهرة سعي الفرد لاشباع حاجته الكمالية قبل الاساسية فمع صعوبة الحصول علي الخدمات المختلفة بصورة ملائمة يتوجه كثيرون كل بمفرده لاشباع حاجتهم المختلفة مع سيطرة القيم التي تشجع علي الانانية والاستهلاك وليس الانتاج فلجأ الكثير من ابناء المجتمع إلي اشباع هذه الحاجات بالطرق المشروعة او غير المشروعة وهو ما افرز العديد من الظواهر السلبية كالانحراف والجريمة وانتشار الفساد فضلا عما يصاحب ظاهرة الاقتصاد الخفي من ظواهر سلبية كغسيل الأموال المتحصلة عنها وتجارة المخدرات. ثلاث موجات ويقول عاشور إن انتشار ظاهرة الاقتصاد الخفي او الاقتصاد الاسود ادي إلي ظواهر اجتماعية نتيجة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بالمجتمع الذي شهد ثلاث موجات من هذه التحولات في العقود القليلة الماضية حيث بدأت الموجة الأولي مع قيام الثورة وامتدت حتي قيام المرحلة الثانية من التحول والتي بدأت بالانفتاح الاقتصادي في السبعينيات وامتدت تلك المرحلة حتي الثمانينيات لتنتهي ببداية المرحلة الثالثة من التحولات المرتبطة بمرحلة الاصلاح الاقتصادي والتي تمتد حتي الآن.. وخلال هذه المراحل الثلاث طرأ علي المجتمع تحولات جذرية نتج عنها اختلالات اجتماعية جوهرية بسبب ما أصاب البناء الاجتماعي من تغيرات وآثار عميقة نتيجة شيوع ظواهر غريبة علي ساحة المجتمع كظواهر التسيب والفساد والتفكك الاسري وانتشار قيم مادية تعلي من قيمة الكسب السريع علي حساب العمل المنتج وزيادة رأس المال ولو عن طريق الاشتغال بالوساطة والسمسرة والتهريب والسوق السوداء فالمهم هو تحقيق الكسب بجميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة التي اغرقت السوق بالسلع الكمالية والترفيهية والصناعات غير الأساسية مضمونة الربح وهذه الفئة تنتشر في أعمال السمسرة والتوكيلات والتوزيع ومكاتب الاستيراد حتي اتسعت رقعة هذه الفئة الجديدة لتشكل فيما بعد طبقة خاصة من الذين اثروا ثراء فاحشا عن طريق مماراستهم الفاسدة ونتيجة لانتشار ظاهرة الاقتصاد الخفي ظهرت نتائج خطيرة أهمها الغلاء والتضخم والفقر وسوء توزيع الثروة ومع ارتفاع معدلات البطالة سيطرت علي الاقتصاد الوطني الانشطة الاقتصادية الخفية سواء كانت مشروعة ام غير مشروعة حتي أصبحت تشكل24% من مكونات الدخل القومي وصارت اتجاها وجزءا من المناخ الاقتصادي العام وعلي المستوي الاجماعي حدث خلل وارتباك في كثير من المفاهيم والقيم فحدثت حالات الانهيار والسقوط للقيم. فاتسعت ظاهرة الاقتصاد الخفي الذي يركز علي الانشطة الخدمية غير المرتبطة بالعملية الانتاجية والاهتمام بالأنشطة التي تحتفظ بسيولة دائمة مثل السمسرة والمضاربة والاقراض الربوي, وهناك تحول من نشاط إلي آخر حسب توقعات الربح السريع. وهو ما اثمر طبقة اجتماعية جديدة تحقق مكاسب خيالية بالاستفادة من ثغرات القانون ومن خلال الفهم الخاطئ والمتعمد لتفسير التحول الاقتصادي. ظاهرة لا ترحم ويقول عاشور إن الدراسة توصلت إلي أن اصحاب الأنشطة الخفية المشروعة من الفئات العمرية القادرة علي العمل, كما أن هناك نسبة لايستهان بها من الاطفال يمارسون هذه الأنشطة علي الرغم من حظر القانون لعمالة الأطفال لانهم اكثر عرضة للمخاطر الصحية ورغم انخفاض قيمة الأجر فإنها انشطة أصبحت جاذبة للعمالة وتمثل طوق النجاة للعاطلين والمتعطلين عن العمل من الحاصلين علي شهادات ومؤهلات عليها بل ان كثيرا من العاملين بالوظائف الحكومية يلجأون للأنشطة الخفية في مجالات التجارة والحرف اليدوية لتحسين الدخل بعد أن أصبح الكثير من الانشطة الخفية المشروعة ضروريا لايمكن الاستغناء عنه في توفير السلع والخدمات التي تتنوع بين انشطة مشاغل الملابس وورش الميكانيكا ونشاط السمسرة في العقارات والشقق المفروشة والأراضي وسمكرة السيارات وسلع الارصفة فهي تتنوع بين الانشطة الانتاجية والخدمية والتجارية وهذه الانشطة لاتخضع للضرائب ولايؤمن علي العاملين فيها وظاهرة عالمية ويقول الدكتور محمد الخواجة استاذ علم الاجتماع ووكيل كلية الآداب للدراسات العليا والبحوث بجامعة طنطا إن الاقتصاد الخفي من الظواهر الاقتصادية التي تعاني منها جميع المجتمعات والدول وقد بدأ الاهتمام بها ورصدها في الدول المتقدمة وخاصة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لدول اوروبا ولكن الدول النامية لم تهتم بها بشكل كاف باستثناء بعض الدول الافريقية وبعض دول امريكا الجنوبية والوسطي وبعض الدول الآسيوية حيث تنبه الاقتصاديون لظاهرة الاقتصاد الخفي في اواخر السبعينيات والتي لايتم ادراجها تحت حسابات الناتج القومي واخذت هذه الظاهرة في التزايد منذ ذلك الوقت ووصلت إلي معدلات لايمكن احتمالها مما جعل الكثير من دول العالم المتقدمة تهتم بنمو انشطة الاقتصاد الخفي وحجمه ومستواه باعتباره ظاهرة تحتاج الي قدر كبير من الفهم والتحليل نظرا لكثرة جوانبها وتشعبها فهي من اعقد الظواهر خاصة ان مجالات الاقتصاد الخفي او الاقتصاد الاسود متعددة ويصعب حصرها حيث يضم مجالات وانشطة مشروعة واخري غير مشروعة منها مجموعة الانشطة غير المسجلة ضمن الحسابات القومية وتشمل الانتاج القانوني( غير المعلن) ويتمثل في قطاع الزراعة حيث تمت فيه التقديرات الرسمية بأقل من القيمة الحقيقية للناتج الزراعي بمعرفة المزارعين انفسهم كأنشطة عمال اليومية والعمال الموسميين من الزراعات البسيطة التي يزرعها الفلاح من اجل حاجته وحاجة اسرته وقطاع الصناعة ويضم كلا من الناتج المسجل بأقل من قيمته الحقيقية في الصناعات التحويلية المختلفة والاجور غير المسجلة المدفوعة الي العاملين الذين يمارسون اعمالهم بشكل غير قانوني وقطاع التشييد والبناء ويشمل جميع العاملين الذين يعملون لحسابهم الخاص.. وغير المسجلين مثل( دخول الحرفيين) وقطاع التجارة الداخلية المتمثلة في نشاط المحلات التجارية المسجلة بأقل من قيمتها الحقيقية وقطاع السياحة والفنادق ويشمل كل الدخول التي يتم تقديرها بأقل من قيمتها الحقيقية سواء في المطاعم او الفنادق الصغيرة وقطاع النقل والمواصلات والذي يتمثل في الدخول المسجلة بأقل من قيمتها الحقيقية( خاصة دخول اصحاب التاكسي) وعربات النقل وقطاع التمويل والتأمين والاعمال ويشمل الدخول المقدرة والمسجلة باقل من قيمتها الحقيقية مثل السماسرة والوكلاء والمحامين وقطاع الخدمات العامة والاجتماعية والشخصية والذي يضم الدخول الناتجة من خدمات الاصلاح والصيانة المقدرة والمسجلة باقل من قيمتها الحقيقية ودخول خدمة المنازل غير المسجلة نهائيا.. ويضيف أنه يشمل أيضا الانشطة غير المشروعة وهي الأخطر مثل المضاربة في الاراضي والعقارات وهذه الانشطة تدخل ضمن دائرة الجريمة الاقتصادية وهي انشطة لها آثار تخريبية علي بنية الاقتصاد القومي وعلي كفاءة أدائه بالاضافة الي تجارة المخدرات ومايرتبط بها من ارباح مرتفعة والتهرب من الضرائب ودخول الفساد الاداري واستغلال النفوذ والعمولات والرشوة المرتبطة بالعقود الدولية لتوريد بعض السلع الاستراتيجية التي يتم ايداع حصيلتها خارج البلاد او انفاقها علي مشتريات عينية او مشاركات في رءوس اموال بعض المشروعات سواء في الداخل او في الخارج ويقول انه مع تنوع هذه الانشطة وارتفاع قيمة الاموال المتحصلة منها حاول العديد من الاقتصاديين تقدير وقياس انشطة الاقتصاد الخفي منذ بداية الثمانينيات إلا أن هؤلاء الاقتصاديين لم يتفقوا علي تقدير ثابت لحجم الاقتصاد الخفي في نفس الدولة ولنفس سنة التقدير حيث ان ظاهرة الاقتصاد الخفي من اعقد الظواهر الاقتصادية وأكثرها تشابكا.. تضليل طرق الاستثمار ويقول الدكتور عبد الرحمن عليان استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان الاقتصاد الخفي يسبب خسائر اقتصادية حيث تغطي مصانع بير السلم والمصانع العشوائية مدنا وقري بكاملها وتعمل بشكل غير معلن وتنتج سلعا مقلدة وغير مطابقة للمواصفات بل وسلعا فاسدة تمتد للصناعات التي تمس سلامة الوطن مثل الصناعات الغذائية والدواء وغيرهما وبالتالي فهي تؤدي الي خسائر في الطاقة البشرية بالاضافة الي خسائر لعلاج هؤلاء المواطنين وإلحاق الضرر بالمصانع الملتزمة وعدم فرض ضريبة عليها بمعني اننا نخسر المليارات التي كانت ستدخل خزانة الدولة بدلا من اعتمادنا علي الدعم الذي يتراوح حجمه بين60 و80 مليار جنيه كما ان هذه الصناعات الخفية المشروع منها تقلل طرق الاستثمار امام الصناعات الملتزمة لانها لاتعرف مواطن المنافسة وآليات السوق جيدا كما انها لا تكشف للدول عن حقيقة مستوي دخل الواطن فاذا كان الدخل الفردي يساوي مجموع الدخل القومي مقسوما علي عدد السكان في حين ان الاقتصاد الخفي يستهلك ماقيمته من30 إلي40% من اجمالي الدخل القومي فمعني ذلك ان الدخل الفردي للمواطن في مستوي اقل من المستوي الحقيقي في السجلات الرسمية..وايضا فان الانشطة الاقتصادية الخفية المشروعة تضم اكثر من اربع ملايين عامل علي اقل تقدير في حين يحسب هؤلاء ضمن البطالة نتيجة ان عملهم غير رسمي وغير مسجل بالاضافة إلي الخسائر المتعلقة بالعمال انفسهم لانهم بلا تأمينات اومعاشات فهناك انقطاع بين اصحاب الانشطة الخفية ومكتب التأمينات الاجتماعية وبعض اصحاب الانشطة الخفية يقومون بالتأمين علي انفسهم فقط دون العاملين لديهم لعدم اقتناع اصحاب الاعمال والمنشآت الخفية بجدوي واهمية النظام التأميني فأغلبهم لايستطيع الوفاء بسداد الاقساط الشهرية المبالغ فيها بجانب صعوبة الاجراءات الادارية ونسبة كبيرة من اصحاب الانشطة الخفية لايملك بطاقة ضريبية مثل اصحاب الانشطة الحرة والحرفية والورش الصناعية ومصانع بير السلم وغيرها والتي تتهرب من دفع الضرائب نتيجة لقصور فهمهم لاهمية الضرائب من ناحية وزيادة الاعباء الضريبية التي تتعدد اشكالها بين ضرائب مباشرة وغير مباشرة فضلا عن تعقد الاجراءات والبيروقراطية التي تدفعهم لعدم الالتزام بحقوق الدولة ويترتب عليه الخسائر الاقتصادية تطوير الإدارة أولا ويقول الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والادارة ان ظاهرة الاقتصاد الخفي من الظواهر التي لن تتقلص الا اذا تواكب الاصلاح الاداري مع الاصلاح الاقتصادي ويرتبط الاصلاح الاداري بعدة خطوات أهمها تطوير الخدمات حيث يساعد علي القضاء علي مظاهر الفساد في الجهاز الحكومي كالرشوة المرتبطة بالأنشطة غير المشروعة في ظاهرة الاقتصاد الخفي لذلك يجب أن نأخذ بعين الاعتبار نقاط الالتقاء بين المواطنين والمستثمرين والجهاز الحكومي ويتمثل اهمها في تقديم الخدمات وهذا ما نفذته جميع دول العالم التي خضعت لظاهرة الفساد حيث طورت اداء الخدمات أساس نظام خدمة الشباك الواحد الا اذا تم انهاء الخدمات من خلال التواصل مع المواقع الالكترونية للأجهزة الحكومية فإنه سيساعد علي تقليص الظاهرة..ويطالب بالاقتداء بقانون تقديم الخدمات الذي تم تفعيله في دول الاتحاد الأوروبي وهو يضع شروطا معينة لكل خدمة توزع علي الجهات التي تتخصص فيها وتحدد المستندات المطلوبة لكل موظف الذي يجب عليه التحقق من صاحب الخدمة المطلوبة فإذا تحقق منه ولم يمنحه إياها تتم محاسبته واذا لم يتحقق ولم يمنحه الخدمة المطلوبة أيضا تتم محاسبته.. والمواطن أيضا اذا حصل عليها ولم يعترف تتم محاسبته.. أيضا لابد من الاخذ بالمعايير العالمية في تقديم الخدمات ومنها شبكة الحاسبات الالكترونية..ويربط بين قضايا الفساد وظاهرة الاقتصاد الخفي مستشهدا بأن النيابة الادارية يعرض عليها(80) ألف حالة سنويا وبعد التحقيق تحفظ30 ألفا لعدم الاهمية و30 ألف حالة أخري تصنف كجزاء إداري و20 ألف حالة تتم فيها محاسبة المسئولين أو توقيع مخالفة يتم التعامل معها بغرامة مالية مؤكدا أن تطوير الخدمات وعمل دورات عملية للادارة الحكومية والاهتمام بالموارد البشرية وهيكلة الوحدات بالجهاز الاداري يساعد علي نجاح الاصلاح الاقتصادي ومن ثم تنحسر الظاهرة يقظة الأجهزة الرقابية وتقول الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد السابقة ان القضاء علي الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة يرجع إلي يقظة الاجهزة الرقابية وتشديد القبضة الأمنية خاصة مع التطور التكنولوجي الذي أدي إلي البراعة في تحديث وتطوير الانشطة الاقتصادية الخفية. وتنبه إلي نجاح الهند والصين في السيطرة علي الظاهرة من خلال الحصر والتوجيه والرقابة وتقديم المعونة الفنية بدلا من استخدام الاجراءات التعسفية بتحرير المحاضر وتوقيع العقوبات كالغلق الاداري.. تسوية الأوضاع ويقول الدكتور أشرف العربي مستشار وزير التنمية الاقتصادية والخبير الاقتصادي بمعهد التخطيط القومي ان تعدد القوانين وتضاربها واحتواءها علي العديد من الثغرات التي ينفذ منها الفاسدون بالاضافة إلي تراجع الدور الرقابي من ابرز الاسباب وراء انتشار الانشطة الاقتصادية غير المشروعة.. أما الانشطة المشروعة التي تعمل في الخفاء فلابد ان نعترف انها ضرورية في فترات الازمات وانخفاض الطاقة الانتاجية ويعتمد عليها الكثير من الفقراء وذوي الدخول المحدودة نظرا لانخفاض اسعار منتجاتها لذلك فالقضاء عليها بشكل تعسفي يمثل ضربة اقتصادية ومن هنا لابد من تنفيذ برنامج محدد لتسوية أوضاعها ويأتي دور الحملات التفتيشية التي تستهدف المصانع للتأكد من مشروعية النشاط وسلامة الخدمات والسلع عملا بمبدأ تجفيف المنابع أحد الادوار المهمة للقضاء علي الأنشطة الاقتصادية الخفية وقال إن تيسير اجراءات التسجيل واصدار التراخيص خطوة مهمة للقضاء علي البيروقراطية التي تجبر الكثير من أصحاب المشاريع علي انشاط مصانع من الباب الخلفي( العشوائية). وينبه إلي أن تخفيض الاشتراكات التأمينية من40% إلي20% في قانون التأمينات والمعاشات الجديد خطوة مهمة سيظهر اثرها عند تطبيق القانون وعندما يشترك صاحب العمل في النظام التأميني سيكون له رقم ضريبي يدرج هذه المصانع في السجلات الرسمية بحيث تدخل في حسابات الدخل القومي للدولة.