توليت إدارة البورصة عام 4002، فما هو الفارق بين البورصة في ذلك التاريخ وبورصة 1102؟ الفارق بين السماء والأرض، في المرة الأولي كانت الظروف تعد طبيعية إلي حد كبير رغم ان السوق كان وقتها يمر بمرحلة انخفاض كبيرة ولكن يبقي دائما الانخفاض أو الارتفاع في أسعار الأوراق المالية مسألة طبيعية حتي وان كان كبيرا طالما لا توجد تحركات مشبوهة أو تربيطات معينة لتوجيه السوق وجهة محددة، وكانت استقالة الدكتور سامح الترجمان رئيس البورصة وقتها بسبب ان البعض هاجمه واعتبره مسئولا عن هذا التراجع، وبعد ما توليت مسئولية البورصة لمدة عام بالاضافة إلي عملي الاساسي والذي لا أرض عنه بديلا كمسئول عن شركة المقاصة والتسوية المسئولة عن تسوية التعاملات المالية بعد تنفيذ العملية بمعني ان يحصل البائع علي أمواله والمشتري علي أوراقه المالية، أما رئاستي للبورصة في هذا التوقيت فمن المؤكد انها مسئولية صعبة جدا جدا خاصة ان احتمالات الهبوط عالية جدا وهناك حالة من فقدان الثقة بسبب طول فترة التوقف التي لم يحدث ان شهدتها أي بورصة في العالم، لذا نحتاج مجهودا كبيرا لاستعادة هذه الثقة باعتبارها السبيل الوحيد للحد من الاقبال الكبير المتوقع علي البيع مع تراجع عمليات الشراء. لم أتردد هل ترددت في قبول هذه المسئولية نظرا للاعتبارات السابقة التي ذكرتها؟ لم اعتاد ان اتردد في مثل هذه الظروف التي تعتبر مصيرية بالنسبة للبورصة المصرية وعندما صدر قرار مجلس الوزراء بتكليفي بالإشراف علي البورصة بالاضافة إلي عملي في المقاصة استعنت بالله وقبلت علي الفور لاحساسي باني أؤدي دورا مهما وواجبا وطنيا في مرحلة مهمة ودقيقة وكلي أمل ان البورصة سوف تجتاز محنتها لان مصر كلها تتحرك إلي الأمام ولا مجال للعودة للوراء مرة أخري. ما أولويات هذه المرحلة بالنسبة لبورصة الأوراق المالية خاصة في ظل حالة القلق والترقب التي تنتاب الجميع؟ بالأمس اجتمعت بالزميل والصديق العزيز د.خالد سري صيام رئيس البورصة السابق للتعرف علي أهم الملفات التي كان يعمل هو وفريقه المحترم فيها، واعتقد ان أهم الأولويات في هذا التوقيت هي عملية فتح السوق أولا والاطمئنان عليه ثم الافصاح بشكل كامل عن موقف جميع الشركات المقيدة في البورصة ومدي تأثرها بالأحداث التي واكبت ثورة 52 يناير بالاضافة إلي الافصاح عن كل ما يتعلق بالشركات التي كانت عليها علامات استفهام وحصص الاسهم في الشركات التي قرر النائب العام تجميد تعاملات عدد كبير من الشخصيات عليها. أسهم عز والمغربي هل تشكل مسألة التحفظ علي تعاملات شخصيات مثل أحمد عز وأحمد المغربي وياسين منصور خطورة علي سوق الأوراق المالية؟ من وجهة نظري هذه المسألة لا تشكل أي أعباء علي البورصة أو علي حركة الأسهم لان غالبية المتحفظ عليهم هم ممن يطلق عليهم مستثمر طويل المدي بمعني ان لديه كمية من الاسهم يحتفظ بها نظرا لانه يخطط مثلا ليكون عضو مجلس إدارة بالشركة أو رئيسا لها وهذا النوع من المستثمرين لا يبيع أو يشتري هذه الاسهم في البورصة ولكن يحتفظ بها ويقوم كل سنة بصرف كوبونات الأرباح وفقا لما تقرره الجمعية العمومية للشركة لجميع المساهمين وليس له وحده، لذا أريد ان اطمئن الجميع ان هؤلاء المتحفظ عليهم مهما كانت اسماؤهم تكون اسهمهم خارج التداول الحر طالما كان السواق منهم يمتلك أكثر من 5٪، وحتي من يمتلك نسبة من نصف إلي 1٪ لا يشكل أي قلق علي البورصة فغالبا يكون هدفه الاحتفاظ بالأسهم ليكون له دور في الشركة كما سبق ان قلت. وما موقف اسهم الشركات نفسها التي ارتبطت باسماء من هم تحت التحفظ والحبس علي ذمة التحقيقات أو حتي ممن بدأت محاكمتهم بالفعل مثل أحمد عز وأحمد المغربي وغيرهما؟ كما قلت هناك فارق كبير بين النسبة التي يمتلكها عز والمغربي ومنصور وغيرهم وبقية الأسهم المطروحة للجميع في البورصة وهذه الاسهم لن يتم ايقاف التعامل عليها لانها ملك جمهور المساهمين الذي يقومون باستثمارها في البورصة، ولعلنا نتذكر مثلا سهم مجموعة طلعت مصطفي عندما تم القبض علي هشام طلعت مصطفي وطوال فترة التحقيقات وحتي بعد الحكم عليه لم يتم ايقاف التعامل علي هذه الاسهم في البورصة لانها ملك للناس وليست ملكا لهشام، وليس من المعقول ان يعاقب مساهم له اسهم بجريمة ارتكبها رئيس مجلس إدارة للشركة وهو نفس الإجراء بالنسبة لاسهم حديد عز وبالم هيلز وغيرها. مخاوف السوق هناك بعض المخاوف من قيام أحمد عز مثلا أو المغربي باستغلال التراجع الكبير في أسعار الأسهم في البورصة ويقومون بشراء شركات بأكملها باسماء أصدقاء أو أقارب لهم فما هي الضمانات المتوافرة لمواجهة أي ممارسات من هذا النوع؟ هذه المخاوف لا محل لها، ومن الصعب ان نتصور ان من هم في موقف عز والمغربي ومنصور يفكرون بهذه الطريقة في هذا التوقيت لان المفروض ان ما يشغلهم أهم وحكاية الشراء باسماء اصدقائهم أو اقاربهم افتراض نظري صعب ان يتحقق علي أرض الواقع لان حتي حساباتهم الشخصية في البنوك موقوفة عن التعامل تماما هم وعائلاتهم، أضف إلي ذلك ان عملية الاستحواذ لها قواعد محددة ومعروفة للجميع ومنها ان لو أي مساهم بلغت ملكيته في الشركة 5٪ لابد من اخطار باقي المساهمين، اما البنوك فعمليات الاستحواذ فيها أيضا تتم تحت اشراف كامل من البنك المركزي الذي يتمتع برقابة قوية تتمكن من مواجهة أي محاولة من هذا النوع ومع احترامي لهذه المخاوف التي نتجت من عدم الثقة بعد كشف قضايا الفساد مؤخرا إلا انني أريد ان يطمئن الجميع ان مسألة الرقابة في سوق المال مشهود لها بالكفاءة والنزاهة ومن الصعب ان لم يكن من المستحيل ان تمر مثل هذه المحاولات مرور الكرام! الكل جاهز هل تعتقد ان جميع أطراف السوق جاهزة لاستئناف العمل في البورصة اليوم؟ الكل جاهز بنسبة لا تقل عن 09٪، البورصة جاهزة للتداول، شركات السمسرة رتبت معظم أوراقها، المستثمرون وفيهم 3 أنواع بائع ينتظر تسييل بعض الأسهم لتدبير احتياجاته المادية، ومشتر يرغب في استغلال تراجع الأسعار ومنهم من يترقب حركة السوق في بدايات التداول ليحدد اتجاهه، شركة مصر للمقاصة جاهزة لاتمام عمليات التسوية، هناك قرارات علي وشك الصدور من مجلس الوزراء سواء الخاصة بالأموال التي قررت وزارة المالية تقديمها لشركات السمسرة لدعم عمليات الشراء بالهامش وعدم اجبار المنتمين علي البيع لسداد مديونياتهم للشركات وكذلك ننتظر من رئيس الوزراء قرارا بالنسبة المقرر الاستفادة منها من صندوق حماية المستثمر من المخاطر غير التجارية وكان قد صدر قرار بتخصيص 02٪ من أموال الصندوق ولكن شركة السمسرة اعترضت علي النسبة وطلبت زيادتها. هل استخدام أموال الصندوق لدعم البورصة في هذا التوقيت مخالف للهدف من إنشاء الصندوق الذي يحمي المستثمر من المخاطر غير التجارية؟ لا يوجد تعارض أبدا لان استخدامات الصندوق لأمواله تسمح له باستثمار هذه الأموال بأي طريقة ومنها منح قروض بفوائد وليس قروضا حسنة كما ينادي البعض لان هذا الصندوق عبارة عن تأمين للغير رغم انه يعتمد علي الاشتراكات التي تسددها شركات السمسرة نفسها ولكنه أشبه بالتأمين الاجباري علي السيارات الذي يسدده من يقوم بتجديد رخصة سيارته وليس بالضرورة ان يكون هو المستفيد منه. تضارب مصالح هل تعتقد ان هناك تضاربا بين دورك كرئيس للبورصة وللمقاصة في نفس الوقت؟ لا بالعكس.. عمل المقاصة مكمل لعمل البورصة ولا يتعارض معه، وطوال فترة رئاسة د.خالد سري صيام للبورصة كان هناك لجنة مشتركة بين البورصة والمقاصة لحل كل المشكلات لصالح السوق، وبالمناسبة الدكتور خالد من اكفأ الشخصيات التي تولت هذا المنصب ولم يكن يتخذ أي قرار إلا بعد دراسة متأنية كما يجيد التعامل مع الأرقام بالاضافة إلي خبرته القانونية الكبيرة وكنت أتمني استمراره في العمل. كيف يتمكن المصريون المتحمسون لدعم البورصة خلال الفترة القادمة من أداء هذا الدور الوطني؟ حصلنا علي موافقة هيئة الرقابة المالية لتأسيس صندوق استثمار جديد يحمل اسم صندوق استثمار مصر المستقبل لتجميع مشاركات المصريين وغير المصريين الراغبين في دعم البورصة المصرية ورأس المال المبدئي للصندوق يصل إلي 5 ملايين جنيه قابلة للزيادة بناء علي حجم الاكتتاب فيه وهذا الصندوق جاء بناء علي المطالبات الشعبية الكبيرة وهذه المساهمات لا تعتبر تبرعات ولكنها استثمار لكل المصريين يمكنهم استردادها بعد مرور مدة لا تقل عن 81 شهرا، ويبلغ سعر الوثيقة في الصندوق 01 جنيهات ويحق لكل مواطن أو من يرغب في شراء وثائق استثمار الصندوق أي عدد بدون حد أقصي وفي حالة اكتمال الحد المطلوب للصندوق وهو 052 مليونا سيتم مضاعفته إلي 007 مليون وفي حال تغطيته سيتم مضاعفته أيضا إلي مليار جنيه وهكذا، وهذا الصندوق يعتبر خطوة جيدة للشعب المصري لاستثمار مدخراتهم مهما كانت قليلة ولو حتي بعشرة جنيهات فقط ما يسهم في تجاوز الاقتصاد المصري والبورصة المصرية للمرحلة الصعبة الحالية وهذا الاكتتاب غير مقصور علي المصريين فقط بل يمتد إلي المصريين في الخارج والأجانب والعرب. ومتي يبدأ هذا الصندوق في تلقي الأموال من الراغبين في دعم البورصة؟ تم طرح الصندوق أمام شركات إدارة الصناديق المتخصصة لتقديم عروضها الفنية والمالية لادارة الصندوق وبلغ عدد الشركات التي تقدمت 22 شركة ولك ان تتخيل ان عددا كبيرا من الشركات أبدت رغبتها في إدارة الصندوق بدون مقابل في إطار سعيها لدعم البورصة ووقع الاختيار علي شركة اتش سي لادارة الصندوق وهي تعد الان نشرة الاكتتاب لتبدأ بعد ذلك في تلقي اكتتابات المساهمين من خلال البنوك التي تختارها الشركة ومن المتوقع ان تنتهي هذه الاجراءات في اسرع وقت ممكن. المؤشرات العالمية هل الحرص علي اعادة البورصة للتداول اليوم جاء فقط خوفا من خروجها من المؤشرات العالمية؟ ليس هذا هو السبب الوحيد ولكنه سبب مهم لان أي مؤسسة عالمية أو صندوق استثمار لا يعمل في سوق غير موجود في المؤشرات العالمية، واستمرار وجودنا في هذه المؤشرات لا يهدف فقط للحفاظ علي صناديق الاستثمار الاجنبية التي تستثمر في البورصة المصرية ولكن لجذب مزيد من هذه الصناديق التي تضاعفت حاجتنا إليها بسبب طول فترة التوقف، لكن عودة البورصة كان لابد منها لانه لا يليق ان يستمر الاغلاق أكثر من ذلك مما يشكل ضغطا علي أموال الناس وحجرا عليها كما ان هذا تعطيل للسوق الأولي الذي يعتمد من خلاله الشركات علي البورصة في زيادة رءوس أموالها. أكبر المستفيدين هل دفعت البورصة وحدها ثمن ثورة 52 يناير؟ بالعكس.. ثورة 52 يناير غسلت ذنوب البورصة وغفرت خطاياها، فالبورصة ستكون أكبر المستفيدين من كشف الفساد والمفسدين الذين استباحوا لانفسهم مصد دم الشعب والاستحواذ بمفردهم علي ثمار النمو التي ظل المواطن دائما بعيدا عنها وأتوقع لبورصة ما بعد الثورة ان تكون مختلفة تماما عن بورصة ما قبل الثورة حيث ان الشفافية التي سادت مصر كلها خلال الفترة الماضية سيكون لها آثار ايجابية كبيرة علي البورصة ليس فقط علي المستوي المحلي ولكن لنظرة العالم كله الذي انبهر بهذه الثورة البيضاء التي اعتمدت علي تطويع التكنولوجيا بهذا الشكل المذهل، وعليك ان تتخيل ان بعض دول العالم كانت فكرتها عن مصر قبل ثورة 52 يناير انها بلاد تركب الجمال وتعيش في الكهوف فإذا بهذه الثورة التي تعد عن حق أعظم ثورة في تاريخ العالم والتي تضع مصر علي الطريق الصحيح الذي نستحقه من الديمقراطية والحرية وهذه هي أهم العوامل التي تجذب الاستثمارات الاجنبية التي اعتقد انها سوف تقول رأيها عمليا في الثورة المصرية من خلال الاقبال علي الاستثمار فيها سواء من خلال اقامة مشروعات عملاقة صناعية وخدمية أو من خلال الاستثمار في البورصة المصرية خاصة بعد هذا الاستفتاء الحضاري الرائع والمشاركة الشعبية غير المسبوقة في تاريخ مصر وخروج 24٪ ممن لهم حق التصويت ليقولوا رأيهم في التعديلات الدستورية، مما يشجع الاستثمارات الأجنبية علي التدفق لثقتها ان مصر بعد 52 يناير لن يكون فيها فساد مالي ولا إداري مما يجعل الأجنبي قبل المصري مطمئنا تماما علي استثماراته فيها، الثورة ستحقق للبورصة الاستقرار وتتيح لها الاستفادة من الديمقراطية وتحقيق العدالة التي تنعكس علي الاقتصاد المصري ككل ثم علي البورصة باعتبارها المرآة التي تعكس حال هذا الاقتصاد. إجراءات متوقعة وما الإجراءات التي سوف تتخذ لو حققت البورصة تراجعا كبيرا مع عودة التداول بعد كل هذا التوقف؟ هناك عدة إجراءات تم اتخاذها تحسبا لمثل هذه الظروف أهمها تقليص عدد ساعات التداول اليومي في البورصة إلي ثلاث ساعات فقط ومنح تيسيرات جديدة في نظام الشراء بالهامش وايقاف الجلسة الاستكشافية وإلغاء نظام البيع والشراء في نفس الجلسة بالاضافة إلي وضع حدود سعرية لمؤشر البورصة الرئيسي حيث تقرر ايقاف الجلسة لمدة نصف ساعة لو بلغ الانخفاض 5٪ وايقافها خلال اليوم كله لو وصل الانخفاض 01٪. الوعي الاستثماري ما أهم مشكلة تواجه البورصة عقب استئناف التداول؟ المشكلة الحقيقية التي تواجه البورصة دائما في مصر هي اعتقاد البعض ان الاستثمار فيها لابد ان يكون في اتجاه واحد هو الصعود وليست هناك بورصة في العالم كله تحقق ارتفاعات متواصلة دون أي تراجع كما ان ثبات الأسعار دون تحرك لاعلي أو لأسفل لا يسمي بورصة وهناك أوعية ادخارية كثيرة تحقق هذا الثبات، أما البورصة فلابد ان يكون فيها قدر من المغامرة والمخاطرة والمهم عندي ان تكون معلنة ومعروفة للجميع في وقت واحد حتي لا يحقق طرف مكاسب علي حساب طرف آخر بطرق غير مشروعة. لو كنت مستثمرا عاديا وليس رئيسا للبورصة والمقاصة ماذا تفعل عند عودة التداول اليوم؟ انتظر ولا ابيع أسهمي لمجرد البيع لانه ليس هناك معني للبيع وتحقيق خسائر وانما متأكد ان هذه الخسائر غير حقيقية ولكنها فقط حدثت بسبب الظروف التي مرت بها البورصة، لكن انا واثق ان الشركات قوية وقوائمها المالية تشيرإلي ان هناك تقدما ملحوظا في الأداء لذا لابد ان اتمسك بهذه الاسهم لثقتي ان بورصة مصر بخير طالما كانت مصر بخير.