لا ينبغي أن نستبعد ان هناك قوي داخل مؤسسات الدولة وخارجها، تعمل جاهدة علي خلق الأزمات بين النظام وفئات المجتمع.. كما رأينا في الأزمات المتوالية مع المحامين، والاطباء، ثم حاليا مع الصحفيين. وللأسف الشديد كانت أجهزة الشرطة طرفا في كل هذه الأزمات. والقضية الاساسية التي ينبغي ان نواجهها ليست فقط إطفاء الحرائق هنا او هناك، وإنما أن نمنع الأزمات من الاساس.. وأن نبحث عن أسبابها الحقيقية، وان نتصدي لكل ما يساعد المتربصين علي تنفيذ مخططاتهم. وبداية لابد ان نعترف بان غياب السياسة والاكتفاء بالحلول الامنية لم يعد أمرا يثقل كاهل الاجهزة الامنية في وقت تواجه فيه إرهابا منحطا وتبذل جهدا هائلا في هذا المجال. ولكن هذا الأمر اصبح عبئا علي الدولة كلها، فلم يعد ممكنا ان نواجه التحديات الكبيرة داخليا وخارجيا، ولا أن نقوم بالمهام الصعبة التي نتحملها بالضرورة.. بدءا من مواجهة الإرهاب، وحتي بناء الدولة الحديثة، في غياب السياسة بمعناها الشامل، وبدون حوار وطني متواصل حول قضايا الوطن، وحياة حزبية حقيقية تختلف فيها الآراء وصولا الي التوافق الوطني الذي يحقق للوطن الاستقرار، ويحشد قواه كما ينبغي لمواجهة كل التحديات. الأمر الثاني الذي ينبغي أن نتوقف عنده مرارا وتكرارا هو أن الثورة لم تصل الي كل أجهزة الدولة. والأسوأ من ذلك ان حزب الفساد يعمل باستماتة علي خلق الصدام بين قوي الثورة. وان هناك في مراكز التأثير من يتصرف باعتبار 30 يونيو انقلابا علي ثورة يناير وليس استعادة لها، وهذا هو الخطر الأكبر الذي ينبغي مواجهته بكل حسم لاننا بدون ذلك سوف نعطي حزب الفساد الفرصة الكاملة لضرب الثورة واستعادة الماضي الكئيب الذي اسقطه الشعب في ثورتين. ويبقي ان يدرك الجميع خطورة مخطط استنزاف الدولة بأزمات متوالية مع هذا الجزء الهام من شركاء الثورة، وان يدرك أن استعادة التوافق الوطني ضرورة حياة لهذا الوطن، وان تنتهي هذه الأزمات التي تستنزف قوانا.. بدءا من الازمة مع الشباب، الي الأزمات مع المحامين والاطباء والصحفيين، وان تحاسب الدولة من يقفون وراءها.. ومن يتصورون أن الحلول الأمنية تغني عن السياسة وان المواطنين الشرفاء!! يمكن ان يكونوا بديلا للتوافق بين شركاء الثورة ووحدة الملايين التي تبني مصر الجديدة في أصعب الظروف ورغم كل التحديات.