عقد مجلس الأمن القومي اجتماعه الأول منذ تشكيله برئاسة الرئيس السيسي. توقيت الاجتماع يعطي إشارة للجميع بأن مصر تدرك جيدا خطورة الأوضاع في المنطقة والعالم، وتدرك أيضا حجم التحديات التي تواجهها والتي تتطلب منها أن تكون مستعدة لكل الاحتمالات. ما صدر عن الاجتماع يؤكد علي عدة نقاط هامة: الربط بين مكافحة الإرهاب محليا وعالميا، والتأكيد علي الأمر لا يقتصر علي الحلول الأمنية رغم أهميتها، بل يمتد إلي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وكل ما يحصن الوطن من الفكر المتطرف الذي هو في النهاية مكمن الخطر وأس البلاء. التأكيد علي أهمية قضية الشباب واستيعاب طاقاتهم، وفتح أبواب الأمل أمامهم وتأهيلهم لكي يكونوا قادة المستقبل في كل المجالات. وما نرجوه هنا ألا تكون ترجمة هذا التوجه الهام في أيدي البيروقراطية أو من لا يدركون أن الأمر أكبر من مناصب لا تقدم أو تؤخر، أو أحاديث لمن لا يقدرون حجم الأزمة وضرورة التعامل معها بكل جدية، وبانحياز كامل لثورتي 25 يناير و30 يونيو. والوقوف بحزم ضد كل من يتآمر للوقيعة بين قوي الثورة، أو للإساءة لشباب يملك الطموح ويخلص للوطن ثم يجد تحالف الفاسدين يحاول استعادة الماضي، ويجد إعلاما تموله الأموال المنهوبة أو المشبوهة يسيء للثورة ويزرع الفتنة بين شبابها وبين قيادة جاءت بإرادة الشعب لتحقيق ما نادت به الثورة. إن حربنا ضد الإرهاب لا ينبغي أن تعوق جهودنا للتنمية. وفي هذا الإطار كان التأكيد علي المضي في إجراءات تنفيذ مشروع «الضبعة» وغيره من المشروعات الكبري. وفي نفس الوقت كان التأكيد علي ضرورة خلق المناخ المشجع للاستثمار الخاص وخاصة في الصناعة وإزالة كل المعوقات أمامه، لخلق فرص عمل للشباب، ولتحقيق تقدم لن يتم إلا بصناعة قوية نملك كل مقوماتها. وأظن أن الجادين من رجال الصناعة سوف يتجاوبون مع هذه الرسالة الواضحة رغم ما يعانونه من فساد الأجهزة التنفيذية ومن سماسرة الاستيراد. أما من تعودوا علي نهب المال العام والتربح من زواج الثروة بالسلطة.. فإنهم متفرغون لتصفية الحساب مع الثورة أو تفريق صفوفها أو ركوب موجتها لاستئناف دورهم في مقاومة استعادة الدولة لدورها ومكانتها واستقلال قرارها.. وسيظلون كذلك مهما فتحنا أمامهم أبواب العودة ليكونوا شركاء في بناء مصر وليسوا ثغرة في جدار حماية الوطن الذي نبنيه بالدم والتضحيات ضد الإرهاب وضد المتآمرين علي أقوي نقاط المقاومة لمخطط تدمير المنطقة العربية الذي لم يعد أصحابه مجهولين، ولم تعدأهدافه تخفي إلا علي الغافلين!! ويبقي أن المعني الأهم للاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي أن الدولة تعي حجم التحديات والأخطار، وأنها تدرك أن تحصين الداخل هو الهم الأول وأن وحدة الصف بين قوي الثورة هو القادر علي هزيمة كل مخططات الأعداء، وأن شباب الثورة مكانهم في الصف الأول في جبهة الدفاع عن ولمن يتعرض للمخاطر. ننتظر قرارات حاسمة توحد قوي الثورة التي تفككت، وتعكس روح شعب يعرف كيف يتوحد في ساعات الخطر.. وأرجو ألا يطول الانتظار!!