فى خطابه فى ذكرى ثورة يوليو تحدث الرئيس السيسى عن التحدى الوجودى الذى تواجهه مصر. المعنى أن ما نواجهه ليس عداء لنظام بل هو مخطط لعموم الدولة. المعنى أن ما نواجهه ليس عداءً لنظام بل هو مخطط لهدم الدولة. المؤامرة لم تعد خافية منذ تحالف الأمريكان مع الإخوان وتسخيرهم لكل الإمكانيات وتجنيد كل العملاء فى المنطقة لدعم السيطرة الإخوانية على السلطة فى مصر ثم فى باقى الدول العربية. لم يحسب أصحاب هذا المخطط حساباتهم بدقة. لم يدركوا أن أقدم دولة فى التاريخ لن تستسلم بسهولة، ولم يستفيقوا من أوهامهم إلا بعد أن توحدت مصر شعبا وجيشا ودولة فى 30 يونيو لتسقط حكم الإخوان الفاشى، وتنقذ مصر من طريق نرى نتائجه فى دول كثيرة حولنا يتم تدميرها أو يجرى تقسيمها، أو تُترك للفوضى وعصابات الإرهاب!! أنقذنا مصر لكن المؤامرة لم تتوقف. وعلى مدى عام كامل بعد 30 يونيو كان علينا أن نحاول بناء ما تَهدَّم، وأن نواجه إرهابا منحطا ثبت أقدامه فى ظل حكم الإخوان، وأن نتعرض لحصار سياسى واقتصادى شديد الوطأة. ومع ذلك صمدنا وأنجزنا الكثير فى ظل أصعب الظروف، وقدمنا أغلى التضحيات لكى نحافظ على سلامة الوطن ووحدته. ومع كل ما أنجزناه «وربما بسببه» تظل مصر مستهدفة، ونظل فى حالة حرب حقيقية ضد كل القوى التى لا تريد لمصر أن تنهض، ولا تطيق أن تتعامل مع مصر غير التى تعودوا عليها لسنوات وهى ضعيفة بلا دور ولا مستقبل ولا قرار مستقل!! الحرب المعلنة علينا ليست ضد النظام أو الحكومة أو السيسى، ولكنها ضد الدولة التى تعترض طريق مخططات إعادة رسم خريطة المنطقة، وضد الشعب الذى أنقذ مصر من حكم الإخوان، وضد الجيش الذى انحاز لإرادة الشعب وتصدى للمؤامرة.. وما زال!! الآن.. يغرقون المنطقة كلها فى الفوضى، ويطلقون كل قوى الإرهاب (من داعش إلى الإخوان، ومن القاعدة إلى إسرائيل) لتعيث فى الأرض العربية فسادا وقتلا وتدميراً. والآن.. لا يكتفون بدعم «إخوان الإرهاب» ليواصلوا محاولاتهم الفاشلة لإثبات الوجود وضرب الاستقرار، وإنما يشعلون النار على كل حدود مصر للاستنزاف الجهد وتشتيت الانتباه وفتح الثغرات فى جدار الوحدة الوطنية الصلب. ليست صدفة أن تندلع نيران الحرب الإسرائيلية على شعبنا الفلسطينى بغزة فى الوقت الذى تمر فيه الأمة العربية بواحدة من أسوأ فتراتها، وبالتزامن مع مؤامرة إطلاق قوى الإرهاب لتدمر فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها. وليست صدفة أيضا أن تشتعل الجبهة الغربية فى مصر مع حادثة «الفرافرة» فى الوقت الذى تشتعل فيه الجبهة الشرقية بالعدوان على غزة. وليست صدفة أن يعلن الأشاوس من كل جماعات الإرهاب التى ترفع كذبا وبهتانا شعارات تحرير القدس، أن عدوها ليس إسرائيل بل مصر، وأن رصاصها لن يوجه لصدور العدو الإسرائيلى بل لاغتيال أشرف جنود الأرض من أبناء مصر. سيتوقف العدوان الإسرائيلى الهمجى على شعبنا الفلسطينى فى غزة اليوم أو غدا، ولكن الاحتلال سيبقى، والإرهاب سيبقى، والأهم أن مصر ستظل مستهدفة وأن المؤامرة عليها ستظل سياسة ثابتة لدى كل من يعتبرونها القضية الأساسية فى وجه مخطط إخضاع المنطقة، وإعادة رسم خريطتها وفقا للمصالح الجديدة، ولتوازن قوى يضع كل المصالح العربية فى مهب الريح. فى خطابه بمناسبة 23 يوليو قال الرئيس السيسى إن وحدة الشعب والجيش هى أساس الصمود والانتصار على «التحدى الوجودى» الذى يستهدف هدم الدولة فى مصر. ذكرى ثورة يوليو تؤكد هذا المعنى، ولكنها تذكرنا أيضا بالحاجة إلى استنهاض كل قوى الوطن لتدرك حجم المخاطر وأهمية توحيد الصفوف، ونحن نواجه حربا حقيقية لا تريد لمصر تنهض أو تستقر أو تبنى قوتها أو تستعيد دورها. استنهاض الوطن يحتاج إلى عمل سياسى غير موجود، ويحتاج إلى رؤية شاملة تتخطى الحسابات الضيقة للقوى والأحزاب السياسية. من يتابع حديث «التحالفات» التى تجرى فى الكواليس السياسية والتى تخلط بين الهزل والجد، لا بد أن يسأل: إذا لم يكن هذا هو وقت قيام الجبهة الوطنية.. فمتى يكون؟!