تتزايد ساعة بعد أخري الأصوات المطالبة باستباق الانتخابات الرئاسية، وتأجيل الانتخابات التشريعية علي عكس ما نصت عليه التعديلات الدستورية الأخيرة. فمن رأي السيد/عمرو موسي في حديثه إلي »المصري اليوم« أن الأحزاب غير جاهزة للانتخابات البرلمانية، وأقترح إجراء الرئاسة أولاً. وفسّر الأمين العام للجامعة العربية وجهة نظره مؤكداً ضرورة إعطاء وقت كاف للأحزاب لتكون مستعدة لخوض معركة الانتخابات البرلمانية يتيح لها منافسة حقيقية، وهو ما يتطلب وجود رئيس للبلاد، ووجود دستور دائم، خلال تلك الفترة التي تحتاجها الأحزاب لتجهيز نفسها واستقطاب مؤيدين وكوادر ومرشحين للحصول علي مقاعد في البرلمان«. ونفس الرأي قرأناه أمس في »الأهرام« لنائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: الأستاذة تهاني الجبالي، يؤكد وجود »ضرورة ملحة لإرجاء الانتخابات التشريعية وتكون نقطة البداية انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتولي تشكيل حكومة جديدة والدعوة لانتخاب جمعية وطنية لوضع دستور جديد للبلاد ليعيد تنظيم أوضاع السلطة ونظام الحكم في مصر. تزايد عدد المطالبين بالبدء »بالرئاسية« ثم تعقبها »البرلمانية«، لا يعني تراجع عدد المعترضين علي الرأي ويتمسكون بالترتيب الذي انتهت إليه لجنة إجراء التعديلات الدستورية الأخيرة. ولكل رأي منهما أسباب ومبررات أشرت لها في مقالات سابقة، وانتهيت إلي تأييد الرأي الداعي إلي السبق بالرئاسية وتأجيل الدستورية. رغم تزايد عدد الأصوات المؤيدة لهذا التعديل والتبديل، إلاّ أنني لا أتوقع من لجنة فقهاء القانون المشكلة برئاسة المستشار طارق البشري أن تعيد النظر في الترتيب الذي انتهت إليه بالنسبة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. فالتعديلات الدستورية العاجلة التي أقرتها القيادة العليا للقوات المسلحة منذ أيام قليلة قد يصعب الآن إجراء تعديلات علي التعديلات ذاتها! و الصعوبة كما أتصورها ليست فقط في تغيير توقيتات الانتخابات، وإنما لأن تعديل التعديل في تلك المادة، سيفتح الباب أمام المطالبة بالمثل لمادة ثانية أو ثالثة.. وهكذا. فليس هناك شبه إجماع كما اتضح الآن علي التعديلات الدستورية، المحدودة الأخيرة. فهناك من يبدي اعتراضه علي تحديد مدة الرئاسة بأربع سنوات ويطالب برفعها إلي 5 أو 6 سنوات. وهناك من يُبقي علي السنوات الأربع لفترة انتقالية ثم يعاد النظر، بعدها، في رفعها أو الإبقاء علي سنواتها.. أيهما أفضل. الاختلاف حول المدة الرئاسية، لم يمس التعديل الخاص بتحديد فترتين رئاسيتين فقط ، ولا يجوز لمن شغل المنصب الترشيح لمدة أو مدد تالية طوال حياته. ولقي هذا التعديل تأييداً من بين المختلفين علي عدد سنوات الفترة الرئاسية. وهناك المطالبة أيضاً بتعديل التعديل الذي أجرته اللجنة المختصة علي شروط الترشيح في الانتخابات الرئاسية، مثل شرط حرمان من ليس من أبوين وجدين مصريين، أو مزدوج الجنسية، أو زوج الأجنبية من ترشيح نفسه. قد لا يعترض كثيرون علي هذا الشرط، لكن الاعتراض أعلنه قانونيون ومفكرون وكتاب، من أبرزهم القاضية تهاني الجبالي التي وصفت حرمان مزدوج الجنسية من الترشح بأنه »غير دستوري« لأن القانون المصري هو الذي منح الحق لكل مصري أن يحمل جنسية مزدوجة. ولم تكتف نائب رئيس المحكمة الدستورية بالإشارة إلي هذا التناقض، وإنما اقترحت تغييره إلي: »ألاّ يكون المترشح حاملاً لجنسية أخري وقتها« بمعني اشتراط تخليه عن الجنسية الأخري قبل ترشيح نفسه. وفي نفس اليوم قرأت للمفكر والكاتب الشهير د. مأمون فندي مقالاً اعترض فيه علي هذا الشرط، و وصفه بأن الهدف منه هو »إقصاء شرفاء مثل: أحمد زويل و محمد البرادعي وباقي المتميزين من المصريين حملة الجنسية الأخري التي يسمح بها القانون المصري«. وأضاف د. مأمون فندي مطالباً بحق العودة لما يقرب من خمسة ملايين مصري من النابهين المقيمين في الخارج، الذين تركوا وطنهم بحثاً عن الحرية ولقمة العيش والتزود بمزيد من العلم. منهم من تزوج أجنبيات، ومنهم من حملوا جنسية أخري إلي جانب جنسيتهم الأصلية، فكيف تعاقبهم لجنة البشري علي ما فعلوا بحرمانهم من حقوقهم السياسية الكاملة كمصريين من آباء وأجداد مصريين؟! .. هذه المطالبات الكثيرة من أناس نحترم فكرهم وأفكارهم و وطنيتهم بإحداث تعديلات علي التعديلات الدستورية الأخيرة، أتوقع أن يثير الحيرة لدي لجنة فقهاء القانون الدستوري وتُصعّب الرد عليها. هل تأخذ بها وتجري تعديلات علي تعديلاتها، أم تتجاهلها باعتبار أن مهمتها انتهت بالتعديلات التي اقترحها والتي أقرتها القيادة العليا لقواتنا المسلحة؟