بات ضروريا بعد 52 يناير أن تتغير ثقافة الحوار مع أطفالنا وشبابنا فلم يعد ينظر إليهم علي أنهم مجرد مخلوق ضعيف لا قوة ولا سلطة لهم وقيمتهم تتحد بأنهم مجرد مستهلكين فقط لا يجيدون قراءة الواقع ولا التفكير في مستقبلهم!! ولكن إذا كان ذلك ضروريا وحتميا فكيف يتم تغيير ثقافة الحوار وما الداعي إلي ذلك ومن المنوط به هذا التغيير؟ في البداية وقبل الاجابة علي تلك الاسئلة دعونا نتعرف علي بيان المقصود بثقافة الحوار أولا سيما أن تعريف تلك الثقافة هو الذي يصل بنا إلي الاجابة الصحيحة علي تلك الاسئلة، فأما عن المقصود بثقافة الحوار فهي قبول الآخر بما هو عليه من اختلاف واحترام التعددية مطلقا ايا كانت اتجاهات تلك التعددية وتفعيل قيم التسامح ونقد الذات والاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه. فثقافة الحوار معيارها هو كيف ينظر الإنسان لذاته والآخر، فالآخر هو المغاير للذات أيا كان سبب المغايرة. كما يجب أن نعي أهمية ثقافة الحوار بأنها هي تلك التي تعصمنا من الاختلاف المذموم وتجعله اختلافا محمودا. كما أن تلك الثقافة تقضي علي ثقافة الكراهية التي تنشغل بعيوب الآخر وتضخمها بهدف الاثارة وتسعي إلي إبراز سلبياته وتجاهل ايجابيته كما أن ثقافة الحوار أيضا تدعم فن الاصغاء للآخر فلن يكون الحوار مجديا في حالة المقاطعة أو الحديث والصراخ في وقت واحد. ولذا فإنه من جماع ما تقدم فإن ثقافة الحوار هي في الحقيقة أداة التفاعل الحضاري التي تصل بالمجتمع إلي السمو الفكري الذي يقوده إلي التقدم في جميع المجالات قاطبه. من هنا نأتي لمرحلة الاجابة علي اسئلتنا السالفة وهي ضرورة أن تتغير ثقافة الحوار مع أطفالنا وشبابنا من خلال احترام عقولهم ودراسة أفكارهم والداعي إلي ذلك هو انهما نتاج هذا العالم التكنولوجي المتقدم الذي يحتاج إلي أسلوب تعامل عقلي وفكري مختلف يواكب مجريات الأحداث السريعة، وهذا يقتضي تكاتف عناصر الدولة برمتها لتغيير ثقافة الحوار مع تلك الشريحة المهمة بالمجتمع ويسبقها في ذلك بصفة خاصة الأسرة والمجتمع الدراسي سواء علي مستوي المدارس أو الجامعات وهذا التغيير يحتاج إلي عدة عناصر مهمة يتعين الاهتمام بها وهي احياء البعد الإنساني المغيب عن الخطابات في جميع المجالات، وتنقية المناهج والبيئة التعليمية من الارث التعصبي أو القائم علي تميز عناصر بعينها وكذا تدريس المناهج الدينية وفق المنظور الإنساني والتسامحي، ومعالجة التشريعات القائمة بما يواكب تلك الثقافة وتطور الظروف الحياتية في هذا الشأن. وتوجيه السياسة الإعلامية من خلال آليات معينة ورموز وطنية حقيقية لديها القدرة علي أن تكون قدوة فاعلة وحقيقية لديها الاحساس بنبض الشارع المصري من غير تزييف أو تهويل. فنحن في النهاية نريد اطفالا هم النواه الأولي لشباب قادر علي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لديه الإيمان بأن الاختلاف هو حقيقة انسانية وكونية بعيدا كل البعد عن الإرث التعصبي والتمييزي يحدوه دائما وأبدا ثقافة نقد الذات وثقافة الاعتذار.