كل يوم نذهب الي المقابر نودع حبيبا أو صديقا ثم نعود لنواصل التنافس علي الدنيا ومغانمها وليس علي الاخرة لن نختلف علي ان كل انسان يبذل الجهد شاقا من اجل تحسين مستقبله وضمان الحد الممكن من الرفاهية فيه ليس لنفسه فقط وانما لاولاده واهله ولكل من يحبهم ولكننا سنختلف علي مكان وزمان هذا المستقبل.. هل هو في الدنيا التي سنعيش فيها بعض الوقت قد يصل الي عشرات السنين ثم نغادرها ام في الاخرة التي سنعيش فيها ابدا يعني مليارات المليارات من السنين؟! تري ايهما احق بالرعاية وبان يعمل الانسان بجد ويبذل الجهد شاقا من اجل ضمان الحد الممكن من الرفاهية فيه الدنيا.. ام الاخرة؟! العلماء يقولون ان المستقبل الحقيقي للانسان يبدأ بعد خروج الروح ويقولون ان الموت لا يعني الفناء وانما هو نهاية مرحلة هي الاهم من مراحل حياة الانسان وهي الدنيا.. لتبدأ بعدها مرحلة حياة القبر.. وهي بالفعل حياة بتفاصيل وخصائص اخري، وبعدها حياة اخري مقدار اليوم فيها ب50 الف سنة وهي التي يقف فيها الانسان امام الله ليس بينهما ترجمان ليحاسب عما قدم لنفسه خلال وجوده في الحياة الدنيا التي نعيشها الان واخيرا تبقي الحياة الابدية التي يعيش فيها الانسان خالدا لا يموت ابدا.. إما في الجنة الي جوار الله يتنعم ويتلذذ بما اعده الله لاهل الايمان او في النار لاهل الكفر ويتعذب بالانكال والسعير اجارنا الله جميعا منها ومن عذابها.. وهذا او ذاك يتقرر بناء علي ما نقدمه لانفسنا في هذه المرحلة من الحياة الدنيا.. والامر بهذه الصورة يبدو واضحا ليس فيه لبس.. وصاحب العقل السليم لابد سيقرر ان يجتهد ليبني مستقبله السعيد ويعطي له وقته وجهده ويستخدم كل ادواته وصلاحياته بتحقيقه.. ولكن المشكلة في تحديد مكان وزمان هذا المستقبل كثيرون يريدونه هنا، وقليل من يريده هناك.. ومن رحمة الله بنا انه علي امتداد الزمان ظل يرسل الانبياء والمرسلين والصحف والكتب ليعرفوا الانسان علي ماذا يريده الله وماذا يريده الشيطان.. ويؤكدون علي وجوب ان يتخذ الانسان الشيطان عدوا فلا يستجيب له ويعرف انه يريد ان يورده موارد التهلكة ويقنعه بان أقل القليل يقدمه لله يكفي وان الله غفور رحيم فيتمادي الانسان في الابتعاد وفي اهمال طلبات ربه وتوجيهات الرسل والانبياء فيستخدم كل جهده وطاقته وصلاحياته لصالح الدنيا علي حساب الاخرة. وعند المغادرة او لحظة الانتقال من هذه الحياة الي الحياة التي بعدها يكتشف الانسان الحقيقة ويصرخ قائلا «رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت» ويتوسل الي الله ان يمهله فترة اخري يعيش فيها ليصلح ما افسد ولكن الاجابة تأتي من الله «كلا» فهي حياة واحدة لا اعادة لها ولا ملاحق فيها والفائز من يتمكن من جعل الحياة مزرعة للآخرة.. والخاسر من يعيش ويجمع لها ثم يغادرها وليس معه شيء مما اجتهد عمره كله له.. والعلماء يوضحون ان الانسان لن يتمكن من تقديم الطاعات لله دون ان يكون في حياته خمسة أشياء.. الطعام والشراب والمسكن والملبس والزوجة والركوبة «وسائل الانتقال» فبدون هذه الضرورات والوسائل في حياته لن يستطيع ان يعبد الله علي مراد الله.. المشكلة التي نعاني منها جميعا ان الانسان بدعم ومساندة واقناع من الشيطان قام بتحويل هذه الوسائل والضرورات الي اهداف ومقاصد ونسي واهمل المقصد الحقيقي منها وهي تمكينه من العبادة لله فاصبح سعي الانسان وجهده منصبا علي ان يتملك مسكنا واسعا كبيرا وان يأكل افضل الطعام ويستخدم افضل ركوبة واحسن ملابس واجمل زوجة هكذا تحولت الوسائل الي اهداف وضاع من حياة كثير من الناس الهدف الحقيقي وهو افراد الله بالعبادة وباتباع سنن رسوله والجهاد في سبيله بدعوة الناس اليه.. وكلما قام الانسان بتبسيط حياته من المأكل والمشرب والمسكن وغيره كان ذلك ادعي لان يقترب ويحقق المقصد من خلقه.