كفكفي يا مصرُ دمع الوَجَلِ وارتقب يا نيلُ نَيْل الأملِ «من ديوان وطنيتي (1910) للشاعر علي الغاياتي» لقاء المثقفين ورئيس الوزراء من كام يوم..التقي السيد رئيس مجلس الوزراء بمجموعة من المثقفين والرموز الثقافية، لقاء طلبناه، وسرعان ما استجاب له رئيس مجلس الوزراء، وكان طلبنا للقاء استجابة لضغوط من شباب المثقفين والمبدعين اللي ملا قلوبهم غضب نبيل ع اللي بيحصل في وزارة الثقافة، وكان بعضهم بيفكر في الدعوة لاعتصام، زي اللي عملناه أيام وزير الثقافة الإخواني علاء عبد العزيز، وانا واحد من الناس مفيش بيني وبين الوزير الحالي أي عداء شخصي، وما كنتش اعرفه قبل ما يتولي الوزارة، وشهادة لله طلبت منه خدمة إنسانية لشاعر راحل، والراجل ما اتأخرش، بس اللي بيحصل في الثقافة النهاردة، ومن وزارة الثقافة، شيء ما يتسكتش عليه، خصوصا وبلدنا بتمر بهذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، والإرهاب حوالينا في المنطقة كلها، ومحاوطنا من الشرق والغرب والجنوب، وبيتسلل بين الحين والحين ويضرب ضربة موجعة في قلب بلدنا، واللي راحوا يقابلوا رئيس الوزارة كلهم من المثقفين والرموز الثقافية، اللي ما حدش يقدر يزايد علي وطنيتهم، ولا علي تاريخهم وانجازاتهم، يعني مش رايحين بهدف المنفعة الشخصية، وكلهم - الحمد لله - من اللي بيقدموا المصلحة العليا للوطن والشعب، علي المصالح الخاصة، وشايفين ومدركين خطورة المرحلة، ومش عايزين يربكوا المشهد السياسي أكتر ما هو مرتبك، ورأيهم ان معركتنا مع الإرهاب لازم تكون حرب شاملة علي كل الجبهات، وما دام الإرهاب بيستهدف الجماعة الوطنية كلها ومش بس الدولة وجيشنا الوطني، يبقي لازم المجتمع كله يخوض المعركة، ومع المواجهة المسلحة للجماعات الإرهابية، لازم الجبهة الداخلية تبقي متماسكة، ولازم نجفف منابع الإرهاب في الخارج والداخل، يعني نقطع عليه طرق الإمداد والتمويل من الخارج، ونعالج البيئة اللي ممكن تحتضنه أو تغذيه من الداخل، واللي بتشكل حاجة زي الطابور الخامس أو حصان طروادة، وكلنا عارفين ان البيئة الحاضنة للإرهاب هي المناطق الأكثر فقرا وجهلا وتعرضا للظلم الاجتماعي، وده بيخليها أرض خصبة للإرهاب ودعاة الضلال اللي بيرفعوا الشعارات الدينية، وده معناه اننا زي ما بنحارب الإرهاب بالقوة المسلحة، لازم نحاربه بسياسات ثقافية واقتصادية واجتماعية، مطلوب مواجهة الأفكار التكفيرية الشائعة في الكثيرمن كتب التراث بفكر تنويري يُعلي من شأن العقل والعلم، ومطلوب تنمية اقتصادية تقضي علي البطالة وتتيح للدولة الإنفاق اللازم لمجالات التعليم والبحث العلمي والرعاية الصحية وده ممكن يحقق درجة من العدالة الاجتماعية اللي بنحلم بيها، ومطلوب تأهيل الأجهزة الأمنية عشان تؤدي مهمتها بدون ما تعتدي علي الحقوق والحريات، ومطلوب إعلام يرفع درجة الوعي الشعبي بالحياة والعصر، ومطلوب إعادة تأهيل الدولة لتصبح دولة الشعب السيد في الوطن السيد، كما يقرر دستور ثورتنا. وانا - وكل الحاضرين في اللقاء - أسعدني ان السيد رئيس الوزراء، أكد لنا اهتمامه الشخصي بملفات التعليم والثقافة والصحة (طبعا جنب اهتمامه بالملف الاقتصادي). وطبعا اللقاء اتعرض لبعض التغييرات في بعض المناصب في وزارة الثقافة، اللي شفنا فيها اتجاه لأخونة الوزارة، وإخلاءها من الكوادر المتميزة، ووعد السيد رئيس الوزراء بدارسة هذه المسألة وإصلاحها علي الفور، وعمل مبادرة شفناها كلنا دليل علي نيته الصادقة في إصلاح الأمور، فالسيد وزير الثقافة، كان داعي بعض المثقفين اللي اختارهم علي هواه، لاجتماع تاني يوم للقاءنا ده، وكأنه هجوم مضاد..بيرد بيه علي لقاءنا، ولما رئيس الوزراء عرف أصدر أوامره بإلغاء لقاء الوزير بمثقفيه، علي الله بقي الإصلاح اللي وعد بيه المهندس ابراهيم محلب ما يتأخرش كتير، لأن غالبية المثقفين خايفين علي بلدهم وعلي ثقافة بلدهم ! هوه ليه مجلس أعلي ؟!! قبل اجتماعنا بالسيد رئيس الوزارة، وراني الأستاذ مسعد فودة نقيب السينمائيين، حوار أجراه الدكتور اللي تولي الأمانة العامة للمجلس الأعلي للثقافة مع جريدة اليوم السابع، وانا ما اعرفش الدكتور المذكور مع اني من أكتر من خمسين سنة كعب داير في الوسط الثقافي، وعلي علاقة طيبة بمعظم المثقفين والمبدعين بطول البلاد وعرضها، ولما سألت عنه قال لي بعض اللي باثق في معرفتهم وذائقتهم الجمالية، انه أستاذ جامعي صعيدي، كتب بعض الكتابات النقدية المتواضعة، ونظم بعض الشعر العمودي الأكثر تواضعا، وانه عنده ف بلدهم مؤسسة خيرية ذات صبغة دينية تراثية، واستقال من رياستها لما بقي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة. والفكرة الأساسية اللي كانت ورا إنشاء المجلس الأعلي للثقافة، انه يكون مجمع للحكماء في شئون الفكر والثقافة، يعني(Think Tank) للفكر والثقافة، يعلو علي الإيديولوجيات والانتماءات السياسية، يضم كل التيارات والاتجاهات في مجلس للأمناء، يعبر عن الفكر والثقافة في المجتمع، وما يخضعش للحكومة بوزاراتها اللي بتتغير في لعبة تداول السلطة، ويبقي هوه اللي بيخطط السياسات الثقافية، ويبقي فيه وزارة دولة للثقافة تنفذ السياسات دي. بس لأن ما كانش عندنا لا حياة حزبية ولا تداول سلطة، استمرت وزارة الثقافة زي ما هي، وبقي المجلس الأعلي تابع للوزارة ووزيرها. والحوار اللي أجراه الدكتور الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة مع اليوم السابع يثير كثير من المخاوف عند المثقفين، فالدكتور الأمين رأيه - وهو طبعا حر فيه - ان تجديد الخطاب الديني مش مهمة المثقفين، ده مهمة الأزهر بس، وده طبعا كلام مضحك لأنه بيأسس لنوع من الكهانة الإسلام بريء منها، «ومن أراد الله به خيرا يفقهه في دينه «، والكلام هنا عن كل الناس اللي رسالة الإسلام اتوجهت لهم كلهم، ومش للي جاوروا في الأزهر ولا للي حصلوا علي العالمية الأزهرية وبس. والدكتور الأمين العام رأيه كمان - وهو طبعا حر فيه - ان الأزهر مش بس مسئول لوحده عن تجديد الخطاب الديني، لأ ده مسئول كمان عن التحكم في الخطاب الثقافي، وده بيأسس لسلطة مرفوضة للأزهر علي مؤسسات الدولة المدنية، والمضحك انه بيقول ان الأزهر كان دايما هو رائد التنوير !، بدليل انه هو اللي خرج منه الطهطاوي ومحمد عبده وطه حسين وعلي عبد الرازق، وناسي أو متناسي اللي عمله الأزهر في محمد عبده وطه حسين وعلي عبد الرازق، اللي طردهم من جنته ولغاية النهاردة شايفهم مارقين !!، والدكتور الأمين عام شايف كمان ان جوهر التنوير هو الجمع بين علوم النقل وعلوم العقل، وده بيرجعنا للكلام التلفيقي بتاع ابن تيمية، يا عم الدكتور جوهر التنوير هو إعمال العقل في علوم النقل، وعلي رأي سيدي وسيدك ابن رشد : «اذا تعارض ظاهر النص مع العقل..فالتأويل». علي كل حال.. حوار الدكتور مع الجريدة بتفوح منه ريحة مش مريحة، وبيأكد لنا انتماؤه الفكري لأشد التيارات السلفية غلوا ورجعية، وده يخلينا نتساءل هو المجلس الأعلي للثقافة.. بقي المجلس الأعمي للثقافة ؟! وألف رحمة علي عمنا الكبير فتحي رضوان، اللي قال زمان عن المجلس الأعلي للصحافة كلمة، ح استعيرها هنا عن المجلس الأعمي للثقافة : ازاي يسموه المجلس الأعلي للثقافة مع ان مفيش مجلس أوطي منه ؟!! عن الثقافة.. والدستور عرفت مصر في عصر عبد الناصر كله وزيرين ثقافة : ثروت عكاشة وعبد القادر حاتم (الله يرحمهم)، ومن 25 يناير للنهاردة خد عندك : د. جابر عصفور وبعدين عماد أبو غازي وبعدين د. صابر عرب وبعدين د. شاكر عبد الحميد وبعدين علاء عبد العزيز وبعدين د. صابر عرب تاني وبعدين د. جابر عصفور تاني واخيرا د. عبد الواحد، يعني وزيرين خلال 18 سنة، وست وزرا بتمان وزارات في خمس سنين. وطوال عصر عبد الناصر، كانت السياسة الثقافية للدولة ان الثقافة خدمة بتعمل الدولة علي تحسينها بإنشاء المعاهد الأكاديمية لتعلم الفنون، وبتسعي لنشرها علي طول البلاد وعرضها من خلال بيوت الثقافة وقصورها، وكان واحد من الوزيرين مهتم بالكيف (ثروت عكاشة)، وكان التاني مهتم بالكم (عبد القادر حاتم)، وعرفت الثقافة المصرية في عهدهم هم الاتنين انتعاشا وانتشارا في مجالات السينما والمسرح والكتاب وكافة الآداب والفنون، وبلغ تأثير القوي الناعمة لمصر (الآداب والفنون علي وجه الخصوص) أقصاه في المنطقة العربية بأسرها، وجانا زمن أغبر استقالت فيه الدولة عن اداء دورها في المجتمع، وفقدت إرادتها المستقلة مع الانفتاح الاستهلاكي وكامب ديفيد، وانكفأت مصر علي ذاتها وانعزلت عن اشقائها العرب، وفقدت قواها الناعمة تأثيرها في المنطقة، والنهاردة مع محاولتنا للنهوض من جديد، واستعادة دور مصر في محيطها العربي، احنا احوج ما نكون لثورة ثقافية بدأها ثوار يناير في ميادين التحرير، لماأرسوا مباديء الوحدة الوطنية ولما رفضوا أي وصاية علي فكرهم وخيالهم الخلاق، واعتقد ان دستور ثورتنا هو المسار الإجباري لتحقيق هذه الثورة، ففي الفصل الثالث باب المقومات الثقافية ينص دستورنا في المادة (47) علي ان تلتزم الدولة بالحفاظ علي الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة، كما تنص المادة (45) علي ان الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة، وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي أو غير ذلك، وتولي اهتماما خاصا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجا، وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها. وفي المادة (49) تلتزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها، ورعاية مناطقها وصيانتها، وترميمها، واسترداد ما استولي عليها منها، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه، ويحظر إهداء أو مبادلة أي شيء منها، والاعتداء عليها والاتجار بها جريمة لا تسقط بالتقادم، كما تنص المادة (50) علي ان تراث مصر الحضاري والثقافي والمادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله الكبري : المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، والاعتداء علي أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون، وتولي الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ علي مكونات التعددية الثقافية في مصر.. وانا اعتقد ان استكمال الثورة الثقافية اللي بدأها ثوار يناير، بالقوانين التي تنهض بالثقافة الوطنية، هي حائط الصد المنيع في مواجهة الإرهاب والتخلف والجهالة، وهي قاطرة النهوض والتقدم، وحرية الإنسان كما يقول كانت تبدأ بحريته في استخدام عقله. أوراق قديمة في تمانينيات القرن اللي فات، جاني مسلسل «الحلم والأمل» عن قصة لإحسان عبد القدوس، كتب لها السيناريو والحوار ابراهيم حامد ومحمود حامد، وأخرجها صديقي وابن صديقي الفنان د. خالد بهجت، وكتبت لها أشعار المقدمة والنهاية وبعضشي اشعار درامية قصيدة لحنها محمد ضيا، وآدي المقدمة والنهاية: (1) بين الأمل والألم.. ..فين حلمنا الموعود ؟! وطريقه مفروش ورود ؟ ..ولّا بارود ورعود ؟! ونروح له بجروحنا ؟!.. ..ولّا يا ريت بروحنا نعود ؟! قررنا نمشي لقدرنا.. ..مفرودين العود بين الألم والأمل يا حلمنا الموعود ........................................ بين دارنا والحلم شوك.. ..كدّرنا وغَدَرنا ولاحاجة تكشف طريقنا.. إلا انت يا نَضَرنا ولا يمشي مشوارنا غيرنا.. ومهما صدَّرنا.. أجدرنا..ملزوم يشورنا.. ..ويبقي لينا وجود بين الأمل والألم يا حلمنا الموعود ................................. يا صاحب الحلم..صبرك.. ..يا جدع حلمك شيل حِمْلك المضني في ضلوعك.. ..وعيش حلمك ما يتم شيء إلا برضاك انت وبعلمك ومهما آلمك زمانك.. ..كلمتك ح تسود بين الأمل والألم يا حلمنا الموعود (2) وسِكّة الحلم مفروشة ألم ومَرَار!! أحرار نواصل طريقنا؟! ولّا مش أحرار ؟! آدينا ماشيين يا دنيا وكلنا إصرار.. طول ما احنا صاحيين.. ح تتكشِّف لنا الأسرار وسكة الحلم مفروشة ألم ومرار ................................... الحلم شايفينه اهه..وْحَاضْنينُه بعينينا في قلوبنا قانْيينه صَايْنينُه وْح يغنينا دسنا الألم..روسنا عالية..حمام بنانينا سَقّف.. وسكتنا خضرا لبكرة.. يا أبرار وسكة الحلم مفروشة ألم ومرار ....................................