أيام قليلة ويسجل التاريخ لحظات خالدة وهو يحفر اسم مصر بحروف من نور ونحن نحتفل بانتهاء حفر قناة السويس الجديدة.. من حق كل مصري أن يفخر ويفاخر ويرفع رأسه إلي السماء بنجاح وطنه بإتمام هذا المشروع القومي العملاق.. ومن واجب كل مصري في نفس الوقت أن يرفع القبعة وينحني تقديرا وعرفانا بالجميل لكل يد مصرية وكل نقطة عرق كانت تلمع فوق جبين العاملين في حفر القناة الذين أثبتوا للعالم كله أنهم قادرون علي صنع المعجزات.. نعم من حقنا جميعا أن تعرف الفرحة طريقها إلي قلوبنا وسط ما نشهده من حرب البناء والتنمية جنبا إلي جنب مع الحرب ضد الإرهاب التي تخوضها قواتنا المسلحة وأجهزة الأمن.. فرحة حقيقية تغمر قلوبنا بينما تمتلئ قلوب أعداء الوطن بالغل والأحقاد.. من حقنا أن نفرح لكن اسمحوا لي هنا بوقفة يجب أن نفتح لها عقولنا وصدورنا.. واجبنا أن نعلم شبابنا وندرس له قصة هذه الملحمة الشعبية والسياسية فالأفراح لها وقت سوف يتبعه عمل شاق حتي نحصد الثمار والمكاسب الهائلة للإقتصاد المصري.. واجبنا أن يعلم شبابنا قصة هذا الصرح العظيم وكيف تفادي به الرئيس السيسي بمهارة وحنكة سياسية مبهرة كل أخطاء الماضي بحفر القناة الأم.. الفرحة بالإنجاز التاريخي للقناة الجديدة لا تكفي وحدها ويجب ألا تأخذنا بعيدا عن الدروس المستفادة من هذا الإنجاز.. فإذا كانت قناة السويس القديمة قد جلبت علي مصر بسبب الإمتيازات الأجنبية أزمات سياسية وعدوان ثلاثي غاشم فإن قناة السويس الجديدة تحاشت كل أخطاء الماضي فسوف تجلب لمصر كل الخير والرخاء.. كيف ولماذا ؟!.. هذا هو السؤال الذي يجب علي الإعلام ومناهج التعليم وأجهزة التنوير أن تشرحه للمصريين في الأيام القادمة حتي تصبح لاحتفالاتنا معني وقيمة.. قولوا لأبناء هذا الوطن أن فكرة القناة الأم تم عرضها علي محمد علي مؤسس مصر الحديثة مع فكرة بناء القناطر الخيرية وشق الترع، لكنه رفض حفر القناة لكي لا يسمح بتمويلها برءوس أموال أجنبية تنتهي بالتدخل في شئون مصر، ورأي أيضا أن حفر القناة سيجعل مصر عرضة للاستعمار، لكن جاء ابنه سعيد بفكر مختلف وبسبب علاقته بدول الغرب، وبسبب صداقته الوطيدة للفرنسي دليسبس فوافق علي حفر القناة ووقع في الفخ حينما سمح للشركة العالمية التي ستنفذ المشروع بمنحها امتيازا للانتفاع لمدة 99 عاما.. وبالفعل بدأ الحفر واستمر عشر سنوات حتي جاء الخديو اسماعيل لينفق ببذخ بل استدان باسم مصر ليحتفل بالافتتاح عام 1869.. ووقعت مصر تحت السيطرة البريطانية بعد أن غرقت في الديون وسارت خيرات القناة لغير المصريين من الدائنين وأصحاب الأسهم الأجانب.. ظلت مصر تكافح الإحتلال حتي قام جمال عبد الناصر بتأميم القناة فكان الرد إعتداء ثلاثيا علي مصر من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل كي لا تضيع من أيديهم الدجاجة التي تبيض ذهبا إلا أن نصر الله حالف المصريين.. والعام الماضي وبعد أن أختار الشعب المصري قائده وزعيمه عبد الفتاح السيسي في انتخابات ديمقراطية غير مسبوقة كانت هديته الأعظم للشعب قناة السويس الجديدة مستفيدا من أخطاء الماضي بمهارة وحنكة فاقت كل من سبقه من زعماء الوطن وسوف يسجلها له التاريخ كقائد وزعيم سياسي حينما قرر أن تكون القناة الجديدة بما تحققه من دخل قومي هائل بأيد مصرية ورءوس أموال مصرية وأسند المشروع العملاق لأكثر من 20 شركة مصرية كبري فساهم المصريون في ملحمة أبهرت العالم بينما ما قدمه أغنياء وفقراء هذا الوطن من مال في زمن قياسي أعاد به السيسي «حالة الإنتماء « للمصريين بعد أن افتقدوها زمنا.. بل وأصر علي أن يتم حفر القناة في عام واحد بدلا من ثلاثة أعوام وهذه ملحمة أخري.. وبالفعل أعطي إشارة البدء، وكانت مصر تتصرف كدولة ذات سيادة وكرامة تحارب وتبني في وقت واحد.. تعتمد علي الله ثم علي أبنائها دون أن تمد يدها لتستدين.. هذا ما يجب أن أذكر به شبابنا وأعلامنا بما ستحققه القناة الجديدة من مليارات الدولارات الناتجة من عبور السفن العملاقة في الممر المائي الجديد وما ستحققه من مليارات الدولارات من إنشاء مجتمعات بشرية واقتصادية جديدة تدفع اقتصادنا إلي الأمام وما ستحققه من فرص عمل ربما تصل لمليون فرصة جديدة للمصريين.. علينا في نفس الوقت أن نحذر ونحاذر من الحاقدين الذين تمتلئ قلوبهم سوادا مع افتتاح هذا المشروع القومي.. علينا أن نجعل احتفالاتنا عرفانا وشكرا لقائد وزعيم هذا الوطن الذي حرك سفينة مصر نحو بر الاستقرار والتنمية والرخاء المنتظر بإذن الله. مبروك للمصريين.. تعظيم سلام لقائد وزعيم مصر.. اللهم أبعد عنا عيون الحاقدين.. قولوا آمين.