لم تمر الأمة في تاريخها الطويل.. بأسوأ مما تمر به اليوم.. فبينما تتناوشها الأخطار والمحن والفتن من جميع الأطراف.. وتنهش قلبها من الأعماق.. نراها مشلولة عاجزة عن الحراك.. عاجزة عن الدفاع عن نفسها ومقدساتها.. وعن وجودها وهويتها.. إن جرائم تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية.. والسيدة العذراء في العراق.. لم تستهدف أهلنا وإخواننا الأقباط فحسب.. بل إستهدفت المسلمين أولاً.. وإستهدفت الأمة من الماء إلي الماء.. لضربها وتفتيتها وتحويلها الي دويلات متقاتلة متطاحنة.. ونذكر هنا بالمشاريع الإنفصالية التي طرحها المحافظون الجدد في عهد بوش.. والحركات الإنفصالية الطائفية التي تبنوها وأمدوها بالمال والسلاح.. فلم تكن اليد الأمريكية بعيدة عن الخلافات المذهبية في العراق.. ولا في لبنان واليمن.. ولا عن تعميق الفجوة بين المسلمين والأقباط في مصر.. وكل ذلك وأكثر منه.. لتنفيذ "الفوضي الخلاقة" و"مشروع الشرق الأوسط الجديد".. وغيرها من مخططات.. لإعادة تقسيم خريطة المنطقة وتكريس الهيمنة الأمريكية عليها.. وإستنزاف ثرواتها ومقدراتها.. وأخيراً تصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني.. أليس من سخرية القدر أن جنوب السودان يسير نحو الإنفصال المحتوم.. بينما لا نجد رداً عربياً علي مستوي الحدث.. وكأن ما يحدث لا يهم الأمة كلها.. ولا يهدد الأمن القومي العربي..! لقد أصبح واضحا.. أن مسلسل الإنفصال لن يتوقف في محطة بعينها وأن دولا أخري ستلاقي نفس المصير.. وأولها علي ما يبدو العراق.. إذ طالب رئيس إقليم كردستان مؤخرا بحق تقرير المصير للإقليم..! لا نريد أن نضغط علي مواضع الوجع.. ولكن التسليم بما يجري.. هو أخطر ما يواجه الأمة كلها.. إذا عرفنا أنها قادرة علي مواجهة الأحداث والتحديات والمستجدات.. وقادرة علي الإنتصار.. إذا إمتلكت الإرادة.. وسخرت كافة إمكاناتها.. وثرواتها.. ومقدراتها لنصرة قضاياها وفي مقدمتها تحرير القدس والأقصي من براثن الإحتلال الصهيوني.. لقد إنتصرت الأمة في معارك كثيرة.. حينما قررت أن تنتصر.. فردت الغزاة في حطين وعين جالوت.. وجاءت إنتصارات أكتوبر المجيدة لتحطم أسطورة الجيش الذي لايهزم.. وفشل العدو في تحقيق حلمه الأبدي بإقامة دولة إسرائيل الكبري.. إن إقدام المجرمين الظلاميين علي تفجير الكنائس.. والإعتداء علي بيوت الله.. يؤكد أن اعداء الأمة مصممون علي تفجيرها من الداخل.. بحروب إثنية وطائفية.. ومذهبية.. وتحويلها إلي دويلات متطاحنة.. متقاتلة.. وها هو جنوب السودان علي وشك الإنفصال.. وكردستان العراق في طريقه إلي اللحاق به.. بينما يقبع العدو الصهيوني في القدس والأقصي.. ويعمل ليلا ونهارا علي تهويد المدينة.. وطمس معالمها العربية والإسلامية.. وتحويلها إلي »جيتو« يرطن بالعبرية.. كل ذلك يستدعي وقفة حازمة تضع حداً لهذا الليل الدامس الذي طال أكثر مما يجب.. فهل نري النور في هذا النفق المظلم الطويل !؟..