سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سفير مصر في واشنطن في حوار الدبلوماسية الهادئة لا يمكن اختزال العلاقات المصرية الأمريكية في قضية المساعدات
أكدنا للولايات المتحدة أننا لانقبل التدخل في شئوننا من أي طرف
السفير محمد توفيق أثناء حواره مع الأخبار في مكتبه الأنيق بمقر السفارة المصرية بواشنطن تحدث السفير محمد توفيق صاحب الخبرة الدبلوماسية الكبيرة والطبع الهادئ عن الشد والجذب في العلاقات المصرية الأمريكية وعن دور الدبلوماسية الهادئة في تجاوز الخلافات تحقيقا لمصالح مصر وأمنها القومي.. بساطته تشعرك بأنك أمام مواطن مصري وليس سفيرا متقيدا بتقاليد الدبلوماسية.. بدأت الأخبار حوارها معه من آخر تطورات الأوضاع في مصر والانتخابات الرئاسية مرورا بتوقعاته لمستقبل العلاقات بين البلدين ودور مصر الإقليمي في الفترة المقبلة. في البداية ما تقييمكم لرد فعل الإدارة الأمريكية علي فوز المشير عبد الفتاح السيسي بمنصب رئيس الجمهورية بأغلبية كبيرة؟ في الحقيقة كان رد الفعل ايجابيا للغاية معبرا عن عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وابلغ دليل علي ذلك الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس الامريكي باراك اوباما بالرئيس السيسي والذي هنأه خلاله بتوليه المسئولية الجديدة كما عبر عن اهتمام الادارة الامريكية بتطوير العلاقات بين البلدين واستمرار التواصل خلال الفترة القادمة، اكد الرئيس اوباما ايضا خلال الاتصال علي استمرار الدعم الكامل لمسيرة الديمقراطية في مصر. لقد كان هناك ارتباك داخل الإدارة الأمريكية عقب ثورة 30 يونيو ورأينا مؤشرات علي تراجع العلاقات لكن مؤخرا حدث تغير وبدأت واشنطن في تغيير لهجتها تجاه مصر ..كيف حدث هذا التغيير؟ الادارة الامريكية شانها شأن اي حكومة في العالم هناك مؤسسات وادارات وكل منها له تقييمه الخاص لحقيقة الاوضاع في مصر لكن مواقف الادارة في مجملها كانت ايجابية. وكذلك يجب ان ندرك ان العلاقات بين الدول بها منعطفات وبها اختلافات ولكن في النهاية هناك مصالح مشتركة وكانت الادارة الامريكية تؤكد بين الحين والاخر علي اهمية العلاقات مع مصر. وهناك ايضا بعض المؤسسات الامريكية ساهمت بشكل ما في تصوير الوضع بين الدولتين علي انه قطيعة ولكن ذلك لم يحدث. المهم ان هناك ادراكاً واضحاً داخل حكومة الرئيس اوباما بأن مفتاح استقرار الشرق الأسط في يد مصر. البعثة الدبلوماسية وما الجهود التي قامت بها البعثة الدبلوماسية من أجل تغيير موقف الإدارة الأمريكية ؟ أولا السفارة قامت بالعديد من الجهود لتوضيح حقيقة الأوضاع في مصر وتصحيح التشويه المتعمد في وسائل الإعلام الأمريكية وكان التحرك كبيرا جدا. أولا علي المستوي المباشر عبر الظهور في وسائل الإعلام بشكل مكثف وهذا ماقمت به خلال الفترة الماضية وحرصت خلال هذه اللقاءات علي توضيح وجهة النظر الرسمية المعبرة عن أغلبية الشعب المصري الرافض للإرهاب والترهيب. وقمنا بالرد علي العديد من المقالات التي نشرت في بعض من كبريات الصحف الأمريكية والتي تجاهلت تجاهل إرادة الغالبية الكبري من الشعب. الأمر الآخر هو ما قامت به الجالية المصرية التي قامت بمجهود رائع في توضيح الصورة وحقيقة الأوضاع في مصر، وذلك عبر مخاطبات ورسائل مكثفة أرسلوها لأعضاء الكونجرس والبيت الابيض بين الحين والآخر وكذلك إرسال رسائل إلي وسائل الإعلام الأمريكية. وقامت السفارة أيضا مؤخرا بإطلاق مواقع جديدة علي شبكة الانترنت وكذلك حسابات علي مواقع التواصل الاجتماعي والتي كان لها في مجملها تاثير واضح وإيجابي في هذا الشأن. وبين كل هذا لايمكن تجاهل تطورات الأوضاع الداخلية في مصر والتي تمثلت في السير قدما في تنفيذ خريطة الطريق وكان أولها الاستفتاء علي الدستور مرورا بالانتخابات الرئاسية. ان نعيد تأسيس العلاقات المصرية الأمريكية علي أسس جديدة تحقق مصلحة الطرفين . وما هذه الأسس الجديدة من وجهة نظركم..؟ أولا: يجب علي الشعب الأمريكي أن يدرك أن استمرار هذه العلاقات وتطويرها يحقق مصالحه وبالتالي لانجد بين الحين والآخر مطالبات من بعض أعضاء الكونجرس بوقف المساعدات أو تقليصها. فإدراك هذه الأهمية لمصلحة الشعب الأمريكي هو أمر في غاية الآهمية . ثانيا أن العلاقات المصرية الامريكية لايمكن اختزالها قي قضية المساعدات فهناك دور مصر المحوري في المنطقة والكل يدرك أن المنطقة تمر بمنعطف خطير واضطراب لم يسبق له مثيل، وإذا لم تتمكن مصر من بالقيام بدور محوري في المنطقة سيصعب علي الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي احتواء هذه الوضع المضطرب، وسوف يتأثر الغرب أيضا مثلما تتأثر شعوب المنطقة. يضاف إلي ذلك أهمية البعد الاقتصادي في العلاقات بين البلدين فالاستثمار الأمريكي في مصر علي سبيل المثال يتعدي كثيرا قيمة المساعدات. ويجب علينا أيضا في مصر أن ندرك ذلك ونعمل علي استغلال الفرص المتاحة في السوق الأمريكي ونشجع الصادرات من أجل تعديل الميزان التجاري بين البلدين. المساعدات الأمريكية متي تستغني مصر عن المساعدات الأمريكية..؟ كمواطن مصري أتمني أن يأتي اليوم الذي تستغني فيه مصر عن كل المساعدات من كل الدول قريبا. لكن مع ذلك يجب أن ندرك أننا في مرحلة بناء ومرحلة تحول مليئة بالصعوبات والتحديات وتحتاج منا القبول بالمساعدات من الدول الصديقة حتي نصل لمرحلة الانطلاق، وبعدها نستطيع ان نقدم نحن المساعدات لغيرنا مع العلم بأننا نقدم حاليا مساعدات لبعض الدول معظمها أفريقية. وبالتالي فان نظرتنا إلي المساعدات هي أننا نقبلها ونقدمها أيضا لأنها جزء من منظومة التعاون الدولي وتحقق المصالح المشتركة للدول. وما توقعاتكم لمسار العلاقات خلال المرحلة المقبلة..؟ أعتقد أن الفترة السابقة اتسمت بعملية مراجعة للعلاقات وأسسها من قبل الدولتين، ومع استقرار الأوضاع في مصر سيكون الوقت مناسباً لحوار استراتيجي بين البلدين يحدد شكل هذه العلاقات في المستقبل وعلي أي أسس تقوم، وعندما يتحقق ذلك يمكن التنبؤ بمسار العلاقات. ولكن علي الرغم من ذلك أري أن هناك قضايا ستظل محل خلاف وهذا أمر طبيعي في العلاقات بين الدول. قضية الديمقراطية هل تعني بذلك التعليقات التي تصدر عن واشنطن بين الحين والآخر تتعلق بشئون مصر الداخلية كقضية الديمقراطية؟ المسار الديمقراطي في مصر بدأ مع وضع خارطة المستقبل ثم بعد ذلك الاستفتاء علي الدستور الذي يكرس مبادئ حقوق الإنسان والحريات فالمسار الديمقراطي في مصر أصبح أمرا واقعا يتم تنفيذ خطواته تباعا، والديمقراطية لاتتحقق بشكل فوري ولكن علي مراحل ، ولكن المهم هو أن مصر أكدت ليس للولايات المتحدة فقط ولكن لكل دول العالم أنها لن تقبل التدخل في شئونها الداخلية. ما هو تأثير هذه القضايا الخلافية علي العلاقات بين البلدين من وجهة نظركم..؟ أتوقع أن تستمر العلاقات بين البلدين بل ستتطور في المرحلة المقبلة وستكون أكثر وضوحا بما يحقق مصالح الطرفين لأنه في النهاية الذي يحكم تحركنا هنا أو هناك هو مصلحة مصر والأمن القومي للبلاد. وهذه القضايا ليست جوهرية في الخلافات بين الدول . الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن قبله الرئيس عدلي منصور كانا واضحين وحاسمين في عدم قبول التدخل في شئوننا الداخلية من قبل أي طرف، لكن الولاياتالمتحدة في كل الأحوال تدرك الأهمية الاستراتيجية لمصر وأهميتها للمنطقة وهذا أمر ثابت ومعروف لديهم، والنقطة الأساسية في المرحلة المقبلة هي التركيز علي تنوع العلاقات وعدم اقتصارها علي جانب محدد ونسعي لأن يكون التعاون الاقتصادي والثقافي له حيز كبير في العلاقات بين البلدين. فعلي سبيل المثال الشركات الأمريكية لم تغلق مصانعها في مصر رغم كل الظروف التي مرت بها البلاد بل أن بعضها توسع في الفترة الأخيرة وفرص الاستثمار كبيرة أمام الأمريكيين في المرحلة المقبلة أيضا. زيارة نبيل فهمي ماهو تقييمكم لزيارة وزير الخارجية السابق نبيل فهمي إلي واشنطن وماهي أهم نتائجها...؟ الزيارة كانت مهمة جدا وذلك لعدة أسباب، اولها التوقيت لأنها جاءت قبل الانتخابات الرئاسية وكان مطلوبا تمهيد الأجواء بين البلدين وتمهيد العلاقات استعدادا لتولي رئيس جديد للبلاد . ثانيا كما سبق وان ذكرت وهي الحاجة لوضع أسس جديدة في العلاقات بين البلدين. والمشاورات واللقاءت التي أجراها الوزير نبيل فهمي كانت في غاية الأهمية وكان لها أثر كبير في توضيح حقيقة الأوضاع في مصر. وكانت نتائج الزيارة جيدة جدا وخاصة فيما يتعلق بلقاءت الوزير مع أعضاء الكونجرس وكذلك اللقاءات الاعلامية المختلفة. فكانت بمثابة تمهيد للمجتمع الأمريكي رسميا وشعبيا للتفاعل مع المرحلة المقبلة في مصر. لاحظنا في الفترة الأخيرة أن معظم مراكز الأبحاث الأمريكية تتخذ مواقف متحيزة ضد مصر بل وبلغ البعض منها التحريض ضد البلاد..ماهو تفسيركم لذلك..؟ هناك دوافع عدة من بينها اعتبارات ايديولوجية ومنها اعتبارات شخصية . فمثلا هناك عدد من الباحثين روجوا لسنوات عديدة للاخوان باعتبارهم يمثلون الإسلام المعتدل، وعندما تبين بوضوح من خلال الممارسة العملية عدم صحة هذه الفرضية تمسك هؤلاء بمواقفهم ولم يعترفوا بخطأ تقديراتهم وبالتالي أصبحوا في موقف الدفاع عن الاخوان ولكن أيضا الدفاع عن انفسهم يضاف إلي ما تقدم وجود مصالح مؤسسية في هذه المراكز من حيث تشددها للمعاير التي يعتبرونها مؤيدة للديمقراطية بغض النظر عن الظروف التي تمر بها كل دولة علي حدة. التواصل مع الاخوان أمازال هناك تواصل بين الاخوان والحكومة الأمريكية..؟ ليست لدي معلومات في هذا الشأن. لكن هناك بعض المسئولين الأمريكيين صرحوا بوجود اتصالات مع كافة الأطراف في مصر وهو ما لم يتم تفسيره بشكل واضح من قبل الإدارة الأمريكية. هناك من يقول ان مكانة مصر تراجعت خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي.. هل تتفق مع ذلك..؟ الرئيس المعزول مرسي حكم مصر لمدة عام واحد واعتبر أن هذا العام أثر بالفعل علي ثقل مصر الاستراتيجي ودورها الاقليمي التقليدي ولكن ربما ذلك بسبب تركيز الاخوان خلال فترة حكمهم علي منظور الاخوان المسلمين بما يتعدي التركيز علي مصالح الأمن القومي المصري وفي كل الاحوال فان هذه الامور قد يحكم عليها التاريخ وعلينا ان ننظر في هذه المرحلة إلي المستقبل ونحن نعمل في السفارة بواشنطن بتناغم مع كافة أدوات السياسة الخارجية من أجل الانطلاق نحو مصر الجديدة التي تعهد الرئيس السيسي بالعمل علي بناءها.