وكأن المشهد ساخن.. والجدل الدائر في جلسات مجلس الشعب قبل أيام جدل حقيقي.. والخلاف بين المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية خلاف بصحيح.. وكأن الأرقام المتداولة علينا ان نصدقها، ونغمض أعيننا عن تفاصيل الحياة اليومية كيف تبدع أرقامها المختلفة. الحوار حول نسبة الفقر في مصر، والمستشار الملط اعتمد في تقريره علي أرقام البنك الدولي وتقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأممالمتحدة، محددا نسبة الفقر في مصر ب 20٪ في ارتفاع متزايد عن المعدلات السابقة. وزير التنمية الاقتصادية لم يعجبه الكلام، ونفي ارتفاع نسبة الفقر في مصر، وعلي العكس اشار بأن نسبة الفقر تراجعت الي 9.81٪ وان هناك 8.5 مليون مصري خرجوا من دائرة الفقر عام 9002(!) وان ارقام الجهاز المركزي للمحاسبات ارقام قديمة تستند الي تقارير السنوات الماضية! 2٪ »صعودا أو هبوطا« هي محور الخلاف الدائر هذا الاسبوع حول نسبة الفقر... 2٪ صعودا أو هبوطا، بينما مصر في المركز 111 بين دول العالم الاكثر فقرا وفقا لتعريف الفقر بعدم القدرة علي الحصول علي الخدمات الاساسية. ولا ندري أية معايير يقيسون بها، وما هو مفهوم الفقر الذي جعل أكثر من 08٪ من المصريين ليسوا فقراء بمنطق أرقام الحكومة!! أرقام »مضروبة« لا تعني شيئا حين لا تستند الي دقة المعلومات والبيانات والمفاهيم، ولا تقترب كثيرا من تفاصيل الواقع المعاش.. تماما كما سبق وخرج علينا مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء باحصائية حول ان 07٪ من المصريين يشعرون بالسعادة!! في برنامج هزلي بإحدي الفضائيات العربية هذا الاسبوع.. قال الضيف »ارسلت شحنة أدوية الي الصومال، فأعادوها لأن الدواء يصرف بعد الغذاء« وضحك وضحكت المذيعة وضحك الجمهور، رغم ان المجاعة لا تحتمل كل هذا الهزل. بالتأكيد ان نسبة الفقر في مصر مقارنة بالصومال افضل حالا، ربما نصدق فيها أرقام الحكومة.. لكن وفقا لمعايير اخري تنقلب الصورة رأسا علي عقب. فأحد تقارير البنك الدولي يشير الي ان مستوي حياة المواطن الانجليزي = مستوي حياة 001 مواطن هندي!.. تري كم عدد المصريين أمام مستوي معيشة المواطن الانجليزي أو الياباني أو السويسري؟! نسبة الفقر 81٪ أو 02٪ أو حتي 08٪ في مصر، ليست هي السؤال.. الأهم هو مواجهتها .. مكافحة الفقر ربما كان ذلك ما يقصده المستشار الملط في اصراره علي ارتفاع معدل نسبة الفقر في مصر، قاصدا نقد الحكومة، فارتفاع الاداء الاقتصادي لم يقابله ارتفاع في مستوي المعيشة أو انخفاض نسبة الفقر... وهو محور السؤال بالتأكيد! ماذا قدمت الحكومة من مشاريع تنموية لمكافحة الفقر؟ كيف واجهت »الأمية« وهي في احدي تعريفاتها »اعادة انتاج للفقر«؟ ماذا قدم المجتمع المدني؟ ماذا قدم المواطن في مواجهة اخطر الأمراض ذلك هو السؤال الأهم..!