ليست نكتة ما تناقلته وكالات الانباء عن قبول رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي التنازل عن ترشيح نفسه لمنصب رئيس الوزراء المقبل بناء علي الفيتو الذي أعلنته كثير من الكتل السياسية ضده, مقابل قبول تلك الكيانات بترشيح سكرتيره رئيساً لوزراء العراق. وليذهب الدكتور اياد علاوي وقائمته الفائزة الي بان كي مون للشكوي! هكذا ببساطة قالها الرجل الذي تحكم بمقادير العراق طوال السنوات الاربع الماضية ويستقتل للاستمرار في منصبه اربع سنوات جديدة! ولأن المنصب ورثه عن جده قرقوري باشا فهو يقرر بنفسه من يكون الرئيس المقبل.. وهل هناك من هو أكثر ثقة من سكرتيره الشخصي ومدير مكتبه الذي لا يعرف العراقيون شيئاً عنه سوي تردد اسمه في صفقات الفساد وعمليات احتيال ونصب علي مواطنين عراقيين من الجالية العراقية في الولاياتالمتحدة عن طريق جمع ملايين الدولارات بحجة استثمارها في مشاريع إعادة الاعمار وتقاسم الارباح؟! هل هناك أكفأ من هذه الكفاءة لشغل منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة؟ الا ان استهانة المالكي بالمناصب العليا ليست بدعة في السياسة العراقية قبل الاحتلال وبعده. ففي النظام السابق أصبح سائق دراجة نارية في الجيش وزيراً للدفاع، وأصبح أحد جنود حماية رئيس النظام السابق وزيراً للصناعة والتصنيع العسكري. وأصبح أحد خريجي الدراسة الاعدادية (المتوسطة كما تسمي في العراق) وزيراً للثقافة والاعلام. وتولي آخرون مناصب أعلي.. ولكن خللي الطبق مستور! أما في نظام الاحتلال وحكوماته فقد تعلم ملالي بغداد الدرس من ملالي طهران، ولذلك صار صاحب مطعم كوارع وبائع سبح وخواتم رئيساً للوزراء، وأحد قراء البخت من اللاجئين العراقيين السابقين في كندا وزيراً للتربية، وأصبح بائع طعام الماشية (التبن باللهجة العراقية) وزيراً للثقافة، وصار اللطامون في عاشوراء وزراء وسفراء ونواباً في البرلمان وعمداء للجامعات ومستشارين لرئيس الوزراء ومحافظين ومدراء بنوك ووكلاء وزارات. وبدلاً من ان يستعين رئيس الوزراء باحصائيات وتقارير وزارة التخطيط والدراسات العلمية والاكاديمية لتنفيذ مشاريع اعادة الاعمار صار يعتمد علي خطب الجمعة في الحسينيات وحوارات المسلسلات المكسيكية باعتباره من كبار المعجبين بها. لم تعد الشهادات العليا مهمة. فمكاتب التزوير موجودة في بغداد ولها فروع في انحاء العراق. وبامكان أي مرشح لأي منصب ان يشتري شهادة دكتوراه في الانشطار النووي أو شهادة ماجستير في هندسة الفضاء, ويوقع علي عقود لشراء أجهزة لم يرها في حياته مثلما اشتري أحد لصوص وزارة الداخلية أجهزة كشف المعادن في جيوب مرتادي الاسواق التجارية الكبري علي اعتبار انها أجهزة لكشف المتفجرات والسيارات المفخخة والانتحاريين. ويكفي ان نعلم ان أكثر من نصف سفراء العراق في الخارج يحملون شهادات دراسية مزورة. وكذلك الحال مع معظم أعضاء مجلس النواب. ما الغريب، اذن، في ان يرشح المالكي سكرتيره الشخصي ليتولي رئاسة وزراء العراق؟ فهو سمع ان الملك البابلي نبوخذ نصر عين جنايني حدائق بابل المعلقة وزيراً للري، كما عينت الملكة سميراميس الحفافة الخاصة بها وزيرة لحقوق الانسان، فلماذا نستكثر علي دولة رئيس الوزراء ان يعين سكرتيره وحامل حقيبته وفاتح باب سيارته رئيساً للوزراء خلفاً له؟ فهو خير خلف لخير سلف. ومنا المال ومنه البنون. في السنوات الأخيرة للنظام العراقي السابق امتلأ ديوان رئاسة الجمهورية بعشرات الدجالين من قراء الفناجين وورق اللعب والبلورة السحرية وضاربي الودع وقراء الكف ليقدموا المشورة في حالة قيام الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن بشن حرب علي العراق. وقد أجمع كل هؤلاء الدجالين علي ان بوش لن يجرؤ علي شن تلك الحرب لانه جبان وعميل للامريكيين! أما اليوم فتمتلئ المنطقة الخضراء بالاف الدجالين والنصابين والمستشارين ممن يحملون شهادات مزورة من معاهد الملالي الايرانية. وبين هؤلاء سكرتير المالكي الجديد لتولي منصب رئيس الوزراء الذي سيحل كل مشاكل العراق والشرق الاوسط وما وراء البحار! كاتب المقال: كاتب عراقي