تستعد مصر في هذه الآونة لإجراء أهم وأقوي انتخابات برلمانية في ظل تطورات مهمة يمر بها المجتمع المصري تمثلت في الحراك السياسي بين طوائف الشعب المختلفة ونشاطاً فكرياً مفتوحاً لكل الآراء ، لم يكن مألوفاً من قبل سواء للمواطنين، أو للمنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان، وهو ما أدي إلي زيادة الوعي السياسي لدي المواطنين، وتنامي شعورهم بأهمية الانتخاب وضرورة المشاركة في الإدلاء بأصواتهم لاختيار من يمثلونهم في البرلمان القادم ومن ثم ادرك المواطن قيمة صوته الانتخابي ومدي تأثيره في اختيار نوابه وتأتي سخونة تلك الانتخابات لعدة أمور، أولها وجود مفرزات جديدة في الشارع السياسي لم تكن موجودة في الانتخابات السابقة، سواء تعلقت بأزمات واضربات جماعية أو فردية أو كانت اتهامات لأعضاء البرلمان وبالتالي تأثر مراكزهم القانونية، واهتزاز الثقة الشعبية فيهم الأمر الذي دفع الكثير من الذين يرون في أنفسهم النزاهة والأمانة التي افتقدها هؤلاء علي خوض التجربة البرلمانية سواء كانوا حزبيين أم مستقلين، وثانيها الوعي السياسي بالشارع المصري عن ذي قبل، نتيجة الحراك الحزبي والإعلامي الذي يشهده المجتمع خلال هذه المرحلة في إطار حرية الرأي والتعبير، التي يسعي إليها الكثيرون، وثالثها يتمثل في تولي السلطة التنفيذية المتمثلة في أجهزة الأمن مسئولية تأمين العملية الانتخابية بمرحلتيها الأولي والإعادة بعد أن كانت تتم تحت مظلة الإشراف القضائي الكامل، والواقع أن ما يدور بالشارع المصري ينحصر في تخوف البعض من أن تأتي الانتخابات غير نزيهة يسهل فيها التزوير من قبل السلطة التنفيذية، علي الرغم من أنه لا أحد يستطيع أن يتنبأ بنجاح أي من المرشحين، حتي ولو كان وزيراً والأمور في هذا الوقت لا تخرج عن كونها تكهنات وإشاعات فضفاضة لا ترتكز لأية حقائق والدليل علي ذلك ما يحدث في أرقة الحزب الوطني للذين تقدموا بأوراقهم للمجمعات الانتخابية، ولا أحد يعلم من سيختاره الحزب ليمثله في الانتخابات حتي آخر لحظة، أما عن ما يردده البعض بمحاولة التشكك في نزاهة الانتخابات القادمة، فإنه مردود عليه بكفاءة جهاز الأمن وخبرة رجاله وقيادته في التعامل مع اعتي الأحداث التي لا تقل في أهميتها عن الانتخابات البرلمانية وهو ما تأكد في العديد من المناسبات الدولية حيث أشادت العديد من الدول والمنظمات الدولية بكفاءة وقدرة أجهزة الأمن المصرية في مواجهة والقضاء علي أخطر الجرائم أضف إلي ذلك وجود رقابه قضائيه حقيقية في كل الدوائر من خلال اللجنة العليا للانتخابات ورؤساء اللجان العامة والفرعية من القضاة والمستشارين وهنا نتساءل من الذي يستطيع أن يتحمل تزوير الارادة الشعبية خاصة بعد توجيهات السيد / رئيس الجمهورية بأن تكون الانتخابات حرة نزيهة يتساوي فيها جميع المرشحين لتكون إرادة المواطن هي الأساس في نجاح أي من المتنافسين، وأيضاً تعليمات السيد / حبيب العادلي وزير الداخلية، للأجهزة الأمنية المختلفة بإلتزام الحيدة الكاملة والتعامل الراقي مع جميع المرشحين علي قدم المساواة، وتقديم جميع التسهيلات في قبول طلبات الترشيح وعدم التدخل بأي حال من الأحوال للتأثير علي الناخب لمصلحة مرشح علي آخر، والسماح للمنظمات الحقوقية الوطنية ومنظمات المجتمع المدني بمراقبة العملية الانتخابية بعد حصولها علي التصريحات اللازمة من الجهات المختصة، ولا شك أن تلك التوجيهات والتعليمات من أهم الضمانات العملية التي تضمن نزاهة الانتخابات القادمة لأنها صدرت من رأس الدولة والتزمت بها السلطة التنفيذية، وعلي الرغم من ذلك تبقي واحدة من أهم ضمانات العملية الانتخابية، لأنها بيد سيد القرار، وهو المواطن الذي يجب أن يعلم أن ما يتمناه من نزاهة وحيدة لا يمكن تحقيقها الا بتدفق الناخبين بإصرار وعزيمه علي صناديق الاقتراع، وفرض إرادتهم التي لا يستطيع أحد أن يهدرها، أو يقهرها، وإلا يعطوا اهتماماً بتلك الآراء والاتجاهات المحبطة، التي تسعي بكل الوسائل، إلي بث اليأس والإحباط في نفوس المواطنين، بإقناعهم بأن الدولة " ستأتي " بمن تريد فكل هذه الأساليب والأفكار قد عفي عليها الزمن، ولم يعد لها تأثير، وأصبحت من الأشياء المألوفة للمواطنين، ومن ثم باتت ترفضها، ولا يعبثون بأي منها، إلا السعي للحصول علي أكبر قدر من الضمانات، تؤمن إرادته في نجاح الانتخابات البرلمانية القادمة .