ألم يأن للذين فجروا أن يتعظوا من نزلاء طرة؟ أما آن لكل راكب لشيطان الشر أن يستوعب حكمة التاريخ؟ الواضح أنهم لم يتعظوا، فقط هم يظنون بأنفسهم- وكل ظنونهم إثم- أن قضبان السجن لن تحتويهم، وماهم عنها ببعيد حتي لو ظلوا طلقاء، فما أصعبه من سجن بلا قضبان ذلك الذي تتأسس زنازينه في صفحات التاريخ وتكون قيوده لعنات الآخرين. جناية نخبة الشر علي شعب مصر الصابر أنهم استغلوا أمية الكثيرين منه، واستمرأوا الكذب والتضليل، حتي صدقوا ما صنعته أراجيفهم وحاكته أباطيلهم فوصلوا بالشعب إلي حالة من التمرد والعصيان حتي لتلك النخبة. ما إن قامت الثورة حتي انطلقوا يبشرون الشعب بعهد زاهر بعد زوال حكم المخلوع، وضللوا الناس عن طبيعة فترات ما بعد الثورات فبشروه بجنة قريبة وهم يعلمون استحالة ذلك، لم يذكروا للناس صعوبة الفترات التي أعقبت الثورات الكبري في العالم كله، وأكتروا لذلك من كانت عقولهم في أرجلهم وسخروا القنوات الرياضية للسياسة، واستعبدوا من كانت عقولهم في »وسطهم« وقلبوا القنوات الفنية إلي ابواق سياسية، وهي ذات الأدوات التي استغلها المخلوع: نجوم الكرة ونجوم الفن. وهكذا وقع الشعب في شراك خديعتهم فإذا به يواجه الصعوبة تلو الأخري، ليكفر شيئاً فشيئاً بالثورة، ويكتشف زيف الجنة الموعودة وبات يسترحم الله علي الماضي الكئيب، ولجأ إلي التمرد والهياج الذي تلون كثيراً بلون الدم جراء ما نصبه له شرار النخبة من شراك الخديعة. لقد كان علي نخبة المثقفين ودارسي التاريخ وعلوم السياسة ان يعملوا قدر جهدهم علي تهيئة الناس لمراحل صعبة قبل ان يبدأ البناء من جديد، لكنهم - الا من تاهت اصواتهم وسط التضليل- فعلوا بهم العكس وارتكبوا أكبر كذبة في حق الوطن ظنا منهم بإمكانية عودة الشيخ الي صباه، أو في آخر الأمر أن يقفزوا من السفينة التي ملأوها ثقوباً إلي قوارب أمانهم، وما هم ببالغين أمانا، وما السفينة بغارقة، حفظا من الله وتحقيقا لوعده لهذا البلد الأمين. الرحمة ياناس حتي الفضائيات الدينية لم تبرأ من الذين أقحموا الدين حيث يجب ألا يقحموه. بعض من يدعون الي الله - كما هومفترض - وقعوا في الفخ وانجروا الي مواطيء المزايدات التي يبرأ منها الدين والخلق القويم، ولم يستوعبوا درس البعد عن مواطن الشبهات ووقعوا في الحمي الخطأ. أحد من يتكلمون باسم »الأمة« ضرب تحت الحزام غيره ممن يتحدثون باسم »الناس« وقال ان ميزانية قناته -هو- أقل من تكلفة برنامج واحد عند هؤلاء، وفي ذلك ما فيه من لمز وتعريض بالتمويل واصحابه وأغراضه والتعاون مع أمن الدولة المنحل. لو كان هؤلاء وهؤلاء يبغون وجه الله فقط ما لمزوا بعضهم تعريضا وتصريحاً وما تدثر بعضهم بالغترة »الخليجية« بدعوي أنه »الحافظ« لدين الله، ولأدرك أن »الناس« ترجو من الله »الرحمة« من بعض من لم يحفظوا للدين وقاراً وتباروا مع سخافات التوك شو علي القنوات الأخري حتي وقع أحدهم في خطيئة علي الهواء في حق الله تعالي، وتاب في حلقة أخري ولم يدرك وغيره حكمة قوله تعالي »ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن«. يا أولي الألباب أعجب لمن يهاجمون باسم يوسف وإخوانه وهم من يعدون لهم من حلقاتهم وبرامجهم مادة السخرية منهم. ونصيحتي لهم من غيور عليهم أن يشاهدوا ما يقدمونه ويقولونه بألسنتهم لعلهم يقطعون علي باسم وإخوانه معينا لا ينضب من السخرية برجال الدين ومايرمزون اليه بدعوي حرية التعبير: قال الامام الشافعي رحمه الله: نعيب زماننا والعيب فينا ومالزماننا عيب سوانا ويقول حال مصر حديثاً: نعيب »التوافه« والعيب فينا وما »للتوافه« نبع سوانا