أحاول جاهدا أن انتشل نفسي من احزانها علي حادثة مقتل 52 تلميذا تتراوح اعمارهم بين: 6-13 عاما من تلاميذ احد المعاهد الأزهرية بمحافظة اسيوط بعد أن مزق القطار اجسادهم فتناثرت اعضاؤهم ولم يتبقي علي الطريق الحديدي إلابقايا كتب وكراسات ومساطر واقلام كانوا يستخدمونها.. ورحت ابحث عمن يستطيع أن يدفع حق هؤلاء الابرياء؟ ورغم يقيني التام أن دماءهم الذكية لا تقدر بمال وأن اموال الدنيا كلها ستعجز حتما عن ذلك الا ان المحاولة واجبة وجبر القلوب الجريحة »فرض عين« علي الصغير والكبير. ولا يخفي علي القارئ الكريم أن القواعد القانونية الحاكمة »لنظرية الخطأ« وعلي الأخص لجريمة »القتل الخطأ« في قانوننا العقابي المصري تحتاج إلي إعادة نظر من قبل المشرع بل تحتاج إلي تدخل »عاجل« وقد عرضت المادة »238« من قانون العقوبات المصري اربع صور لجريمة القتل الخطأ علي النحو التالي: الأولي: ما يعرف عند فقهاء القانون الجنائي »بالصورة البسيطة« وقد نصت عليها الفقرة الأولي بقولها »من يتسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والانظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه أو إحدي هاتين العقوبتين. الثانية: ونصت عليها الفقرة الثانية بقولها »وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي خمس سنين والغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولاتزيد علي خمسمائة جنيه او احدي هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة اخلال الجاني اخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته او مهنته، او كان الجاني متعاطيا مسكرا او مخدرا او نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة او عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك »هذه الصورة تعرف بجسامة الخطأ« الصورة الثالثة: وتنص عليها الفقرة الثالثة بقولها »تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة اكثر من ثلاثة اشخاص »هذه الصورة تعرف بجسامة الضرر« الصورة الرابعة: وهي اجتماع جسامتي الخطأ والضرر وتكون العقوبة الحبس من ستة إلي عشر سنين. وواضح من ملاحظة النص أن عليه عدة ملاحظات: 1- أن العقوبة في مجملها هينة وضعيفة »الامر الذي فتح الباب للإستهانة بالارواح حيث تأتي مصر علي رأس الدول في حوادث الطرق »عشرة آلاف قتيل سنويا« 2- آنه آن الأوان لتجريم »الضرر شديد الجسامة« والخطأ شديد الجسامة بالقواعد العقابية المقررة للجناية وذلك تحقيقا للردع العام. 3- أن الحبس الوجودي للجاني سيعيد الأمن للطريق ويقضي علي عبس السائقين والمؤتمنين علي أرواح الناس. 4- الأخذ بالدية المقررة بمقتضي الشريعة الاسلامية لما تحمله من معني »العقوبة والتعويض معا« رحم الله أبناءنا وحفظ مصرنا.