تثبت إسرائيل يوماً بعد يوم أنها تعارض السلام كما يراه وينتظره المجتمع الدولي وليس المجتمع الفلسطيني وحده. ومنذ تولي »أحمدي نجاد« رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرة بالانتخاب الصحيح، ومرة ثانية بالتزوير المفضوح وهو ينافس إسرائيل في موقفها الرافض لسلام المنطقة. لست صاحب هذه المقولة. فالمعارضة الإيرانية هي التي قالتها و تقولها بمناسبة الزيارة الاستعراضية التي قام بها »نجاد« للبنان في الأسبوع الماضي. ففي بيان مفتوح وجهته »جماعة الصحفيين والمفكرين الإيرانيين في المهجر« إلي الشعب اللبناني، لتحذيره من خداع الرئيس الإيراني المطعون في مصداقية انتخابه رئيساً لفترة حكم جديدة جاء فيه: [نفس الخداع الإسرائيلي يمارسه النظام الإيراني. فلقد شهد العالم كيف أن طهران عارضت كل أشكال السلام في المنطقة. يؤكد هذا ما نشرته صحيفة »كيهان« التابعة للولي الفقيه الذي هو الرسام الأول للسياسة الخارجية الإيرانية تنديداً بعملية السلام في المنطقة، ورفض جميع الاتصالات والمفاوضات التي تتم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ليس هذا فقط بل إن رئيس تحرير تلك الصحيفة »حسين شريعتمداري« نشر أن كل من يتحدث عن عملية السلام يجب التعامل معه ك »عميل، وخائن« لأن السلام مع الصهاينة يعني تنفيذ مؤامرة أمريكية ضد العالم الإسلامي! أما لماذا ترفض إيران السلام في المنطقة، فإن الإجابة أنقلها عن صحفيين إيرانيين يقيمون في المهجر حالياً ونشروها علي موقعهم المتميز:»النداء الأخضر للحرية«، وتقول: [ما يجب علي العرب التأكد منه، والاعتراف به، هو أن الجمهورية الإسلامية استفادت، وتستفيد خاصة في زمن زعامة الولي الفقيه الحالي من نشوب واستمرار الأزمات في منطقتنا. فهي تتكيء علي الأحاسيس الأيديولوجية لشعوب المنطقة، وتعمل علي بسط نفوذها، وسيطرتها، داخل البلدان المستقبلة والمرحبة بهما! النظام الإيراني لا يأبه للدماء النازفة في الحروب الأهلية المنتظرة في هذا البلد أو ذاك، بفضل أفراد الحرس الثوري وعملائهم من المخدوعين، والمضللين، والمتورطين. والأهم من هذا كله أن تستمر إيران في تصعيد حربها اللفظية ضد »العدو« الإسرائيلي الصهيوني.. بمناسبة وبدون مناسبة حفاظاً علي حسن ظن السذج من العرب الذين صدقوا أن »أحمدي نجاد« يمكن أن يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، فما بالك بالتهديد بمحو اسمها من فوق الخريطة؟! تختتم المعارضة الإيرانية رأيها مؤكدة: [إن سياسات ومواقف إسرائيل وإيران تصب في خانة واحدة. فالأولي في صالح مصالحها، والعكس صحيح]. وإذا ابتعدنا قليلاً عن معارضة الصحفيين والمفكرين الإيرانيين لنظام الحكم في بلادهم، فسنتوقف أمام معارضة أبطالها من السياسيين الذين يعادون »أحمدي نجاد« دفاعاً عن الشعب، أو دفاعاً عن أنفسهم. أبرز هؤلاء اسمه: »د. رضا خاتمي« وكان يرأس حزب »جبهة المشاركة« إلاّ أن زبانية »أحمدي نجاد« قاموا بحل الحزب واعتباره كأنه لم يكن! »رضا خاتمي« لا يعارض الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل علي العكس يهيم حباً بها، وعشقاً في مؤسسها الراحل:»الخوميني«. يكفي أن الرجل »رضا خاتمي« هو زوج السيدة» زهرة إشراقي« التي يتصادف أنها حفيدة خوميني. وتزداد »أهمية« الرجل إذا عرفنا أن »رضا خاتمي« هو شقيق »محمد خاتمي« الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية الإيرانية. المعارض الناشط »رضا خاتمي« لم ينس ما فعله »أحمدي نجاد« به، و بزوجته »زهرة«، عندما أمر بالقبض عليهما في أحداث 2009 احتجاجاً علي تزوير الانتخابات الرئاسية كما أمر بحل حزبه السياسي، إلي جانب تحرشه الدائم بشقيقه: »محمد خاتمي«. ويبدو أن الناشط :»دكتور رضا خاتمي« صدم في الاستقبالات التاريخية التي كانت في انتظار »أحمدي نجاد« في لبنان بدءاً من وصوله مطار بيروت الدولي، مروراً بشوارع وميادين العاصمة، وصولاً إلي قاعات وساحات التحامه بجماهير الشيعة من أنصار ومحبي حزب حسن نصر الله: اللبناني الجنسية، الإيراني الهوي والقلب والعقل! أمسك »رضا خاتمي« بقلمه وخط رسالة مفتوحة وجهها إلي »حسن نصرالله« استهلها قائلاً: [ فيما تستقبلون في بلدكم لبنان السيد/محمود أحمدي نجاد إستقبالاً حاراً باعتبار أنه رئيس الجمهورية الإسلامية، ونظراً للروابط العميقة التي تجمع شعبينا، فنحن شعب إيران يهمنا أن يكون استقبالكم له كممثل للجمهورية علي أساس سياسة عدم التدخل في شئون بلدكم الداخلية، ومن أجل المصالح الوطنية اللبنانية ودعم المقاومة. ونتمني عليكم كما علي كل خبير بالسياسة أن تعرفوا حق المعرفة إلي أين وصلت مكانته أي »نجاد« في نظر شعب إيران]. .. وأواصل غداً. إبراهيم سعده [email protected]