محمد عرفة أشعر بآلام وأحزان عظيمة كلما سمعت عن حادث إرهابي يتم فوق رمال أرض الفيروز لأن عشقي لسيناء لا يمكن وصفه بالكلمات وعندما يطلق الإرهابيون الرصاص أو المتفجرات ويقع الضحايا سواء كانوا من الأهالي أو أفراد الجيش أو الشرطة تنهال دموعي غزيرة .. خاصة عندما نسمع أن مرتكب هذه الحوادث فيلق إرهابي يتشكل من عدد من أبناء سيناء ومعهم بعض المنتمين للمنظمات الإرهابية كالقاعدة ويحزني أكثر أن يكونوا من أبناء فلسطين أو الدول المجاورة وكلها حوادث كانت ومازالت تستهدف أمن هذا الجزء الغالي من مصرنا الحبيبة.. ولكن الملاحظ في الأيام الأخيرة ازدياد معدل الهجمات الإرهابية في سيناء وازداد معها ضبط الأسلحة المهربة عبر الحدود سواء كانت من ليبيا أو السودان أو الحدود مع إسرائيل وهي أسلحة حديثة ومتطورة جداّ ولكن للأسف في كل ضبطية تقوم بها قوات حرس الحدود أو الشرطة لم يتم التوصل إلي المهربين الكبار لهذه الأسلحة أو حتي إلي من كانت تتجه إليهم ولا المنظمات أو الخطط الإجرامية التي كان المجرمون يجلبون لها هذه الأسلحة بل بعد كل حادث نجد أن ما ينشر عن مرتكبي هذه الجرائم معلومات لا تخرج عن كونهم تشكيلا إرهابيا يستهدف أمن مصر ولم نسمع عن محاكمات جادة ومعلنة أو أحكام رادعة لوقف هذا العدوان الصارخ علي أمن مصر وسيناء ..وهذا ما يجعل الأمن يبدو للبعض مفقودا أو مازال داخل معركة إثبات وجود ضد الإرهاب. وبعيدا عن جهود القوات المسلحة والشرطة في تتبع الارهابيين في سيناء وهي جهود عظيمة لا يمكن إنكار ثمارها.. إلا أننا يجب أن نتفهم بضعة حقائق تدور حول ميراث الغضب الذي يعاني منه أبناء سيناء منذ نكسة 67 وأنهم عاشوا طويلا في ظل الاحتلال الصهيوني الذي استطاع أن يزرع هويته البغيضة وكراهيته لمصر في نفوسهم وجعلهم يشعرون بأن إسرائيل هي وطنهم وأن سيناء هي أرضهم مادامت القوات الإسرائيلية تحاصر بيوتهم وتتحكم في حياتهم .. ولكن بعد 73 وهذا النصر العظيم في أكتوبر وعودة سيناء إلي حضن مصر ..تصور أبناء سيناء أن كل أحلام التنمية ستتحقق وأنهم سيتملكون أراضي سيناء ويشاركون في افتتاح المشروعات والمصانع والمزارع الضخمة عوضا عن حياة الخزي والقهر قبل العبور العظيم ولكن كانت عجلة التنمية التي أتبعت لتنمية سيناء بطيئة ولم تحقق الطموح السيناوي خاصة أن هناك جانبا كبيرا من الشباب الذين عادوا مع عودة الأرض كانوا متأثرين بحياة الغرب والفوضي واللامسؤلية التي عاشوها طويلا بفعل التأثير الإسرائيلي .. والتاريخ لا ينكر أن بعض هؤلاء الشباب تزوجوا من فتيات مجندات بالجيش الإسرائيلي واللاتي بقين معهم في سيناء كتعليمات من دولتهم بهدف إنجاب أبناء تزرع فيهم الأم اليهودية الحب لإسرائيل ويحملون في الوقت نفسه الجنسية المصرية نسبة لأبيهم وتعلمهن أن حدود بلادهم من النيل إلي الفرات وأن سيناء أرضهم وأرض أجدادهم اليهود ..كما أن الفراغ الذي وجد فيه بعض أبناء سيناء أنفسهم فيه بعيدا عن اهتمامات الحكومة المصرية جعلهم لا يشعرون بالانتماء الحقيقي لمصر فتاجروا في المخدرات والتهريب وزراعة البانجو في الأراضي الخصبة بالوديان و أعالي الجبال وأصبح من السهل علي المنظمات الارهابية جذبهم للانضمام إليهم وتنفيذ الخطط الاجرامية لحسابها ضد مصر ..وللأسف هذه حقائق لايعترف بها الكثير منا والدليل أن معظم مجالس العرف التي تجري بين المسئولين عن الأمن و شيوخ القبائل في سيناء تنتهي دائما بالتصالح والحب ولكن بعد ساعات أو أيام تقع حوادث إرهابية أخري ولا أحد يقدم المجرم الجاني.. ألم يحن الوقت لنفتح ملف ميراث الغضب السيناوي بكل شجاعة وشفافية وعدل لنعيد الأمن المفقود لسيناء؟؟..