سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخبير الإعلامي الدگتور عدلي رضا في حوار ل » الأخبار « الصحف القومية ملك للشعب وتتمتع بحريات أكبر بعد الثورة
حبس الصحفيين مرفوض تماما ونفتقد ثقافة الحوار
أدعو إلي إنشاء مجلس أعلي للقنوات الفضائية يتولي محاسبة الخارجين عن المهنية
الخبىر الإعلامى د.عدلى رضا يعد ضمن أحد كبار الخبراء في مجال الأعلام.. فهو يتمتع برؤية الأستاذ والناقد.. أمضي أكثر من 35 عاما في حقل التدريس بالجامعات ، ساهم خلالها في تخريج العديد من الاعلاميين المتميزين الذين يشرفون بالانتماء لمدرسته. الدكتور عدلي رضا رئيس قسم الاذاعة والتليفزيون بكلية الاعلام جامعة القاهرة والحاصل علي العديد من الجوائز آخرها جائزة الدولة التقديرية قدم في حواره ل " الأخبار" وصفا دقيقا للمشهد الاعلامي الحالي، واكد رفضه لحبس الصحفيين ، كما انتقد الفوضي التي تسود العديد من الفضائيات.. وقدم حلولا للقضاء عليها نقرأها في الحوار التالي : بداية : كيف تري المشهد الإعلامي الحالي؟ المشهد الحالي يؤكد أن العمل الاعلامي لايستند الي القضايا الملحة في المجتمع بقدر مايستند الي عناصر تقوم علي الاثارة وجذب الجمهور علي حساب المضمون الاعلامي الذي يجب أن يقدمه. لهذا أدعو الي وجود استراتيجية تحكم أداء الاعلام المصري بكل عناصره سواء كان اعلاما قوميا أو اعلاما خاصا ، بحيث يؤدي في النهاية الي أن يكون الاعلام في خدمة المجتمع وقضاياه بما يساعد علي أن يساهم الاعلام في تطوير المجتمع ونهضته. فما نحتاجه هو التوازن بين ما يطرح من برامج تركز علي السلبيات وجوانب القصور في المجتمع وبين البرامج التي تدعم بناء وفكر الانسان وخصائصه ، فالاعلام يجب أن يساهم في جعل الانسان أكثر ارتباطا بوطنه وأكثر وعيا وقدرة علي المشاركة في قضاياه. فالتركيز علي السلبيات حول نظرة الانسان للمستقبل الي نظرة سوداوية ولم يعد هناك أمل في الغد لدي العديد من الأشخاص. فالاعلام لابد أن يعطي الناس أملا في بكره ، حتي يشاركوا في بناء هذا البلد. فنحن نعيش حالة من الفوضي يطلق عليها فوضي الفضائيات. طالما بدأنا الحديث عن الفضائيات.. ماتقييمك لها ؟ علي الرغم من أن القنوات الفضائية فتحت مجالا للحرية والرأي والرأي الأخر وربطت المواطن بهموم مجتمعه الا أن بعض مماراستها السلبية أدت الي كوارث أشهرها علي الاطلاق ما حدث في مباراة مصر والجزائر والذي نتج عن تحريض بعض الاعلاميين من الرياضيين الذين لعبوا علي وتر الاثارة ، وجاءت بعدها كارثة استاد بورسعيد ، والتي لعب فيها الاعلام غير المسئول دورا أيضا .وأتوقع لو استمر نفس الأداء الاعلامي ستحدث كوارث أخري. وهل تقع المسئولية علي القنوات.. أم مقدمي البرامج ؟ بعض القنوات الفضائية تعمل اما علي أجندات خاصة تخدم مصالح أصحابها ، أو وفقا لأجندات تخدم مصالح مقدمي البرامج أكثر من سعيها لمصلحة المجتمع .فعدد كبير من مقدمي البرامج في الفضائيات يري في نفسه أنه زعيم سياسي ومفكر يستطيع تحريك المجتمع علي هواه ، وهذا خطأ كبير فمقدم البرنامج من المفترض أنه شخص ينوب عن الجمهور في ادارة الحوار مع ضيوفه ،ومن ضمن التحيزات التي نراها أن مقدم البرنامج يدير الحوار بطريقة تبدو ديموقراطية ، لكنه يوجه الحوار وفقا لأجندة المحطة من خلال استعانته بضيوف مستأنسين يظهرون أمام الرأي العام أنهم يمثلون الرأي والرأي الآخر ، لكنهم في الحوار في النهاية لتحقيق هدف معين.. وأود أن أؤكد أن الحرية لاتعني استباحة كل شيء.. فالحرية لها ضوابط في الممارسة فلابد أن تقف عند حدود حرية المجتمع. فالعمل في مناخ من الحرية لايعني علي الاطلاق اساءة استخدام اللفظ أو الهبوط بلغة الحوار أو توجيه الاتهامات أو تشويه صور الأشخاص أوتسفيه الأراء. فالموضوعية الاعلامية تتطلب الحيادية فيما يقدم من موضوعات ، لكن هناك بعض الأشخاص يتصورون أن الحرية تعني السب والتشويه وتلفيق التهم ،والاعلام المهني لابد أن يبعد عن كل هذه الممارسات الخاطئة. كما لابدأن يبعد الاعلام عن اختلاق موضوعات ليس لها وجود . ألا تري أن نقص المعلومات سبب انتشار هذه الممارسات ؟ لاشك أن نقص المعلومات يؤدي الي انتشار الشائعات.. ونحن في ضرورة ملحة الي صدور قانون حرية تداول المعلومات بما لايمس الأمن القومي للبلاد. فالاعلامي الذي يعمل تحت ضغوط يحتاج الي الحصول علي المعلومات الدقيقة لنشرها أو تقديمها، لهذا فالمسئولية تقع علي الدولة في توفير المعلومات بما لايمس الأمن القومي .و لابد من وضع تشريع ينظم تداول المعلومات بحيث يستطيع الاعلامي ممارسة عمله بكفاءة أفضل وتقديم معلومات دقيقة ، وحتي يكون المجتمع الاعلامي مجتمعا علميا لا يعتمد علي الفهلوة في الحصول علي المعلومات ونضمن أن الرسالة التي تصل الي الجمهور رسالة صحيحة سواء في الاذاعة أو التلفزيون أو الصحافة أو الانترنت ، ولابد أن ننتبه الي أن كثيرا من مواقع الأنترنت قد لاتستند الي الموضوعية فيما تقدمه لهذا لابد من وجود أداة تنظم عمل هذه المواقع بصفة خاصة وكافة وسائل الاعلام بصفة عامة. ماذا عن الحرية ؟ حرية الاعلام هي جزء من الحريات العامة ويجب أن تتمتع بها وسائل الاعلام لأقصي درجة ممكنة ، ولا أمل في تطور ديموقراطي بدون حرية الاعلام .فبناء مصر الجديدة يبدأ من هذه الحرية . والي أي مدي تري أن الاعلام يتمتع بالحرية ؟ أري أن الاعلام يتمتع بحرية معقولة نأمل أن تزيد لأنها ضمانة للمستقبل ،ولكني مع الحرية التي يحسن استغلالها في الممارسة المهنية للاعلام حتي لاتتحول الي فوضي ، فنحن نحتاج الي حرية مسئولة. هل توجد لدينا ثقافة حوار وتقبل الآخر ؟ ينقصنا في مصر تعلم ثقافة الحوار ، فالحوار مفقود بشكل كبير بين الأبناء والأباء. كذلك بين المدرس وتلاميذه. وأستاذ الجامعة وطلابه. المجتمع كله مسئول عن ضعف ثقافة الحوار. واذا سلمنا بأن أساس الديموقراطية هو الرأي والرأي الأخر.. هذا لايمارس بالكلام ، ولكن بتقبل الأخر و علي سبيل المثال نجد في كثير من البرامج أن المتحدثين أناس مثقفون ورغم ذلك لايحترمون أراء بعضهم البعض . المجتمع في حاجة الي دعم ثقافة الحوار يبدأ من البيت ويصل الي وسائل الاعلام. و البداية من توسيع قاعدة المشاركة. فأري أن من يتحدثون في مختلف وسائل الاعلام فئة قليلة جدا ومختارة.. والقنوات لاتعطي الفرصة لكل شرائح المجتمع للمشاركة. وأدعو أن يكون لدينا قاعدة واسعة في مصر للمشاركة في مناقشة قضايانا. فمصر فيها 90 مليون شخص ولايمكن أن يكون 50 شخصا فقط هم المرجعية و يمثلون مصر في مناقشة جميع مشاكلها. فلابد من اعطاء فرص عادلة لكل التيارات ولكل الشرائح فمن غير المعقول أن نجد من يتحدث عن الشباب هم العواجيز . في رأيك كيف نضبط الأداء الاعلامي ؟ بالنسبة للصحافة فالمجلس الأعلي للصحافة موجود وهو الذي ينظم شئون المهنة ، لكن بالنسبة للفضائيات أقترح انشاء مجلس أعلي للقنوات الفضائية تكون مهمته منح التراخيص وفقا لمجموعة من الضوابط ،وهذا معمول به في كثير من بلدان العالم ،فليس من المعقول منح تراخيص انشاء قنوات فضائية دون ضابط أو رابط. وما أهم هذه الضوابط ؟ أن يكون هناك هدف واضافة ستقدمها القناة الجديدة من خلال الخدمة الاعلامية المقدمة للجمهور فعلي سبيل المثال لدينا كثرة هائلة في القنوات الرياضية والدينية فلابد من الاهتمام بالمجالات الأخري مثل القنوات الشبابية علي سبيل المثال ، ولابد من التأكد من تقديم مضمون اعلامي يخدم المجتمع. وأعتقد أننا لسنا في حاجة الي مزيد من قنوات المسلسلات والأغاني. بما أننا ذكرنا قنوات الأغاني والمسلسلات.. ماذا عن قنوات الرقص ؟ المضامين الاعلامية المقدمة في أي قناة لابد أن تحترم قيم المجتمع وعاداته وتقاليده. ومن يحاسب المتجاوزين ؟ المجلس الأعلي للقنوات الفضائية الذي أدعو الي انشائه و يتم اختيار أعضائه من شخصيات عامة محايدة مشهود لها بالعمل من أجل الصالح العام وتكون مهمته ضبط الأداء الاعلامي ومحاسبة الخارجين علي القواعد المهنية.. وأوكد هنا أنني ضد غلق أي قناة أو صحيفة ، أولا نحن في عصر تكنولوجيا المعلومات فلو قمت باغلاق قناة فهناك من الوسائل مايكفي لنقل نفس الرسالة. لكني مع التزام القنوات بأداء مهني.. فالعاملون في القنوات الفضائية لابد أن يكونوا مؤهلين لهذا العمل ، خاصة وأن كثيرا منهم غير مؤهلين بالفعل. بماذا تقصد بغير مؤهلين ؟ أقصد غير الحاصلين علي مؤهلات اعلامية.. فلابد من حصولهم علي دورات اعلامية قبل خوض العمل في هذه القنوات فالموهبة وحدها هنا لا تكفي . وماذا عن قنوات المذيع الواحد ؟ هناك فارق كبير بين انشاء قناة لخدمة المجتمع وبين انشائها لتسخيرها لغرض شخصي لخدمة فرد. فأنا ضد استغلال القنوات وملؤها بالاثارة والسب والعري . هل تري أن غلق القنوات هو الحل ؟ المجلس الأعلي للفضائيات ستكون مهمته أيضا محاسبة الخارجين عن حدود اللياقة والمهنية. في حالة قيام مقدم برامج علي سبيل المثال بإشاعة أخبار كاذبة أوسب أشخاص علنيا.. وغيره من المخالفات.. تكون العقوبة بالتدرج.. فتبدأ أولا بالانذار ..واذا مارس خطأ مرة أخري يتم فرض غرامة مالية عليه.. واذا تمادي الشخص نفسه في أسلوبه الخاص يتم ايقافه عن العمل لمدة محددة ، ولكن لانلجأ بأي حال من الأحوال الي اغلاق القناة. فهنا نحن نعاقب من أخطأ. فاغلاق أي قناة أو صحيفة ضد الحريات العامة. . وما رأيك في قرارات الغلق التي اتخذت مؤخرا ؟ ربما القواعد الحالية في قانون الاستثمار لاتعطي المرونة في تدرج العقوبات، لهذا لابد أن نشرع في انشاء المجلس لضبط الأداء. فوضي الشارع الي أين ؟ اذا كنا جادين في بناء مصر ليست الاعتصامات أو فوضي الشوارع هي التي ستحل مشاكلنا. كل من يحب مصر لابد أن يسارع الي العمل. ولا يكون حب مصر مجرد شعارات جوفاء بل أفعال. واذا عملنا بإخلاص سنحول وجه مصر الي صورة مشرقة خلال فترة قصيرة. فلابد من تأجيل مصالحنا الشخصية وطلباتنا الفئوية ونغلب عليها المصلحة خلال الفترة القادمة. واتمني أن نعتمد علي أنفسنا ونحقق اكتفاء ذاتيا من خلال مواردنا ولانضطر لاستيراد قوتنا من الخارج . ماذا عن حرية الصحافة ؟ أعتقد أن الصحف القومية تتمتع بحرية كبيرة بعد الثورة. وحرية الصحافة ليست قضية صحفيين فهي قضية مجتمع بأكمله. ولابد ان ننتظر لنري التشريعات الاعلامية التي ستصدر وحجم الحريات التي ستمنحها هذه التشريعات.. فاذا كانت حريات تدفع الي الامام سنضرب تعظيم سلام للاخوان المسلمين واذا وجدناها منقوصة فالمجتمع لن يصمت. وماذا عن حبس الصحفيين ؟ حبس الصحفيين مرفوض تماما.. وكما اقترحت تدرج العقوبة في الفضائيات فلابد أن تبدأ بالانذار ثم الغرامة المالية ثم الوقف. لكن لايحبس الصحفي في قضايا الحريات والنشر. وأنا مع اصدار تشريع يمنع حبس الصحفيين نهائيا في قضايا النشر. ما رأيك في اسلوب اختيار القيادات الصحفية ؟ الصحف القومية هي ملك للشعب. ولابد أن يقوم المجلس الأعلي للصحافة بوضع آلية جديدة لاختيار القيادات الصحفية.. واقترح تشكيل مجمع انتخابي من الجمعية العمومية في كل مؤسسة لاختيار من يقودها.. وذلك أسوة بتجربة انتخاب القيادات بالجامعات. ويتم تشكيل مجمع انتخابي من الجمعية العمومية يكون أعضاؤه منتخبين.. وتتولي اللجنة اختيار رؤساء التحرير وبشرط أن يكونوا من أبناء المؤسسة. كيف تري مستقبل الصحافة الورقية ؟ طبيعة القراءة الورقية تمثل عادة لدي الكثيرين.. ولا أعتقد ان الصحافة الورقية ستندثر ربما تتواري في المستقبل ويقل الاقبال عليها بصورة أكبر من الوقت الحالي ، وفي ظل المنافسة الحالية أعتقد أنه من الضروري أن تقوم الصحف باصدار طبعة صباحية وطبعة مسائية بدلا من طباعة طبعة ثانية وطبعة ثالثة ، وذلك حتي تسطيع تقديم خدمة أسرع للقاريء.. بدلا من الانتظار الي اليوم التالي وتكون الفضائيات والمواقع الالكترونية قد قدمتها للجمهور. ماذا عن سعي البعض الي تملق الرئيس ؟ أعتقد أن الرئيس ليس له ذنب في ذلك، فالعيب في أصحاب المصالح وليس في رئيس الجمهورية فهم يسعون الي فرعنة الرئيس لتحقيق مطامعهم الشخصية. ولابد من وجود رقابة ذاتية من الصحفيين أنفسهم لقطع الطريق علي هؤلاء.