برلماني: توجيهات الرئيس السيسي تضع على عاتق الحكومة الجديد مسؤولية كبيرة    «رئيس قوي عاملة النواب» يشيد بتكليف الرئيس السيسي ل «مدبولي» بتشكيل الحكومة    محافظ أسيوط يشهد احتفالية مشروع منظمة العمل الدولية «فرصة»    آبار بترولية وغازية جديدة على خريطة الإنتاج.. واستثمارات إضافية ل«ظهر»    الدكتور سمير صبري: الحكومة الجديدة عليها دور كبير في ملف الوعي    وزير البترول الأسبق عن الحكومة الجديدة: عليها النزول للشارع والتواصل مع المواطنين    وزير التجارة والصناعة يبحث مع وفد "كرافت هاينز" العالمية ضخ استثمارات بمصر    «كلوديا شينباوم».. صاحبة «نوبل» أول امرأة تقود المكسيك    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    تقارير: لاكازيت أحدث المنضمين إلى الدوري السعودي    رسمياً.. اتحاد الكرة يعلن انضمام عمر كمال إلى معسكر منتخب مصر بدلاً من أحمد فتوح    مصدر ليلا كورة: إقالة ريمون هاك رئيس لجنة الانضباط في كاف.. وتعيين سنغالي بدلاً منه    حقيقة رحيل العشري من الاتحاد السكندري بعد فضيحة كأس مصر (خاص)    سفر بعثة حجاج الجمعيات الأهلية بالإسماعيلية إلى الأراضي المقدسة    قوات الاحتلال تقتحم بلدة برقا شرق رام الله بالضفة الغربية    غادة طلعت تنضم لأبطال فيلم «بنسيون دلال» مع عمر متولي وبيومي فؤاد    حزب الريادة: حكومة مدبولي قدمت العديد من الإنجازات في وقت بالغ الصعوبة    قبل عقد قرانه على جميلة عوض.. 9 معلومات عن المونتير أحمد حافظ    مهرجان ظفار الدولي للمسرح يطلق استمارة المشاركة في دورته الأولى    دور العرض ترفع أحدث أفلام بيومي فؤاد من شاشاتها قبل موسم عيد الأضحى    عضو "الفتوى الإلكترونية" ل قناة الناس: هذا وقت استجابة الدعاء يوم عرفة    الكشف على 417 شخصاً بالقافلة الطبية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يشارك في افتتاح مؤتمر ومعرض صحة أفريقيا 2024    قائد القوات الجوية يلتقى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى لوزارة دفاع صربيا    إضافة «الطب البشري» لجامعة حلوان الأهلية    شركة الريف المصرى الجديد تنفذ 66 مشروعًا رئيسيا و 66 فرعيًا فى 6 سنوات    جولة لرئيس جامعة القاهرة للاطمئنان على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات    البابا تواضروس يستقبل السفير التركي    سلوت لا يمانع بيع صلاح    آخرهن جميلة عوض.. جميلات الفن في قفص الزوجية والخطوبة - صور    كوريا الجنوبية تستضيف قمة إفريقية لتعزيز أطر التعاون مع القارة    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    وظائف متاحة للمعلمين في المدارس المصرية اليابانية.. رابط التقديم    تعديل تركيب بعض القطارات بخط «القاهرة- الإسماعيلية».. السبت    8 وجبات تساعد الطلاب علي التركيز في امتحانات الثانوية العامة    متى تذهب لإجراء فحوصات تشخيص مرض السكر؟.. «الصحة» تُجيب    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    نائل نصار أمل الفروسية المصرية في أولمبياد باريس    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    «بلاش نعمل هيصة ونزودها».. شوبير يحذر قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. وتكليف مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب المبدع محفوظ عبدالرحمن:»مرسي« أعاد البرلمان لإلهاء الناس عن مشروع المائة يوم!
نشر في الأخبار يوم 12 - 07 - 2012

بمجرد أن دخلت بيته في مدينة 6 أكتوبر وبدون مقدمات، ورغم أننا لم نتقابل من فترة طويلة.. أخبرته بحالتي النفسية التي تأثرت بما يحدث في بلدنا الآن، وعلي الفور ردد لي نفس كلماتي عندما قال: ومن في مصر الآن ليست حالته النفسية غير متعبة.. ومن أجل أن يخفف عني وعنه هذه الحالة اقترح الكاتب المبدع محفوظ عبدالرحمن أن نتحدث عن 3 موضوعات هي في غاية الأهمية وهي السياسة وثورة الجياع والدستور.. فوافقت مسرعاً لأنها تقريباً نفس المحاور التي جئت إليه من أجلها ولأجل إجراء حوار معه.. وربما كان الأستاذ محفوظ يقصد من ذلك أن نتجنب الفن والابداع بأشكاله.. ورغماً عني وعنه تطرق الحديث أيضاً إلي الابداع ومشاكله خاصة في ظل حكم التيار الإسلامي.. فتعالوا إلي التفاصيل.
نريدك أن تحدثنا أولاً عن المشهد السياسي في مصر الآن.. فماذا عن المشهد؟
مصر تمر الآن بفترة صراع سياسي فظيع وسوف نتحدث عن ذلك بالتفاصيل المطلوبة.. إنه بالفعل صراع سياسي شديد الشراسة.
أحداث كثيرة
وماذا عن أطراف هذا الصراع؟
كما قلت لك منذ لحظات سوف أحدثك عن كل ذلك بالتفاصيل. ولكن الحاجة الثانية والتي لابد أن نشير إليها في هذا السياق أننا علي وشك الدخول في حادث لم ننتبه إليه حتي اليوم وهو ثورة الجياع هذه الثورة التي أراها قادمة لا محالة.. وهناك بخلاف ذلك أحداث نعيشها الآن ولن نتوقف عند حدث بعينه مثل الذي تم الإعلان عنه منذ أيام حول قرار رئيس الجمهورية بإعادة البرلمان وأعماله.. ذلك لأن كل ما يحدث الآن أن كل واحد منا أصبح يدافع عن شيء حصل عليه أو يريده، أو يمكن الحصول عليه، بكل ما يملك من أسلحة مشروعة وغير مشروعة، في حين أنني أري أن هذه المسألة هي أبسط من كل ذلك.. وأنت تعرف أن السياسة تقوم علي فكرة الأخذ والعطاء، وفيها أيضاً تعفف.
وهل كل ما تحدثنا عنه غير موجود؟
هو غير موجود علي الاطلاق، خاصة موضوع ارتباط العفة بالعمل السياسي، وليس ذلك فقط بل ان هناك أفعالا ومواقف تتخذ وهي خارج نطاق العمل السياسي بدليل أننا نعيش الآن معركة يا قاتل يا مقتول.
أطراف الصراع
نعود للسؤال السابق ونسألك من خلاله عمن هم أطراف هذا الصراع؟
إن القوي العظمي المسيطرة الآن علي الساحة السياسية هي القوي الدينية والتيار الاسلامي بل وأكثر من ذلك أقول لك ان كل أطراف المجتمع في مصر الآن أصبحت متصارعة، ففي ظل سيطرة التيار الديني نجد أن الباقي يريد أن يأخذ مكانه وهم ممثلون في الليبرالية واليسارية وغيرهما.
نسينا الوطن
وأين مصلحة الوطن بل وأين مصر في داخل هذا الصراع؟
للأسف الشديد وإن كانوا هم ليسوا ضده، وفق ما أعتقده وإنما أعتقد في الوقت نفسه أنهم نسوا هذا الوطن وفي ظل هذا الصراع وفي هذا السياق أقوله إن كل واحد داخل حلبة هذا الصراع يبحث عما سوف يحصل عليه إذن هنا تجد المصلحة شخصية وممزوجة بالسياسة.
وأنا هنا أعتقد ذلك هو مرادف للجوع والفقر، وأقصد به هنا الفقر السياسي. وهذا معناه بل وجميعنا لم يحصل علي أية أنواع من السلطة أبداً وطوال السنوات الماضية. إذن نلاحظ هنا وجود نوع من الجوع للسلطة إلي حد الالتهام.. وهذا يفسر لك أن كل من يجد أمامه شيئا علي الفور يستولي عليه بل وأكثر من ذلك تراه هنا علي استعداد لكي يسيل الدماء من أجل هذا الهدف. إذن أصبحنا في وضع يرفض عدم الحصول علي الغنيمة أو حتي يقتسمها مع آخرين.
الحرب الأهلية
وماذا عن نتيجة كل ذلك؟
النتيجة هنا للأسف الشديد ستكون سيئة للغاية، بل ومرعبة إلي حد أنني لا أستطيع أن أقولها.. لأنني أري هذه النتيجة ربما تؤدي إلي حرب أهلية وهذا معناه أن الصراع داخل الساحة السياسية في مصر الآن شديد للغاية لأنه يهدف إلي إقصاء الآخرين.
وفي تصورك.. لمن ستكون الغلبة في هذا الصراع؟
أنا أعتقد أنه لا أحد من القوي الموجودة سوف يكسب، وإن كله سوف يكون خسراناً وسوف يهزم.
حكماء التيارات
نريدك في هذا السياق أن تحدثنا عن كيفية حدوث التوافق الذي تتمناه؟
علي حكماء جميع التيارات السياسية أن يتدخلوا ويجتمعوا، من أجل تنفيذ خطة طريق، ويتم فرضها علي منظماتهم وأعضائها وأحزابهم.. وهنا نجدها خطوة في سبيل إيجاد هذا التوافق وعلي هؤلاء الحكماء أن يقنعوا أفراد جماعتهم بأنهم إذا ما حصلوا علي كل شيء الآن فإن ذلك سوف يكون سبيل إحراقهم أو النقمة عليهم من كل أطياف المجتمع.
وهل تتخيل أن التيار الإسلامي المشبع بشهوة السلطة لديه قناعة بضرورة القيام بهذا الدور؟
أنا لا أتصور أنه ليس التيار الإسلامي وحده بل أصغر تيار من التيارات الموجودة وحتي من الأحزاب التي بها سبعة أشخاص.. لديه استعداد لتقديم أي نوع من أنواع التنازلات، وحتي التيارات التي ليس لها رصيد في الشارع أيضاً تدعي أن لها تاريخا عريقا.. وفي نفس الوقت إننا جميعاً نعلم أن هؤلاء ليس لهم دور في المجتمع إذن نحن نعيش الآن فترة بلا قواعد.
حالتنا الآن
إذن نريدك أن توصف لنا الحالة التي نحن فيها الآن؟ فماذا تقول؟
يا أخي العزيز تري أنه في أي مجتمع من المجتمعات هناك نوع من التقييم لكل رموز المجتمع والاعتراف بأدوارهم وبالتالي تجد أن هناك التزاما بهذا التقييم ولا يستطيع أحد أن يقفز عليه قفزة مخلة، وبالتالي نجد أنه يوجد حدود معترف بها، من هنا أعود وأؤكد لك أننا الآن نلعب بلا قواعد، أنت تري أن كل واحد منا أصبح يدعي أي شيء وكل شيء.
سمعت لك عدة آراء عن ثورة 52 يناير.. فماذا عن تلك الآراء بعد مرور كل هذه الفترة؟
المدعون بحق الثورة أصبحوا كثيرين جداً، وبما أنني مؤمن بلغة العيون فإن تقديري لهم عندما يتكلمون عن هذه الثورة أشعر بأنهم يكرهون هذه الثورة وهذا يبدو بوضوح حتي في تعبيرات وجوههم ونبرات أصواتهم.. وربما يكون الدافع نحو ذلك هو رغبته في اغتصاب الثورة لذاته وبالتالي يصبح هو المعبر عن هذه الثورة.. وطبعاً في ثورات العالم هناك أناس يدعون المشاركة في هذه الثورات وهذا صحيح ولكن في ثورتنا رأيت أن المدعين كثيرون جداً، وهذا ناتج ليس من الحالة التي وصفناها من قبل ولكن، ناتج من ان هذه الثورة باعتبارها إحدي ثورات العالم جاءت بلا قيادة ولا تنظيم، ولا أهداف.
ودعني هنا أضرب لك مثالاً واحدا يوضح لك ما أقصده.. تصادف أنني كنت أشاهد نقلاً حياً من ميدان التحرير في إحدي المرات التي كانت بها المظاهرات هناك وكنت فاقد التركيز إلي حد ما.. لأنني اعتبرت ذلك لقاء عادياً ولكنني فوجئت بأن هناك شخصية تم تقديمها من خلال هذا البث الحي، ولفت أنظاري أنه كان منسق ائتلاف كذا وزي ما قلت لك من قبل كننت أشاهد ذلك بنصف تركيز وفجأة تنبهت بأنني أعرفه وأعرف أنه نصاب.. فرفعت سماعة التليفون وأخذت أتحدث مع أصدقائي من الذين يعرفونه وهم غير مصدقين ما أنقله لهم.. فطلبت منهم فوراً فتح القناة التليفزيونية ومشاهدة ما أقوله.. كل ذلك جعل أي أحد الآن يأتي ويقول أنا الذي فجرت هذه الثورة، وأنا الذي شاركت فيها وكهذا، وبالنسبة لي فأنا لا أصدقه.. فهذا يحدث صحيح في كل الثورات ولكن ليس بهذا القدر من الانفلات والادعاء، وهذا سببه غياب من يملك ان يقول أن هؤلاء أو غيرهم هم الذين فجروا هذه الثورة.. وربما يأتي ذلك بعد فترة مثلما حدث مع ثورة 32 يوليو حيث تم الاعلان عن أسماء 99 شخصية أسهمت في هذه الثورة.. وأيضاً في ثورة 9191، وأنت تعرف أن أكثر من اسهموا فيها هو عبدالرحمن لفهمي، ومع ذلك لم يذكر تاريخياً إلا مؤخراً.. رغم أنه كان من أهم الشخصيات التي صنعت هذه الثورة، وهذا رأي العديد من المؤرخين وهذا معناه أن لا أحد يضيع حقه في نهاية الأمر.
دور الرئيس
وما الدور الذي يجب أن يقوم به الرئيس الجديد في لم شمل هذا المجتمع؟
أنا أعتقد أن عليه الدور الرئيسي، وكما قلنا من قبل الاقتراح الخاص والذي يتضمن ضرورة أن يجتمع كل ممثلي التيارات السياسية المختلفة داخل المجتمع، فإنني وفي هذا السياق أعتقد أن الرئيس مرسي يستطيع أن يقوم بذلك بمفرده.
وكيف يتم له ذلك؟
عليه أن يدرك تماماً أن المسألة ليست غنيمة وإنما المسألة ترتبط بالأدوار التي يؤديها كل واحد في المجتمع.. وأنا أشك أن أيا من هؤلاء يهتم بأن لكل منا دورا قام ويقوم به.. ويمكن أصحاب التيار الإسلامي علي وجه الخصوص وللأسف الشديد لأنهم يعيشون حالة من حالات الشعور بالفوز بالغنيمة وتراهم يقولون في هذا السياق: لقد استولينا علي الغنيمة، ولن نتنازل للآخرين.
صفة التنوع
وماذا عن خطورة هذا الموقف؟
إنه لا يحل المشكلة.. ولابد أن تعرف أننا مجتمع يتميز بالتنوع وأعظم فتراته انسجاماً كانت في كثرة هذا التنوع وبالتالي حين يتم التضييق علي هذا التنوع تبدأ الصراعات وهذا التنوع يشمل كذلك كثرة الاتجاهات، وبعض هذه الاتجاهات ليس لديها من يعبر عنها سياسياً.. لأننا لا نملك تاريخاً سياسياً أو تاريخ ممارسة السياسة ودعني هنا أضرب لك مثالاً نعيشه جميعاً.. الأقباط ليس لديهم أي تنظيم سياسي، والمرأة كانت ليس لديها ذلك أيضاً. ودورها كبير جداً.. ومع ذلك فهناك حالة من التحجيم لهذا الدور، بل وبات دوراً منحصراً، حتي إنك حين تري مؤتمراً في التحرير ضد التحرش، تجد الناس هناك يتحرشون بالنساء!! وهذه بالفعل تعد نكتة.. وهي مسألة غريبة جداً.. وليس هؤلاء وأولئك فقط، بل هناك المثقفون الذين لم نعد نسمع لهم صوتا ولا حركة.. بل رأينا من لا يريد أن يستمع إليهم ولا هم لديهم القدرة علي إخراج صوتهم!.
وما السبب في ذلك من وجهة نظرك؟
إن قضية المثقفين ترتبط تاريخياً بكل الأنظمة التي حكمت مصر.. حيث أدركت كلها ومن آلاف السنين أن المثقف شخص كريه وبالتالي يخافون منه.. لأنه ممكن أن ينتصر أو يعارض أو هكذا تصور هؤلاء الحكام.. إذ تراه هنا يتحمل كراهية كل الأنظمة وعلي مر كل العصور.. وعندما نتحدث عن العصر الحديث نجد أن شخصية مثل رفاعة الطهطاوي ورغم ما قدمه للثقافة والفكر في مصر إلا أنه ضرب ضرباً شديداً ومن ثم أرسلوه كناظر مدرسة ابتدائي في السودان.. من هنا نجد أن المثقف وعادة هكذا ليس ذلك فقط، بل ان أقل الفئات دخولاً في مصر هم الكتاب والمفكرين.
دور المثقف
من هنا لابد وأن أسألك.. كيف يكون للمثقف دور بارز في الفترة القادمة؟
هذا دور أراه شديد الأهمية، وخاصة إذا استثمرنا ثورة 52 يناير في بناء مجتمع صحيح هنا يبرز دور المثقف الذي يجب أن يعبر عن نفسه وعن المجتمع ثم يطرح آراء وفي حرية كاملة.. ولكن في الفترات السابقة تجد هناك نغمة بعيدة عن ممالأة السلطة إذن هناك ميراث سييء لاظهار المثقف لذلك أنا في حيرة بشأن الذين يهاجمون المثقف وأنت تري أن كل القوي المتسلطة داخل المجتمع كانت ضد المثقف.
وماذا عن رؤيتك لنظرة المثقف في الجمهورية الثانية؟
أرجو أن يكون للمثقف صوت ورأي، وهو لا يمكن أن يتم الاستغناء عنه علي الاطلاق، ذلك لأنني أري أن دوره هو دور رئيسي في شرح وتوضيح ما لا يعرفه الآخرون؟
وهل من أجل هذا الدور الذي تدعو إليه من الممكن أن يحدث صراع بين المثقف وبين أصحاب الأفكار المتشددة من غيرهم من التيارات الأخري؟
التيار الإسلامي له أفكاره وله المؤمنون بهذه الأفكار ولأسباب كثيرة تظل شائعة، وطول عمرنا نسمع ذلك.. وطول عمرنا لدينا مثقفون إسلاميون وليس لهم علاقة بالتيارات الإسلامية الموجودة حالياً وهم مستقلون ولهم أفكارهم وأنا أري أن الإسلام عنصر أساسي وهاما جداً في أفكارنا وتراثنا ومحاولة فهمنا للأشياء.
ليس صراعاً دينياً
وفي ظل ذلك.. ما هو في رأيك سبب ما يتردد عن وجود صراع؟
الصراع ليس له علاقة بالدين.. انه ليس صراعاً دينياً بل هو صراع سياسي، وقضية الثقافة هنا هي قضية اخوان وأعتقد أننا وكلنا نلاحظ ذلك أنه حدث ومنذ السبعينيات، انهيار ثقافي شديد، وتوقيته وفق اجتهاد مني بدأ منذ عام 4791 أو 5791 مع الانفتاح الاقتصادي، وكانت لدينا قبل هذه الفترة أهداف.. ولكن بعد هذه المرحلة.. تم الاعلان عن انتهاء كل شيء.. آخر الحروب، والأيام القادمة هي أيام الرخاء وبناء علي ذلك ضاعت الثقافة لأنها كانت جزءا من مكونات شخصية الانسان المصري آنذاك.
ولماذا قبل المثقفون هذا الموقف الذي كان ينبيء بانحسار دورهم في المجتمع؟
لم تكن لديهم القدرة علي فعل أي شيء آنذاك في ظل الهيمنة والقوة البوليسية وفي ظل تواضع دخول المثقفين أيضاً ونحن في هذا السياق من دول العالم التي لا تمنح مفكريها المشاركين في الندوات أية مبالغ مالية! وهنا سوف أضرب لك مثالاً علي أوضاع المثقفين المصريين مادياً.. ذلك لأن لي صديق عربي خرج من الجامعة وأصبح متفرغاً الآن للمشاركة في الندوات ليس كمتحدث بل كشاعر يلقي قصائده هنا وهناك ولذلك تراه يعيش عيشة هنية مما يحصل عليه من هذه الندوات.
وهل يمكن للمثقف المصري أن يصل إلي ما وصل إليه غيره؟
أريد أن أقول إن الأنظمة وبجميع ألوانها وأنواعها.. لم تعط هذه الفرصة للمثقف المصري بل وأقول لم تعط المثقف هذه الفرصة علي اعتبار رؤيتنا المتفائلة للمستقبل.
ثورة الجياع
في البداية.. ذكرت لي موضوعين هامين لابد من الحديث عنهما الأول الوضع السياسي وقد تحدثنا عنه. فماذا عن ثورة الجياع؟
لقد كنا نعيش في وضع قبل ثورة 52 يناير يتسم بالمأساة وبالتالي كنا جميعاً مدركين أن هناك ثورة قادمة، وأحياناً أشخاص من السلطة كانوا يتحدثون، معنا عن ذلك أيضاً.. بل وكانوا يشيرون بأن هناك ثورة جياع متوقعة، وربما نكون نحن ضحية هذه الثورة، لأننا سنكون أمام هؤلاء الثائرين أو في وش المدفع زي ما بيقولوا.. ولذلك كان هناك قطاع كبير من المفكرين ومن المثقفين الذين كانوا يشعرون بالقلق من هذه الثورة.. لأنها كانت آتية وثورة 52 يناير لم تحل المشكلة.
كلامك السابق يجعلني أسألك.. وبعد عام ونصف من هذه الثورة.. مصر إلي أين؟
قلبي يقول وكياني كذلك ينبئاني بأننا سوف نذهب إلي الأفضل ولكن المشاهد والمعطيات تدل عكس ذلك.. لأننا نري يومياً من هم يعطلوننا من أجل الوصول إلي هذا الأفضل، ومع ذلك قلت في نفسي رغم الذين يعطلون المسيرة إلي الأفضل، سوف تصل إلي هذا الأفضل رغماً عنهم ولكنني أقول لك بصراحة لقد أصبحت في شك من تحقيق ذلك، لأننا كلما نخطو خطوة إلي الأمام ومنذ 52 يناير.. تراناً نعود خطوتين.. إذن نحن لا نتقدم.
وما الأسباب في ذلك؟
أسباب هذا هو الصراع علي التملك وبالذات تملك السلطة وهذا يعيدنا لما سبق وتحدثنا عنه وبالذات عن شهوة السلطة، مثلما كانت بالضبط شهوة المال قوية جداً في النظام السابق، ومازالت إلي الآن قوية وقد اضيف إليها شهوة السلطة أيضاً لأنه في النظام السابق أنت لم تكن تفكر في السلطة لأن الطريق إليها كان مغلقاً أما الآن فالسلطة أصبحت ممكنة، وليس ذلك فقط، بل كل ذلك جعل التفكير لدي الناس في السلطة أكثر من تفكيرهم في المال.
سلطة المال
وهل في تصورك.. تري أن النظام الجديد وحبه لشهوة السلطة سوف يساند سلطة المال؟
أعتقد هذا.. لأن كل الخيارات الموجودة، ليس فيها خيار خاص بالناس خاصة ال54٪ من الذين تحت خط الفقر وهم الذين يعيشون الآن بيننا حياة لا إنسانية وتري هنا أنه لا توجد قوة من القوي الموجودة داخل الساحة مشغولة بهؤلاء.
وحتي في ظل ما أصبحنا نسمعه من وعود كثيرة كررها الرئيس مرسي كثيراً في خطاباته؟
هي وعود عامة وأراها وعودا طيبة وإنما الأمور في الدولة لا ينظر إليها كوعود فقط.
إذن أنت وبناء علي كل هذه المعطيات تتوقع ثورة ثانية ولكن للجياع؟
ثورة الجياع هذه لم تبدأ بعد.. وما حدث أن ثورة 52 يناير قد أجهضت ثورة الجياع.. لأنها كانت قادمة بالفعل.. وبالتالي مازالت تلوح في الأفق رغم كمية الاحلام والوعود التي بدأنا نسمع عنها مؤخراً.. وبالتالي أقول إن ثورة الجياع مؤجلة في ظل هذه الأحلام وتلك الوعود.. وتقدر تقول إن بوادرها ظهرت مؤخراً في هذه الصور التي نراها كل يوم في التجمعات الكبيرة للناس علي أبواب قصر الرئاسة.. وعلي من يقول لنا غير ذلك عليه أن يقدم التبرير ويقول لنا لماذا لن تأتي ثورة الجياع هذه؟ إن لدينا معطيات كثيرة لأننا نعيش في مجتمع به فقر شديد جداً وثراء شديد جداً أيضاً.
وهل لديك إحساس بأن النظام الجديد والممثل للتيار الإسلامي يعلم ذلك؟
أنا أعتقد أنه يعلم كل ذلك لأنه ليس أحد في مصر لا يعلم كل ذلك.. كل الناس تعلم أن هناك ثورة قادمة.. وهي ثورة جياع حتي الأغنياء والفقراء يتوقعون ذلك بل وكل التيارات السياسية وأيضاً الدينية.. وبالتالي فإنني أري أن النظام الجديد لابد وأن يكون مدركاً ذلك إلا إذا اقتنع أنه فوق الثورة.
مشروع المائة يوم
وهل تري أن مشروع المائة يوم وتحقيق ما ارتبط بالعيش والأمن والمرور وخلافه.. كان مصدره إحساسهم ببوادر هذه الثورة؟
لقد فهمت أنا هكذا.. ومشروع المائة يوم بالفعل فهمت القصد من ورائه هكذا.. وقد اعتبرتها سبيل تحقيق الاحتياجات الأساسية، وانما من حيث التطبيق نلاحظ انه في الاسبوع الأول ليس هناك دليل علي وجود رغبة لعلاج هذه المشاكل.. ودعني أقول لك وأرجو أن يكون ذلك احساسا خاطئا من جانبي لكن في الوقت نفسه أنا أفهم أن يُطلب من الناس أن يتركوا الرئيس لتحقيق ذلك وخلال الفترة المنوه عنها ولكنهم في الوقت نفسه يلجأون إلي اتخاذ قرارات توصي بعدم الاهتمام بهذا الشأن مثلما حدث مؤخراً بالنسبة لقرار الرئيس والذي أعلن فيه عودة مجلس الشعب رغماً عن قرار المحكمة الدستورية العليا.. وعايز أقولك إننا جميعاً نريد مجلس الشعب كبرلمان للبلد.. ونحن حريصون عليه، ولكن بشكله الطبيعي وعلي فكرة. عندما أوقفت المحكمة الدستورية العليا أعمال مجلس الشعب.. الناس في الشارع لم تحزن بل بالعكس فرحت جداً وقوبل بارتياح وهذا دليل علي أنه لم يكن مقبولاً من قطاع عريض من الناس.
عودة للوراء
إذن أنت تري أن قرار الدكتور مرسي بإعادة مجلس الشعب هو عودة للوراء؟
ليس فقط عودة للوراء لأن عودتنا إلي الوراء لم تعد مشكلة الآن فإننا كل يوم نعود الي الوراء، ولكنه فجر قضية كان هدفها شغل الناس والمجتمع واهتماماته عن الحاجات المطلوب تحقيقها في المائة يوم.. وبناء علي ذلك نتوقع مظاهرات وانقسامات داخل المجتمع، وبالتالي دعنا نتساءل هنا.. وهل الرئيس ما يزال في عزلته المفروض تطبيقها من أجل مشروع المائة يوم أم لا؟! وسؤال آخر. طيب ولما يصدر مثل هذا القرار كيف يمكن ان يتفرغ لتطبيق ذلك؟!
مأساة الدستور الجديد
وأخيرا نسألك عن مأساة الدستور الجديد.. ونقول في هذا السؤال.. وهل ما يحدث بشأن الدستور الجديد هو جزء مما نعاني منه الآن؟!
الحقيقة أنني أري ان أكبر معلم من المعالم الموجودة والذي يدل علي أن الصراع القائم في المجتمع إنما هو صراع غير صحي هو قضية الدستور. والا ماذا عن هذه الشراسة الشديدة في التعامل مع قضية الدستور؟ يعني خذ عندك اللجنة الدستورية. لقد كنت أتوقع أن أحد المثقفين الموجودين لدينا سوف يجلس ليكتب اسماء مائة شخص ويجتمعون في سعة صدر وصراحة ورحابة أفق من أجل كتابة الدستور وإنما فوجئنا بأن كل عضو. داخل اللجنة التأسيسية يريد فرض أفكار تياره وثانيا:إبعاد شخصيات بعينها عن هذه اللجنة مثل الدكتور محمد البرادعي والدكتور زويل وآخرين من الرموز.
وهل تري أن هذا التغييب لرموز المجتمع مقصود؟!
- هم لا يريدون أحدا بعينه بقدر ما يريدون فرض احد بعينه. يعني تغليب اتباعهم. وهناك للاسف داخل هذه اللجنة أناس سوف يكونون موضوع النكت بعد عشر سنين، لأنهم أسهموا أو سوف يسهمون في وضع دستور مصر الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.