فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مسئولة أممية أمام مجلس الأمن: الكلمات تعجز عن وصف ما يحدث في غزة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات كثيفة شرقي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    بعد اتهامه بدهس سيدتين.. إخلاء سبيل عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: 700 مستشفى قطاع خاص تشارك في منظومة التأمين الصحي الحالي    مفاجأة.. شركات النقل الذكي «أوبر وكريم وديدي وإن درايفر» تعمل بدون ترخيص    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    «بلاش انت».. مدحت شلبي يسخر من موديست بسبب علي معلول    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وأتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    الاحتلال يعتقل الأسيرة المحررة "ياسمين تيسير" من قرية الجلمة شمال جنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة بعد حصوله علي جائزة الدولة التقديرية.. وحوار بين السياسة والأدب:
لابد أن يعترف التيار الليبرالي بسلطة التيار الإسلامي في هذه المرحلة
نشر في الأخبار يوم 08 - 07 - 2012

الحديث مع الشاعر الكبير محمد ابراهيم أبو سنة يشجعك علي قول المزيد بلا ملل أو ضيق.. ذلك لما يتمتع به من ثقافة رفيعة وأفق واسع ورؤية ناضجة مما أهله لكي يكون أحد شعراء مصر المعاصرين.. حتي إن خلفيته الإعلامية باعتباره قد بدأ مذيعاً قد زادته تألقاً والتصاقاً بقضايانا، مما جعل لفكره ولآرائه أهمية كبيرة، ورغم انشغاله الدائم بحياتنا الثقافية وهمومها إلا أنه لم ينقطع أبداً عن الدخول من باب الشعر الذي عشقه وترك له مجالاً واسعاً من إبداعاته، الأمر الذي أثمر منذ أيام عن فوزه بجائزة الدولة التقديرية في الشعر.. هذه الجائزة التي جاء الإعلان عنها متزامناً مع الإعلان عن تولي حكم مصر رئيساً جديداً.. لذلك كان الحوار معه مهماً جداً ومناسباً أيضاً جداً.. ولسوف يبدو ذلك بوضوح من متابعتنا لفحوي هذا الحوار الذي يبدو من سياق الأسئلة وسير الأجوبة.. وهذا ما سوف توضحه التفاصيل.. فتعالوا إليها:
هل أنت متفائل بمستقبل مصر.. باعتبارك من شعرائها المعاصرين؟!
أما التفاؤل فهو حاضر دائماً.. لماذا لأنني أؤمن بهذا الشعب وبهذا الوطن وأؤمن بقدرات الموهوبين من العلماء والمفكرين والمثقفين، وأؤمن كذلك بقدرات الأجيال الجديدة التي فجرت هذه الثورة، وكل هذه العناصر المختلفة تسبب لي الأمل، وأن مصر التي اختزنت لسنوات طويلة وقرون أطول ثقافتها وحضارتها التاريخية، بالإضافة إلي ذلك أود أن أقول لك إن العصر الذي نعيشه الآن قد منح مصر تجربة جديدة في الفكر والممارسة السياسية، ذلك لأنه ولأول مرة نجد أن هذا الفكر الإسلامي يدخل مرحلة الاختبار التطبيقي، وبداية فإن هؤلاء المفكرين وهؤلاء الذين يمثلون هذا التيار لديهم أيضاً خبرة تصل إلي 06 أو 07 عاماً من الممارسة السياسية والفكرية، والتعامل مع السلطة ولكنهم ولأول مرة يصبحون في السلطة.. وشأنهم في ذلك شأن الثوار خارج السلطة، والثوار داخل السلطة.
نتائج التجربة
وهل يعني ذلك أنك تنتظر نتائج التجربة السياسية التي تعيشها مصر الآن في ظل هذا التيار الإسلامي؟
أنا أنتظر التكيف مع معطيات العصر الحديث بكل مستوياتها الفكرية والثقافية والعلمية، والتكيف هنا هو تكيف مع مقتضيات السلطة، لأن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة، ولكن قرون الاستشعار الجديدة لدي المصريين والوعي الجديد لدي الشباب والتيارات الجديدة التي نشأت بعد ثورة 52 يناير وبالتالي أصبحت الآن تتشكل في أحزاب وتيارات سياسية منها التيار الثالث علي سبيل المثال، لذلك نستطيع أن نقول إن هناك أجهزة مراقبة قوية من جانب وعي الشعب المصري لهذه التجربة الجديدة، وأقصد بها هنا تجربة الإخوان أو التيار الديني في السلطة، فلم يعد الأمر بالبساطة، لأننا درجنا علي الإيمان بأن السلطة في مصر هي سلطة مطلقة وتتصرف بحرية كبيرة وتدير هذه الأمة وكذلك تلجأ في معظم الأحيان إلي البطش كي تستمر في السلطة ولكي تطوع آلياتها للتحكم والحكم خلال ممارستها السياسة.
ولذلك أنا أعتقد الآن أن هناك تياراً وطنياً وقومياً متمثلاً حالياً في الشباب الذي فجر الثورة والتيارات الجديدة باعتبارهم مراقبين لمسار هذه التجربة السياسية الجديدة.. وهذه المراقبة في حد ذاتها سوف تكفل لنا انتظام الحركة السياسية من ناحية وتقويمها من ناحية أخري، والاتجاه بها في الاتجاه الصحيح.. إنني أريد أن أقول ببساطة نحن الآن وفي هذه اللحطة وما يطمئننا أننا لم نعد علي مشارف سلطة مطلقة من جديد.
ألا تخشي أن يحدث صدام بين المفكرين والمبدعين والمثقفين وبين المؤمنين بفكر التيار الديني؟!
أنا أعتقد أن الصدام حتمي.. لماذا؟!.. ليس لأن المشروع السياسي الإسلامي منفتح علي التيارات المختلفة كما يقولون، بل لأن داخل هذا التيار بعض العقول المنغلقة والمتعصبين والذي لا يمتلكون قدرة علي تأويل النص أو تأويل النصوص التي بين أيدينا من التراث العربي، والسقوط في أسر النصوص التراثية بشكل مطلق، في حد ذاته يخلق هذه الحالة من التعصب، وحالة من نفي الآخر وعدم الاعتراف به. بالإضافة إلي أن هناك تأويلات خاطئة في مسار الثقافة المصرية، إذ يتصورون أن المؤثرات الأجنبية كانت ضارة علي الدوام، وخذ مثالاً واحداً علي ذلك ما أحدثته الحملة الفرنسية من نهضة وما تركته من كتاب وصف مصر، كما أن البعثات التي دفع بها محمد علي إلي فرنسا هي التي وضعت البنية الأولي للجيش المصري الحديث كما وضعت هذه البعثات أيضاً من خلال مفكري القرن التاسع عشر ومنهم محمد عبده ود. طه حسين ورفاعة الطهطاوي ولويس عوض وتوفيق الحكيم، هؤلاء من رموز النهضة من الذين تأثروا بهذه النهضة لأنهم كانوا يملكون مواهب متعددة.
هل تخشي أن ينتقل هذا الفكر المنغلق الذي أشرت إليه والمرتبط بالإبداع إلي حياتنا السياسية ويؤثر عليها؟
أنا لا أخشي أن ينتقل إليها، بل هو جزء من هذه الحياة السياسية، وجزء من التصور لدي هذا التيار ضد الثقافة الأجنبية التي كان لها الفضل في تحريك العديد من المناهج النقدية المهمة.
الفروق كثيرة
دعني أعيد عليك هذا السؤال مرة أخري وأقول.. هل هؤلاء سوف يكون لهم تأثير منغلق علي حياتنا السياسية؟!
أولاً هناك فرق بين مسار الثقافة والفكر والإبداع ومسار السياسة، وإن كانت السياسة تؤثر في مسار الفكر والثقافة والإبداع.. بمعني أن السياسة لأنها إدارة شئون الحياة العامة لها مسارات مختلفة لأنها تتعلق بالاقتصاد وعلم الاجتماع والفكر الإنساني وبالحياة اليومية والخدمات بالنسبة للمواطن العادي، وهذه الحياة لها مسارات مختلفة عن مسارات الإبداع الثقافي.
هل تقصد أن التدخل هنا سيكون أكثر من التدخل في شئون الثقافة والإبداع؟!
القضية ليست بهذا التصور، القضية هنا أن الخيار السياسي له رؤية سياسية قبل تولي السلطة، وسيكون له موقف آخر بعد توليه السلطة أيضاً، وهذا سوف يختلف بكل تأكيد، وهذه المواقف تصطبغ بصبغة أخلاقية إلي حد ما بعد توليه السلطة.. وإذا ما نظرنا إلي الوضع الحالي، نجد أنهم الآن في بداية تولي السلطة، والمرحلة الخطيرة هي ما بعد توليهم هذه السلطة.. لأننا سنري من خلالها التطبيق العملي لممارساتهم السياسية، هم الآن يضعون اللبنات الأولي في تصور أعتقد أنا شخصيا أنه سوف يكون جديداً عليهم.
والقضية هنا بالنسبة لنا أننا لسنا آلات صماء، ولسنا مجرد متلقين لأفكار متسلطة، نحن كائنات حية ولدينا الوعي والفكر والممارسة الإنسانية اليومية، وهذا التفاعل يحتم علي كل طرف الاعتراف بالطرف الآخر، بمعني أن جماعة المثقفين والمفكرين من اللبراليين والتيارات الأخري عليهم الاعتراف بسلطة التيار الإسلامي في هذه المرحلة لكي تتفاعل معها وتقييمها وتقويمها.
هل في تصورك يمكن أن يحدث هذا الاعتراف برضي أو بعدم قبول؟!
لابد أن يحدث ذلك عن واقعية، لأن الرؤية الواقعية تفرض علينا أن يعترف كل طرف بالآخر، ونجلس معاً في حوار قومي كي نتبادل الخبرات والمعارف والرؤي.. وفي نفس الوقت نمنع أن يسيطر طرف علي آخر.
وماذا عن موقف المفكرين والمثقفين إذا لم يستجب الطرف الآخر لوجهة نظرك هذه؟!
أعتقد أننا إما أن نسير في هذا المسار والمرتبط بمسار الحوار والاعتراف المتبادل والتفاعل اليومي علي المستوي السياسي والاجتماعي والثقافي، وإما أن نصطدم.. هذا الاصطدام سيريق كثيراً من الدماء، كما سيجلب كثيراً من الدموع، كما سيهدر كثيراً من الوقت الذي نحتاجه جميعاً. وسوف يجعلنا علي مشارف متاهة سياسية، وبالتالي فإنني أري أنه من الضروري أن نلتزم بهذه المحاور التي أشرت إليها، والقائمة علي مبدأ التوافق وليس الاتفاق، لأن هناك فرقاً بين هذين اللفظين، فالتوافق معناه أن يكون هناك تبادل للأفكار والرؤي والمواقف وقبول الآخر، أما الاتفاق فهو معناه أن نكون علي رأي واحد وهذا مستحيل، إننا الآن في مرحلة لابد أن يجتهد فيها العقلاء من الطرفين في منع الصدام والصراع والاقتراب كل من الآخر وبطرق متحضرة.
أين دور الأديب والشاعر في هذه المهمة الشاقة؟!
أولاً علي الشاعر أن يؤمن بنفسه وموهبته وقصيدته.. وأن يؤمن بأن شعره لابد أن ينطوي علي رسالة إنسانية وفنية وجمالية وأن تخليص الاجتهادات تحقيق رؤيته الجمالية في شعر، بمعني أن التزامه الحقيقي هو تجاه شعره.
وأين موقفه من تحقيق هذا التوافق؟!
الآن أنا لا أريد أن أستدرج الشاعر وأضعه في جبهة السياسيين لأن الشاعر سيظل في جبهة الشعراء، وجبهة الإبداع الأدبي والفني.
إذن متي يدخل الشاعر إلي الساحة السياسية؟!
يمكن للشاعر أن يدخل الساحة السياسية باختياره، بالتحاقه بأحد الأحزاب السياسية وفي نفس الوقت كل شاعر يعبر في شعره عن رؤية إنسانية وجماعية ووطنية، لأن الشاعر يكتب تجربته سواء كانت تجربة عاطفية أو تجربة وطنية أو تجربة إنسانية أو اجتماعية.
وهل يمكن أن يتحول دور الشاعر هنا إلي بلسم يلطف بكلماته أجواء الصدام والخلاف بين المتنافرين؟!
إن دور الفن بشكل عام هو الارتقاء بذوق الإنسان ثم إن دور الشعر والأدب وغيرهما هو أيضاً إشاعة روح القيم العليا وروح الحب والتسامح والعطف والرحمة والتضامن الاجتماعي والوطنية والاهتمام بتضحيات الشباب وبالشهداء. وبالتالي لو استطاع الشعر أن يؤكد علي هذه المعاني، فليس في حاجة إلي أن يتحول إلي وسيط، بل نراه هنا يشيع من خلال وجوده كعنصر إيجابي في المجتمع هذه المبادئ كلها، وبالتالي يساهم في تقدم المجتمع وإشاعة روح السلام الاجتماعي، لا يتحقق ذلك إلا إذا أخلص الشعراء وغيرهم من الأدباء، وبالتالي فإننا نراهم هنا يتحولون إلي أدوات فاعلة في المجتمع.
دروع واقية
هل يمكن أن يتحول المثقف في مصر إلي درع واق لكل الشعب.. خاصة في حالة وجود أية أخطاء سياسية يقع فيها النظام الحالي؟!
بكل تأكيد فإن الثقافة هي الأساس الحقيقي للنهضة، وهي بالفعل تلعب دور الدرع الواقي ضد أية انحرافات علي المستوي السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي لأن الثقافة تعتمد علي مجموعة من العناصر المهمة جداً والتي من أهمها علي سبيل المثال فكرة السعي نحو سيادة التسامح وقبول الآخر، ومنها أيضاً فكرة التفكير العلمي والبعد عن الخرافات، وأنا أعتبر أن التفكير العلمي هو في غاية الأهمية، والعمل علي إشاعة روح الثقافة في المجتمع من شأنه أن يرتقي بالسلوك العام سواء اليومي أو الاجتماعي، وبالتالي نحن نحتاج في واقع الأمر إلي جهد هائل جداً لوضع أساس للنهضة، خاصة في مجال التعليم والثقافة والإبداع بكل أنواعه ثم لابد من الاهتمام في الوقت نفسه بعنصر أساسي.. وهو مقاومة ذلك الاضطراب اللغوي الذي نعاني منه حالياً، أو بمعني آخر الأمة الآن في حالة من الشرذمة، ويتضح ذلك في تلك الفجوات الهائلة بين الأجيال المختلفة، وفجوات اقتصادية بين الطبقات، وفجوات ثقافية بين الطوائف المختلفة.
هل في تصورك أن دور الثقافة وأهميتها في المجتمع يعيه رئيس الجمهورية الجديد؟ وكيف يمكن أن نوصل إليه خطورة وأهمية هذا الدور؟!
رئيس الجمهورية ليس مجرد شخص بل هو مؤسسة، وهذه المؤسسة تتعاون وتستعين بأفضل العقول الموجودة في كل المجالات، يعني هناك مستشارون وهناك أعضاء في مؤسسات فاعلة، وهيئات تقدم المشورة وتقوم بالدراسات المطلوبة، هذا الوعي ولد في جنبات الوطن المصري بأكمله، وهو بالتالي موجود لدي الفلاحين والعمال والطلبة والشباب والمرأة، وعند الأقباط وعند المسلمين، وعند البدو في الصحراء.. هذا الوعي الجديد قد نشأ بفضل الثورة الهائلة، وبفعل سطوة أجهزة الإعلام الضخمة الآن.
دور المثقفين
وماذا عن دور المثقف والمفكر المصري في المرحلة القادمة؟ وما المطلوب منه؟!
مصر عامرة دائماً بمواهب أبنائها وفي كل المجالات، المهم ألا تقوم الدولة بعزل هؤلاء المثقفين وأن تمنحهم حرية التعبير، وحرية التفكير وحرية الاعتقاد، وأن تكون أيضاً أجهزة الدولة المنوط بها نشر الوعي في المجتمع قادرة علي أن تستوعب عطاء المثقفين من خلال أجهزة الإعلام سواء وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية.. وطبعاً وكما قلت لك نحن الآن نعيش في عصر جديد من خلال وسائل التكنولوجيا الهائلة التي يستخدمها الشباب الآن، إذن هناك قنوات اتصال جديدة غير الإذاعة والتليفزيون، وبالتالي فنحن أمام عصر جديد تماماً، ولذلك إذا كنتم تريدون النهضة فابدأوا بالتعليم والثقافة والفكر والتفكير العلمي.
وهل نعتبر ما قلته آنفاً كلمات في رسالة للرئيس الجديد؟!
هذه رسالة مثقف إلي أمته.
رسالة إلي الرئيس
ماذا لو بعثت برسالة إلي الرئيس الجديد.. وما الكلمات التي سوف تتضمنها تلك الرسالة؟!
أنا أولاً أهنئ الرئيس الجديد بتوليه هذا المنصب، وأتمني له التوفيق، وأقول له.. لقد استمعت إلي خطاباتك، وهي خطابات مبطنة برؤية أخلاقية ونحن في حاجة إلي هذه الرؤية الأخلاقية للرد علي الفساد السياسي في الفترة الماضية، وأنا أعتقد أن مهمتك الأولي والأساسية الآن هي العمل علي تحقيق وحدة الأمة والقضاء علي هذه الفرقة بين الطبقات والطوائف والأجيال والأديان. كما أدعو له بالتوفيق في أن يوحد الأمة، ولا يتم ذلك بالكلمات، وإنما بالمشروعات، حيث لابد من وجود مشروعات قومية كبري يعمل فيها الناس ويستفيدون منها، لأن العمل الإيجابي المشترك هو الذي يوحد الناس، وليست الخطب ولا المواعظ.
هل لديك أدني شك في ألا يحقق الرئيس الجديد ما نتمناه؟!
لماذا تقدم لي فروضاً أنا لست في حاجة إليها الآن.. إنني الآن أقدم رؤيتي وتمنياتي وأفكاري وأترك الزمن يعالجها ويعمل علي تطبيقها أو علي نفيها أو علي إنكارها أو علي إبطالها، والله أعلم.
وهل تؤيد دعوة بعض المثقفين الذين يطالبون بلقاء الرئيس الجديد؟ لتوصيل أفكارهم إليه؟!
أنا أري أنه ليس بالضرورة أن يتم اللقاء مع الرئيس، لأن مثل هذه اللقاءات ونتائجها معروفة وقد جربناها من قبل حيث تتسم بالرسميات النمطية، ويسيطر عليها الجانب الأمني.. إنني أريد أن يدعو المثقفون والوزير الجديد للثقافة إلي مؤتمر عام للمثقفين.
حفلات تكريم
وهل يمكن أن يحضره رئيس الجمهورية؟!
يمكن أن يفتتحه الرئيس إذا شاء، لأن الرئيس عادة ليس لديه وقت لحضور مثل هذه المؤتمرات، هذا المؤتمر أراه ضرورياً لدراسة الوضع الثقافي ودراسة تحديات المرحلة القادمة والدعوة إلي القيم الجديدة ورسم خريطة طريق دفاعية عن الثقافة في المرحلة القادمة حتي نحصن هذه الثقافة من عدوان عليها من أي جانب، ولذلك أعود وأكرر مرة أخري إنني أريد من الوزير القادم أو السلطة السياسية أن تعمل علي عقد مؤتمر لجميع المبدعين وبطريقة جديدة وتسفر عن نتائج إيجابية وليست مهرجانات لإلقاء الكلمات الجوفاء.
وماذا تمثل لك جائزة الدولة التقديرية التي نلتها هذا العام في فرع الآداب، خاصة في ظل الأوضاع السياسية الجديدة؟!
من حسن الطالع أن جاءت هذه الجائزة في وقت تنتعش فيه الآمال كي نبدأ عصراً جديداً.. ومع تولي الرئيس محمد مرسي سدة الحكم.. وهذه الجائزة قد أسعدتني وجاءت في مرحلة متأخرة من مسيرة حياتي الأدبية ولكن التقدير المعنوي لهذه الجائزة قد ملأني بالثقة في أن الإنصاف الأدبي سوف يأتي ولو بعد حين، وهذه رسالة للشباب الذين يبذلون أقصي ما يستطيعون في خدمة مواهبهم وإبداعهم، وأتصور أنهم علي ثقة من أن هذا الإنصاف سوف يلحق بهم، كما أن هذه الجائزة تمثل لي تقديراً أعتز به من جانب الدولة وهي إلقاء الضوء علي مسيرة إبداعي التي تمتد إلي 05 عاماً.. وأظن أن هذه الجائزة تشبه ظلال شجرة علي طريق طويل قطعته في هجير الأيام.. فشكراً لمن يعطيك كأساً من الماء وأنت في حالة من الظمأ.
أنت والدستور
دعنا نختتم هذا الحديث بسؤالك عن الدستور الجديد.. وهل تري أن هناك مواد بعينها يجب أن يتضمنها هذا الدستور الجديد؟!
نحن يهمنا وجود مجموعة من المحاور في الدستور الجديد، في الجانب الأول لابد من الاهتمام بالمفكرين والمبدعين والعلماء والأدباء.. هذا الاهتمام لابد أن يكون اهتماماً مادياً ومعنوياً، وأنا هنا لست فقيهاً دستورياً ولكني أتصور أن هذه محاور لابد أن تكون موجودة ومضمونة في الدستور الجديد، كذلك حرية التعبير والإبداع. ثانياً: أرجو أن يتضمن هذا الدستور الجديد اهتماماً خاصاً بالعلم وبالتفكير العلمي وبالبعد عن الخرافة والاهتمام بمناهج التعليم، مع ضرورة الاهتمام بالنشء وضرورة وجود مواد بهذا الدستور تتعلق بالاهتمام بالطفولة خاصة فيما يتعلق بحقوق هذه الطفولة، في اللعب وفي المتعة والبعد عن استنزاف الأطفال في الأعمال الشاقة ومن ثم قهرهم والبطش بهم في سن مبكرة لأنني أعتبر أن الطفولة هي في غاية الأهمية.. ولابد كذلك أن يهتم الدستور الجديد بنشر روح الوطنية في المناسبات العامة والاهتمام بالشخصيات التاريخية والاحتفال بالرواد العظام في هذا المجتمع كرموز للتنوير وكمثل عليا للأجيال الجديدة.
وماذا عن تواجد المفكرين والمثقفين داخل الجمعية التأسيسية؟!
أنا لست راضياً عن هذا التواجد المنقوص، حيث كنت أتصور أن يكون للمثقفين تمثيل كبير وقوي داخل هذه الجمعية وأنا في غاية الدهشة من أن ينفي المثقفون عن هذه الجمعية، رغم وجود مؤسساتهم المختلفة سواء اتحاد الكتاب أو جمعيات الأدباء أو المجالس الأدبية، وبالتالي كان لابد من تمثيل الأدباء والمفكرين والعلماء والفنانين في الجمعية التأسيسية، والأسماء التي قرأت عنها داخل هذه الجمعية ليست كافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.