في مثل هذه الأيام.. من كل عام.. تظلنا انتصارات أكتوبر المجيد.. الذي يأتي في طليعة الأعياد.. عيدا.. أي عيد.. ففي يوم السادس من أكتوبر عام 3791.. توقفت عجلة التاريخ عن ان تدور.. كي تسجل أحداثه بحروف من ذهب.. في صحائف من نور.. تسجل الميلاد الجديد لمصر الكنانة وللأمة العربية جمعاء.. وترسم الفجر الوليد الذي يبدد الظلمة ويشع الضياء.. فبعد سنوات تجرع فيها شعب مصر كئوس الانكسار والمعاناة.. استعان بالله.. شعب الكنانة.. وحده ولم يعول علي احد سواه.. انتظم الشعب.. من وراء جيشه.. صفا منيعا.. صادق العزم.. فائق الإرادة.. عاكفا علي إعادة البناء.. وتعظيم العطاء.. والالتفاف حول القيادة.. مشمرا عن سواعد الجد والعمل الدءوب.. والنشاط والهمة.. وبلغ بالصبر والصمود.. والايمان والتحدي.. ذروة الذري.. وعالي القمة.. ارتفع الجميع فوق آلام النكسة وجراح الهزيمة.. وتناسوا إلي حين آثار الضربة الغادرة الأثيمة.. وانخرطت الأمة في مسيرة التنمية لتجويد الانتاج والتصنيع.. وتواصي الجميع بالحب والايثار والخلق الرفيع.. ووضع الشعب نصب عينيه ترابه المغتصب وأرضه السليبة.. واستعجل الثأر.. ليمحو الهوان ويطفيء لهيبه.. إلي ان كان يوم السادس من أكتوبر »العاشر من رمضان«.. وفيه أسفرت مصر عن حقيقتها.. كشفت عن عبقرية المكان.. وشموخ الإنسان.. مصر الكنانة التي كرمت مرارا في آيات القرآن.. وهي الموعودة من الله باليمن والأمن والامان.. مصر التي اخبر النبي الكريم صلوات الله عليه وسلامه.. ان جندها هم خير أجناد الأرض.. وانهم في رباط الي اخر الزمان.. مصر التي امتاز شعبها بالتراحم والتسامح وحقيق وعميق الايمان.. والتي دعا لها السيد المسيح عليه السلام.. وبشرها بالبركة والنصر.. في قوله: »مبارك شعب مصر«. في ذلك اليوم الأغر الميمون المشهود.. هبت مصر الكنانة عن بكرة أبيها.. الشعب والقيادة مع جنودها البواسل الأسود.. انطلقت في زحف مقدس ليطهر الأرض.. ويجتث الوباء.. نداؤه وحداؤه »الله أكبر« يشق أجواز الفضاء.. فألقي الرعب في قلوب الأعداء ودكت حصونهم وصارت هباء.. وصار سيل كثرتهم غثاء.. وذاقوا وبال أمرهم ونذل بساحتهم البلاء.. وغدت أفئدة البغاة وعقولهم هواء. في ذلك اليوم الأغر المشهود.. أحرزت مصر نصرا.. هو تاج انتصارات كل العهود.. ومع تاج الانتصارات ارتفعت الهامات.. وعلت القامات.. ورفرفت للشرف والمجد.. والفخار رايات.. فقد زالت الغمة.. عن سماء خير امة.. وأشرقت الأرض بنور ربها.. وتكشف الغمام وانقشعت الظلمة.. وزادت مصر.. بجيشها الباسل.. ونسورها الكواسر.. وشعبها المرابط الصامد الصابر.. ذادت عن حياض الأرض والعرض والماء والفضاء.. واستعادت كامل العزة والكرامة والشرف والإباء.. واقيمت أقواس النصر المؤزر في ديار العروبة ومدن الأصدقاء.. وباء بالخسران من اغتصبوا حقنا وناصبونا العداء.. وصدق الله وعده في القرآن المبين.. »وكان حقا علينا نصر المؤمنين«. مع الدروس المستفادة.. من نصر السادس من أكتوبر المجيد.. علينا ان نتذكر دائما ان النصر هو جزاء المخلصين الصادقين.. الذين يجدون ويعملون.. ويأوون بايمانهم إلي ركن شديد.. وان الهزيمة والخسران.. والخيبة والخذلان.. مثال الذين يسعون في الأرض فسادا ويقوضون البنيان.. الذين يحبون الخراب ويكرهون العمران.. الذين يبغون ويعتدون.. ويغتالون حقوق الإنسان.. الذين لا يدخلون في السلم كافة.. وإنما يتبعون خطوات الشيطان.. أولئك اعداء البشرية.. ملعونون في كل الأديان. في ذكري يوم الانتصار.. يوم المجد والشرف والعزة والفخار.. سلام اجلال واكبار.. علي شهدائنا الأبطال الأبرار.. تحية اعتزاز وافتخار.. لجيشنا البطل المغوار.. حامي الحق والسلام.. حارس السلام والسيادة والأمن والاستقرار. واليوم.. نذكر جميعا بالوفاء والعرفان.. والدعاء الصادق بواسع الجنات والرضوان.. خالد الذكر صاحب قرار الحرب من أجل السلام.. الزعيم البطل محمد أنور السادات.. الذي كان من أعظم اياديه البيضاء ان قدم لمصر القائد المبارك نسر النسور.. الذي وجه الضربة الجوية الأولي مفتاحا للنصر والعبور.. ومن بعدها قاد بحكمة ومهارة واقتدار مسيرة الاصلاح والتقدم والتنمية والازدهار.. وارسي قواعد الحكم الرشيد.. لترفرف رايات الحرية والعدل والازدهار.