أليس من عجائب الدنيا الجديدة ان الحكومة العراقية الحالية فشلت في الكشف عن الجهات أو الاشخاص الذين إغتالوا مئات الصحفيين العراقيين خلال السنوات الأخيرة رغم انها تحمل شعار دولة القانون؟ الهذا الحد تعتبر الحكومة الحالية دماء وأرواح هؤلاء الصحفيين الضحايا رخيصاً بحيث لا تجهد نفسها في البحث عن القتلة؟ لقد أعلنت لجنة حماية الصحافيين الدولية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أن العراق والصومال والفيليبين تصدرت قائمة الدول التي عجزت حكوماتها عن حل ألغاز مقتل المئات من الصحافيين. وقالت اللجنة في تقرير نشرته مؤخراً تحت عنوان "قائمة الإفلات من العقاب" إن العراق صنف للعام الخامس علي التوالي كأسوأ دولة من حيث مواجهة قضايا اغتيال الصحافيين، حيث لم يتم التوصل للجناة في أي قضية من قضايا اغتيال الصحافيين. وأضافت اللجنة أن معدل الإفلات من العقوبة في العراق يتضاءل أمامه معدل الجريمة في أي دولة أخري. وهذه الجرائم ليست من القصص البوليسية الغامضة، ولكنها واضحة وساذجة ويقع معظمها تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية الحكومية. بل ان هذه الأجهزة هي المتهم الأول في ارتكاب هذه التصفيات ضد أصوات الرفض العالية بين الصحفيين والاعلاميين. وجاء في تقرير اللجنة الذي يغطي الفترة من 2002 الي 2011 ان معظم الجرائم وقعت والعراق غارق في الحرب. لكن حتي الآن فشلت السلطات التي تزعم تحقيق الاستقرار في تحقيق "العدالة" في قضية واحدة، والسبب واضح لان المتهمين والمحققين هم جهة واحدة حاكمة. وفي نفس السياق أكد مرصد الحريات الصحافية في العراق "أن العراق يتفرد بالفعل من بين دول العالم في أنه لم يفلح في تحديد المسئولية عن مقتل أي صحافي"، حيث إنه لم تتم إدانة أحد أو تقديمه للمحاكمة. وهو أمر يثير الحيرة بل وحتي الارتياب. إذ هل يعقل في دولة تمتلك كل هذه الأجهزة الأمنية، إنها لم تتمكن وطوال ثمانية أعوام من عمليات قتل الصحافيين في الكشف عن ملابسات أي جريمة. وهو أمر يدفع إلي التساؤل فيما إذا كان هناك نوع من القصدية أو التواطؤ في هذا المجال. والجواب، طبعاً، نعم هناك قصدية في التصفيات وتواطو سلطوي. فهناك أكثر من 300 ملف إغتيال للصحفيين العراقيين يعلوها الغبار ولا يجرؤ المحققون النزيهون علي فتحها. والصمت المطبق هو سيد الموقف ثم يتم تسجيل التهمة ضد "الإرهاب" وهي كلمة عائمة ومنتفخة وعشوائية. يقول مرصد الحريات الصحفية العراقي، وهو مرصد محترم، أنه من المعيب أن يتصدر العراق سنويا قائمة العجز عن الكشف عن الجناة في هذه الجرائم الوحشية. لكن الغريب ان المرصد يدعو الي تشكيل لجنة من الدفاع والداخلية والأمن والعدل والمخابرات لفتح الملفات المغلقة. ومصدر الغرابة ان كل هذه الجهات يرأسها أو يتولاها شخصياً رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي! وهو علي أي حال ليس بعيداً عن الشبهات والمسئولية، وله ضلع في كل عمليات القمع الاعلامي ودكتاتورية الرأي الواحد وغلق القنوات الفضائية وإسكات الصحف. أيها الصحفيون العرب.. أعلنوا تضامنكم مع زملائكم العراقيين.. فالمصيبة واحدة.