نفي الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية بمملكة البحرين الشيخ محمد بن عيسي آل خليفة أن يكون للحروب التي بلوح شبحها في منطقة الخليج، تأثيرات كبيرة تعطل مسارات النمو الاقتصادي لدول المنظومة الخليجية، وقال: إن المنطقة مرت بثلاث حروب كبيرة دون أن تقود هذه الحروب اقتصادات المنطقة إلي تراجعات مؤثرة، خاصة الاقتصاد البحريني الذي يتمتع بتنوع يمكنه من تجاوز تأثر بعض القطاعات الاقتصادية بحروب أو أزمات اقتصادية أو سياسية أو غيرها. وأضاف: لقد كانت البحرين من الدول القليلة حول العالم التي سجل اقتصادها وناتجها المحلي نموا، علي الرغم من أن تأثر القطاع المالي وقطاع الإنشاءات، بتبعات الأزمة المالية العالمية التي ألقت بآثاره السالبة علي جميع مكونات الاقتصاد العالمي، ويعزي تفرد اقتصاد البحرين بهذا الأداء الإيجابي، إلي التنوع الكبير الذي يحظي به الاقتصاد الوطني. فحيث تراجعت حصة النفط في الناتج الإجمالي الحقيقي من 24٪ عام 2001 إلي 13٪ في 2009، فإن حصة القطاع المصرفي ارتفعت من 19 إلي 27٪، كما ارتفعت حصة القطاع الصناعي من 12 إلي 16٪، والقطاع العقاري من 4 إلي 7٪، فيما سجل فطاع المواصلات ارتفاعا طفيفا من 8 إلي 9٪، وسجلت حصة قطاع الخدمات الحكومية تراجعا بواقع 2٪ إلي 14٪، أما القطاع التجاري، فقد حافظت علي حصتها خلال فترة الرصد عند 8٪. وقال الشيخ محمد بن عيسي آل خليفة: لقد نجحت البحرين تقليص نسبة الدين العام إلي الناتج المحلي الإجمالي من نسبة 50٪ مطلع التسعينيات، إلي 30٪ مطلع العام الفائت، ومن المتوقع أن تنكمش هذه النسبة إلي 25٪ نهاية العام الجاري، وهو ما سوف يعزز أداء الاقتصاد الوطني. وأضاف: إن القدرة التي أبدتها البحرين في تجنيب اقتصادها تبعات الركود الاقتصادية الذي اجتاح أداء الاقتصاد العالمي، وفي مقدمته اقتصادات الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية، وتحقيق نو اقتصادي في واقع يعاني فيه العالم بأسره انكماشا اقتصاديا هو الأعنف والأكثر حدة منذ أكثر من 50 عاما، لهو دليل قوة ينفرد بها لاقتصاد الوطني المدعوم بالإصلاحات الواسعة التي قامت بتطبيقها علي مدي السنوات العشر الماضية. وقال الشيخ محمد: وعلي الرغم من ذلك، فإنه ما تزال هناك ثلاثة تحديات تلوح في الأفق سوف نكثف جهودنا للتخفيف من حدتها أو معالجتها بحيث لا تؤثر في الأداء الاقتصادي خلال السنوات المقبلة، وهذه التحديات هي معالجة العجز المالي الهيكلي الذي طرأ نتيجة لتراجع أسعار النفط، تراجع الإنتاجية، وحاجة البحرين إلي المزيد من تطوير هيكلة القطاعات الاقتصادية وتطوير المنتجات والخدمات التي تعتمد علي التقنيات الجديدة. وأضاف: إن البحرين تختزن الكثير من عناصر القوة لمواجهة هذه التحديات، حيث يتمتع اقتصاد البحرين بتنوع يجعله قادرا علي مواجهة أية تحديات قد تبرز جراء التراجعات السعرية للنفط، حيث سجلت الصادرات البحرينية غير النفطية ضعف صادرات المملكة النفطية خلال السنوات العشر الماضية، فيما شكلت حصة المشتقات النفطية حصة أعلي بكثير من حصة النفط الخام في مجموع تلك الصادرات. وقال الشيخ محمد بن عيسي: إن من المتوقع أن يتغير نموذج النمو الاقتصادي خلال العقد القادم، حيث تشير التقديرات إلي تباطؤ في معدلات نمو العمالة الوافدة ذات الأجور المنخفضة وتنامي القطاعات الاقتصادية القادرة علي خلق وظائف ذات أجور أعلي، سوف يحصل علي معظمها المواطنون، وهو ما سوف يرع من نسب مشاركتها في سوق العمل إلي مستوي يقارب متوسط دول منظمة التعاون والتنمية (OECD)، الأمر الذي يمكّن المملكة البحرين من توظيف كافة البحرينيين الباحثين عن عمل، وتحقيق زيادة كبيرة في الأجور الحقيقية للبحرينيين وفي دخل الأسرة، وتقييد معدل نمو القوي العاملة الأجنبية بحيث لا يتخطي معدل نمو القوي العاملة البحرينية. وأضاف: ولقياس الأداء الاقتصادي البحريني، بأداء الاقتصادات العالمية، فإن معدلات النمو في معظم الاقتصاديات المتقدمة الكبري سجلت انهيارا مع نهاية عام 2008 جراء تأثرها بتبعات الأزمة المالية العالمية، فحيث شهدت كل من أمريكا الشمالية وأوروبا والمملكة المتحدة خلال النصف الأول من عام 2009 أعمق ركود اقتصادي منذ عام 1930، فقد ارتفع معدل البطالة إلي 10٪ من القوي العاملة في كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا، وتزايد الدين الحكومي إلي حد كبير نتيجة لبرامج الإنقاذ والتحفيز الاقتصادي في تلك الدول. وبحلول عام 2010 بدأت تظهر بوادر انتعاش اقتصادي بطيء في أميركا الشمالية، وإلي حد أقل في المملكة المتحدة وأوروبا. وكان النمو في الاقتصاديات الصناعية الناضجة أكثر بطئاً مما كان عليه في الاقتصاديات الناشئة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الأمر. وكما هو واضح في التقرير الاقتصادي السنوي لعام 2010، فإن أغلب اقتصادات الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية بعض النمو مع بداية عام 2010، فيما كان هذا النمو أسرع إلي حد ما في معظم اقتصادات الدول الصاعدة في آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية. أما في كل من اليابانوالولاياتالمتحدة وألمانيا، فقد شهد الطلب علي السلع الرأسمالية بعض الانتعاش وارتفعت أرباح الأسهم وبدأت ثقة المستهلك في العودة تدريجياً. كما حققت الصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، نسبة نمو بلغت أقل من 12٪ بين مارس 2008 ومارس 2009. ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التذبذب في توقعات النمو العالمي. ولا يزال معدل البطالة مرتفعاً في كل من أوروبا والولاياتالمتحدة، ومن غير المتوقع أن تنخفض سوي ببطء شديد. واعتمد جزء كبير من هذا الانتعاش الاقتصادي حتي الآن علي إعادة بناء وتخزين الأصول، وهو ما يحدث عادة في المراحل المبكرة من التحسن الاقتصادي. وسوف يتلاشي مصدر النمو هذا خلال عام 2010. كما اعتمد التحسن الاقتصادي كذلك علي الحوافز المالية الكبيرة وأسعار الفائدة المنخفضة بشكل غير اعتيادي والتي تم استخدامها لوقف التدهور السريع في الاقتصاد العالمي، ولاسيما بعد انهيار بنك ليمان براذرز في سبتمبر 2008. إلا السياسات المالية لن تستمر علي نفس النهج التوسعي خلال عام 2010 وصولا إلي 2011، حيث سيتم زيادة أسعار الفائدة بشكل تدريجي، مع وقف النمو في العجز، في حين سيبقي نمو الإقراض المصرفي ضعيفاً. ومن الملاحظ أن المستهلكين في أوروبا وأمريكا الشمالية يبدون الحذر في مواجهة نسب البطالة المرتفعة وفقدان أجزاء كبيرة من الثروة المالية منذ ذروة الازدهار الاقتصادي في عام 2007. وسيبقي قطاع التطوير العقاري الذي يعتمد علي الديون عرضة للضغوط في معظم الاقتصاديات، لذا فإننا لا نتوقع إلا سوي معدلات متواضعة من الانتعاش في الاقتصاديات الناضجة مقارنة مع الارتفاعات العالمية السابقة. انخفض النمو الاقتصادي خلال عام 2009 في جميع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. ولم يسجل الاقتصاد السعودي الذي يعتبر الاقتصاد الأكبر في المنطقة أي نمو خلال عام 2009، الأمر الذي يرجع بشكل رئيسي إلي انخفاض إنتاج النفط وارتفاع مستوي الواردات. وكان قطاع التطوير العقاري ضعيفا كذلك في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً للحذر الذي شاب سوق الإقراض. وكانت مشاكل قطاع التطوير العقاري أكثر وضوحا في دبي، حيث كان من الضروري إعادة هيكلة ديون هذا القطاع. وارتفعت أسعار النفط لكنها ظلت أقل بكثير من أسعار الذروة التي بلغتها في منتصف عام 2008. وتوقع تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي في أبريل 2010 أن يبلغ النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 4.2٪ في عام 2010 و4.3٪ في عام 2011، بعد أن انكمش إلي 0.6٪ في عام 2009.