أصبحت دار الكتب المصرية بباب الخلق فى صورتها النهائية والتى روعى فيها المزواجة بين الأصالة والمعاصرة بمثابة تحفة معمارية رائعة تمكنها من الإستمرار فى تقديم العطاء وفى إشاعة المناخ الثقافى. وسيتم الثلاثاء رسميا افتتاح مبنى دار الكتب "الكتبخانة" فى ثوبه الجديد على أن يقام فى اليوم الذى يليه الأربعاء احتفال شعبى كبير للجمهور الذى سيشهد ألى جانب عمليات التطوير الضخمة اكتمال إنشاء أكبر متحف للمخطوطات فى العالم يضمه المبنى بعد انتهاء اعمال التطوير والترميم التى بدأت منذ عام 2000. وتعد "الكتبخانة " -أول وأقدم مكتبة وطنية فى العالم العربى - واحدة من أهم المشروعات الثقافية التى شيدها الخديوى إسماعيل حينما أصدر فى 23 مارس 1870 م أمرا إلى على باشا مبارك (ناظر المعارف وقتئذ) بجمع المخطوطات والكتب التى كان قد أوقفها الأمراء والعلماء على المساجد ومعاهد العلم ليكون ذلك نواة لمكتبة عامة على نمط مكتبة باريس ويكون مقرها درب الجماميز .. وفى عام 1899 وضع الخديو عباس حلمى الثانى حجر الأساس للمبنى والمتحف الإسلامى بباب الخلق ثم انتقلت عام 1971 لمقرها الحالى بكورنيش النيل. ويعد الخديو إسماعيل أول حاكم يعنى بالتنمية الثقافية والحضارية لدرجة أن ما حققه من مشروعات ثقافية وحضارية كان بمثابة الركيزة الأساسية للثقافة المصرية حتى أن كثيرا من المؤسسات الثقافية التى شيدها لاتزال شاهدة على إنجارات الرجل فى هذا المجال. وقال فاروق حسنى وزير الثقافة إن دار الكتب المصرية أشاعت منذ افتتاحها مناخا ثقافيا وحضاريا ضخما جعل من الثقافة مشروعا كبيرا كانت دار الكتب أهم مرتكزاته وحينما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كانت الثقافة فى مقدمة عنايتها وكان الكتاب والمسرح والسينما وكل مفردات الثقافة فى مقدمة المرتكزات التى اعتمدت عليها الثورة وكانت دار الكتب أحد مفردات هذه المنظومة. وأضاف وزير الثقافة أنه تم التفكير فى إنشاء مبنى جديد على كورنيش النيل افتتح لجمهور المترددين عام 1971 ومنذ هذا التاريخ والدار تؤدى وظيفتها فى موقعها الجديد على كورنيش النيل بعد أن نقلت إليه كل مقتنياتها وبقى مكان دار الكتب فى باب الخلق مهملا. وأشار الى أن فكرة إعادة ترميم مبنى دار الكتب بباب الخلق تبلورت وأصبحت ضرورة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضى بعد أن تعرض المبنى لعوامل بيئية أوشكت على أن تهدده بالانهيار وجاءت الفكرة من قبل السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية فتلقفتها وزارة الثقافة وراحت تجمع المعلومات وتستشير الخبراء بهدف إعادة وضع دار الكتب على الخارطة الثقافية باعتبارها ذاكرة الوطن. وأوضح أن المشروع انتهى واكتملت ملامحه على أن تحدد مهام دار الكتب على كورنيش النيل باعتبارها المكتبة الوطنية التى تقدم خدماتها للباحثين فى كل مجالات المعرفة المطبوعة من كتب ودوريات. وفى نفس الوقت تخصص دارالكتب القديمة بباب الخلق فى التراث المخطوط والبرديات والمسكوكات وأوائل المطبوعات إضافة إلى اقامة متحف للمقتنيات التراثية لكى يكون شاهدا على ما قدمته الثقافة المصرية من خدمات جليلة للثقافة العربية والإسلامية. ونوه وزير الثقافة بأن المتحف يعد مزارا للشعب المصرى لعرض أندر المصاحف والمخطوطات والمسكوكات وكافة المقتنيات النفيسة حيث يشعر الزائر بأهمية ما قدمته مصر للثقافة العربية والإسلامية بل وللانسانية فى شتى مجالات المعرفة. وتحتوى دار الكتب على قاعة تضم أوائل المطبوعات والدوريات وعددها -40 كتابا تمت طباعتها ما بين الأعوام 1514 م حتى 1884 م وهى متنوعة ومختلفة المجالات منها (قرآن كريم توراة موسى الخمس كتاب الفلاحة ألف ليلة وليلة كليلة ودمنة ) .. أقدمها كتاب "صلاة السواعى الصلوات الليلية والنهارية " وهو لاهوت مسيحى طبع عام 1514 م كما تضم القاعة 21 دورية بعضها قد توقف صدورها والبعض الآخر لا يزال يصدر حتى يومنا هذا. وعن قاعة الخرائط .. فهى تضم 28 خريطة نادرة لعل أهمها خرائط (البورتولان) وهى من الخرائط التجارية البحرية المستخدمة فى العصور الوسطى وقد تم رسمها عام 1404 م وخريطة توضح رحلة الإسكندر الأكبر وهى باللغة اللاتينية رسمت عام 1595 م .. وخريطة مصب النيل بها توضيح لخط سير الحملة الفرنسية على مصر وهى باللغة الفرنسية وقد تم رسمها عام 1798 م. وتوجد أيضا قاعة للعملات والمسكوكات وتضم مجموعة من المسكوكات والعملات ذات القيمة الأثرية المهمة معظمها عملات ذهبية وفضية من فئة الدينار والنصف دينار والدرهم. ويتواجد فى دار الكتب قاعة للوحات الفنية وتضم 17 لوحة منها 12 لوحة خطية تتميز بجمال الخط وروعة الزخرفة وخمس لوحات فنية مرسومة ومن أجمل اللوحات الخطية المعروضة تلك التي كتبها الخطاط عثمان المعروف (بحافظ القرآن) فى عام 1105ه/ 1693م. وتضم القاعة أيضا مجموعة طوابع تذكارية صدرت في إيران بمناسبة عقد قران الأمير "محمد رضا شاهبور" على الأميرة "فوزية "بطهران 1939م ومجموعة طوابع تذكارية صدرت بمناسبة أعياد السادس والسابع والثامن لثورة يوليو وألبوما يشتمل على مطبوعات بريدية تذكارية منها مجموعة بطاقات بريدية تذكارية بمناسبة عقد زواج ملك مصر فاروق الأول عام 1938 وورق خطابات عليه شعار المملكة المصرية عام 1934 وألبوم يشتمل على مجموعة من الطوابع البريدية التي صدرت في دول العالم المختلفة.