السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    اعرف طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    أول تعليق من أسرة الشهيد عدنان البرش: «ودعنا خير الرجال ونعيش صدمة كبرى»    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انخفاض جديد مفاجئ.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مؤتمر دولى.. دار الكتب والوثائق تحتفل 140 عاماً من الثقافة والتنوير
نشر في أكتوبر يوم 05 - 12 - 2010

دار الكتب والوثائق القومية، ذلك الصرح التاريخى والثقافى الكبير، ليست مجرد مبنى أثرى أو مكتبة تاريخية أو أرشيف وطنى، لكنها تشكل عصرا من الثقافة والمعرفة والعلم، حيث توالى عليها مفكرون وعلماء فنهلوا من كنوزها، وعرفوا عن قرب قيمتها، وعلى مدى تاريخ دار الكتب كانت كعبة لكل محبى الثقافة فى مصر والعالم العربى وحتى العالم الغربى، فهى تعد واحدة من أقدم دور الكتب فى العالم. ومنذ أيام أقيم احتفال كبير، بمناسبة مرور مائة وأربعين عاما على إنشائها، حيث عقد مؤتمر علمى على مدى أربعة أيام حول «دار الكتب 140 عاما من التنوير».. وأقيم حفل ثقافى وفنى فى الافتتاح. شارك فيه حشد كبير كما ونوعا، وكان اللافت للنظر أن المشاركين فيه من العلماء والمثقفين كل منهم كانت له ذكرياته وتجربته مع هذا الصرح العريق، الذى ساهمت دار الكتب فى تكوينه العلمى والثقافى سواء بكتبها أو دورياتها أو وثائقها أو مخطوطاتها أو حتى القواعد والسلوكيات التى تعلمها فى هذه الدار.
حفل افتتاح المؤتمر شهده المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، وكان على قمة الحضور فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والفنان فاروق حسنى وزير الثقافة، ودكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى ممثلا لضيوف المؤتمر، والشيخ على جمعة مفتى الجمهورية، وهيرفيه ليموان رئيس الأرشيف الفرنسى، وحشد من الكتاب والمثقفين والعلماء سواء من مصر أو من الدول العربية والأوروبية.
د. ليلى جلال رزق أمين المؤتمر تناولت فى كلمتها الخطوات التى خطتها دار الكتب نحو التطوير والتقدم فقالت: تولى دار الكتب اهتماما خاصا بالتراث الثقافى بالغ الثراء باعتبار هذا التراث قضية وطنية بما تمثله من أهمية وبعد تاريخى وحضارى وثقافى، ومواكبة للتقدم العلمى والثورة التكنولوجية التى تشهدها المكتبات فى العالم ، قامت دار الكتب بمشروعات عديدة لحفظ وتوثيق تراثها الفريد برقمنة 50000 كتاب بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومشروع رقمنة المخطوطات وأوائل المطبوع بالتعاون مع مكتبة الكونجرس الأمريكية، ورقمنة مجموعة البرديات العربية بالتعاون مع مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى، وفهرسة وتوثيق المخطوطات بالتعاون مع جمعية المكنز الإسلامى، وغيرها من المشروعات التى تهدف إلى صيانة وحفظ وتوثيق هذا التراث النادر وإتاحته لخدمة الدارسين والباحثين فى مصر وفى جميع أنحاء العالم.
تضيف د. ليلى جلال أنه تتويجا لجهود دار الكتب المتصلة فى حفظ ورعاية هذا التراث الإنسانى البديع قامت اليونسكو بإدراج مجموعتين من مقتنيات دار الكتب والوثائق فى سجل برنامج ذاكرة العالم، وهما حجج الأمراء والسلاطين، ومجموعة المخطوطات الفارسية المزينة بالصور، مما ينطوى عى تقدير لدور دار الكتب، وقيمة وأهمية هذه المجموعات كموروث حضارى متميز.
كما أسهمت الجهود المضنية التى بذلتها الدار فى حفظ التراث وترميمه وحمايته فى إصدار القانون رقم 8 لسنة 2009، بشأن حماية المخطوطات والذى صدر متوازنا لا يمس حرية الملكية، وفى ذات الوقت يضمن حماية المخطوطات من العبث والإهدار.
التحقيق
دكتور محمد صابر عرب رئيس المؤتمر ورئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية تناول تاريخ هذه المؤسسة العريقة عبر قرن وأربعة عقود وقال:لم تكن دار الكتب إلا حلقة متواصلة اكتملت كل مقوماتها مع نهاية القرن التاسع عشر، حينما راحت مصر تجنى ثمار جهد جبار قام به رواد كبار من أعلام الثقافة والمعرفة، كان على مبارك أحد هؤلاء، حينما اقترح على الخديو إسماعيل إنشاء هذه الدار لكى يكتمل مشروع النهضة بمعناه الثقافى والحضارى والإنسانى.
ومنذ عام 1870 وحتى الآن والدار لم تتوقف عن أداء مهمتها التنويرية بكل الوسائل، ابتداء من نشر أمهات الكتب التى ظلت قابعة فى المكتبات الخاصة، إلى أن قامت الدار بنشرها وتحقيقها، فضلا عن ظهور أجيال متواصلة من المحققين الكبار، الذين ابتكروا علم التحقيق بالمعنى الفنى والأكاديمى من أمثال أحمد زكى باشا الذى عرف بشيخ العروبة (1867-1934)، والذى يعد علامة بارزة فى تاريخ الثقافة العربية. وقد جمع عددا كبيرا من المخطوطات ألحقت بعد وفاته بدار الكتب، ولعله أول من استخدم مصطلح «التحقيق»، كما أنه أول من أشاع إدخال علامات الترقيم.
ودار الكتب هى أول من عنى بتحقيق التراث، الذى اكتملت عناصره الفنية على يد رواد كبار ارتبطوا بدار الكتب ونشروا أعمالهم العلمية بمطابع الدار التى تأسست عام 1921، ومنذ هذا التاريخ وهى تواصل نشر مصادر المعرفة فى شتى المجالات.
كما واصلت الدار نشر دواوين التراث الشعرى لفحول الشعراء، فضلا عن الموسوعات الضخمة التى واصلت الدار نشرها طوال أكثر من قرن وما تزال.
إننا ونحن نحتفى بتاريخ هذه المؤسسة العريقة، نتذكر تاريخا عريقا من التكوين الثقافى والمعرفى لمجتمع كان يتحرق شوقا إلى القراءة التى جعلت من هذا الوطن قيمة ثقافية كبيرة شهد لها العالم كله، بل لا نكون مبالغين إذا قلنا: إنها كانت أحد المقومات الرئيسية التى جعلت مصر تحتل مكانتها اللائقة بها فى العالم.
إننا نستهدف استرجاع هذه التجربة دراسة ووعيا كى نعمل جاهدين على تطوير أدواتنا، وإمكاناتنا الفنية والبشرية وإعمال كل وسائل التقنية الحديثة كى نجارى الزمن علما ومعرفة، ولكن تبقى أهدافنا كبيرة بما يتناسب وتاريخ هذه المؤسسة.
أما الكلمة التى كانت مفاجأة حفل الافتتاح بما احتوته من حميمية، فكانت كلمة الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى، فقد كان يعمل فى دار الكتب والوثائق المصرية وعاش فيها سنوات من حياته، كما عمل بها والده، فكانت تجربة فريدة عرضها فى كلمته نيابة عن ضيوف المؤتمر قال فيها:إننى مازلت أذكر بكل سعادة تلك الأيام فى أواخر الخمسينيات من القرن الماضى، التى صحبت فيها أبى وقد انتسب إلى خدمة جانب من التراث الإسلامى وهو التراث العثمانى الهائل الذى تحفل به دار الكتب، ويشكل أكبر مجموعة للمخطوطات والمطبوعات العثمانية خارج مكتبات استانبول. صعدت تلك السلالم الرخامية الشامخة، وسرت فى ردهاتها الآمنة.. وبدأت أستعير منها ما كنت أشغف به آنذاك من كتب الأدب العربى والعالمى وخاصة الروايات.. كم كنت أشعر بالفخر بين أقرانى تلاميذ المدرسة الخديوية، حيث كنت امتلك ناصية كتب لم تكن فى متناولهم رغم مكتبة مدرستنا العامرة. ثم شاءت الأقدار وفجأة بعد وفاة أبى وأنا مازلت طالبا فى كلية العلوم بجامعة عين شمس، تحولت دار الكتب إلى مرفأ آمن لى، وجدت نفسى أعمل فى نفس المكان الذى كان فيه أبى. إننى أذكر بكل خير تلك الرعاية الأبوية التى حبانى بها اثنان من المدراء العامين هم المرحوم عبد المنعم عمر والمرحوم صلاح الدين الحفنى.
وجدت نفسى أعمل فى أكاديمية رفيعة تعلمت فيها ما لم أتعلمه فى أى مكان آخر من معاهد العلم التى انخرطت فى سلكها طالبا أو باحثا أو عضوا فى هيئات تدريسها على اتساع ذلك بين بلدان الشرق والغرب.
لقد تعلمت فى قسم الفهارس الشرقية من أستاذنا المرحوم نصر الدين مبشر الطرازى الشيء الكثير لقد نهلت من ينابيع دار الكتب معلومات لا تدرس فى أى جامعة، ولكن تتعلمها بالممارسة بمزاملة الخبراء والتعامل مع مجموعات المخطوطات والمطبوعات النادرة وأوائل الدوريات ونوادر الكتب والخرائط.
أما اليوم ونحن فى هذه المرحلة الجديدة ونحن نحتفل بمرور 140 عاما من التنوير، فإننى أنظر إلى مستقبل دار الكتب المصرية فى ثوبها الجديد الذى عملتم من أجل انجازه بكل ما أوتيتم من إمكانات، والذى لم تدخروا فيه مالا أو جهدا وبذلتم بسخاء أنظر إلى المستقبل الذى نتطلع إليه جميعا حيث يستكمل جيلنا مرحلة الرواد العظام الذين حفلت بهم دار الكتب وأولئك العلماء الذين قصدوها من كل أنحاء العالم.
إننى فى موقعى اليوم كأمين عام لمنظمة المؤتمر الإسلامى، وأحد أبناء هذه الدار، أدعو الجميع من علماء وحماة للعلم أن يسارعوا إلى مد يد العون وإلى الحرص على التعاون، وأن يكونوا أوفياء لرسالتها وأن يردوا بعض الدين لها.
إن كانت مصر «أم الدنيا» حقا فدار الكتب المصرية هى قلب تلك الأم الحنون، وهى ذاكرتها الحية وحاوية تراث دنياها الواسعة التى شملت الشرق والغرب.
اليواقيت الأربعة
أما فاعليات المؤتمر فقد شارك فيها العديد من الأساتذة سواء من مصر أو من الخارج، المهتمين بدار الكتب ومقتنياتها، من ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وأمريكا وجنوب أفريقيا من عدد من الدول العربية.
دكتور محمود الشيخ أستاذ التاريخ البارز بجامعة فلورنسا بإيطاليا قدم بحثا بعنوان «مقتطفات أدبية لياقوت المستعصمى» حققها د. الشيخ وعرض صفحات منها ومن غلافها المتميز، وياقوت المستعصمى هو واحد من أمهر الخطاطين، وهو أحد أشهر أربعة خطاطين ينتمون إلى القرن السابع الهجرى كلهم يحملون اسم ياقوت، أى اليواقيت الأربعة، حيث ينتسب إلى عصر الخليفة المستعصم بالله آخر خلفاء بنى عباس، ولقبه جمال الدين وقد توفى ببغداد عام 698 هجرية.
كان المستعصمى يجمع أثناء قراءاته الحكم والنوادر والأخبار، والأشعار الفقر والملح، ويدونها بخط يده فى كتيبات أنيقة. وقد ركز البحث على مخطوط فى مكتبة فلورنسا ينتمى إلى هذه النوعية، ويعرف منها «رسالة آداب وحكم وأخبار وآثار وفقر وأشعار منتخبة» وهى مكتوبة سنة 689 هجرية، وطبعت فى القسطنطينية عان 1298،و«درر الحكم» الذى كان منسوبا إلى وقت قريب إلى الثعالبى، فى دار الكتب المصرية.
ويعرض الدكتور الشيخ ما يحويه المخطوط من حكم ونوادر وفكاهات، فعلى سبيل المثال يقول:جاء سفيان إلى جعفر بن محمد عليهما السلام، فقال علمنى مما علمك الله، فقال: إذا تظاهرت الذنوب فعليك بالاستغفار، وإذا تظاهرت النعم فعليك بالشكر ، وإذا تظاهرت الغموم قل لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقال : ثلاث وأى ثلاث.
د. أيمن فؤاد سيد أستاذ التاريخ الإسلامى وخبير المخطوطات، تناول خزائن الكتب فى مصر وتأسيس الكتخانة الخديوية، حيث يرى أن مصر عرفت خزائن الكتب منذ العصر الفاطمى، وكان أهمها خزائن كتب القصر الفاطمى، وخزائن دار الحكمة، وهى الكتب التى أحرقها وتخلص منها صلاح الدين الأيوبى ظنا أنها توحى عقائد وأفكار إسماعيلية. ومع ظهور نمط المدارس مع الأيوبيين وازدهارها فى عصر المماليك، كانت خزائن كتب المدارس أهم ما يميز المدارس فى مصر، خاصة بعد سقوط بغداد وانتقال مركز الثقل الثقافى والحضارى إلى القاهرة.
أما فى العصر العثمانى فقد لعبت أروقة الأزهر دورا مهما فى اقتناء الكتب، واستمرت خزائن كتب المدارس فى أداء دورها التعليمى والثقافى، إلا أن بدء تعرف القوى الأجنبية على مصر وتردد قناصل الدول الأجنبية عليها، بدأت هذه الكنوز فى التسرب والخروج منها، مما أدى بعلى باشا مبارك إلى جمع ما تبقى فى خزائن المدارس والمساجد والزوايا، وجمعه فى مكتبة عامة مثل المكتبات الوطنية فى أوروبا كانت نواة الكتبخانة الخديوية التى أنشئت عام1870.
أرشيف فرنسا
رئيس الأرشيف الفرنسى هيرفيه ليموان قدم عرضا عن الأرشيف الفرنسى عام 2010، وقال فيه: إن تطوير نظام المحفوظات لم يتوقف منذ استحداثها فى عام 1790، حرصا على الوفاء باحتياجات الدولة ومطالب المواطنين، وقد تم إصدار العديد من القوانين فى هذا الصدد، وتضطلع الدائرة الوزارية لمحفوظات فرنسا بشئون الأرشيفات وتتبع الدائرة قطاع التراث بوزارة الثقافة الفرنسية، وتتمثل مهمة هذه الدائرة فى صياغة السياسات القومية للأرشيفات، فضلا عن تطوير تلك السياسات وتوحيدها وإدارتها ، بالإضافة إلى الاضطلاع بشئون دوائر الوثائق القومية فى باريس وروبيه واكس إيه بروفانس، وشبكة الأرشيفات فى الأقاليم والمقاطعات والمدن والمستشفيات، التى تديرها جميعا السلطات المحلية.
وبفضل القواعد والمبادئ المتبعة، ويقوم الأرشيف الفرنسى بمهمته العلمية المتمثلة فى الرقابة العلمية والفنية على دوائر المحفوظات الفرعية ومتابعة طرقها فى جمع الأرشيفات وتصنيفها وحفظها، والربط بينها والتخلص من بعضها، كما تدعم عمليات تشييد مواقع لحفظ الأرشيفات فى مختلف أنحاء فرنسا، فضلا عن الاهتمام بالأبحاث والأنشطة التى تعزز الاهتمام بها.
مركز تاريخ مصر
مركز تاريخ مصر ودوره التنويرى تناوله دكتور أحمد زكريا الشلق أستاذ التاريخ بآداب عين شمس، وقال عنه: يضم المركز مجموعة من الباحثين من ذوى الخبرة والمتدربين، ومعظمهم من المؤهلين علميا ممن درسوا لدرجتى الماجستير والدكتوراه، كما يتميز المركز بأن له لجنة علمية تشرف عليه، تضم عدداً من خيرة العلماء والأساتذة المتخصصين فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، والتى توالى فى الإشراف عليها كل من د. محمد أنيس ود. عبد العظيم رمضان، ود. رءوف عباس، ود. يونان لبيب رزق.
أما نشاط المركز فهو ليس هيئة رسمية لكتابة تاريخ مصر القومى، لكنه يستهدف تأصيل الدراسات المتعلقة بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وتوفير مصادر الكتابة فى موضوعاته بشكل علمى وتثقيفى معا، وتنمية الوعى بالثقافة التاريخية، يعمل المركز أيضا على جمع وتحقيق ونشر المذكرات وأوراق الساسة وقادة الفكر ممن لعبوا أدوارا فى تاريخ مصر.
تجارب حية
فى جلسة متميزة قدم مجموعة من الأساتذة الكبار ، الذين عاشوا تجارب شخصية مع دار الكتب على مدى سنوات حياتهم، وكانت علامة بارزة فى تاريخ كل منهم، أدلى هؤلاء الأساتذة بشهاداتهم حول التجارب، وقد أدار هذه الجلسة الشاعر الكبير فاروق شوشة.
الدكتور حسين نصار الأستاذ بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة العلمية لمركز تحقيق التراث أدلى بشهادته حول دار الكتب، وقال عن دار الكتب: نحن الجيل الذى عاش مع المبنى القديم فى باب الخلق كان له مذاق خاص، ونكاد نكون سكنا فيه وعشنا ، أما تجربتى فإنى من أسيوط ولست من القاهرة، وكنت أقضى العطلة الصيفية فى كل عام فى مكتبة البلدية فى أسيوط، منذ عرفنى بها مدرس اللغة العربية فى السنة الثالثة الابتدائية، ومجموعة من زملائى أيضا تأثروا بمواظبة القراءة، وحين انتقلت من أسيوط إلى القاهرة، عرفت مكتبة جامعة القاهرة، وكنا نظنها مكتبة كلية الآداب، ولكن وأنا فى السنة الأولى التحق أحد أمناء دار الكتب للدراسة معى، وبعد أسبوعين التحق زميل آخر له. من هنا صار لى أصدقاء فى دار الكتب وأخذت أتردد عليهم، فكانوا يكرموننى أكثر من الزائر العادى، وكان هذا التردد يصنع صداقات مع العاملين بها.
كانت أمنيتى وأنا طالب فى السنة الرابعة أن أعين معيدا فى الجامعة أو فى مكتبة الكلية أو فى دار الكتب. لقد كانت دار الكتب المأوى الطبيعى لكبار الأدباء، فمن كان يكرم من العلماء كان يعين فى دار الكتب، مثل حافظ إبراهيم وزكى مبارك وطه حسين وتوفيق الحكيم كلهم عينوا فى دار الكتب، ولم يكن توفيق الحكيم يفقه فى الإدارة شيئا.
كان لدار الكتب دور فى إنشاء مجمع للغة العربية قبل إنشاء مجمع اللغة العربية، حرصا على اللغة من اللغات الأجنبية والأعجمية، واجتمع العلماء بتهيئة من دار الكتب فى العقود الأولى من القرن العشرين ، وهذا دور يجب أن يذكر لها، كما أنشأت كلية دار العلوم، وعلى باشا مبارك هو صاحب فكرة إنشاء دار الكتب ودار العلوم للدكتور على مبارك.
لم يكن فضل دار الكتب مقصوراً على المصريين فقط، لكن على كل محبى الثقافة والعلم من أنحاء الوطن العربى، ومن تونس كانت شهادة الدكتور إبراهيم شبوح الذى قال: ميزة دار الكتب أنها حين نشأت كان وراءها رؤية، فقامت المكتبة على أسس واضحة خدمت الفكر، لقد سبقت دار الكتب الجامعة، وحين أكتب مذكراتى سيكون لدار الكتب موقع كبير.
حين جئت إلى مصر كان قبيل حرب 1956، وكنت مولعا بالشعر، وكنت أحفظ الكثير منه، لقد رحب بى فؤاد السيد وأجلسنى إلى جواره، وكان رجلا غاية فى التوقد الذهنى، وكانت له مواقف رائعة، فكان يساعد المترددين، وكان له دور فى نشر العلم والمعرفة، وكان يتردد عليه علماء ومفكرين، ومن الرجال الكبار الذين عرفتهم فى هذا الدار الأستاذ أبو الفضل إبراهيم وكان له دور كبير وكان يجمعنا ليلة الجمعة اليتيمة فى بيته وكان يحضر علماء كبار، وحين عدت إلى بلدى حرصت على الحضور فى هذا اليوم إلى بيت هذا الرجل.
كان هذا المكان مجمعا لكبار العلماء الأجانب من الفرنسيين والأسبان، وكان الدكتور عبد الرحمن بدوى يراجع الأصول التاريخية هنا وكانت الحياة سعيدة حين نتحرك فى شوارع القاهرة.
من العراق كانت شهادة الدكتور بشار عواد معروف الذى قال فيها: أريد أن أثنى على مصر التى علمت الأمة العربية عقودا من الزمن، فنحن حين كنا طلبة من العراق كان أستاذ د. حسين نصار، ود. حسن إبراهيم حسن، ود. سيدة كاشف، والكثير من الأساتذة المصريين الذين لم يعلموا العراقيين فقط ، وإنما علموا كل الأمة العربية ، وكانت دار الكتب المعين الذى لا ينضب ، والقسم الأدبى من الأقسام التى علمت المحققين كيف يحققون ، فكنا ننظر إلى المحققين من خلال أمهات الكتب، وكيف كانوا يعملون ، وكيف كانوا يحققون ، وكيف كانوا يعلقون ، وكيف كانوا يتواضعون ! وكانوا يكتبون أسماءهم بتواضع .
جئت إلى مصر ، وداومت فيها يوميا من الساعة التاسعة صباحا ، وحتى التاسعة مساء ، لمدة ستة أشهر ، وكان والدى قد أعطانى مبلغا كبيرا ، صورت بأغلبه مخطوطات حول جامعة الدول العربية ، ولم يتبق معى سوى سبعين جنيها عشت بها ستة أشهر ، منها ثمانية قروش أجر غرفة الفندق لليوم الواحد ، وأقضى يومى فى دار الكتب ، حيث أدرس عشر مخطوطات يوميا ، حيث درست 250 مخطوطاً من دار الكتب المصرية ، وكانت قاعة المخطوطات تزخر بالدارسين من العلماء والدارسين ، وكنا نأتى بكوب شاى يكلفنا قرشاً ونصف القرش، وكان سندوتش الفول بقرش ، وإذا حصلنا على بيضة فكانت بقرش ، وكنت أكتب وأدون وأتعجب الآن مما دونت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.