«دار الكتب المصرية بين الأمس واليوم والغد».. عنوان خادع، فالذى يقبل على الكتاب يتصور أنه سيطالع كتابا عن دار الكتب المصرية وتاريخها وتطورها وقد ينتظر منه أن يناقش سرقة المخطوطات القيمة أو إهمال الحفظ والأرشفة، ولكن منذ الصفحة الأولى يكتشف القارئ أنه أمام كتاب يلقى الضوء على واحدة من أهم مجموعات المخطوطات الإسلامية فى العالم، وهى مجموعة دار الكتب المصرية، التى تبرع بها علماء ومثقفون للحفاظ عليها فى دار الكتب بصفتها ذاكرة مصر الثقافية، أى أنه يتناول مجموعة مخطوطات دار الكتب الإسلامية، فيتعرف القارئ على فنون الخط والتذهيب والتجليد الإسلامى، مع صفحات قليلة حول خزائن الكتب فى المدن الإسلامية ودور على باشا مبارك صاحب فكرة إنشاء الدار على نمط دور الكتب الوطنية فى أوروبا. الحق أن هناك مخطوطات جليلة القيمة قد طبعت ونشرت فى حضارة الطباعة الحديثة بتحقيق وحواش وتذييل، لكن ذلك لم يتجاوز حتى الآن غيضا من فيض المخطوطات الإسلامية التى لا تزال رهينة المتاحف والمجموعات الخاصة، إذ احتُسبت قيمتها العلمية إلى جوار قيمتها الأثرية... هكذا وصف الدكتور أيمن فؤاد سيد صاحب كتاب «دار الكتب المصرية بين الأمس واليوم والغد» الأمر فى الكتاب الصادر بالتعاون مع جمعية المكنز الإسلامى، وهى وقف علمى غير هادف للربح، تم إنشاؤها لتدعيم التراث الإسلامى، وحمايته، ودراسته، وترميمه، وقدم له فاروق حسنى وزير الثقافة والدكتور صابر عرب رئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق. وتحت عنوان «كنوز دار الكتب المصرية» يشرح الدكتور أيمن فؤاد سيد أستاذ التاريخ الإسلامى وخبير المخطوطات ماهية تلك الكنوز قائلا: «تتكون كنوز دار الكتب من مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة، ومجموعة رائعة من لوحات الخط العربى والفنون الجميلة، ومجموعة من البرديات العربية التى تعد من أقدم الوثائق فى العالم الإسلامى، ومجموعة متميزة من النقود والعملات الإسلامية المختلفة». وينشر مع الكتاب لوحات زخرفية مصورة لمصاحف شريفة ومخطوطات إسلامية كثيرة، فهو كتاب يمكن أن نطلق عليه كتابا مصورا للمخطوطات الإسلامية: مخطوطات المصاحف ومنها المصاحف الكوفية والحجازية والمصاحف المملوكية، والمخطوطات العربية التى تتركز أهميتها فى قيمة محتواها العلمى والأدبى وفى قيمتها التاريخية التى تزيد أعمارها على ألف سنة، ومنها أقدم المخطوطات ومخطوطات الخزائن الفاطمية، ومخطوطات بخط المؤلف، ومخطوطات بخطوط علماء، ومخطوطات بخطوط كبار الخطاطين، والمخطوطات المزينة بالصور، والمخطوطات الفارسية، والمخطوطات التركية وتجليد المخطوطات. وعلى الرغم من أهمية تلك الكنوز القيمة فإنها تحتاج إلى التعامل معها بما يليق، وتحتاج إلى تضافر الخبرات لحمايتها، فلا يزال كما أكد د. أيمن فؤاد رصيد دار الكتب من المخطوطات، وكذلك مخطوطات المكتبات الملحقة، غير مفهرس. وهذا ليس الكتاب الأول للدكتور أيمن فؤاد عن دار الكتب فله كتاب بعنوان «دار الكتب المصرية تاريخها وتطورها» صدر عن الدار المصرية اللبنانية عام 2006، وهو كتاب شامل وموسوعى حول دار الكتب وجاء فى ثلاثة أقسام رئيسية، القسم الأول تناول تاريخ دار الكتب وتطورها والمجموعات النادرة بها وفهارسها ومنشوراتها والمراكز المتخصصة بداخلها، وتناول القسم الثانى تطوير دار الكتب وهو عرض للمشروع الذى هدف إلى تطوير المكتبة الوطنية ويعرض أهم ملامح هذا المشروع، والقسم الأخير يتناول القوانين واللوائح التى نظمت العمل بدار الكتب وتطور تلك اللوائح عبر التاريخ. كما أن له كتابا فى الموضوع نفسه وهو المخطوطات يحمل عنوان «الكتاب العربى المخطوط وعلم المخطوطات» عن الدار نفسها عام 1997.
