أصبحت طريقة المناداة مطلبا رئيسيا بين أغلب النساء السعوديات مما قد يثير غضب البعض منهن عند حصول خطأ في انتقاء المسمى الصحيح لهن فالفتاة غير المتزوجة قد تنزعج عند مناداتها سيدة أو "مدام" والمرأة في سن الأربعين قد تنزعج إذا نوديت "ياحاجة" أما ست البيت فتمتعض من الخادمة إذ لم تناديها "مدام" فحسب اعتقادها فإن عدم مناداتها بلقب "مدام" سوف يصيب بريستيج البيت بالخلل وستقل قيمتها أمام الزوج والأبناء أما بالنسبة للأم الكبيرة في السن فأغلب الأبناء خاصة من قبل الذكور يقومون بمناداتها ب"العجوز" بدلاً من أمي أو والدتي وهناك أيضاً من يعطيها مسمى آخر ولكنه يحوز على رضاها ك "حلوة اللبن". الألقاب العائلية بروتوكولات سائدة وأساليب متواردة بين هؤلاء النسوة قد ترضي البعض ولكنها قد تغضب البعض الآخر. أم سالم (ربة منزل) وهي أم لأربع بنات وخمسة أولاد وتبلغ من العمر خمسون سنة تقول "أبنائي تعودوا دائماً على مناداتي ب "العجوز" مثلا يقولون " سنذهب إلى العجوز أو "كيف حال العجوز" مما يثير حزني بينما أسمع أبناء جارتي أم فيصل ينادونها ب "حلوة اللبن" أو "الغالية" أو "طويلة العمر" وتفضل مناداتها بأمي لأنها أجمل كلمة قد تسمعها المرأة وتضيف نورة محمد (موظفة) سبق لي أداء فريضة الحج بإحدى السنوات ومن وقتها أصبح الغالب من معارفي ينادوني ب"ياحاجة" الأمر الذي يثيرغضبي ويشعرني بأني قد كبرت بالسن". تقول نورة "من وجهة نظري أن كلمة يا حاجة تكون لمن كبرت بالسن ومن تجاوزت الستين سنة أما أنا فما زلت بسن الأربعين وأخشى أن يسمع زوجي هذه الكلمة فيظن أني قد كبرت بالعمر". وتوضح منى راشد (معلمة) أن زميلاتها قمن بزيارتها بالمنزل وعندما دخلت الخادمة قامت بمناداتها ب"يا أم خالد" ولم تنادها كالعادة بلقب "مدام منى" الأمر الذي أثار غضبها وتساؤل زميلاتها الزائرات حول هذا التمرد من قبل الخادمة فقامت بتحسين الموقف وتوضيحه لهن بأن الخادمة مازالت مستجدة ولا تفهم ولكن عندما ذهبن وبختها وأخبرتها بأن هذا اللقب خاطئ. وترفض نجوى عبد الله مناداتها ب "سيدة". أو "سيدتي". أو "يا سِتِّي"، لأنها ترى أن هذه الكلمات تناسب المرأة المتزوجة. أما هي آنسة لم تتزوج بعد. رأي اساتذة علم الاجتماع : من جهته قالت أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز وعضو الجمعية العلمية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية الدكتورة فتحية بنت حسين القرشي "تعتبر الكلمات المستخدمة في النداء من الرموز الثقافية الهامة التي تعكس المحتوى القيمي والمدركي للعلاقات كما تؤثر بصفة واضحة في طبيعة التفاعلات ونوعية العلاقات فالشخص الذي يستخدم كلمة "الأهل" في التعبير عن زوجته وأولاده يمنح شعوراً بأنه يقدرهم ويهمه أمرهم أما الشخص الذي يعطي انطباعاً بالضجر والتملص من المسؤوليات باتجاههم وعند استخدام عبارات وألقاب مثل "أم فلان وأبي فلان" فإن ذلك يعكس عمق العلاقة وصعوبة تحللها. كما تشير على درجة من الاحترام المتبادل قد تعوض مشاعر الملل وتوجد الرحمة حتى يجد الزوجان ما يبعث الحياة في علاقتهما من جديد". وأضافت أن "بعض كلمات النداء تؤثر في تذكير الفرد بواجبات المركز الذي يشغله حتى بين الأصدقاء لتتمحور التفاعلات حول المطالب المهنية حتى في أقرب العلاقات. كأن ينادي الصديقان بعضهما البعض باللقب المهني "كأستاذ" أو "معلم". أو"دكتور" أو "مهندس" وتعمل بعض الكلمات المستخدمة في النداء على تعزيز الثقة في النفس كما أنها تشكل جانباً من الهوية الشخصية يدافع عنه أصحابها، فعندما يقال للفتاة "يا مدام" نراها تستنكر وتعرف المنادي بأنها آنسة". الدول المتقدمة تهتم بعبارات المناداة : أن الدول المتقدمة تستخدم عبارات المجاملة في المناداة أكثر من الدول النامية وذلك يتيح التخفيف من الشعور بوطأة ضغوط الحياة اليومية والتعقيدات في الحياة الحضرية. في المقابل يظهر أن استخدام الألقاب المسيئة والدونية في النداء يعكس توتراً في العلاقات ويقلل من تقدير الآخرين لأنفسهم وذلك مما يسهل ارتكاب الأخطاء والمعاصي" مشيرة إلى أن الدراسات أوضحت أن ارتفاع تقدير الذات يعتبر من أبرز الموانع لارتكاب الانحرافات بأنواعها. وأكدت الدكتورة القرشي بأن "ديننا الحنيف يتضمن توجيهات واضحة فيما يختص بأساليب النداء والألفاظ المتداولة للمناداة وهو دين حضاري يتيح كرامة الإنسان ويمهد لحياة اجتماعية مترابطة وخالية من التوترات فيا حبذا لو أدخلنا ألفاظاً مستحسنة في النداء وشاهدنا كيف يمكن أن يغير ذلك من اتجاه العلاقة ومن مضمونها حتى لو استخدمنا هذه الألفاظ من باب الدفع بالتي هي أحسن وعلم اجتماع اللغة يوضح كيف يمكن للألفاظ المتبادلة أن تعتبر مؤشراً على طبيعة العلاقات الراهنة ومستقبلها".