السينما الآسيوية تنتعش فلسطين والسعودية وتونس بكان حضور محدود للسينما الإفريقية إعداد: سماء المنياوي يتوجه أقطاب صناعة السينما في العالم إلى شواطئ كوت دازور الساحرة في فرنسا للحضور والمشاركة في فعاليات الدورة 62 لمهرجان كان السينمائي الدولي، الذي يعد أحد أبرز مهرجانات السينما العالمية، وذلك في الفترة بين 13 و24 مايو/أيار 2009. وقد انعكست آثار الأزمة المالية العالمية على "كان 2009"، حيث قرر القائمون على المهرجان إلغاء الحفلات الفاخرة وفعاليات الترويج التي تنفق عليها أموال طائلة. وتتألف لجنة تحكيم المهرجان من 8 أعضاء برئاسة الممثلة الفرنسية إيزابيل هوبير وتضم المخرج الأمريكي جيمس جراي وكاتب السيناريو البريطاني حنيف قريشي والممثلتان روبن رايت-بن وشو كي. الأفلام المشاركة ويعرض المهرجان في جميع أقسامه 52 عملا سينمائيا من مختلف أنحاء العالم. ويفتتح المهرجان بفيلم ثلاثي الابعاد "فوق" (Up) من انتاج استوديوهات "ديزني" ومن اخراج بيت دوكتر مخرج فيلم "مونستررز فيرسيز ايليينز"" Monesters Vs Aliens" ثم تعرض النيوزيلندية جاين كامبيون، وهي أول امرأة تحوز جائزة السعفة الذهبية في المهرجان عام 1992 عن فيلم "The Piano"، فيلمها الجديد "Bright Star" (نجمة ساطعة) حول قصص حب الشاعر الرومانسي جون كيتس. ومن بين الافلام المرتقبة في هذه الدورة "Vengeance" (انتقام) للمخرج جوني تو ومن بطولة نجم الروك الفرنسي جوني هاليداي. كما يعرض أول فيلم فرنسي من أصل 4 أفلام مشاركة في المسابقة الرسمية وهو "النبي" (Un Prophete) حول العنف في السجون، ويليه في 20 مايو/ أيار فيلم المخرج الان رينيه الغائب عن المسابقة الرسمية منذ العام 1980، مع فيلم Les Herbes Folles (الاعشاب البرية). وقبل اعلان النتائج بيومين يعرض فيلم Enter The Void (فجأة الفراغ) للمخرج الفرنسي غاسبار نويه الذي صور في اليابان، وفي اليوم التالي يعرضا فيلم كزافييه جانولي A L'Origine (في البدء). أما السينما الألمانية فقد تمثلت على وجه الخصوص من خلال الفيلم الألماني النمساوي المشترك The White Ribbon "الشريط الأبيض" للمخرج ميشائل هانكه، المولود في ميونخ والحامل للجنسية النمساوية. وبين الافلام المرتقبة هذه السنة "Looking for Eric" (البحث عن اريك) للمخرج البريطاني كين لوتش الذي يسرد أهم المحطات الشخصية والرياضية للاعب كرة القدم الفرنسي السابق ونجم نادي مانشستر يونايتد اريك كونتونا في منتصف التسعينيات. وكذلك "الاحضان المحطمة" (Broken Embraces)، من بطولة بينيلوبي كروز وأنطونيو بانديراس واخراج بيدرو المودوفار الذي يحكي قصة مخرج "ماثيو" الذي يقع في غرام الممثلة الأولى "لينا" التي تعيش حياة من التعاسة مع منتج الفيلم العجوز الثري. يقول ألمودوفار " إن الأحضان المحطمة فيلم يمزج بين عدد من قصص الحب الحادة والانفعالية ... لكن هناك أيضا قصة حب أساسية .. حبي أنا للسينما " . لقطة من فيلم الأجنحة المحطمة وتشارك المخرجة الإسبانية إيزابيل كويكست في المسابقة الرئيسية للمهرجان هذا العام بفيلمها " خريطة أصوات طوكيو"Map of the Sounds of Tokyo. ويقدم المخرج الايطالي ماركو بيلوكيو الذي يروي فيلمه "Vincere" (الانتصار) قصة ابن موسيليني غير الشرعي. كما يعرض المهرجان فيلم Inglourious Basterds للمخرج الأميركي كوانتين ترانتينو بطولة براد بيت ودايان كروغر، وفيه يحاول ترانتينو استعادة ملامح عنف الحقبة النازية داخل القارة الأوربية في أربعينيات القرن ال20. وفيلم "Fish Tank" للبريطانية اندريا ارنولد. وفي ختام المهرجان، وخارج المنافسة، يعرض المخرج تيري جيليام فيلمه "ذي ايماجينرايوم اوف دكتور بارناسوس" بطولة جوني ديب وكولين فاريل وجود لو والممثل الراحل هيث ليدجر. وتضم المسابقة الرئيسية للمهرجان أفلاما لمخرجين بارزين مثل فيلم "زمن الحرب" (War Time) للمخرج الأمريكي كوينتين تارانتينو. السينما الآسيوية تنتعش ومع ذلك لا يبدو أن المهرجان الذي سيقام على مدار 11 يوما قد فقد بريقه السينمائي على الإطلاق، خاصة وهو يستعد للاحتفاء بصناعة السينما ومشاهير الشاشة الفضية في احتفالية أنيقة جذابة. بل أن دولا كثيرة ستحاول فيما يبدو المشاركة بأفلامها التي سبق أن اشتركت بها في المهرجانات الأخرى لكي تجرب حظها مع لجنة الاختيار بمهرجان كان. إذ يشارك عدد كبير من الأفلام الآسيوية في مهرجان كان 2009 مثل فيلم "Spring Fever" (حمى الربيع) الذي يشارك في المسابقة الرسمية، التي تنطلق الخميس 14 مايو/أيار، ويدور حول قصة حب جارفة بين مثليي جنس من اخراج الصيني لو يي، الذي تتعرض اعماله للرقابة في الصين. كما يعرض فيلم "Thrist" (عطش) للمخرج الكوري الجنوبي بارك شان-ووك الذي يتناول قصة كاهن ينقلب إلى مصاص دماء. جائزة السعفة الذهبية وللمرة الأولى، تشارك الفلبين في مهرجان كان السينمائي ب4 أفلام، حيث أدرجت 3 منها في قائمة الاختيار الرسمي للعرض في المسابقتين الرئيسيتين "المسابقة الرسمية" و"نظرة خاصة" بينما جرى اختيار الفيلم الرابع للمنافسة في مسابقة "الفيلم القصير". وفي مقدمة الأفلام الفلبينية يأتي فيلم "كيناتاي" Kinatay الذي تدور أحداثه حول عصابة من القتلة يقومون بتقطيع جثث ضحاياهم. والفيلم من إخراج بريليانت ميندوزا الذي تنافس العام 2008 على جائزة "السعفة الذهبية" الشهيرة التي يقدمها المهرجان بفيلمه "سيربيس". أما الأفلام الأخرى الفلبينية المشاركة في مهرجان كان هذا العام فهي "إنديبيندينسيا" من إخراج رايا مارتين الذي يشارك في مسابقة نظرة خاصة وهو يمثل الدراما التاريخية التي تتناول فترة الاحتلال الأمريكي للفلبين، وهي المشاركة الأولى للفلبين في مسابقة "نظرة خاصة" التي تعد "الأكثر دقة وخطورة" بين أقسام المهرجان. وفيلم "مانيلا"(Manilla) إخراج مارتين وأدولفو أليكس جونيور، الذي يشارك في المسابقة الرسمية وفيلم "سابونجيرو" من إخراج الفلبيني الأمريكي جانايس بيريز الذي يشارك في مسابقة الأفلام القصيرة. وفيلم Taking Woodstock للمخرج التايواني إنغ لي. فلسطين والسعودية وتونس بكان وفي إطار تزايد الاهتمام الدولي بالسينما الفلسطينية، تم اختيار فيلم "الزمن الذي يبقى" للمخرج إيليا سليمان المولود في الناصرة ضمن المسابقة الرئيسية، وهو الفيلم الوحيد من الشرق الاوسط. وقد سبق لسليمان ان شارك في مهرجان كان العام 2002 بفيلم "عناية الهية" الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم. ويدور الفيلم الفلسطيني حول التحولات التاريخية والاجتماعية التي شهدتها مدينة الناصرة منذ عام 1948 من خلال حياة أسرة فلسطينية وذلك من خلال التطورات التي ستشهدها علاقة حب مستحيلة بين البطلين "فؤاد" و"ثريا". من جهة أخرى، وفي وقت سابق أعلنت إدارة مهرجان "كان" السينمائي موافقتها على إدراج الفيلم السعودي "الصمت" ضمن قائمة الأفلام المتنافسة. وهو فيلم قصير تبلغ مدته 14 دقيقة ويصور معاناة عائلة صماء تعاني من فقدان الأب والأم في حادث مروري، بينما يحاول البطل مواجهة آلامه عبر العزف على الجيتار. وضمن "القرية العالمية للأفلام" في المهرجان تعرض تونس عددا من الأفلام الطويلة والقصيرة من الانتاجات الحديثة والقديمة. فتقدم الفيلم الروائي "سيني تشيتا" لإبراهيم لطيف الذي يتناول، في أسلوب ساخر، قصة 3 شباب يأملون في إنتاج فيلم سينمائي رغم معارضة لجنة الدعم في وزارة الثقافة. كما تعرض فيلم "ثلاثون" لفاضل الجزيري. وهو قراءة ذاتية لفترة من تاريخ تونس شهدت تحولات كثيرة بالاعتماد على تفاصيل يومية لحياة شخصيات سياسية وثقافية كان لها دور في النضال من اجل استقلال تونس وبناء الدولة الحديثة لا سيما الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. اما فيلم الرسوم المتحركة "تحيا كارطاجو 2" لحبيب عطية فيواصل في جزئه الثاني رواية تاريخ قرطاج التي تاسست على يدي عليسة (اليسار) سنة 814 قبل الميلاد وحتى سقوطها من خلال طاقم السفينة الفينيقية "كارطاغو" المكون من الطفل الفضولي "سديك" والشاب الباسل المقاتل "كوثار" والمحارب البربري "سيد" والشيخ "سيفور" روح الطاقم والصوت المرشد والفتاة "غادا" التى تشكل "الضمير الاجتماعي" للمجموعة. والفيلم من إنتاج مشترك فرنسي تونسي جزائري مغربي لبناني سوري، إلى جانب مساهمة مؤسسة "أوروميدياتون" التابعة للبرنامج الأورومتوسطي السمعي البصري الذي يشرف عليه الاتحاد الأوروبي. ومن بين الأفلام القصيرة المشاركة فيلم "مشروع" لمحمد علي النهدي الذي يتطرق لقضايا متنوعة سياسية واجتماعية وثقافية من خلال يوميات شاب عاطل يعيش الفقر والتمزق الاسري داخل حي شعبي بالعاصمة التونسية ما يجعل منه منحرفا. جدول مهرجان كان 2009 وقد شارك هذا الفيلم - وهو باكورة أعمال المخرج الشاب - في 20 مهرجانا عالميا، ونال 24 جائزة في أقل من سنة. ومن الأفلام التسجيلية حرصت إدارة مهرجان كان على عرض 4 أفلام تسجيلية قصيرة عن مستشفى سرطان الأطفال 57357 أثناء وصول نجوم السينما العالميين على البساط الاحمر، كما يتواصل عرض هذه الافلام مع إتاحة الكتيبات المتعلقة بالمستشفى طوال أيام المهرجان . حضور محدود للسينما الإفريقية أما السينما الإفريقية، فكان لها حضور رمزي ممثلا في فيلم "مين ياي" للمخرج المالي سليمان سيسيه، والذي يعرض بشكل خاص للصحفيين والنقاد والمهتمين بالسينما، دون المشاركة في مسابقات المهرجان الرسمية. ومن أبرز ضيوف المهرجان بينلوبي كروز وجيرارد ديباردييه وجودي لو وكولين فاريل وجوني ديب وبراد بيت وجوني هاليداي واريك كانتونا ومونيكا بيلوتشي بين. ورغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تجتاح العالم فإن هناك عددا كبيرا من الافلام في السباق أملا في الفوز بجائزة السعفة الذهبية وهو ما يعني أن المهرجان لم يفقد بريقه.