اتفق عدد من رؤساء المهرجانات السينمائية الدولية علي ضرورة إنقاذ دور العرض السينمائي من الانقراض وزيادة التعاون المشترك بين المهرجانات التي تعاني نقصاً تقنياً ومادياً مع ضرورة إيجاد موارد جديدة لتمويل تلك المهرجانات من خلال الشركاء المحليين والحكومات والسماح بإيجاد سوق أكبر للفيلم السينمائي من خلال تلك المهرجانات. جاء ذلك أثناء اجتماع رؤساء المهرجانات العربية والعالمية الذي عقد علي هامش فعاليات مهرجان القاهرهة السينمائي الدولي الرابع والثلاثين .. وحضره عدد من رؤساء المهرجانات بجانب عدد كبير من وسائل الإعلام .. برئاسة عزت أبوعوف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الذي أكد ان الهدف من عقد هذا الاجتماع هو مناقشة كافة التحديات والمشكلات التي تواجه تلك المهرجانات. أوضح أبوعوف انه من الضروري تبادل الخبرات والآراء والتجارب الناجحة بين سائر المهرجانات التي تواجه العقبات والأزمات في طريقها للعالمية .. مع أهمية عقد أكثر من اجتماع دوري في العام الواحد بين رؤساء تلك المهرجانات السينمائية. أكد "عبدالحق مانتراتش" رئيس مهرجان الرباط السينمائي الدولي بالمغرب ان هناك مهرجانات تدعمها الدولة مباشرة وتستعمل نفوذها في تلك المهرجانات .. مشيراً إلي أنه بعد انتشار الفضائيات أغلقت عدد من دور العرض السينمائي وحل محلها مبان سكنية ضخمة! أضاف عبدالحق ان المركز السينمائي بالمغرب يدعم السينما ب "15" مليون يورو بجانب ان المغرب أصبح ينتج في الآونة الأخيرة 15 فيلماً سينمائياً بشكل سنوي واقترح ضرورة التعاون البناء بين المهرجانات من خلال تبادل الخبرات والنجوم حتي يتم توفير النفقات .. ومن ثم إيجاد تعاون مؤسسي بين المهرجانات العربية كنواة للتعاون المشترك بعد ذلك. رحب عزت أبوعوف بهذا الاقتراح ووعد بسرعة الاجتماع بالمشاركين العرب لتفعيل ذلك الاقتراح. من ناحية أخري قال ماركو سولاري رئيس مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي بسويسرا ان عدد المهرجانات السينمائية بلغ عددها حالياً نحو أربعة آلاف مهرجان سينمائي حول العالم .. حيث كانت البداية في سويسرا عام "1932" ثم توالت المهرجانات حتي ظهور المهرجانات الحديثة مثل مهرجان دبيوأبوظبي .. وقال: رغم ذلك لا تزال المشكلات قائمة وأغلبها يتعلق بالأمور الفنية والتقنية في ظل غياب عنصر الجودة .. وصعوبة الحصول علي نسختين للفيلم مصحوب أحدها بالترجمة للغة أخري .. مشيراً إلي أن "مهرجان القاهرة السينمائي" يعد واحداً من أهم 50 مهرجاناً دولياً. أضاف أن أبرز المشكلات التي تعتري المهرجانات السينمائية علي الصعيد الدولي تكمن في تقلص عدد قاعات دور العرض السينمائي نتيجة انتشار ما يسمي بالسينما المنزلية التي نشأت من خلال انتشار الفضائيات والقرصنة عبر شبكة الإنترنت .. بجانب مشاكل أخري تتعلق بسلوك بعض الموزعين والمشكلات التمويلية .. علاوة علي مدي توافر الاستمرارية والثبات في إقامة المهرجان الواحد. طالب "سولاري" بضرورة تطوير المهرجانات وعدم الاكتفاء بعنصر الاستمرارية فقط وتبني مبدأ الحرية الفنية والإبداعية .. بالإضافة إلي توفير الوسائل المالية وضرورة ربطها بالبعد السياسي. قال : إذا امتدت الدولة للمهرجان باهتمام سيكون هناك دعم مالي مستمر ولائق .. وهذا ما حدث مع مهرجان القاهرة بعد ان تبنته وزارة الثقافة المصرية. أكد "بيتر سكارلا" رئيس مهرجان أبوظبي السينمائي بالإمارات العربية المتحدة ان من أبرز المشاكل التي تواجه أغلب المهرجانات تكمن في الحصول علي الأفلام العالمية بالإضافة إلي صعوبة الحصول علي نسختين من الأفلام باللغتين العربية والإنجليزية .. بجانب حجم الأفلام. قال: يضع البعض حجم الأفلام كمعيار لقوة المهرجان وهذا مفهوم خاطئ .. لأن المعيار الحقيقي هو عنصر الجودة وليس حجم الأفلام .. والدليل علي ذلك ان مهرجانات كبيرة مثل مهرجاني "كان" و "فينيسيا" لا تضع اهتماماً لحجم الأفلام بقدر مراقبتها لعنصر الجودة. كما حذر أيضاً من خطورة القرصنة علي الأفلام وخوف بعض الموزعين من سرقة أفلامهم بعد عرضها في المهرجانات. أشار "عيسي المازروي" مدير المشروعات الخاصة بالثقافة والتراث بمهرجان أبوظبي إلي أن مهرجان أبوظبي يهتم بشكل كبير بالعمل في ظل أسس علمية منظمة وبروح الفريق منذ اللحظة الأولي لانطلاقه قبل نحو أربعة سنوات .. مؤكداً ان مهرجان أبوظبي استطاع أن يثبت وجوده خلال تلك الفترة لكنهم لا يعانون مشكلات مالية كباقي المهرجانات .. ولكن المعوقات الرئيسية التي واجهتهم هو الإقناع علي الاستمرارية. أوضح مشيل ودراوجو المفوض العام لمهرجان بوركينا فاسو ان هناك مهرجانات ليس لها دور أو وظيفة خاصة علي وجه التحديد .. وقال: هناك مهرجانات أقرب ما يمكن ان يطلق عليها "نوادي للسينما" ويبلغ عددها تقريباً 200 مهرجان عبر العالم. أشار "مشيل" إلي ضرورة الحصول علي الدعم السياسي لحشد الموارد المالية لدعم المهرجانات دون أي تدخل من الشركاء السياسيين أو الدول والهيئات الثقافية المعاونة الأخري مثل الاتحاد الأوربي أو المركز الثقافي الفرنسي وغيرهما.. وطالب بضرورة عمل لوبي ضغط لزيادة تلك الموارد.. وركز علي أهمية التضامن بين المهرجانات وتوافر العدالة بينها في التمويل. أشار المازروي إلي أن المهرجانات الأفريقية تعاني ضعفاً شديداً في الرعاية والدعم المادي.. بالإضافة إلي إغلاق قاعات السينما في الكثير من الدول الإفريقية.. واعتبر ذلك بمثابة الخنجر في جسد المجتمع وثقافته حيث إنها تعتبر أحد المرافق الأساسية التي يجب توافرها للإنسان. قالت "فرانسيسكا فيا" رئيسة مهرجان روما السينمائي الدولي أكدت أنهم يتلقون دعماً من عمدة روما وبعض رجال الأعمال الذين يسعون للحصول علي الدعاية لهم.. كما أشارت إلي دور الجمهور في دعم المهرجان من خلال تواجدهم الدائم في فعاليات المهرجان. طالبت فرانسيسكا بضرورة وجود سوق للتلاقي الدولي للمهرجانات من خلال تسويق الفيلم السينمائي. أكد "جايا موريون" رئيس قسم التكريمات الخاصة بمهرجان روما السينمائي الدولي أنهم استطاعوا أن يحصلوا علي شركاء للإنتاج السينمائي المشترك.. ومن ثم أوجدوا سوقاً دولياً للفيلم وذلك من خلال الرعاة التي وصفتهم بالجادين. قال "أندرية سيوتيريك" رئيس مهرجان أفلام الحب بمونز ببلجيكا إنه ليس من مصلحة مهرجانه أن يتواجد داخل ما أسماه "منطق السوق".. مشيراً إلي أنه يريد أن يلحق بمهرجانه أفلام يتم تصويرها بالتليفون المحمول.. بالإضافة إلي جذب أفلام الدول والثقافات الأخري خاصة بعد أن سيطرت الأفلام الأمريكية علي 90% من نسبة الأفلام التي يتم عرضها في المهرجانات الدولية. وقال فيما يتعلق بالتمويل المادي فقد طالب بإعادة تقييم مصادر التمويل مشيراً إلي أن أغلب المهرجانات تعاني ضعفاً مادياً ولذلك من الصعوبة عليهم دعوة نجوم السينما الكبار.. وطالب بضرورة التعاون والتضامن بين المهرجانات المختلفة لتكون في مصاف المهرجانات العالمية. أشارت "نينا فريز" مستشارة مهرجان جراندا سين ديل سور بأسبانيا إلي أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت أسبانيا قلصت من عمليات الدعم للمهرجان بجانب غياب توافر مسئولين متخصصين في إدارة المهرجان وجذب الاستثمارات إليه من طرق مختلفة. عقدت ندوة أخري دارت تحت عنوان "السينما الافريقية في مطلع القرن الحادي والعشرين" والتي شارك فيها عدد من المخرجين والكتاب والمنتجين الأفارقة من بينهم إسعاد يونس التي أكدت أن صناعة الفيلم الأفريقي يعد بمثابة صناعة الثقافة الإنسانية. أضافت أن العالم استمد قيمة الإنسانية واستلهمها من القارة السمراء.. مشيرة إلي أن الفيلم شريك في تحديد تلك القيم مساهما مع عوامل حضارية أخري. أضافت: مد يد العون للفيلم الأفريقي من جانب مصر يعد فرضاً واجباً باعتبارها أهم وأقدم الدول والحضارات في أفريقيا والعالم أجمع.. وقد آن الآوان أن ينظر العالم الغربي للسينما الأفريقية بمنظور مختلف غير الذي تم ترسيخه في عقول الغربيين بأن السينما الأفريقية ما هي إلا صور للأحراش والغابات والقبائل البدائية.. ولفتت الأنظار إلي الموارد البشرية والطبيعية والصناعية التي تمتلكها أفريقيا. شاركها الرأي ميشيل أودروجو المفوض العام لمهرجان السينما والتليفزيون الأفريقي في واجادوجو ببوركينا فاسو قائلاً: السينما تعد من أبرز الفضائل التي أتي بها المستعمر الغربي.. لكنه استفاد من موارد أفريقيا الهائلة في تطوير صناعته وحياته. أضاف: السينما الأفريقية لا تزال تتلقي الدعم من الدول الافريقية.. وهناك مثلاً يقول: من يدفع الفاتورة هو من يطلب الطعام.. وقد آن الأوان لكي تدفع أفريقيا فاتورتها وتنفق علي صناعتها السينمائية وتعمل علي تطويرها في ظل مقدراتها ومواردها التي لا حصر لها.