تشهد دول اسيا ارتفاعا في معدل الانتحار خلال الازمة المالية ويلقي خبراء باللائمة بالائمة على فقد الوظائف وخسارة متقاعدون ومستثمرون صغار آخرون مدخرات العمر بسبب انخفاض أسعار الاسهم وانهيار صناديق الاستثمار. ويشير خبراء الى أن حالات الانتحار تزيد بوجه عام في أوقات الاضطرابات الاقتصادية وربما يكون الاسيويون عرضة لهذا بشكل خاص حيث ان المنطقة تتمتع بواحد من أعلى معدلات الانتحار على مستوى العالم. وفكرت تشان كيو هانج في الانتحار حين اكتشفت أنها فقدت مدخرات التقاعد الخاصة بها مع انهيار "بنك ليمان براذرز". وقالت تشان التي تخلت هي وزوجها عن التقاعد لتعمل خادمة بينما يعمل هو عامل مصعد لتدبير أموره "كنت يائسة. فقدت شهيتي ولم أستطع النوم على الاطلاق. فقدنا اموالنا. كان هذا مؤلما جدا". من جهتها قامت الحكومات الاسيوية باتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة الاوضاع النفسية المتردية للمواطنين بدءا بانشاء خطوط ساخنة ومراكز للاستشارات لمساعدة هؤلاء الاكثر تضررا من الازمة المالية والركود الاقتصادي الذي تبعها. وبين الدول المتقدمة يوجد بكوريا الجنوبية واليابان أعلى معدلات للانتحار في العالم او 24.8 و24 من كل 100 الف شخص على التوالي، تليهما بلجيكا بمعدل يبلغ 21.3 ، وفنلندا بمعدل 20.35. ويبلغ معدل الانتحار في الولاياتالمتحدة 11.1 . ومع اقتراب كوريا الجنوبية من المرور بأول ركود تشهده خلال عقد ومعاناة صادراتها اكبر انخفاض تشهده على الاطلاق تضاعف معدل الانتحار بها مما دفع وزارة الصحة بالبلاد باطلاق برنامجا لمنع الانتحار. كما قامت احدى شركات قطارات الانفاق بتركيب أبواب تحول دون الوصول الى قضبان السكك الحديدية بسبب الزيادة الحادة في أعداد الاشخاص الذين يقدمون على الانتحار بالقفز امام القطارات. وقال مسئول بوزارة الصحة أن الخطة التي تنادي بزيادة عدد متخصصي الرعاية الصحية ومراكز الاستشارات تهدف الى خفض معدلات الانتحار بنسبة 20 % بحلول عام 2013 . وفي اليابان، سرت توقعات بتسريح نحو نصف مليون من الموظفين الذين يعملون بعقود محددة المدة على مدار ستة اشهر حتى ابريل نيسان، وتضررت منطقة ايتشي وهي مركز صناعي بوسط اليابان والتي توجد بها مصانع سيارات تويوتا ومصانع أخرى بشدة. وصرح مسئول في ايتشي بأن عدد الاشخاص الذين يأتون الى مراكز الصحة العقلية ارتفع بنسبة تقترب من 15% في ديسمبر/ كانون الاول 2008 مقارنة بنفس الفترة من عام 2007 يذكر ان معدلات الانتحار في اليابان ارتفعت بشكل حاد خلال فترة كساد شديد في أواخر التسعينات حين انهارت الضمانات بالتوظيف مدى الحياة وانتشرت عمليات تسريح جماعية للموظفين وكافح خريجو الجامعات للعثور على وظائف. وقامت هونج كونج بفتح خطوط ساخنة خاصة في اكتوبر/ تشرين الاول 2008 للاشخاص الذين يعانون من الازمة المالية وفتحت "عيادات لعلاج الاكتئاب" في بعض المستشفيات العامة في فبراير/شباط 2009 . وذكر المركز أن من بين 2301 حالة قام بعلاجها منذ منتصف اكتوبر كانت لدى 8 % منهم أفكار انتحارية. ويقول بول ييب المتخصص في الصحة العقلية ومنع الانتحار بهونج كونج ان عيادته شهدت قفزة في عدد الحالات التي ترتاد عليها للحصول على المساعدة لمواجهة الازمة المالية. واوضح ان العمل مهم جدا للاسيوي ويرجع ذلك لفقر نظام الضمان الاجتماعي للجودة وفقد المرء عمله مرتبط بخسارة ماء الوجه، وبالتالي يمكن أن تكون الصدمة هائلة. وتابع قائلا "في الغرب العلاج النفسي شائع جدا، بينما يشعر الكثير من الاسيويين بالخزي من السعي الى الحصول على مساعدة خبير." وتقول منظمة الصحة العالمية ان معدلات الانتحار ارتفعت بنسبة 60 % على مستوى العالم في الاعوام الخمسة والاربعين الماضية وان 90 % من جميع الحالات مرتبطة بالاكتئاب وتعاطي المخدرات، ويقدم مليون شخص على الانتحار كل عام. (رويترز)