ألقت الازمة المالية العالمية بظلالها السلبية علي الكثير من القطاعات الانتاجية والصناعية هذا بالاضافة إلي تأثيراتها علي تآكل المدخرات نتيجة للهبوط الحاد الذي اصاب البورصة المصرية خلال الأيام الماضية. واكد عدد من خبراء الأوراق المالية ان أسعار معظم الأسهم المتداولة في البورصة انخفضت بنسبة اكثر من 50% من قيمتها مما ساهم في ضياع مدخرات الأفراد. وقالوا في نفس الوقت يجب عدم اغفال بعض الآثار الايجابية للازمة المالية يأتي في مقدمتها انخفاض أسعار بعض السلع الاساسية التي سوف يشعر بها المواطن البسيط خلال الأيام أو الفترة القادمة. وكشف فريق آخر من الخبراء أن تأثير الأزمة علي المدخرات يقتصر علي جزء صغير ذلك الموجود بالبورصة المصرية وليس مدخرات البنوك وذلك لان القطاع المصرفي في مأمن حيث تمت حمايته منذ وقت سابق. بداية أوضح الدكتور رشاد عبده الخبير المصرفي الاقتصادي ان الازمة المالية العالمية ستؤثر سلباً علي العديد من القطاعات في مصر مشيرا إلي أن البورصة هي الأكثر تأثراً نتيجة لخروج الأجانب منها لتعويض خسائرهم في بلادهم أو الخوف من وقوع الأسواق الناشئة وبالتالي بيع الأجانب أوجد حالة من الرعب لدي المصريين مما جعلهم ينفذون عمليات بيع عشوائية وسريعة وبذلك انخفضت قيمة البورصة والأسهم مما أدي لانخفاض مدخرات الأفراد حيث ضاع أكثر من 50% من المدخرات. ويستطرد قائلا هذه أحد المظاهر السلبية للأزمة وتشمل تأكل جزء كبير من المدخرات وكذلك تأثيره علي قطاع السياحة والصادرات لعدم وجود فوائض لشراء سلع وخدمات. واضاف أن التأثير السلبي علي معدل النمو بسبب عدم قدرة الشركات علي الانتاج بالشكل المطلوب لتراجع الطلب، مطالباً بوضع سياسات فاعلة غير تقليدية لزيادة معدل النمو لارتباطه المباشر بالقدرة علي ايجاد فرص عمل. وأوضح أن هناك جوانب ايجابية للأزمة علي السوق المصرية، ستنعكس علي تراجع الأسعار العالمية وبالتالي تراجع الأسعار داخل السوق المحلية، وذلك علي اعتبار ان مصر من أكثر دول المنطقة المستوردة للغذاء بالاضافة لجذب جزء كبير من الاستثمارات الخليجية التي ستنسحب من الاستثمار في الأسواق الأمريكية والأوروبية خوفاً من جني المزيد من الخسائر في ظل انهيار المؤسسات المالية الكبري هناك، مشدداً علي وضع استراتيجية اقتصادية لمواجهة تلك الازمة ووضع خطط استثمارية فاعلة لهذه الأموال حتي لا تصبح عبئاً علي الدولة. ويؤكد د.رشاد ان الازمة اثبتت ان الجهاز المصرفي المصري قوي ولم يتأثر بالأزمة مطلقاً. وأوضح الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ان الازمة المالية العالمية لها تأثير سلبي علي المدخرات المحلية لأن كثيراً من الشركات المتعثرة تسحب جزءا كبيرا من ودائعها وكذلك البنوك المتعثرة تقلل من استثماراتها، بالاضافة إلي أن تأثيرها علي المدخرات المحلية يأتي بسبب الخوف من امتداد الازمة للأسواق الاخري مما أدي لسحب كثير من المستثمرين لودائعهم بالبنوك. ويذكر ان البنك المركزي المصري أوضح أن البنوك المصرية لم تتأثر، بينما يوجد نقص في الوعي وبدأ البعض في سحب الودائع من أجل المضاربة بها في العقارات أو وضعها في الذهب. أضاف د.حمدي عبد العظيم ان للأزمة تأثيراً سلبيا ايضا علي معدل النمو خاصة الصادرات وعلي السياحة خاصة من الدول المتأثرة بالأزمة مثل الولاياتالمتحدة بالاضافة لانخفاض ايرادات قناة السويس نتيجة لكساد التجارة العالمية ونقص المعونة الخارجية فهناك حالة من الخوف وعدم الاطمئنان تؤدي لتراجع كل الاقتصادات العالمية. ومن جانبه يري محمد الصهرجتي العضو المنتدب لشركة سوليدير لتداول الأوراق المالية ان أبعاد الأزمة العالمية لها تأثيرات محتملة علي الاقتصاد المصري، وان المدخرات تتأثر في حالة وجود ايداعات للبنوك المصرية والأفراد لدي البنوك المتأثرة، مشيرا إلي أن الحكومات الأوروبية تتحدث حتي الآن عن حماية البنوك التجارية وفي حالة تأثرها تؤثر علي المدخرات خارج مصر وبالتالي يتأثر الطلب المحلي لأنه من تداعيات الأزمة الاقتصادية حول أمريكا في مرحلة ركود مما يؤدي لانكماش الطلب العالمي مما يؤثر علي الاقتصاد المصري مثل السياحة وايرادات قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، وهذا بدوره سيؤثر علي معدل نمو الاقتصاد المصري بينما تحاول الحكومة حاليا تقليل حدة الازمة علي الاقتصاد المصري وفي حالة الحفاظ علي معدل النمو، لا يتأثر الطلب المحلي بينما المدخرات في البنوك المصرية قد تزداد بسبب تحويل المصريين في الخارج لودائعهم إلي البنوك المصرية. ويذكر أحمد غنيم استاذ اقتصاد بجامعة القاهرة، أن تأثير الازمة علي المدخرات يشمل جزءا صغيرا ذلك الموجود بالبورصة وليس المدخرات بالبنوك، مشيرا إلي أن التأثير ليس كبيرا لأن القطاع البنكي تم حمايته بقانون البنوك والبنك المركزي يساند البنوك. ورأي أن الصادرات لم تتأثر بشكل محلي ولكن قد تتأثر صناعة النسيج مؤكدا ان درجة التأثير لدينا غير عالية مثلما يحدث في الخارج ومن جانب آخر توجد مزايا عديدة للازمة مثل انخفاض اسعار السلع الاساسية وكذلك تخفيض العجز في الميزانية لتخفيض الاعانة علي القمح والبترول. ويري الدكتور ابراهيم المنزلاوي عضو المجالس القومية المتخصصة ان تأثير الأزمة يتضح في انخفاض اسعار المواد الغذائية وهذا ما تشهده الأسواق العالمية حاليا، ولكن في حالة حدوث الانهيار التام للنظام المالي العالمي ويصبح الوضع شبيها بأزمة 1929 ستشمل انخفاضا حادا في أسعار جميع السلع وعدم القدرة علي الشراء من جانب الافراد لعدم وجود السيولة اللازمة. ويستطرد قائلا ان هذا يتوقف علي مدي استجابة السوق الخارجي للاجراءات التي تتخذها الحكومة الامريكية وهذا ما كشفت عنه الاجراءات الأمريكية بتخفيض سعر الفائدة بالبنوك حيث استجاب السوق واستقر لمدة يوم واحد ثم عاد مرة اخري إلي حالة الاضطراب. وذكر ان انعكاسات الأزمة تشير لحدوث كساد لمدة لا تقل عن عامين في الدول الغربية بينما في مصر سيكون التأثير أقل قائلا ان هناك جوانب ايجابية للاستفادة من الازمة مثل تراجع مستويات الأسعار العالمية مما يقلل من تكاليف العملية الاستيرادية. ولكن بالنسبة لمصر هناك اجراءات مؤقتة يمكن اتخاذها مثل تخفيض سعر الفائدة بالبنوك للتشجيع علي الاقتراض وتكوين صندوق لدعم البورصة وحماية أسهم الشركات المتداولة والتأكيد علي ضمان الودائع بالبنوك، مشيرا إلي انه من الدروس المستفادة عدم الاندماج الكامل مع النظام العالمي والعمل علي تعظيم الاقتصاد المحلي ومحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي والبعد عن المراهنات.