"ولدتما معا وستظلان معا حتى في سكون تذكارات الله.".. كانت هذه كلمات جبران خليل جبران التي غنتها فيروز بموسيقى عاصي ومنصور الرحباني. فوسط عدد كبير من المودعين، شُيع جثمان الشاعر والموسيقار الكبير منصور الرحباني- الركن الثاني من اسطورة "الاخوين رحباني"- الى مثواه الاخير الجمعة بعد أن رحل عن عالمنا يوم الثلاثاء عن عمر ناهز الرابعة والثمانين عاما ليلحق بأخيه عاصي الرحباني الذي ودعنا قبل 22 عاما، حيث جمع تراب بلدة انطلياس في شمال بيروت كلا من عاصي ومنصور خلف الباب الواحد. ففي كلمة عائلة الرحباني، ذكر غدي الرحباني- نجل منصور- قائلا "اليوم بعد 22 سنة من رحيل عاصي بعدما افترقتما في الجسد مدة وبقيتما سويا بالروح عدتما واتحدتما ورجعتما الاخوين رحباني اللذين ارتميا برحم الارض." وعائلة الرحباني قد أبدت عتبها على الدولة اللبنانية لعدم إعلان الحداد في يوم التشييع، فقال نجله غدي "اشتغل منصور في حياته للبنان 700 الف ساعة.استكثرتم عليه 12 ساعة حزن." وقال غدي في كلمته في الكنيسة "يا سيد الكلمة...اخذت كل الكلام ذهبت القوافي رصعت الشعر. انتما الاخوين خلقتما وطنا عملتما ثورة هدرت بالناس وتمردت على ذاتها وانتصرت واليوم بعرس الوداع... لن نبكيك سنغنيك ونرفع جبينك على رأسنا تاجا يا ملكا متوجا على هموم الناس." وفي وسط الكنيسة محاطا بالاوسمة والدروع والجوائز التي حصل عليها، كان الحضور يلقون النظرة الاخيرة على جثمان منصور منصور- المولود في بلدة انطلياس مع شقيقه- شكل علامة فارقة في الموسيقى العربية منذ استقالته من الشرطة وتفرغه مع شقيقه لتقديم لون فني جديد في الاذاعة اللبنانية عام 1945.. متجاوزين مشاعر الانانية والفردية عبر اعتماد تسمية "الاخوين رحباني". وعاصي ومنصور كانا قد ألفا عددا من الاعمال الفنية بينها "سبع ومخول" قبل اقتران الاول عام 1955 بنهاد حداد التي عرفت لاحقا باسم فيروز، حيث شكل الثلاثة الثلاثي الرحباني الجديد. والتراث العربي الاسلامي البيزنطي والفولكور اللبناني كانت المصادر التي استوحا منها الرحبانيان موسيقاهما، وكلها تيارات شرقية بالاضافة الى تعمقهما في الدراسة الموسيقية الكلاسيكية الغربية. وكتب الرحباني المسرح للوطن والارض والتاريخ والمستقبل وللفقراء البسطاء، واهتم بالفولكلور اللبناني اهتماما خاصا، وناصر القضايا العربية الكبرى؛ فكانت لديه أغنيات لفلسطين منها "زهرة المدائن"، و"سنرجع يوما"، و"جسر العودة". وقدم الرحبانيان الكثير من المسرحيات الغنائية، وخصوصا تلك التي كانت تعرض في المهرجانات اللبنانية في بعلبك "أيام فخر الدين"، و"جبال الصوان"، و"ناطورة المفاتيح"، و"قصيدة حب". كما قدما ثلاثة أفلام سينمائية هي "بياع الخواتم"، و"سفر برلك"، و" بنت الحارس"، بالاضافة الى المئات من الاغاني التي أثرت المكتبة الموسيقية العربية والعالمية. واثر رحيل عاصي عام 1986، أكمل منصور المسيرة الرحبانية بالتعاون مع أولاده، فقدم أعمالا مسرحية وغنائية كثيرة، واستمر في الانتاج، فقدم مسرحية "الوصية". كما قدم مسرحية "ملوك الطوائف"، اضافة الى مسرحية"المتنبي"، ومسرحية "حكم الرعيان"، ومسرحية "سقراط"، و" النبي" المأخوذة عن نص جبران خليل جبران، و"زنوبيا"، وأخيرا المسرحية الغنائية "عودة طائر الفينيق" التي يستمر عرضها حاليا على خشبة مسرح كازينو لبنان. (روتيرز)