يظهر أفريز بالمتحف الوطني بالعراق الملك الآشوري سارجون الثاني وهو يقتحم متراسا فيما يكدس الجنود الرؤوس المقطوعة أمامه. وقد وقعت العديد من المنحوتات الحجرية الرائعة للملك الآشورى فريسة للسارقين والمخربين بعد نحو 2700 عام فى أعقاب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة ضد العراق وما صاحبه من أعمال الفوضى والنهب . ورغم تراجع العنف في العراق الى أدنى مستوياته منذ أربعة أعوام خلال الشهور الأخيرة واستعادة نحو ستة الاف من 15 الف قطعة فقدت منذ الغزو الأمريكى 2003 فإن ذلك لم يدفع السلطات العراقية للمجازفة بإعادة افتتاح المتحف حتى يستقر ويتوطد الأمن. اميرة عيدان مديرة دائرة الثقافة والاثار ومديرة المتاحف أشارت أن الأوضاع الأمنية تلعب الدور الأساسي في فكرة إعادة افتتاح المتحف الوطني العراقي.. "لا يمكن المجازفة بإعادة افتتاح المتحف في ظرف أمني قلق. لا يمكن المجازفة مرة أخرى بعرض كنوزنا الاثرية ما لم تستقر الأوضاع الأمنية بنسبة مائة في المئة." وقالت عيدان "تعتبر جريمة ثقافية من أفظع الجرائم التي مر بها القرن الحديث." لقد اهتم الأمريكيون بحراسة وزارة النفط وتركوا المتحف دون حراسة" وحتى قبل عمليات النهب عام 2003 تعرضت المواقع التاريخية في أنحاء العراق الى النهب مرارا. بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة الى زيادة عمليات تهريب الاثار فى السنوات الأخيرة قبل سقوط صدام حسين . وكنوع من التعويض على التقصير الأمنى فى حراسة المتاحف في الماضي اصبح الدخول الى المتحف صعبا حاليا. فقد مر مراسلو رويترز بنقطتي تفتيش عند قيامهم بزيارة خاصة للمتحف الشهر الماضي بعد اسابيع من الطلبات الرسمية المضنية. وكان المدخل الأمامي للمتحف المصمم على غرار إحدى بوابات بابل القديمة مغلقا. ولاشهر بعد الغزو كانت واجهة المتحف تشتهر بوجود فتحة كبيرة ناجمة عن قذيفة دبابة اسفل نحت اشوري لرجال في مركبة حربية. وفي الداخل لم يكن معروضا سوى القليل من المقتنيات والتي كان كثير منها مغطى بأكياس بلاستيكية يعلوها التراب. وتعطي الملصقات على الجدران ملمحا عن الكنوز الحبيسة في الاقبية. ويظهر إحداها خوذة ملك مزينة بالذهب بشكل رائع صنعت قبل 4400 عام. ويظهر ملصق آخر تاجا مرصعا بالورود الذهبية. ومن المجوهرات الذهبية الفاتنة المخفية عن الأنظار ايضا كنوز النمرود التي اكتشفت في شمال العراق. وتعتبر تلك الكنوز الى جانب مقبرة توت عنخ امون في مصر من اهم الاكتشافات الاثرية في القرن العشرين. ومن بين القطع الاثرية التي جرى استعادتها "الموناليزا" السومرية او سيدة الوركاء وهي عبارة عن رأس حجري لسيدة ترجع الى 5000 عام. وعثر عليها مدفونة في فناء ببغداد. ومن بين اسباب استمرار غلق المتحف عمليات التجديد لصالات العرض ومجموعها 17 صالة والتى تضررت كثيرا من سنوات الاهمال . وترصد تلك الصالات تاريخ الانسان في المنطقة التي يوجد بها العراق الان بدءا من ازمنة ما قبل التاريخ مرورا بالحقب السومرية والبابلية والاشورية والتي افرزت حكاما وممالك ذكرت في القران والانجيل والتوراة. واغلق المتحف لسنوات منذ عام 1980 بسبب الحروب العراقية مع الغرب وايران. وكان صدام وحاشيته من بين قليلين يسمح لهم بالدخول. وقالت مريم رمزي وهي مرشدة سابقة بالمتحف فيما كانت تمر بالردهات الفارغة "افتقد عملي كثيرا كمرشدة اثرية... كان يأتي زوار من المدارس واجانب ايضا." واسترجعت تلك الذكريات وهي غارقة في دموعها عندما شاهدت اثار النهب. واشارت الى مكان حيث كسر الناهبون احدى الجداريات التي تصور الملك سارجون الثاني ربما في محاولة لانتزاعها من على الحائط. وبالقرب من افريز الملك يوجد رأس مقطوع اخر وهو نحت حجري ضخم فصله سارقون من تمثال في بقايا قصر الملك سارجون الثاني عام 1996 . والرأس البشري كان ملتصقا في وقت من الاوقات بجسم ثور مجنح وهي رموز توضع عادة بشكل مزدوج في المداخل لصرف الشر وحماية الملوك الاشوريين وممتلكاتهم. ويوجد الرأس الآن على الأرض يشخص في السقف الذي يسرب المياه. (رويترز)