تشهد الولاياتالمتحدة خلال الشهور الاخيرة لادارة الرئيس بوش موجة عارمة من الاعاصير والكوارث الطبيعية التي تفوق اعنف الحروب لتتحدي واشنطون بكل امكانياتها ولتظهر عجزها مهما كانت الاستعدادات واكبر مثال لذلك هو اعصار ايك الذي اختار ولاية تكساس ليحول عددا كبيرا من مدنها الي دمار شامل. ولكن مأساة هذا الاعصار المتوحش تراجعت امام الزلزال الذي اصاب عالم الاقتصاد والمال في نيويورك حيث تتساقط كبري البنوك والمؤسسات الاقتصادية مثل قطع الدومينو الواحدة تلو الاخري. ومن الاقوال المعروفة في عالم المال: ان اصابة الاقتصاد الامريكي بالزكام يصيب الاقتصاد العالمي بالتهاب رئوي.. ولكن ما تشهده اسواق المال الامريكية خلال هذا الاسبوع يؤكد ان الاقتصاد الامريكي قد دخل غرفة الانعاش.. اي ان الولاية الثانية للرئيس بوش تكاد تنتهي بكارثة اقتصادية سيكون لها تداعيات علي الاقتصاد العالمي. وكان رؤساء البنوك والمؤسسات المالية قد قضوا عطلة نهاية الاسبوع الماضي مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي ومع وزير الخزانة في محاولة لانقاذ ما يمكن انقاذه وكان الامر بصفة اساسية بنك ليمان براذرز الاستثماري الذي تمادي في عمليات القروض العقارية وفي تضخيم حجم تعاملاته ليعود ذلك من خلال الارباح الوهمية في صورة حوافز تستفيد بها القيادات.. وقد سعت الادارة الامريكية الي اقناع البنوك التجارية والاستثمارية لتوفير السيولة اللازمة لانقاذ ليمان براذرز دون جدوي.. ولم يعد امام هذا البنك الاستثماري القديم الا ان يعلن افلاسه وفي صباح الاثنين توجه العاملون في جميع فروع البنك المنتشرة حول العالم ليقوموا بجمع اوراقهم الخاصة بعدان فقدوا وظائفهم.. وهكذا فقد اكثر من 52 الف موظف وظائفهم الي جانب ما يقارب هذا العدد من العاملين في الخدمات المساعدة.. اي ان 05 الف اسرة في نيويورك وحدها فقدت مصدر رزقها.. وخلال ساعات قليلة حدث انهيار خطير في بورصة الاوراق المالية ليفقد عدد كبير من المستثمرين جزءا كبيرا من مدخراتهم. وعلي الرغم من تقدم بنك اوف امريكا لشراء بنك استثماري اخر هو ميريل لينش لانقاذه من الافلاس واعلان الخزانة الامريكيةبانها ليست مستعدة لتقديم اموال دافعي الضرائب الامريكية لانقاذ البنوك وتحمل اخطائها.. فقد كان جزع الامريكيين وعدم ثقتهم وراء قيام الخزانة الامريكية بتغيير موقفها واقدامها علي تسليف اكبر شركة تأمين مبلغ 58 مليار دولار لمنع انهيارها وبرر وزير الخزانة هذا الاجراء بانه اجراءوقائي لحماية هذه الشركة وحماية 07 مليون مواطن امريكي يتعاملون معها.. وكذلك لحماية 611 الف شخص يعملون في هذه الشركة في مختلف انحاء العالم.. وفي مقابل هذه السلفة التي يشترط ان ترد خلال عامين ستضع الادارة الامريكية يدها علي حوالي 08٪ من اصول الشركة.. اي انها اول عملية تأمين تقوم بها الولاياتالمتحدة التي تنادي بالخصخصة. ومع تصاعد الازمة الاقتصادية واشتعالها اتهمت الادارة الامريكية الكونجرس الديمقراطي بتعطيل اقرار مشروع لاصلاح آليات الضبط المالي.. والقت نانسي بيلوس زعيمة الاغلبية في الكونجرس باللوم علي الادارة الامريكية.. ولم تتردد سارة بايلن المرشحة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري في اتهام الادارة باغفال دورها الاقتصادي واستخدام نظم عتيقة لضبط عمل الاسواق المالية. وارتفعت بعض الاصوات التي تطالب بمحاكمة المسئولين عن هذه الازمة الاقتصادية من رجال البنوك والمؤسسات الاقتصادية.