يصفون أنفسهم ب' جيل بوتين' الذي يسعي لاستعادة مجد روسيا ونفوذها كقوي عظمي علي الساحة الدولية في حين يصفهم البعض ب'جنود الكرملين'للتصدي والقضاء علي المعارضة أنهم شباب حركة' ناشي' الذين تجمع الآلاف منهم في معسكر' ناشي'الصيفي السنوي مؤخرا لإعدادهم لمواجهة اعداء روسيا في الداخل والخارج بالإضافة الي ممارسة الانشطة الترفيهية المعتادة في مثل هذه المعسكرات الصيفية. و'ناشي'تعني بالروسية' ملكنا'كما انها اختصار ل'حركة الشباب الديمقراطي المناهض للفاشية' وهي تعد أكبر حركة شبابية مؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتهدف كما ينص بيانها التأسيسي إلي القضاء علي' تحالف الفاشية والنازية والليبرالية وحكم القلة' الذي يهدد وحدة وسيادة روسيا. ورغم انه لا توجد احصاءات رسمية لعدد اعضاء' ناشي'فإنهم يقدرون بحوالي مائة الف شاب تتراوح اعمارهم بين14 و30 عاما في انحاء روسيا.ويكفي ان تعرف ان عدد المشاركين في المعسكر الصيفي لهذا العام يتضاعف ليصل إلي عشرة آلاف شاب وشابة مقارنة بخمسة آلاف في العام الماضي. والمعسكر يعد اداة من ادوات الحركة التي تأسست في عام2005 كرد فعل للثورة البرتقالية التي اطاحت برئيس اوكرانيا الموالي للغرب و ثورة الزهور التي أطاحت بنظيره في جورجيا احتجاجا علي تزوير الانتخابات, لغسل أدمغة الشباب وبرمجتها علي التأييد غير المشروط لبوتين والكرملين. وتبدأ' البرمجة'بالمظهر الخارجي حيث يرتدي المشاركون طوال فترة المعسكر والتي تمتد لأسبوعين تي شيرتات حمراء تحمل شعار' ناشي' وكتبت عليها عبارات تصف عظمة روسيا وبوتين. وينبه فاسيل ياكيمنكو زعيم الحركة(36 عاما) الي ان امتناع اي شاب عن ارتداء التي شيرت الأحمر لا يعني سوي انه يخجل من انتمائه ل'ناشي'. وفي المعسكر يمارس المشاركون التمرينات الرياضة ويتلقون تدريبات علي حمل السلاح ويتلقون محاضرات لتثقيفهم سياسيا. وتركز المحاضرات علي فكرة استعادة روسيا لمجدها وثقلها الدولي والدور المنتظر من ناشي لتحقيق هذا الحلم والقضاء علي اي محاولة من جانب المعارضة لزعزعة استقرار البلاد. ولا تخلو المحاضرات بالطبع من استعراض انجازات بوتين علي اصعدة السياسة الخارجية والاقتصاد والثقافة. وحضور المحاضرات اجباري ولضمان الاذعان والالتزام يرتدي كل شباب المعسكر بطاقات الكترونية يتم عن طريقها مراقبة حضورهم باستمرار. اما اذا تغيب احد عن ثلاث محاضرات يتم طرده من المعسكر' وعليه ان يجد الطريق الي بيته بنفسه'كما تقول احدي المشاركات حيث يقع المعسكر في منتجع ناء علي بحيرة سيلغر علي مسافة خمس ساعات بالسيارة شمالي العاصمة موسكو. وبجانب التلقين السياسي المباشر يحفل المعسكر بوسائل أخري أقل مباشرة لملء صدور الشباب بالولاء والتبجيل لبوتين, وبالكراهية والاحتقار لمعارضيه.فصور القائد بوتين تطل عليك من كل ناحية في المعسكر وبجانبها لوحات وشعارات محفزة من بينها لوحة لصاروخ عابر للقارات كتب اسفلها'الديمقراطية السيادية'تأكيدا لحرص روسيا علي التحرر من سيطرة الغرب. وفي وسط المعسكر يوجد ما يطلق عليه' شارع الهوي'ويضم لوحات ضخمة لأبرز معارضي بوتين وسياساته, وقد ركبت وجوههم علي اجساد فتيات ليل تلميحا الي انهم يبيعون وطنهم مقابل الحصول علي الدولارات الامريكية. وتقول لينا احدي المشاركات في المعسكر من سان بطرسبرج وعمرها20 عاما' لم أكن اعرف ان هؤلاء الأشخاص فاشيون الي ان اتيت الي هنا'. وعلي مقربة من شارع الهوي يوجد بوستر لاستونيا كتب اسفله' الدولة الفاشية' وذلك بسبب قيام الحكومة بنقل نصب تذكاري للجيش الاحمر من وسط العاصمة تالين الي مقبرة عسكرية.وهناك أيضا' متحف ازدواجية المعايير'و الذي يركز علي عقد مقارنات من خلال صور ومقتطفات من الصحف, انتقاد الدول الغربية المستمر للممارسات الروسية وصمتها ازاء' ممارسات ابشع'علي حد وصف ياكيمنكو داخل الدول الغربية نفسها. وبجانب مخاطبة عقول هؤلاء الشباب ومحاولة التأثير عليها لاعادة تشكيلها كما يحلو لهم لم تنس' ناشي'مغازلة مشاعرهم: أولا :عن طريق تقديم وعود براقة باعتبارهم دائما' طلائع روسياالجديدة القوية'وفتح الابواب امامهم لتبوؤ مراكز مرموقة في الوزارات والشركات الكبري المملوكة للدولة وعلي رأسها' جازبروم'اكبر شركة بترول والتي يعتقد انها اكبر ممولي ناشي بجانب الكرملين فمصادر تمويل ناشي والمعسكر لا تزال سرا من الاسرار الحربية ويكتفي ياكيمنكو بالتأكيد علي انها ليست من اموال دافعي الضرائب. ثانيا: عن طريق مساعدتهم في الزواج.فقد اقام المعسكر هذا العام حفل زواج جماعي ل25 عريس وعروسة من اعضاء ناشي واقام لهم مخيما خاصا علي شكل قلب أحمر داخل المعسكر لقضاء شهر العسل! وهكذا فالمعسكر الذي يعد تجسيدا لبعض افكار الحركة يعيد للاذهان سياسات زعماء الاتحاد السوفيتي السابق لتجنيد الشباب واستغلال طاقتهم وحماسهم لخدمة اهداف الدولة. ويري البعض ان ناشي لا تختلف كثيرا عن منظمة' كومسومول'الشبابية في العهد الشيوعي التي كانت تنطوي عضويتها علي الربط بين الوطنية وتطوير الذات والحصول علي امتيازات. بل ان ياكيمنكو نفسه يعترف بوجود وجوه تشابه: فالاعضاء القدامي في ناشي يطلق عليهم' مفوضون'كما كان يطلق علي مسئولي الحزب الشيوعي الذين كان يعهد اليهم ببث مبادئ الحزب كما ان بعض الاعضاء يحملون' كتابا أحمر'يسجلون فيه الانجازات. ولكن ياكيمنكو يؤكد في الوقت نفسه ان' ناشي ليست كوموسول جديد الان في الكومسومول كان المهم هو نجاح الحزب الشيوعي اما بالنسبة لنا فالمهم هو نجاح الفرد'. وفي الواقع ان ممارسات ناشي تؤكد ان المهم هو نجاح بوتين. واعضاء الحركة ماهم الا اداة لتخويف شباب المعارضة ودفعهم للاحجام عن حضور اي تجمعات للمعارضة, ومخالب للتحرش بكل من يخالف بوتين الرأي. فعلي سبيل المثال قام بعض اعضاء الحركة بمطاردة ومضايقة السفير البريطاني في موسكو لعدة أشهر بعد حضوره مؤتمرا لكتلة' روسيا الاخري'المعارضة والتي يعتبرها الكرملين ألد اعدائه. وحاصر اخرون مقر سفارة استونيا في موسكو في ابريل الماضي احتجاجا علي نقل نصب الجيش الاحمر وطاردوا السفيرة الاستونية.وفي نفس الشهر وزعت ناشي عشرة الاف خط تليفون محمول مجانا علي بعض سكان موسكو حتي يتمكنوا من الابلاغ عن اي' مظاهرة او تمرد موالي للغرب'. وفكرة قيام عناصرغربية خفية بمحاولة التلاعب باستقرار البلاد والاستفادة من تدهور شعبية بوتين في السنوات الاخيرة تزداد سيطرة مع اقتراب عقد الانتخابات البرلمانية في ديسمبر المقبل والانتخابات الرئاسية في2008, وحذر ياكيمنكو صراحة من ان' الغرب قد يحاول قيادة انقلاب خلال الانتخابات البرلمانية' ولذلك تم اعداد ستين الف عضو للمشاركة في عمليات فرز أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لدرء اي محاولة للتشكيك في نزاهة الانتخابات مما قد يؤدي الي اندلاع مظاهرات حاشدة في الشوارع علي غرار ما حدث في اوكرانيا وجورجيا. وبرغم ذلك يحاول بعض المراقبين التقليل من شأن ناشي وحجم تأثيرها علي المجريات السياسية والقول بأن ما يجمع بين افرادها الاغراء المالي وليس فكرا ايدولوجيا ولذا فانها مهددة بالحل كما حدث مع سابقتها حركة' السير معا' الموالية للكرملين, والتي كان يرأسها ايضا فاسيلي ياكيمنكو.وقد تم حل الحركة بعد ان ساءت سمعتها لتورطها في الكثير من عمليات الاعتداء علي حرية التعبير مثل حرق الكتب والتعدي علي المعارض والعروض الفنية بدعوي انها مخلة. ولكن الاختبار الحقيقي لحجم تأثير ناشي ومدي فعالية سلاح بوتين لقتل المعارضة هو ما سيحدث في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.