في يوم الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 ،استقبل الشعب المصري البيان الأول للثورة على لسان الرئيس الراحل محمد أنور السادات والذي قال "إجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم إستقرار الحكم ولقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين عام 1948". هذه الكلمات استقبلها المصريون بفرحة غامرة وبحماسة تفوق الوصف ومن تلك اللحظة تحول واقع الثورة من مجرد حركة في الجيش للقضاء على الفساد إلى ثورة كاملة من أجل خير مصر. الجيش المصري العظيم لم يكن بمعزل عن الشعب فقامت في صفوفه تنظيمات سرية حيث شهدت الفترة التى أعقبت معاهدة 1936 زيادة أعداد الجيش ودخول ضباط من العناصر الشعبية بعد أن كانت حكراً على طبقات معينة فكان من هؤلاء الضباط طلائع ثورة يوليو. بعد 64 عاماً على الثورة، كيف يراها المحللون والعسكريون ؟ حول هذا الموضوع دار حوار موقع "أخبار مصر" مع اللواء محمد الشهاوي مستشار كلية القادة والأركان: *** في البداية كيف ترى ثورة يوليو بعد 64 عاماً؟ -الذكرى ال 64 من ثورة يوليو تعتبر نقطة مضيئة في تاريخ مصر المعاصر حيث قضت على الفساد والإستبداد ونظراً لأن مفهوم العدالة الاجتماعية كان حلماً يرواد خيال المصريين فكان لابد من منقذ يعدل تلك الأوضاع قبل فوات الأوان حيث التف الشعب حول مجموعة من الضباط الأحرار الذي تصدروا المشهد ليعلنوا للعالم أجمع ثورة 23 يوليو عام 1952. *** هل تحققت كل أهداف الثورة بعد هذه السنوات؟ قامت الثورة على مبادئ ستة كانت عماد سياسة الثورة وهي: – القضاء على الإقطاع. – القضاء على الاستعمار. – القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم. – إقامة حياة ديمقراطية سليمة. – إقامة جيش وطني قوي. – إقامة عدالة اجتماعية. بالإضافة إلى قيام حياة ديمقراطية سليمة كل هذه المبادئ حققت الكثير من النتائج من خلال قيادة الزعيم جمال عبد الناصر الذي شحذ همم المصريين وأطلق طاقاتهم الكامنة وبنى السد العالي رغم التحديات وأطلق شرارة ثورة صناعية عملاقة وأعاد توزيع الثروة في مصر بشكل عادل مع إنهاء سيطرة رأس المال المستغل وكذا القضاء على الإقطاع من خلال توزيع الأراضي على الفلاحين والذي يصب في مجال التأمينات الاجتماعية. *** كيف كان موقف جماعة "الإخوان" من ثورة يوليو؟ -"جماعة "الإخوان" تريد تدمير الجيوش الوطنية والاعتماد على مليشيات خاصة لهم من قبل الحرس الثوري للسيطرة على أي بلد بها جماعة الإخوان ،وخير دليل على ذلك ما يحدث الآن من الديكتاتور أردوغان رئيس تركيا وما يفعله يومياً لكسر هيبة جيشه وإذلاله والإعتماد على مليشياته الخاصة التى ترتدي زي قوات الشرطة بالتعاون مع مؤسسة صادات التى تشبه الحرس الثوري الإيراني". *** ثورة 23 يوليو.. ثورة جيش أم ثورة شعب؟ دائماً الثورات تكون ثورة شعوب تدعمها القوات العسكرية لفرض الإرادة السياسية على قوة التطرف وقوة الإستبداد ففى ثورة 23 يوليو إلتف الشعب حول هؤلاء الضباط ليتخلصوا من الإستبداد والفساد والإستعمار. *** كيف ترى أوجه الشبه بين الرئيس الراحل"عبد الناصر" والرئيس "السيسي"؟ الرئيس عبد الناصر اكتسب زعامته عندما قام بتأمين قناة السويس وقام بعمل المشروعات العملاقة مثل بناء السد العالي وتوزيع الأراضي على الفلاحين وإمتلاك العمال للقطاع العام وأنهى مجتمع النصف في المئة ليكون مجتمع المئة في المئة كل ذلك ساهم في زعامته.. أما الرئيس السيسي اكتسب زعامته من خلال ثورة 30 يونيو 2013 التى أعادت الوطن إلى مساره الطبيعي وحقنت مصر من شرور الإنقسام والإقتتال الداخلي وأوقفت السير نحو الهاوية مثل ليبيا وسوريا والعراق. *** كيف كانت نظرة "عبد الناصر" لبناء اقتصاد حر؟ -هذه التجربة تدرس لأنه قام بتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة وقيامه بثورة من أجل الإنتاج والعمل وإذابة الفوارق بين الطبقات والقضاء على الإقطاع واعطى فرص الحياة لجموع الشعب المصري من خلال ثورة زراعية مع توفير المياه لها وبناء السد العالي وحرر الإنسان المصري من سيطرة الإستقرار ورأس المال غير الوطني. *** كيف استفاد البسطاء والفلاحين من هذه الثورة؟ استفاد الفلاح المصري من توزيع أراضي الإقطاع التى كان يملكها نصف في المئة من عدد سكان مصر وأصبح الجميع يمتلكون ويزرعون أرضهم لزيادة الاقتصاد القومي للبلاد. أما العمال فقد تم إنشاء المصانع من خلال مشروعات صناعية عملاقة في جميع المجالات وأصبح العامل والفلاح لهما مورد رزق أمنته لهما ثورة يوليو وكانت ثورة عمل كبيرة لصالح مصر والمصريين. *** كيف جاءت فكرة الضباط الأحرار؟ جاءت فكرة الضباط الأحرار نظراً لحرب 48 وقيام دولة إسرائيل وما حدث في الحرب من صفقة الإسلحة الفاسدة وكان الفساد والإستبداد سائداً والعدالة الاجتماعية غائبة مما أدى إلى قيام مجموعة من الضباط الأحرار لتعديل تلك الأوضاع المائلة والتف حولهم الشعب المصري كله مما أدى لنجاح تلك الثورة. *** وماذا عن تعامل الضباط الأحرار مع الملك فاروق؟ -الضباط الأحرار مجموعة من الضباط الأكفاء ذوى الخبرة والمبادئ الراقية وتعاملوا مع الملك فاروق بكل تقدير حيث أطلقت المدفعية 21 طلقة أثناء مغادرتة البلاد ولم يتم إراقة أي دماء أو تشفي في القيادات أو الملك نفسه مما يدل على حس الخلق وعلى المبادئ والإنضباط العالي لتلك المجموعة من الضباط الأحرار من الجيش المصري العريق. *** كيف تعامل "عبد الناصر" مع الغرب وأمريكا؟ كانت هناك ضغوط خارجية ضد مصر وضد عبد الناصر لأنه قاد مسيرة التحرر للبلدان العربية والإفريقية فكان لابد من تكاتف قوى الشر لهزيمته حتى يكون للقوة الإستعمارية موطىء قدم في الدول العربية والإفريقية ،فكان التخطيط لهزيمة 67 التى قلصت طموح التحرر والإنطلاق على المستويين الإقليمي والدولي.