عيد العمال الليبرالي    رئيس «إسكان النواب»: توجد 2.5 مليون حالة مخالفة بناء قبل 2019    أسعار النفط تسجل أكبر تراجع أسبوعي في 3 أشهر    بالصور.. وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر "يلا كامب" بمدينة دهب    بعد «اتفاقية التكييف».. محافظ بني سويف: تحوّلنا إلى مدينة صناعية كبيرة    إدخال 349 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبري رفح وكرم أبو سالم    البيت الأبيض: بايدن يستقبل العاهل الأردني الأسبوع المقبل    موريتانيا.. أقدم معارض يدعم الرئيس الغزواني في الانتخابات المقبلة    أخبار الأهلي : عاجل .. استبعاد 11 لاعبا من قائمة الأهلي أمام الجونة    بحضور 25 مدربًا.. اتحاد الكرة يُعلن موعد الدورات التدريبية للرخصة «A»    تير شتيجن على موعد مع رقم تاريخي أمام جيرونا    التحقيقات تكشف سبب مقتل شاب علي يد جزار ونجله في السلام    تحرير 12 محضرا تموينيا خلال حملة مكبرة في البحيرة    مروة ناجي تتألق ونجوم الموسيقى العربية ينتزعون الإعجاب على المسرح الكبير | صور    آمال ماهر تتألق بأجمل أغانيها في جدة | صور    قصر أثري للبيع مقابل 10 يورو بشرط واحد.. كان يسكنه رئيس وزراء بلجيكي سابق    فريدة سيف النصر ترد على اتهامات توترها للفنانين داخل لوكيشن "العتاولة"    هند صبري وابنتها يقلدان مشهد من «نيللي وشريهان»    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    5 فئات ممنوعة من تناول الرنجة في شم النسيم    لعنة تخطي الهلال مستمرة.. العين يخسر نهائي كأس الرابطة من الوحدة    عمرو أديب ل مصطفى بكري: التعديل الوزاري إمتى؟.. والأخير يرد    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 2679 شكوى بمخالفات مخابز    قتلا الخفير وسرقا المصنع.. المؤبد لعاطل ومسجل خطر في القاهرة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    "قطّعت جارتها وأطعمتها لكلاب السكك".. جريمة قتل بشعة تهز الفيوم    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    كيف يعاقب قانون العمل المنشآت الممنتعة عن توفير اشتراطات السلامة المهنية؟    بعد محور جرجا على النيل.. محور يربط «طريق شرق العوينات» و«جنوب الداخلة - منفلوط» بطول 300 كم لربط الصعيد بالوادي الجديد    أخبار الأقصر اليوم.. تفاصيل لقاء قائد قطاع المنطقة الجنوبية لإدارة التراخيص والتفتيش ونائب المحافظ    بمشاركة كوكا، ألانيا سبور يتعادل مع أنقرة 1-1 في الدوري التركي    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    طب الفيوم تحصد لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعات المصرية    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    خدمة الساعات الكبرى وصلاة الغروب ورتبة إنزال المصلوب ببعض كنائس الروم الكاثوليك بالقاهرة|صور    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    سوسن بدر تعلق على تكريمها من مهرجان بردية لسينما الومضة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



23 يوليو.. ثورة لن تموت
نشر في الجمهورية يوم 23 - 07 - 2016

الثورات لا تموت.. تظل باقية في وجدان الشعوب.. تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.. ويسجلها التاريخ بحروف من نور.. لأنها تخرج الشعوب من ظلام الاحتلال والفساد.. إلي نور الحرية والبناء والتنمية.. ورغم مرور 64 عاماً علي ثورة 23 يوليو 1952 فإنها مازالت لحظة فارقة في تاريخ الأمة.. انتهت الملكية وانطلقت الجمهورية ومرحلة جديدة في حياة الوطن.. سادت العدالة الاجتماعية.. واستنشق الوطن عبير الحرية والبناء والتنمية انطلقت المشروعات العملاقة الزراعية والصناعية.. وارتفعت قلاع النهضة والتنمية في كل مكان.. ارتفع السد العالي ليحمي البلاد من الفيضان.. وتمتد الزراعات شرقاً وغرباً.. وشهدت البلاد نهضة صناعية أخري.. فارتفعت قلاع صناعة النسيج في المحلة الكبري والألومنيوم والسكر في نجع حمادي.. والنصر للسيارات في ربوع الوطن.. والعربية للتصنيع لتضع مصر علي طريق الإنتاج العملاق للسيارات والأتوبيسات واحتياجات البلاد من السلاح.
إن ثورة يوليو ستبقي منارة للعمل الوطني ما بقيت الأنفاس في الأبدان.
العدالة الاجتماعية.. الحلم الكبير
صفوت عمران
كانت ثورة يوليو نقطة فارقة في تاريخ مصر. ففي صباح ليلة 23 يوليو عام 1952 انطلق الضباط الأحرار ليحكموا قبضتهم علي الأجهزة والهيئات الحكومية. ومبني الإذاعة. والمرافق العامة. ليعلنوا للشعب انتهاء فترة الاستعباد والظلم. وبداية عصر جديد مشرق في تاريخ مصر امتد تأثيره الايجابي ليشمل المنطقة العربية والشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم. حيث كانت العدالة الاجتماعية وإرساء قيم العدل والمساواة ومنح فرص عادلة لأبناء الشعوب الانتصار الأكبر لثورة 23 يوليو.
فعندما أذاع آنذاك. الرائد محمد أنور السادات. بياناً للشعب المصري أعلن فيه اندلاع حركة سلمية بدون دماء قامت بها القوات المسلحة من أجل الحفاظ علي الأمن القومي المصري انطلاقاً من الشرعية الثورية. انتصرت إرادة الشعب التي التفت حول الضباط الأحرار لنبذ الظلم. ليس علي كاهل أبنائه فقط بل انتقل تأثيره ليشمل جميع الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج. معززاً من قوة الوحدة فجمع عبدالناصر كل العرب ووحد هممهم نحو استعادة الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وعلي الرغم من مرور 64 عاماً علي ثورة 23 يوليو وطي ملف التحرر الوطني. تبقي تجربة يوليو ودورها في تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية. ودعم حركات التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار. علامة مضيئة وبارزة في تاريخ مصر ورصيداً لمكانتها ودورها الإقليمي والدولي. حيث إنها كانت بداية لبناء الاقتصاد القومي بعدما عانت من ويلات الاستعمار. لتنشئ مصر بعدها السد العالي. وتقيم المصانع والشركات الحكومية بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي وقتها. لينعكس ذلك علي الاقتصاد ومعدلات النمو والبطالة.
كما كان من أبرز إنجازات ثورة 23 يوليو 1952. مجانية التعليم. ولولا تلك الخطوة لم يكن هناك تعليم لأبناء الفقراء. مما ساهم في انخفاض نسب الأمية داخل المجتمع المصري إلي حد بعيد. وكان هناك زيادة طردية بين جودة التعليم ومجانيته. جعلت التعليم أحد أبرز إنجازات الثورة وتسبب زيادة الوعي والتطور بزيادة أعداد الخريجين في مختلف المجالات. فالتعليم يعد معياراً لتنامي الاقتصاد أو تراجعه. إلا أننا لم نستمر علي ذلك النهج طويلاً وتدهورت الممارسات في قطاع التعليم. خاصة في الثلاث عقود الأخيرة. مما تسبب في زيادة الفوارق الطبقية وزيادة معدلات الفقر. تلاها تراجع المهارات والابتكارات ومواكبة التكنولوجية الحديثة في الصناعة والإنتاج. ليؤدي في النهاية للتأثير علي الاقتصاد القومي. جعلنا نتحول من دولة منتجة إلي دولة مستهلكة وهو ما كان له تداعياته السلبية علي السياسة الداخلية والخارجية للدولة. الأمر الذي يستوجب وقفة صادقة مع النفس. والتحرك نحو المستقبل يستوجب إصلاح منظومة التعليم التي كانت أهم مكتسبات ثورة 23 يوليو في ملف العدالة الاجتماعية.
إن الثورات التي كانت تهدف إلي تحقيق نهضة وتقدم للشعوب كرست لبناء دستور وطني ودولة ديمقراطية. إلا إنها فشلت في تحقيق العدالة الاجتماعية. بسبب وجود فوارق بين أصحاب الأملاك والفقراء. بعكس ثورة 23 يوليو 1952 التي طبقت العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع طبقات المجتمع المصري. لذلك فإن المقارنة بين ثورة "25 يناير 30 يونيو". وثورة 23 يوليو 1952. لم تعد مطروحة في الأدبيات السياسية أو الاجتماعية. وهو وضع بالغ الغرابة في ظروف مصر الراهنة وفي الوقت الذي تحتفل فيه بمرور 64 عاماً علي ثورة يوليو. قد لا نتحدث عن علاقة تربط هذه الثورة بتلك. لكن هل يمكن نسيان المقارنة بين ما هو مشترك وما هو مختلف بينهما؟ إن أكثر الأمور وضوحاً هنا هو اهتمام ثورة يوليو في مراحلها المتتالية بالعدالة الاجتماعية كهدف ثوري وطني لا يمكن الاستغناء عنه أو نسيانه. لهذا كان من أوائل قرارات ثورة يوليو قرار الحد من الملكية الزراعية. جاء ذلك استجابة لهدف القضاء علي الاقطاع في عالم اختفي فيه الاقطاع من الوجود فيما عدا قلة قليلة من الممالك "العربية أساساً" وفي زمن كان يستوجب القضاء علي الاقطاع كشرط أولي لقيام مجتمع سليم. وأدركت ثورة يوليو بعد قيامها بتسع سنوات أن القضاء علي الاقطاع لا يكفي فكان القضاء علي سيطرة رأس المال. وتمثل ذلك في قرارات الثورة بالتأميم.
لا شك أن ظروف ثورة يوليو 1952. تختلف كثيراً عن ظروف ثورة يناير 2011 و30 يونيو 2013. ولكن الحقيقة التي يفترض ألا تنسي هي أن ثورتنا الحالية قامت متحملة مسئولية استعادة هدف العدالة الاجتماعية الذي وضعته ثورة يوليو في اعتباراتها وفي حساباتها من بدايتها إلي نهايتها. وهو الذي لم يتحقق بعد.
استطاعت ثورة الثالث والعشرين من يوليو. أن تسترد كرامة المواطن المستباحة من قبل الطبقات الارستقراطية. واستعادة الوطن المسلوب لصالح حفنة من المنتفعين. وذلك بما حققته من عدالة اجتماعية بين فئات الشعب المصري كافة. من خلال ترجيح كفة البسطاء والمهمشين. وانحيازها الواضح والملحوظ للفقراء والفلاحين. بالعمل علي تحسين أوضاعهم. وتعزيز شأنهم. فانتصرت للعمال الكادحين من الشعب علي حساب السادة والأعيان الذين يعيثون في البلاد فساداً.
وعلي الصعيد العالمي. جاءت نتائج تلك الثورة في سرعة البرق. بما حققته من استقلالية للقرار الوطني. برفضها الهيمنة الخارجية. والقضاء علي التبعية. ودحر الاحتلال كاملاً. واستطاعت أن تبلور الشعور القومي في نفوس المصريين. لتساند مصر كل القضايا العربية والإفريقية عامة. فتتبوأ مرتبة الريادة في المنطقة عموماً. كما برز مبدأ مناهضة الاستعمار وحق تقرير المصير كمفهوم ثابت في السياسة الخارجية المصرية. فكان الاتصال بقادة حركات التحرر الوطني العربية من أمثال الملك محمد الخامس في المغرب. والحبيب بورقيبة في تونس. ودعم ثورة الجزائر واليمن. كما كان الاتصال والدعم لحركات التحرر الإفريقية علي نفس المستوي. خاصة باتجاه كينيا والصومال ونيجيريا وزامبيا. وامتد بعد ذلك إلي آسيا وبقية دول العالم من خلال عقد المؤتمرات الدولية المناهضة للاستعمار بجميع أشكاله. لتصبح مصر قاعدة انطلاق لحركات التحرر الوطني في العالم الثالث. ما يؤكد علي الدور الحقيقي التي لابد أن تلعبه المقاومة في الوقت الحالي. ليس فقط علي الصعيد المحلي. لكن لدعم القضية الفلسطينية. وهو ما كان يصب في صالح تحقيق العدالة الاجتماعية ليس للمصريين فقط بل تحولت إلي حق أصيل لجميع شعوب العالم.
ويبقي الإنجاز الأكبر علي الصعيد المحلي. حيث أقرت الثورة مبدأ العدالة الاجتماعية. بما اتخذته من خطوات سريعة لتحقيقها. بإصدار قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي علي الفلاحين بمنتهي العدالة وفرض أسعار جبرية علي السلع. مما حول الفلاح من مجرد دابة تعمل بالسخرة في أراضي الأعيان إلي مالك للأرض. تحت شعار الأرض لمن يزرعها. إلا أنها مع مرور الزمن وفي ظل تجاهل الفلاح علي مدار عقود طويلة تحول الهدف النبيل إلي مجرد إجراءات مسكنة للفقراء. لعدم وجود تنمية حقيقية داخل المجتمع جعلت المصريين بعد 64 عاماً يعانون مرة أخري من تلك الطبقية البغيضة التي خاض المصريون حرباً كبيرة ضدها منذ ثورة 1919 وحتي ثورة يوليو 1952 وخلال العقد الأول لها إلا أنه بعد رحيل عبدالناصر عدو الطبقية الأول ونصير المساواة تراجعت العدالة الاجتماعية. وأصبحنا أكثر طبقية فبدلاً من مجتمع "النصف في المائة" أصبح لدينا في العقدين الأخيرين "مجتمع ال 5%". وبدلاً من الباشاوات والباهوات التقليديين أصبح لدينا باشاوات باهوات تقليد لكنم أكثر عداء للعدالة الاجتماعية وأكثر انحيازاً للظلم الاجتماعي دون وجه حق بل إن الكثير منهم وصل إلي مكانته عبر نهب وسرقة ثروات الوطن وهو ما كان سبباً مباشراً في اندلاع ثورة يناير حيث أراد الشعب استرداد ثرواته المنهوبة وبناء دولته العدالة التي تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتمنح جميع أبنائها فرص متساوية للتعليم والعمل والترقي. فقد كان معدل النمو في آخر سنوات الرئيس السابق حسني مبارك نحو 8% سنوياً لكن لم يشعر به أغلب الشعب المصري الذي سرق حفنة من أصحاب الحظوة حاضره ومستقبله. لذا جاءت الثورة "25 يناير 30 يونيو" متمسكة بمبدأ العدالة الاجتماعية التي دعت لها ثورة يوليو 52 كأساس للعمل الوطني الذي يسعي لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
تأميم قناة السويس
وكان من أهم القرارات التي ساهمت في إرساء العدالة الاجتماعية. قيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس. وبناء السد العالي. ومواكبة الحركة الصناعية بإنشاء الشركات والمصانع الحكومية. فاشبعت حاجات المواطنين الأساسية. ونجحت في امتصاص البطالة من المجتمع المصري. بحيث أصبحت محدودة. بالاضافة لتقريب الطبقات الاجتماعية من بعضها. فمعظم الدخول كانت واحدة. واكتفت البلاد ذاتياً من خلال القضاء علي سيطرة رأس المال "الاقطاع" علي الحكم. وتوجهت للتصنيع المحلي والتحول من مجتمع زراعي إلي صناعي. وإقامة جيش وطني قوي يستطيع التصدي لأي تهديدات خارجية. وظلت تلك السياسات قائمة إلي ما بعد مرحلة الانفتاح الاقتصادي وما لحقها من بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وإنتاج سلع ترفيهية. والاقتراض لتدعيم شركات ومصانع القطاع العام. لتدفع الدولة الثمن لدول نادي باريس الدائنة. واتباع سياسات الخصخصة وتدمير ذلك القطاع. مع تحرير الاقتصاد والارتداد عن تطبيق العدالة الاجتماعية. وهي أشياء يجب علي الدولة المصرية الآن أن تتخلص منها وهي تنطلق نحو المستقبل.
بعد ثورة يوليو شعر المواطن بما أضافته الثورة عليه من مكاسب لمسها المصريون علي أرض الواقع. بعد أن تحرروا من الفقر والاستعباد. وقيود الجهل والاستغلال والتبعية. التي سيطرت علي العامة لعقود طوال. فعقدوا العزم علي استكمال مسيرة الحراك الثوري لتتناقل تلك الثورة إلي قطاعات الدولة كافة. ووفقاً للدكتور جمال زهران. أستاذ العلوم السياسية. فإن ثورة يوليو جذبت إلي صفوفها قطاعات شعبية واسعة. فمنذ لحظة انطلاقها أدركت انه لا سبيل في مصر سوي تغيير شكل النظام القديم القائم علي الفساد والمحسوبية والاستحواذ علي الثروات والسلطة معاً. ولابد من تأسيس نظام سياسي جديد تحميه قوي شعبية تستفيد من تلك الثورة. فحقق علي مستوي الإرادة الوطنية الاستقلال الوطني والعدل الاجتماعي.
وأشار زهران. إلي أن ثورة يوليو أرست الأساس لنظام العدالة الاجتماعية علي نحو لافت. فمن يريد أن يؤرخ لثورة يوليو لا يستطيع إلا أن يتوقف طويلاً عند إنجازاتها علي الصعيد التعليمي. فهي قررت مجانية التعليم العام والعالي وضاعفت ميزانيته. وأنشأت عشر جامعات جديدة في جميع أنحاء مصر بعدما كان عددها ثلاث جامعات فقط.
بينما. قال د.محمد عبدالغني. القيادي الناصري. في ذكري الاحتفال بثورة 23 يوليو المجيدة. إنها ستظل عنوان الأمل للوطن. فكانت بداية تحرير مصر من الاستعمار وسيطرة رأس المال علي الحكم. والتخلص من الفساد. كما رسخت أسس العدالة الاجتماعية. وأسست بنية ثقافية وعلمية وصناعية حقيقية لمصر. وانتصرت لكرامة الوطن والمواطن. متابعاً: "نفس المنطلقات التي خرج من أجلها المصريون في 25 يناير. ثم 30 يونيو". ومطالباً بضرورة أن نضع الأهداف الستة لثورة يوليو نصب أعيننا ونحن نعيد بناء مصر ونعمل علي تحقيقها.
ومن جانبه. أوضح بشري شلش. أمين عام حزب المحافظين. أن ثورة 23 يوليو. هي التي نقلت مصر من حكم ملكي فاسد أراد أن يضيع حقوق المواطنين الأبرياء وبيع مصر للخارج. إلي حكم جمهوري سعي إلي تحقيق العدالة الاجتماعية علي أيدي رؤساء الحقبات الماضية بداية من الرئيس محمد نجيب وزعيم الأمة جمال عبدالناصر.
وأضاف : أن مفهوم العدالة الاجتماعية. أحد مطالب ثورتي يوليو ويناير. ولابد أن يسعي إليه الجميع حتي نستطيع بناء دولة ديمقراطية حديثة. بالاضافة إلي أن هناك مئات القرارات التي لابد اتخاذها حتي يشعر المواطن بتحقيق أحد أهداف الثورة.
وفي نفس السياق. قال نبيل زكي. القيادي بحزب التجمع. إن العدالة الاجتماعية مازلت غائبة. خاصة في ظل مئات القرارات التي تأتي في صالح تفاوت الطبقات ولحساب الأغنياء ورجال الأعمال علي حساب المواطن البسيط. مؤكداً أننا بحاجة إلي إرادة سياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأوضح زكي. أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. كان الرئيس الوحيد الذي اتخذ قرارات تهدف إلي تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل للثروات. لامتلاكه الإرادة الحقيقية لتطبيقها. مختتماً: "للأسف من جاءوا من بعده. أفسدوا مع أسس له".
ويقول الدكتور مختار الحفناوي. الخبير في الشئون العربية. إن دور المقاومة جاء في ثورة يوليو. مشيراً إلي أن مصر في وقتها كان هدفها الأسمي هو تحقيق الوحدة العربية. وهذا لن يتحقق إلا بالاستمرار في دعم دور المقاومة التي أرساها الجيش العربي في سنوات ما قبل ثورة يوليو. ونبذ الخلافات والانقسامات العربية. ونحن نحتاج إلي روح ثورة يوليو ليس فقط لمواجهة مخططات تقسيم المنطقة ولكن أيضا لإرساء العدالة الاجتماعية ومنح فرص متساوية لجميع أبناء الشعب في التعليم والعمل والإنتاج مما يمهد إلي زيادة الوعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ثم استقلال القرار الوطني والتأثير بفاعلية في قرارات المجتمع الدولي. وهي جميعها مميزات كانت تتميز بها مصر في السنوات الأولي لثورة يوليو 1952 للأسف فقدتها مصر تدريجياً وتعمل الآن بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو علي استعادتها لكن مقابل أثمان باهظة تتحملها الأجيال الحالية والقادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.