بعد أيام من انفراج أزمة البحارة البريطانيين المحتجزين فى إيران ،من المتوقع أن تثير طهران أزمة جديدة مع الغرب حيث أعلن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد اليوم تقدماً في برنامج بلاده النووي مؤكدا أنها امتلكت ناصية التكنولوجيا النووية وانتقلت من مرحلة البحوث العلمية إلى المرحلة الصناعية لتخصيب اليورانيوم وأن ايران لن تسمح للدول الكبرى بوقف برنامجها النووى ،وذلك فى مؤتمر صحفى عقده أثناء زيارته واحدة من أهم المنشآت النووية في إيران بمدينة "ناتانز" وسط البلاد بمناسبة احتفال طهران باليوم الوطني للطاقة النووية، والذى يوافق الذكرى السنوية الأولى لإنتاج إيران يورانيوم مخصب ملائم لإنتاج وقود نووي. وكانت إيران قد أعلنت أنها تخطط لتركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في القاعات الضخمة للمنشأة تحت الأرض، ويتم حقن أجهزة الطرد المركزي بسادس فلوريد اليورانيوم فيما تعمل الأجهزة على تخصيبه من خلال الدوران بسرعات عالية.وفي منتصف فبراير الماضي أبلغت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها أقامت هناك سلسلتين أوليتين من 164 جهاز طرد، وأنها انتهت من نصب سلسلتين أخريين ولم تشغلهما حتى الآن. فيما تسعى إيران لإقامة مجمعا من 18 سلسلة لأجهزة الطرد المركزى الموصولة ببعضها البعض بحيث تشمل فى مجملها نحو ثلاثة آلاف جهاز فى المرحلة الأولى و تتطلع على المدى المتوسط إلى التمكن من حيازة قدرة صناعية بنحو خمسين ألف جهاز طرد وتؤكد أنها ستستخدم فقط لإنتاج اليورانيوم المخصب على مستوى لا يتجاوز خمسة بالمائة لإنتاج الوقود لمحطاتها النووية المقبلة.
وفي أول رد فعل على التصريحات الايرانية ، تظاهر مئات الايرانيين خارج مكاتب هيئة الطاقة الذرية لإبداء دعمهم للبرنامج النووى لبلادهم بينما أعرب البيت الابيض عن قلقه بشأن هذا الاعلان ،وصرحت وزارة الخارجية الأمريكية بأن هذه التصريحات "مؤشر اخر" على أن ايران تتحدى دعوة المجتمع الدولي للتخلي عن أنشطة التخصيب وأعرب" شون مكورماك " المتحدث باسم الخارجية الأمريكية عن أمله فى أن يجرى زعماء ايران "العقلاء حسب تعبيره"حسابات للربح و الخسارة ويتوصلوا الى أن النهج الحالى ليس فى صالح الشعب وأضاف أن خطاب الرئيس الايرانى يظهر أن الاجراءات التى اتخذتها الاممالمتحدة ضد طهران مشروعة ولها مايبررها . ورداً على تصريح لوزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، عن استعدادها للقاء نظيرها الإيراني على هامش مؤتمر دول الجوار العراقي المرتقب الشهر المقبل بشرم الشيخ ، أعلنت الخارجية الإيرانية أن المحادثات مع الولاياتالمتحدة ليست مدرجة على جدول أعمال إيران لكن مشاركه إيران في المؤتمر مرتبطة بماهية المؤتمر وشكله
و رغم إعلان مصادر دبلوماسية بطهران عن سماح القيادة الإيرانية لأعضاء البعثات الدبلوماسية الأجنبية بزيارة منشأتها الجديدة لتخصيب اليورانيوم إلا أن سفراء الاتحاد الأوربى أحجموا عن المشاركة فى موكب زيارة مجمع "ناتانز" النووى الذى يبعد نحو 300كيلومترا عن العاصمة مما يشير لاحتجاجهم على توسع إيران فى برنامجها النووى .وفي الوقت نفسه، كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أمس أن أكثر من نصف الأوروبيين سيؤيدون توجيه ضربة عسكرية وقائية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية بينما أظهروا تأييدا قليلا لزيادة الإنفاق العسكري لمواجهة أو احتواء هذا الخطر..حيث نقلت الصحيفة عن استطلاع للرأي نشر الأسبوع الماضي وأجراه مركز أبحاث في لندن أن52% من الأوروبيين يؤيدون ضرورة منع إيران من امتلاك سلاح نووي حتي لو تطلب الأمر اللجوء إلي عمل عسكري، بينما أعرب40% عن معارضتهم للخيار العسكري، في حين لم يذكر8% رأيهم.وأشار الاستطلاع الذي شمل17 ألف أوروبي وأجراه مركز أوبين يوروب للدراسات في مارس الماضي إلي أن الغالبية في 18 دولة من الاتحاد الأوروبي, منها فرنسا وبريطانيا تؤيد العمل العسكري، بينما عارضته الغالبية في9 دول أخري من بينها ألمانيا وإسبانيا.واختلفت نسبة التأييد للخيار العسكري، فقد أبدي الدنماركيون أكبر تأييد له بنسبة68%, بينما كان السلوفاك الأقل تأييدا بنسبة37%.كما انقسمت آراء مواطني الدول الكبري تقريبا حيث أيد العمل العسكري53% في فرنسا ، و51% في بريطانيا، و49% في إيطاليا ،و45% في ألمانيا.
. وفى بادرة تشير إلى حرص إيران على تهدئة الموقف ،أعلن اليوم على لاريجانى كبير المفاوضين الإيرانيين بشأن البرنامج النووى فى خطاب ألقاه بمدينة مشهد الشرقية أن إيران مستعدة لبدء مفاوضات حقيقية مع الدول الغربية لإزالة مخاوفها دون وضع نهاية لتطورها العلمى . وقد أعلنت ايران أمس الأحد أنها غير مستعدة للنقاش حول حقها في الحصول على تكنولوجيا نووية، ولكنها أكدت استعدادها لإجراء محادثات تهدف إلى طمأنة الغرب إلى أهدافها السلمية. . وأوضح الناطق باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني أنها لن نفعل شيئا مخالفا لمعاهدة حظر الانتشار النووي وأنه ليس هناك أي داع أو أي منطق لتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم مؤكدا ًفي المؤتمر الصحفي الأسبوعي أن الجيش الإيراني مستعد تماما للدفاع عن البلاد، وأن إيران مستعدة تماما لأي ضربة عسكرية محتملة.
جدير بالذكر أن مجلس الأمن قد أصدر منذ نهاية العام الماضى قرارين (1737 و1747)لمطالبة إيران بتعليق أنشطتها المتعلقة بوقف تخصيب اليورانيوم ،كان آخرهما يوم 24 مارس الماضي بفرض عقوبات إضافية على طهران لرفضها وقف التخصيب،وهدد القرار رقم 1747 الذي اتخذ بناءً على القرار رقم 1737 (الصادر في ديسمبر الماضي) بتشديد العقوبات بعد 60 يوما في حال صدور تقرير عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يفيد بأن إيران لا تزال مستمرة في تحديها لإرادة الأممالمتحدة.ويقضي القرار بفرض حظر شامل على صادرات الأسلحة الإيرانية وحظر محدود على واردات الأسلحة إلى إيران إضافة إلى إجراءات مالية وتجميد حسابات بعض المسئولين والمؤسسات . كما تحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية طهران على السماح لها بوضع كاميرات فى الجزء الواقع تحت الأرض من "ناتانز "تحت الأرض لمراقبة نشاط إيران النووى بينما ترى طهران أن مثل هذه المراقبة تتجاوز التزامات الضمانات الأساسية مع الوكالة الدولية للطاقة معلنة أنها ستحد من التعاون مع الوكالة .ورغم إصرار إيران على الطابع السلمي لمنشآتها الرامية لتوليد الكهرباء ،مازالت الدول الغربية تخشى امتلاكها أسلحة نووية وربما تصعد الضغوط عليها للعدول عن أنشطتها النووية .