أسفرت نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، عن فوز سيدي أحمد ولد الشيخ عبد الله، برئاسة الجمهورية الإسلامية، بعد تفوقه على منافسه أحمد ولد داده،وكان وزير الداخلية والبريد والمواصلات الموريتانى، محمد أحمد ولد محمد الأمين قد أعلن يوم الإثنين 26/3 ، أن نتائج فرز أصوات الناخبين ، أظهرت حصول سيدى ولد الشيخ عبد الله على 52.85 فى المائة ، مقابل 47.15 فى المائة لمنافسه أحمد ولد داده ، وذلك فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الموريتانية - والتى جرت الأحد25/3 - وقال ولد الأمين إن الانتخابات جرت فى جو ساده الهدوء ، حيث لم يتم تسجيل وقوع أى أحداث عنف ، مُشيراً إلى أن نسبة المُشاركة فى الانتخابات بلغت 67.48% ، من إجمالى الناخبين المُسجلين فى مختلف الولايات الموريتانية ، كما قالت بعثة المراقبين الأوروبيين التى تضم 85 مراقباً إنها لم تسجل أى شئ مخالف داخل مراكز الاقتراع أو فى طوابير الناخبين ، ويبلغ عدد من يحق لهم الاقتراع 1.1 مليون ناخب فى هذه الجولة الأخيرة فى سلسلة من الانتخابات الهادفة إلى إعادة السلطة للحكم المدنى بعد الانقلاب العسكرى الذى جرى عام 2005 وأدى إلى الإطاحة بالرئيس السابق معاوية ولد الطايع . والجدير بالذكر أن ولد الشيخ عبد الله تصدر نتائج الانتخابات فى 11 من أصل 13 منطقة تتألف منهم البلاد ، وأن منافسه ولد داده فاز فقط فى منطقتى نواكشوط - العاصمة – بأكثر من 60% من الأصوات ومسقط رأسه إقليم ( ترارزا ) الجنوبى الغربى . وبانتخاب سيدى ولد الشيخ عبد الله رئيساً لموريتانيا ، تكون البلاد قد أسدلت الستارعلى حقبة مهمة من تاريخها السياسى ، بعد سنوات من الاضطرابات أنهاها المجلس العسكرى الحاكم بتنحية الرئيس الأسبق ، معاوية ولد الطايع فى الثالث من اغسطس عام 2005 . من هو الرئيس الجديد لموريتانيا ... ؟ - ينحدر سيدى ولد الشيخ عبد الله من ولاية " البراكنة " ويبلغ من العمر 69 عاماً ، وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء وبنت ، حسبما ذكر تقرير لوكالة " الأخبار " الموريتانية . - أكمل ولد الشيخ دراسته الابتدائية فى ولاية " ألاك " والإعدادية فى " روصو " ، بينما أتم دراسته الثانوية بمدرسة " وليام بونتى " فى دولة السنغال المجاورة ، والتى بدأ فيها دراسته الجامعية ، قبل أن ينتقل لدراسة الاقتصاد فى فرنسا . - وبعد عودته إلى نواكشوط فى عام 1968 تم تعيينه مديراً للتخطيط بالحكومة الموريتانية فى ذلك الوقت ، واستمر بمنصبه حتى عام 1971 . - وقبل انقلاب يوليو عام 1978 ، تولى ولد الشيخ عدة حقائب وزارية ، من بينها وزارة الدولة للاقتصاد الوطنى . - انتقل للعمل بالكويت فى الفترة ما بين 1982 وحتى نهاية 1985 ، كمستشار اقتصادى للصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية . - ومن بداية 1986 وحتى سبتمبر من العام التالى ، شغل منصب وزير المياه والطاقة ثم وزير الصيد والاقتصاد البحرى . - وقد حظى ولد الشيخ بدعم كتلة " الميثاق " التى تضم أغلب أنصار الرئيس السابق معاوية ولد الطايع ، كما نال فى جولة الإعادة دعم مسعود ولد بلخير ، وهو من أبرز رموز المعارضة السياسية فى البلاد ، ليضمن لنفسه خمس سنوات قادمة داخل القصر الرمادى بالعاصمة نواكشوط . وكانت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة فى موريتانيا ، والتى جرت فى 11 مارس الجارى ، وتنافس فيها 19 مرشحاً ، قد أسفرت عن حصول ولد الشيخ على نسبة 24.80% ، فيما حصل ولد داده على 20.68% ، وحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الموريتانية " و.م.أ" فإن عدد الناخبين المسجلين لهذه الانتخابات ، يبلغ نحومليون و133 ألف ناخباً ، أدلوا بأصواتهم فى 2378 لجنة انتخابية ، موزعة فى كافة أنحاء البلاد . وأشارت الوكالة إلى أن هذه المرة الأولى التى تجرى فيها جولة ثانية فى تاريخ الانتخابات الرئاسية الموريتانية ، مؤكدة أنه باكتمال هذه الانتخابات تنتهى المرحلة الانتقالية التى بدأت فى البلاد فى الثالث من أغسطس من عام 2005 ، وتعد هذه أول انتخابات رئاسية ديمقراطية حرة تشهدها البلاد منذ نيلها الاستقلال عن فرنسا عام 1960 . هذا وقد شهدت موريتانيا الأحد 25/3 الجولة الثانية لأول انتخابات رئاسية تعددية لاختيار مرشح للرئاسة ، وذلك لعدم حصول أى مرشح من المتنافسين التسعة عشر على نسبة تفوق ال 50% من أصوات الناخبين فى الجولة الأولى التى أجريت فى 11 مارس الجارى ، وخاض فيها كلا من سيدى ولد الشيخ عبد الله الذى حصل على 24.80% من إجمالى أصوات الناخبين الموريتانيين فى الجولة الأولى ، ومنافسه أحمد ولد داده الذى حصل على 20.68% ، واكتسبت الانتخابات الرئاسية الموريتانية أهمية كبيرة لأنها بداية نظام مدنى فى موريتانيا بعد سنوات عديدة من الأنظمة العسكرية منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 ، كما تأتى بعد تعهد رئيس المجلس العسكرى الحاكم العقيد أعلى ولد فال ، الذى أطاح بالرئيس السابق معاوية ولد الطايع فى انقلاب أبيض فى الثالث من أغسطس 2005 ، بإجراء انتخابات شفافة والتخلى عن السلطة إلى حكومة مدنية ، وأعلن أنه لن يحاول تجاوز صلاحيته بعد الانتخابات ، وفى نفس الوقت لم يرشح نفسه فيها ، ولا أيا من أعضاء المجلس العسكرى الحاكم . وتُعد هذه هى المرة الأولى فى تاريخ هذا البلد الذى تتاح فيه فرصة التداول السلمى للسلطة ، ويعطى الناخب حق اختيار من سيحكمه ، مما يعنى أن حكام موريتانيا الجُدد تحددهم هذه المرة صناديق الاقتراع ، لا الانقلابات العسكرية كما جرت العادة . وكانت نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة فى موريتانيا قد أشارت إلى عدة دلائل – كما يراها المحللون السياسيون – منها أنها اتسمت بالنزاهة والحياد ، بحيث جاءت النتائج متقاربة إلى حد كبير بين المرشحين الأقوى ، وهو ما يبدد الشكوك والمزاعم السابقة للمعارضة بدعم المجلس العسكرى الحاكم لسيدى ولد الشيخ عبد الله ، وأنها جاءت أيضاً متوافقة - إلى حد كبير - مع التوقعات السابقة للانتخابات بتصدر كل من سيدى ولد الشيخ عبد الله وأحمد ولد داده لها ، وفى نفس الوقت تجاوز نسبة المشاركة 70% .. مما يدل على تزايد الوعى والإيجابية السياسية ، والرغبة فى التغيير لدى الشعب الموريتانى ، وحرصه على استغلال الفرصة التى أتيحت له فى أن يكون صاحب القرار الأول والأخير فى اختيارمن يقود مسيرته فى السنوات الخمس القادمة ، وأن نسبة المشاركة فى الانتخابات تؤكد قلة نسبة المتشككين فى جدية المجلس العسكرى فى تسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب بعد انتهاء فترة المرحلة الانتقالية والتفاؤل بالمستقبل . وانتخب الشعب الموريتانى رئيساً له من بين اثنين هما ، سيدى ولد الشيخ عبد الله المدعوم من الأغلبية البرلمانية ، وأحمد ولد داده رئيس حزب ( تكتل القوى الديمقراطية ) ، وكان قد دعا المرشحان الشعب الموريتانى إلى التوافق فى الجولة الثانية للانتخابات من أجل احلال الديمقراطية . ويشترك كل من المرشح سيدى ولد الشيخ عبد الله والمرشح أحمد ولد داده فى بعض الأمور ، ويتناقضان فى أخرى .. فهما اقتصاديان تخرجا فى الجامعة الفرنسية ، وخدما فى حكومة مختار ولد داده أول رئيس لموريتانيا والأخ غير الشقيق لأحمد ولد داده . وقد خرج الرجلان من البلاد بعد الإطاحة بحكومة الرئيس مختار ولد داده عام 1978 فى انقلاب عسكرى ، ولكن المرشح سيدى ولد الشيخ عبد الله عاد إلى البلاد ، وعمل فى منتصف الثمانينات وزيراً للصيد فى حكومة الرئيس السابق معاوية ولد الطايع قبل أن يعفى من هذا المنصب عام 1986 ليعود مرة أخرى إلى الخارج ، ويعمل خبيراً اقتصادياً فى الصندوق الكويتى للتنمية ، أما أحمد ولد داده رئيس حزب ( تكتل القوى الديمقراطية ) – 65 عاماً – فلم يعد إلى البلاد منذ الإطاحة بنظام حُكم أخيه إلا فى عام 1991 بعد إعلان الرئيس السابق ولد الطايع اعتماد ديمقراطية تعددية يسمح بموجبها بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية ، وقاطع ولد داده الانتخابات وأصبح يقود أكبر أحزاب المعارضة فى البرلمان ، ويدعم المرشح أحمد ولد داده ( الإصلاحيون الوسطيون ) الذين يمثلون التيار الإسلامى وأيضاً مجموعة من الأحزاب السياسية التى دعمت المرشح ولد محمد خونا ولد هيدالة فى الجولة الأولى . وكان سيدى ولد الشيخ عبد الله – 69 عاماً – قد تعهد بالعمل من أجل موريتانيا والسعى للإصلاح ، ولم شمل الموريتانيين واحترام الاختصاص والكفاءة ، ويعتمد برنامج ولد الشيخ عبد الله على تقوية الوحدة الوطنية ، وتشييد دولة قانون قوية بالقانون ،كما أنه وعد بأنه سيعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تحسين ظروف المواطنين ، وأعرب ولد الشيخ عبد الله عن أمله فى نجاح التجربة الديمقراطية ، وأن تصبح موريتانيا بلداً ديمقراطياً بشكل حقيقى ، لأن الديمقراطية تعنى الحرية وتعنى مكافحة الفقر وإقرار مشروع التنمية . بينما كان وعد أحمد ولد داده بتغيير هادئ وركز على عدة محاور تتعلق بتعزيز أواصر الوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعى بين كافة فئات الشعب ، من خلال تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وشاملة ، وسعيه إلى إرساء قواعد الديمقراطية والحريات العامة وإعادة تشييد مؤسسات الدولة . وفورإعلان فوزه تعهد الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله بإحداث تغيير حقيقي في جميع مناحي الحياة الموريتانية، مؤكدا أن التغيير الذي يسعى إليه سيكون تغييرا جديا وعميقا، ولكنه في نفس الوقت هادئا ومسؤولا.كما دعا الشيخ عبدالله منافسيه فى الإنتخابات الرئاسيه إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، معرباً عن أمله فى تمكن هذه الحكومة من تحقيق العدالة للموريتانيين ، وتعهد ببذل كل جهده لتحقيق المساواة بين كل الموريتانيين بغض النظر عن الإنتماءات القبلية أو العرقية. ويؤدي ولد الشيخ عبد الله اليمين الدستورية في 19 أبريل المقبل بعد تصديق المجلس الدستوري على النتائج لتكتمل بذلك عملية نقل السلطة إلى المدنيين من العسكريين الذين أطاحوا في عام 2005 بالرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. ويرى المراقبون السياسيون أن الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة فى موريتانيا لم يكن أساسها التنافس بين المرشحين على البرامج والأفكار كما توقع البعض ، ولكنها اعتمدت إلى حد كبيرعلى أساس قدرة وقوة كل منهما فى عقد تحالفات مع القوى السياسية الأخرى .كما يشير المراقبون السياسيون إلى أن شغف الشعب الموريتانى بالسياسة دللت عليها مشاركتهم الكثيفة فى الانتخابات البرلمانية والبلدية الأخيرة ، وجعلت عدداً من الكتاب مؤخراً يطلقون على موريتانيا المعروفة بأنها ( بلد المليون شاعر ) بأنها ( بلد المليون سياسى ) ، والولع بالسياسة لا يقتصر على الرجال فقط ، فالمرأة الموريتانية حاضرة بقوة على مستوى الأحزاب ، وفى المناصب الهامة وفى الجمعيات النسائية . وفي أول رد فعل دولى على النتائج أعلنت السفارة الأميركية بنواكشوط في بيان أن الانتخابات الرئاسية في موريتانيا كانت "عادلة وشفافة وذات مصداقية".كمابعث ملك المغرب محمد السادس برسالة تهنئة إلى سيدي ولد الشيخ عبد الله أشاد فيها بما وصفه المسار الديمقراطي التي تشهده موريتانيا.