يلاحظ انتشار العديد من المواهب المعمارية الشابة في هولندا. واذا كان ريم كولهاس المعماري المثقف الاول في هولندا يسيطر على هذا القطاع فمن الواضح ظهور العديد من المعماريين الشباب الذين اكدوا قدراتهم الابداعية. ويتميز كل من فيليم جان نيوتلينجز وميشيل ريديك عن مقلدي كولهاس وهما غير معروفين كثيرا في الولاياتالمتحدة الا ان شركتهما حازت سمعة في اوروبا بسبب تصميماتها الجريئة التي تقتبس من كل شيء من المعابد البدائية الى رسومات الكارتون كما يتمتعان بروح فكاهة نادرة وسط المعماريين. ويمكنا لإنتهاء تشييد المعهد الهولندي للصوت والصورة في هيلفرسوم ان يرفع من مستواهما فالمبنى محاط بغطاء من الزجاج الملون، وهو اروع أعمالهما حتى الان، وتحت هذا السطح الرائع قدموا بحثا نقديا جادا لعالم مشبع بالاعلانات وصور التسويق واكدوا مكانة المعمار البطولية. وهيلفرسوم وهي ضاحية واقعة جنوب شرق امستردام تعتبر مركز قطاع التلفزيون الهولندي الا انها تضم مجموعة من الاعمال المعمارية المؤثرة. والمعهد الهولندي للصوت والصورة وهو مقر ارشيف الاذاعة الوطني، مصمم على شكل مكعب نصفه تحت الارض وبالاضافة الى الارشيف والمكاتب فهو يضم متحفا مما يجعله نقطة تجمع ثقافية للمدينة. ويقف المبنى في منطقة معزولة تحيط به حديقة صغيرة ويعيد الهيكل الخارجي الزجاجي الى الاذهان تصميم جوردون بونشافت عام 1963 لمكتبة الكتب النادرة في جامعة ييل ومثل العديد من المعماريين المعاصرين تأثر نيوتلينجز وريديك تأثرا كبيرا بالظواهر المعمارية لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية مثل بونشافت: الطبيعة المباشرة لتصميماته تحمل جاذبية معينة عندما يتعرض العديد من الاعمال المعمارية للفساد بصور واشكال من عالم ديزني والمبنيان منظمان للغاية ويعطيان الاحساس بالثقة الا ان تصميم نيوتلينجز وريديك متأصل في الثقافة الشعبية بدلا من معايير مقار الشركات في اميركا. وقد تم استكمال هذا التصميم بالاشتراك مع الفنان جاب دروستين البالغ من العمر 65 سنة فاللوحات الزجاجية مطبوعة عليها صور شهيرة من التلفزيون الهولندي لوزير العدل يركب دراجته او يوهان كريوف يحرز هدفا. وقد طبع دروستين الصور على اللوحات الزجاجية والتأثير سحري فالصور غير مرئية من زواية معينة كما لو ان المبنى مطبوع بأثار باهتة لذكريات مشتركة ولكن الواجهة الخارجية هي رسالة نقدية للثقافة المعاصرة فتداخل الصور ينقل التدفق اليومي من الانترنت والتلفزيون وافلام السينما والصحف، الا انها هنا تبدو وقد تجمدت. يدخل الزوار المبنى عبر جسر يمر فوق بهو تحت الأرض هناك قاعة واسعة تقود من هذه النقطة الى كافيتريا تطل على بركة عاكسة على احد الجوانب يظهر مبنى المتحف المشيد على شكل هيكل هرمي الشكل من عدة طوابق وعلى الجانب الآخر هناك مكاتب ذات جدران زجاجية لمعان الجزء الداخلي بواجهاته الزجاجية يذكّر بالنوافذ الزجاجية لكاتدرائيات العصور الوسطى. إنه مكان مذهل يكمن سر جاذبيته في الفوارق بين التصميمات المعمارية المتعددة داخله. إذ ان البهو الارضي المطلي باللون الرمادي الفاتح يمثل نموذجا فنيا معماريا مختلفا تماما عن الجدران الزجاجية في الطابق الذي يعلوه. يذكّر البهو الموجود في الطابق تحت الأرضي بالقبة أو المزار. هناك فتحات مربعة على جدران البهو تظهر سلسلة من الممرات المطلية باللون الأحمر. الأرشيف موجود خلف هذه الممرات. الجزء الجاذب للانتباه فعلا هو المتحف. فقد صمم نيوتلينغز وريديك درج المدخل على ان تكون في أحد جنبات البهو الرئيسي. كما ان هناك مؤشرات لوجود المعماريين في التصميمات الاخرى بالداخل ذلك ان جدران قاعة المتحف مزينة برسم على شكل ماسة كما ان هناك فتحتين للضوء أعلى السلم الذي يقود الى الطوابق العليا للمتحف إلا ان المعماريين لا يملكون سيطرة على تصميم المعارض، فضلا عن ان أي لمسة معمارية هنا تطغى عليها التصميمات ذات الصلة بالمعارض. شأن أي معماريين غيرهما يعمل كل من نيوتلينجز وريديك جاهدين لمواكبة رغبات مجتمع اوشكت ان تسيطر عليه تماما الإعلانات التجارية العالمية وصور ومناظر التسويق. ويمكن القول ان الفن المعماري اصبح أداة لهذه المصالح في غالبية الأحيان.