من أجل ذلك قامت محافظة القاهرة بمشروع كبير لإعادة ترميم وطلاء واجهات تلك العمارات التى تعد تحفاً معمارية، أجمع كافة الخبراء على أنها مصممة على نفس الطراز الأوروبي، بالإضافة إلى الأشكال الفنية والتماثيل التى تزين الواجهة. فى البداية يقول فرج محمد خاطر انه من سكان الدقى ويعمل بشارع عبد الخالق ثروت، ويعتبر هذه المنطقة متحفا مفتوحا، المعمار فيها يتميز بالذوق والرقى فى المبانى وهو يقف أمام إحدى عمارات طلعت حرب وينظر للأشكال الفنية والألوان، وفى نفس الوقت لاتزال تلك البنايات صامدة رغم تشييدها منذ عشرات السنين. ويرى إبراهيم محمد أن العامل الأساسى فى احتفاظ هذه المبانى بصلابتها على مر السنين يرجع إلى حب المهندس الذى قام بالتصميم، فكان يريد تقديم عمل فنى فى المعمار حتى وصل إلى هذا المستوى من الجودة والفن والابتكار، فعاشت هذه التحف المعمارية الكبرى لسنوات عديدة دون أن تتأثر بالعوامل الجوية أو الزلازل التى توالت فى فترة ما . مهارة المصريين ويقول عادل شومان " طبيب أسنان " انه يعمل فى شارع عدلى بوسط المدينة منذ ثلاثين عاماً ويرى أن الطراز الذى تظهر عليه عمارات وسط المدينة موجود فى كل بلدان العالم بنفس الشكل ولكن عندما نقف عند التنفيذ نجده أفضل فى مصر بسبب مهارة البنا المصرى الذى شيد منذ عصر الفراعنة المعابد والتماثيل التى لا مثيل لها فى العالم. خالد غازى رئيس حى عابدين يؤكد ذلك قائلاً ان أصالة المعمار بوسط المدينة ترجع للعناصر الإنشائية سواء مواد البناء وحديد التسليح، لذلك احتفظت هذه المبانى بصلابتها رغم مرور عشرات السنين عليها، وعدم تأثر أى عقار بزلزال 1992 هو خير دليل على ذلك، والذى يسافر لفرنسا وإنجلترا سوف يلاحظ مدى التشابه فى الطراز المعمارى بين المبانى القديمة فى هذه الدول ومبانى وسط البلد، لأن مصممى هذه العمارات كانوا فرنسيين وإنجليزاً، كانوا يريدون تشييد بناء يتمتع بجمال الشكل والصلابة، وهذا ما نفتقر إليه للأسف فى زماننا هذا. وأضاف أن محافظة القاهرة وضعت مشروع التنسيق الحضارى لترميم الأبنية القديمة وإعادة دهانها بنفس الألوان ليعود لها شكلها الذى كانت عليه من قبل، وقد بدأت عملية الترميم بشوارع رمسيس و26 يوليو وقصر النيل، وسوف تتوالى باقى شوارع الحى لتظهر فى النهاية جميع المبانى بشكلها الحضارى والفني. العمارة مائلة!! وعلى الجانب الآخر.. غاب الضمير عن عمارات مساكن الشباب بالرماية فلم تصمد عاماً واحداً، وكانت محافظة الجيزة قد أقامت مشروعاً سكنياً فاختارت أرضاً صالحة للبناء، وبعد أن دفع سكانها "دم قلبهم" ظهرت الشروخ والشقوق فى الجدران والاعمدة، وبدأت بعض العمارات تميل نتيجة هبوط أرضي، فوعدتهم المحافظة بالصيانة والترميم فوراً، وبعد مرور عام على هذا الوعد لايزال الأهالى يسكنون فى الشقق المؤقتة ولاتزال العمارات مائلة! يقول فوزى محمد انه تسلم وحدته السكنية فى عمارة رقم 2 وبعد عام واحد فقط بدأت التشققات تظهر، وكان يسمع صوتاً يصدر من عامود بالشقة بينما الشرخ يزيد كل يوم، ليصبح وضع العمارة غير سليم وتكاد تكون مائلة. ويضيف طارق إبراهيم أن الأرض المقام عليها المشروع كانت فى الأصل مقلباً للقمامة، وقررت محافظة الجيزة تحويلها إلى منطقة سكنية، و كان من المفروض قبل بدء المشروع التأكد من صلاحية الأرض للبناء، ولكن مهندسى المحافظة أصدروا قرار البناء وأسندوه لشركة مقاولات كبرى التى نفذت القرار.. يقول مختار عبد الحليم إن محافظ الجيزة المهندس سيد عبدالعزيز جاء بنفسه ورأى الوحدات والشروخ والميل، وتحدث للسكان ووعد بإجراء الصيانة الكاملة لهذه الوحدات فى فترة بسيطة، وبعد عام كامل من الإقامة فى المساكن البديلة غير المجهزة، وتشريد الأسر لم يحدث شيئاً ولم تتم الصيانة التى وعدونا بها.. ويشير محمد عبدالله أحمد إلى أن مواسير العمارات متهالكة، ورغم أن المحافظ طلب من الشركة المنفذة ترميم ال28 عمارة، لكن العمارات التى تم تنكيسها مالت مرة أخرى، خاصة العمارتين 10 و 11 اللتين يظهر فيهما الميل بشكل واضح للغاية. يقول عماد احمد كمال ان المهندسين المكلفين من جامعة القاهرة وجدوا أن الحل الوحيد عمل "خوازيق" أسفل كل عمارة، ولكن الشركة المنفذة رفضت هذا الحل لأنها عملية مكلفة للغاية، فى حين أنها تريد إجراء الصيانة بأقل تكاليف ممكنة، فاضطر المهندسون الاستشاريون للانسحاب، خاصة أن تقرير حالة التربة يؤكد أنها لا تصلح للبناء.