الشحاتة كترت قوي في رمضان بشكل ملفت وبطريقة غريبة وساعتها قلنا طيب ده شهر كريم والحسنة واجبة. المشكلة انهم استحلوا الحكاية. واستمروا في عملهم بانتظام وبقت الشحاتة مش موسمية زي زمان ولكن طول الوقت وفي كل مكان وناقص بس أن تكتب في الرقم القومي بأن المهنة شحات. البعض حيقولك الحياة بقت صعبة وشعبنا مطحون ومظلوم ويقاسي الأمرين ومعروف ان الفقر مرادف للتسكع والتسول ومد الأيادي للغير. شوف يا صاحبي لما أقولك الفقر مش عيب ومافيش بلد في العالم مافيهاش فقراء المشكلة هي التناحة والاستهبال وتمد ايدك عشان تأخد اللي مش حقك وتقول مش حيخسر. الحكاية وما فيها ان الفقر دايما كان موجود ولكن كانت الكرامة وعزة النفس متأصلة فينا وكبيرة دلوقتي الكسل واللا مبالاة ونقص قيمة العمل زادت قوي. يقول الكاتب البريطاني جيروم. ك. جيروم: الفقر ليس مشكلة المشكلة هي أن يعرف الناس انك فقير. وهو قول حكيم جدا. لأنه من الممكن أن تتحمل أن تقضي يومك وتضرب طبق كشري أو سندوتش فول وتظل بنفس القميص والبنطلون لمدة 350 يوماً في السنة والباقي تقضيه اجازات في البيت. وتعيش أنت وولادك مرفوع الرأس ولكن إذا عرف الناس انك ممعكش بتنقلب أحوالك. فتدخل النفسنة وعقدة المقارنة لتفسد بعض الأمور. وتتكفل نظرات الاشفاق ومصمصات الشفاه التي يقوم بها الآخرون لتفسد الباقي. صحيح دلوقتي أجاز الفقهاء اخراج الزكاة علي الموظف عشان بياخد مرتب ميكفيش يجيب بيه فطار للعيال فدخله مابيكفيش أي حاجة أو أي إنسان في العالم لو قلتله اشتغل من غير ما ياخد مقابل مادي يعيشه عيشة كريمة مش هيدي. من هنا بدأ ينتشر الإهمال والتسيب وبدأت حكاية الاضراب الصامت عن العمل يتحول لعادة عند ناس كتير. طب ايه الحل؟ أن يحصل الناس علي احتياجاتهم بكرامة ولو جمعت الزكاة من الأغنياء بحقها لما بقي فقير واحد في مصر فأموال الأغنياء تكفي زكاتها لإغناء الفقراء لا سد حاجاتهم فقط. المشكلة ان البعض ممن لا يقتنعون بحجية الزكاة وقدرتها علي أداء دور فاعل في حل أزمة الفقر بدليل رفض عدد من العلماء والفقهاء تولي الحكومة والجمعيات الخيرية جمع زكاة الفطر وتوزيعها علي الفقراء. بحجة ان توزيع الحكومة لأموال الزكاة غير جائز شرعاً لأن الدولة ليس لديها وعاء خاص لذلك. وان لها مصادر أخري لجمع الأموال مثل الضرائب وغيرها. وبيقولوا برضه ان جمع وتوزيع الدولة للزكاة يترتب عليه عدم وصول الزكاة لبعض الفقراء ومن الأفضل أن يقوم كل غني وميسور بذلك بنفسه ولا يحق بناء المساجد والمستشفيات والمدارس من هذه الأموال. فالأصل فيها أن تدفع للفقراء والمساكين عن طريق أصحابها. شوف يا صاحبي لما أقولك الفقر له قدرة سحرية علي تحطيم النفس البشرية. والفقر أقوي من أن يباد أو تخفف وطأته. ألم يقل فيه الإمام علي ابن أبي طالب: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته" مما يستدعي مزيدا من التقصي والبحث من أجل إحكام المعادلة اجتماعيا وسياسيا وموضوع قانون موحد لجمع وتوزيع الزكاة بقي ضرورة ملحة. البعض يشكك في الحكومة وانها فشلت في توزيع الدعم علي مستحقيه وأصحاب الجلود السميكة حيستغلوا الحكاية لأنفسهم وان جمعت الزكاة ستوجه عشوائيا وربما تصل إلي غير مستحقيها. ببساطة لو صحت النية وتم جمع الزكاة بشفافية وتم تصريفها تصريفا صحيحا باختيار علماء وفقهاء أفاضل يشرفون علي لجان في كافة مساجد الجمهورية لاستقبال الزكاة التي يفضل العديد من المواطنين تسليمها بأنفسهم للمساجد التي تتكفل بتوزيعها علي المحتاجين. ولكن بعد تحديد وضعيات المحتاجين الحقيقيين وضرورة التصريح بقيمتها ونشر ذلك بالمساجد لإضفاء الشفافية علي هذه العملية الخيرية واستثمارها بشكل فاعل في مساعدة المنكوبين والمحتاجين. وفق معطيات اللحظة الراهنة. النتيجة تخفيف حدة الفقر ويتحقق التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع. ويتفرغ الناس للعمل والابتكار والتقدم لأن الشعوب كثيرة الكلام والشعارات لا يوجد لديها وقت للعمل والانتاج. نقلا عن صحيفة "الجمهورية" المصرية