استعرضنا علي مدي أسابيع سياسات التنمية لتعمير الصحراء المصرية واشرنا الي الامكانات الطبيعية التي تمتلكها مصر من أراض صحراوية علي عشرات من محاور التنمية بعضها قائم وبعضها مقترح كما تم ترتيب الأولويات في ضوء تواجد مصادر المياه السطحية أو الجوفية كما ونوعا باعتبار ان موارد المياه أهم عناصر التنمية والتعمير - كما أوضحنا ان هناك العديد من الدراسات الجادة والمهملة لتقييم طبيعة الاراضي الصحراوية وتقسيمها الي رتب ودرجات طبقا لصلاحيتها لأغراض التنمية ورغماً عن كل ذلك فمازالت سياسات التنمية والتعمير غير واضحة ومطروحة حاليا علي مجلس الوزراء للوصول الي حل للمعضلة الكبري كيف تدار أراضي الدولة؟ وللإجابة علي هذا السؤال الكبير الذي تأخر سنوات عديدة تحولت فيها مناطق هامة وحيوية الي مناطق صراع سواء بين الدولة والمواطنين أو بين أجهزة الدولة وبعضها نشير الي بعض نقاط الضعف في النظام الحالي لإدارة أراضي الدولة منها: - عدم وجود إستراتيجية واضحة المعالم محددة الاختصاصات بين الجهات المنوط بها تمليك أو تأجير أو إسناد حق الانتفاع لأراضي الدولة تعتمد علي تخطيط مركزي قوي يأخذ بأسباب علمية وفنية لشروط التمليك أو التخصيص او إسناد حق الانتفاع. - عدم وجود مخطط متكامل للتنمية والتعمير عموما وتداخل الاختصاصات بين الجهات والهيئات أو القرارات وادعاء كل جهة أو هيئة او وزارة انها صاحبة الحق في التعامل علي مساحات من الاراضي فالأوقاف تدعي ملكية بعض الاراضي والزراعة تدعي ملكيتها علي نفس الاراضي وهكذا الحال بين وزارات وهيئات وأفراد كل يدعي انه المتصرف في هذه المساحات. تحولت أراضي الدولة الي متاجرة تباع فيها ارض الوطن لاي مستثمر دون الرجوع الي اعتبارات وطنية واستبد الجشع بالجميع واللجوء الي ساحات القضاء لإلغاء كل أنواع التميز أو التعاقدات المشبوهة وإدخال المواطنين في أزمات متتالية من جراء مجاملة مستثمرين كبار والنتيجة هي الاساءة الي مصر وتهديد الاستثمار بها. - إن هناك العديد من الهيئات والمراكز التي تقوم بالتصرف في اراضي مصر ولكل شعارها وقواعدها كما ذكرنا كما ان هناك جهات لها حق الاعتراض علي كل الجهات ووقف مشروعاتها لاعتبارات أمنية ويتطلب ذلك إعادة النظر في إدارة أراضي الدولة ولقد أنشأت الدولة من اجل هذا الغرض المركز الوطني لاراضي الدولة في محاولة لتوحيد التصرف ووضع قواعد فنية وادارية واطار قانوني لاراضي الدولة ولقد تعرض هذا المركز بالتحديد لتهديد دائم ومستمر والمطالبة بإلغائه وشل سلطاته لصالح هيئات التنمية والتعمير في الوزارات وأصبح الجهاز بلا اختصاصات تنفيذية ولكنه مركز دراسات واقتراحات وخطط لا تؤخذ بعين الاعتبار ولم تنجح حتي الان هذه الهيئات والوزارات في إلغائه الا انها ناجحة في وقف وتحجيم نشاطه. ان ذلك الاشتباك بين الوزارات والهيئات لن يأتي بإنشاء لجنة عليا للتصرف في أراضي الدولة وان هذه اللجان سواء علي مستوي مركزي أو علي مستوي وزاري لم تنجح في إدارة أراضي الدولة حتي الان بدليل بروز هذه المشكلة حاليا وما يعانيه المواطن من مشاكل في كل مشروعات التنمية والتعمير في جميع الهيئات. ان استمرار هذا الموضوع بلا حل سوف ينعكس بالسلب علي الاستثمار في مصر وكذلك علي كل مجالات التنمية والتعمير مما يزيد مصر ارهاقا وتكدسا حول الوادي والدلتا كما ان استمرار ذلك سوف يؤدي الي تدمير المخزون من المياه الجوفية نتيجة للاستخدام العشوائي تحت دعوي اثبات الجدية وكأننا أنفسنا نضع الشروط التي تؤدي الي تخريب رصيدنا من المياه. إن مركز تخطيط وإدارة أراضي الدولة يجب ان يتطور حتي يسيطر علي ادارة اراضي الدولة فعلا من خلال استراتيجيات وخطط وقوانين واجراءات جديدة غير مستهلكة وبرامج محددة في مجالات التنمية والتعمير تأخذ في اعتبارها الأساليب العلمية للتنمية بدلا من الارتجال والعشوائية ان ما نملكه من رصيد فني وبشري يمكننا من ان نستغل كافة اراضينا في نهضة حديثة تستوعب الاجيال القادمة. * نقلا عن صحيفة الاخبار