فلسطين.. وصول شهيدان إلى المستشفى الكويتي جراء غارة للاحتلال على منزل شرقي رفح    مسؤول أمريكي: الضربات الإسرائيلية على رفح لا تمثل عملية عسكرية كبرى    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    لاعب الأهلي السابق: شوبير يستحق حراسة مرمي الأحمر أمام الترجي وليس الشناوي    عبدالجليل: جوميز يتحمل خسارة الزمالك أمام سموحة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 7 مايو بالصاغة    موعد مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    4 ساعات فارقة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف أماكن سقوط الأمطار في مصر    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    الأردن: نتنياهو يخاطر بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار بقصفة لرفح    بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 7 مايو بالمصانع والأسواق    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال اليوم بعد إصابته أمام فيوتشر    ياسمين عبد العزيز: لما دخلت الإعلانات كان هدفي أكون مسؤولة عن نفسي    ياسمين عبدالعزيز عن بدايتها الفنية: «مكنتش بحب التمثيل.. وكان حلمي أطلع ظابط»    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    «الصحة العالمية» تحذر من أي عملية عسكرية في رفح: تفاقم الكارثة الإنسانية    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    مصرع شاب التهمته دراسة القمح في قنا    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    فيديوهات متركبة.. ياسمين عبد العزيز تكشف: مشوفتش العوضي في سحور وارحمونا.. فيديو    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    تعرَّف على مواصفات سيارات نيسان تيرا 2024    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 7-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ياسمين عبد العزيز: «كنت بصرف على أمي.. وأول عربية اشتريتها ب57 ألف جنيه»    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة النوم مبكرا.. العاشرة مساء للمحلات والمقاهى ومنتصف الليل للمطاعم
نشر في الدستور الأصلي يوم 01 - 11 - 2012


إعداد: إيمان البصيلى
مر عيد الأضحى وانتهت إجازته ورغم إعلان الحكومة عن تفعيل قرار إغلاق المحلات والمطاعم والكافيهات فى مواعيد محددة، إلا أنها حتى الآن لم تعلن عن الموعد الرسمى لتنفيذ القرار، فبات الارتباك سيد الموقف فى حين أكد مسؤولون بالحكومة عن تطبيق القرار اليوم (الخميس) أول أيام شهر نوفمبر، بينما أعلن مسؤولون فى الحكومة أيضا أن التنفيذ سيبدأ من يوم السبت الثالث من نوفمبر.

أيا كان وقت التطبيق، فإن أصحاب المحال التجارية الكبرى والمقاهى والمطاعم سيجدون أنفسهم على موعد مع تفعيل قرار الحكومة بإغلاق مصادر أرزاقهم فى العاشرة مساء، وفق المواعيد التى حددتها الحكومة منذ أكثر من شهرين. وكما عددت الحكومة فوائد هذا القرار عدّد على الجانب الآخر أصحاب المحال والمقاهى وزبائنهم أضرار القرار، كل هذا جعل الغالبية العظمى من المواطنين يرفضون القرار، ويؤكدون استحالة تطبيقه، وحتى من قبلوا القرار بدعوى ترشيد الاستهلاك، طالبوا الحكومة بتوفير مصدر رزق بديل.

نشطاء يدعون إلى السهر فى المقاهى والمطاعم يوم تطبيق قرار «النوم بدرى»
كتبت- أسماء فتحى وإيمان البصيلى:
على الرغم من الاعتراضات العديدة على قرار إغلاق المحلات التجارية فى العاشرة مساء، فإن الحكومة عازمة على تطبيقه خلال الأيام القادمة. كان آخر المعترضين على القرار الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، فضلا عن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى، الذين أطلقوا صفحات ودعوات للسهر فى المقاهى والمحلات يوم بداية تطبيق القرار، اعتراضا منهم على القرار الذى وصفوه بالجائر.

رئيس النقابة العامة للعاملين فى التجارة، محمد وهب الله، أعلن رفضه للقرار، لأنه يضرّ بأصحاب المحلات والعمال فى آن واحد، وهذا سيدفع عددا من المحلات إلى الاستغناء عن العمالة التى يعتبرها أصحاب المحلات فائضا عن طاقتها، لقلة ساعات العمل، مما يزيد من البطالة، مطالبا المسؤولين بعقد اجتماع يحضره ممثلون عن أصحاب المحلات التجارية، ورئيس النقابة العامة للعاملين بالتجارة ومجلس الوزراء والغرف التجارية لإعادة النظر فيه، مؤكدا أنه من الممكن العودة إلى نظام الراحات.

أما فاطمة رمضان، الأمين العام المساعد فى الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، فقالت إن هذا القرار غير دقيق وسيضر بالاقتصاد القومى، ولم تتم مراعاة الفقراء والبسطاء فيه، فمن المؤكد أنه سيضر بعمال هذه المحلات وأصحابها، مضيفة أن الاتحاد المصرى للنقابات يعلن تضامنه مع أصحاب وعمال المحلات التجارية فى رفضهم القرار، وسيتضامن معهم فى جميع الإجراءات التى يتخذونها لمواجهة الأمر، وإن اضطرهم القرار إلى التظاهر أو الإضراب.

من جانبه أكد نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، محمد المصرى، أن الاتحاد ما زال يحاول أن يصل إلى صيغة توافقية حول مشروع قرار لإغلاق المحلات بصورة تناسب الحكومة من جهة، وتناسب التجار وأصحاب المحلات والمستهلكين من جهة أخرى، لافتا إلى أن تطبيق القرار حاليا غير مناسب من النواحى الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، قائلا «يعنى لو بنت راجعة من شغلها الساعة عشرة تعمل إيه، والمحلات كلها مقفولة ولا يوجد أمن؟»، مضيفا أنه «بعد ثورة 25 يناير لا بد أن لا تكون القرارات فوقية وأن يكون حولها حوار مجتمعى، وهو ما يسعى الاتحاد لعمله حاليا».

المصرى أشار إلى أن الاتحاد لا يملك أى وسيلة لمقاومة القرار، لافتا إلى أن القانون ينص على أن رأى الاتحاد استشارى وغير ملزم للحكومة، وأضاف «إحنا دورنا نقدم النصيحة فقط»، لافتا إلى أن القرار يمكن أن يكون «فاشلا»، ولكن توقيته سليم، فينجح القرار، والعكس قد يكون صحيحا.

فى الوقت نفسه دشن عدد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» عددًا من الصفحات التى أعلنوا خلالها رفضهم تنفيذ إغلاق المحلات التجارية، فى العاشرة مساء، وأعلنوا عن تنظيمهم سهرة فى المحلات والمقاهى يوم تطبيق القرار، وأنهم تواصلوا مع قرابة عشرة آلاف مواطن.

وقد حملت تلك الصفحات أسماء مختلفة، منها «أنا ضد إغلاق المحلات فى العاشرة»، و«معًا ضد قرار إغلاق المحلات التجارية»، فى الوقت الذى دعا فيه عدد آخر من النشطاء على تلك الصفحات إلى مظاهرات احتجاجية ضد قرار إغلاق المحلات التجارية والمقاهى فى أوقات مبكرة.

خدعوك فقالوا: الإغلاق المبكِّر للمحلات يوفر فى الكهرباء
إغلاق المحلات لن يوفر أكثر من 2.8% من استهلاك الكهرباء.. ووزير التنمية المحلية: الحكومة مش جاية تقرف الناس

تصريحات إعلامية كثيرة أطلقها عدد من الوزراء المعنيين بقرار تحديد مواعيد لإغلاق المحلات التجارية بعد العيد فى محاولة منهم لإقناع المواطنين بأهمية القرار ومدى اضطرارهم إلى تطبيقه فى الظروف الحالية.

وزارة الكهرباء والطاقة كان لها نصيب أكبر من التصريحات، والغريب فى الأمر أنها بدت متضاربة فى بعض الأحيان، ففى حين أبدت الوزارة عدم تحمسها للقرار فى بداية المناقشات، معتبرة أن المشروع غير مُجدٍ اقتصاديا وفنيا بالنسبة إلى الأحمال والاستهلاك، وأشارت إلى أن ذروة الاستهلاك تتركز فى الفترة من الثامنة إلى العاشرة، وتنخفض بعدها الأحمال بقدرات تتراوح بين ثلاثة وأربعة آلاف ميجاوات، وهى كافية لإعادة الاستقرار للشبكة القومية.

مسؤولون فى وزارة الكهرباء، قالوا إن الوزارة تركز حاليا على قضية الترشيد باعتبارها ذات مردود فعَّال، لأن القطاع المنزلى يستهلك 42% من إجمالى استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى نحو 15% للإنارة العامة والمبانى الحكومية. وأن ترشيد كل مواطن 10% من استهلاكه بإطفاء لمبة أو جهاز يعمل بالكهرباء من شأنه أن يوفر 4% من إجمالى الاستهلاك، وهو الأفضل لقطاع الكهرباء فى هذه المرحلة، وأن للترشيد عديدا من البدائل التى تبدأ بالتوعية ومشاركة المواطنين وتنتهى بتخفيض الدعم عن الشرائح الأكثر استهلاكا.

تصريحات المهندس محمود بلبع وزير الكهرباء تؤكد تأييد القطاع للقرار، موضحا أن الأنشطة التجارية تستهلك نحو 8% من إجمالى الطاقة، ويمكن خفض هذه النسبة بشكل فعال بتطبيق القرار وبنسبة تصل إلى 35% من استهلاك الكهرباء لهذه الأنشطة، وبحساب بسيط فإن هذه النسبة لا تتجاوز 2.8% من الاستهلاك الكلى للكهرباء، وأكد أن إغلاق المحلات وانخفاض الأحمال مبكرا يتيح الفرصة لإجراء أعمال الصيانة لمكونات الشبكة، ولراحة الشبكات والكابلات الكهربائية.

وزارة البترول كانت طرفاً أيضاً حيث أكد وزيرها المهندس أسامة كمال أنه لا مفر من تطبيق الإغلاق المبكر للمحلات لكى تنخفض نسب استهلاك الطاقة الكهربائية التى وصلت إلى مرحلة صعبة، لافتا فى أحد تصريحاته إلى أن الوزارة لديها مديونية لدى وزارة الكهرباء بلغت 34 مليار جنيه، تراكمت عبر السنوات الماضية.

وأشار كمال إلى أن محطات الكهرباء تستهلك غازا ومازوتا بما قيمته مليار جنيه شهريا، فى حين تحصل وزارة البترول على 200 مليون جنيه شهريا فقط من وزارة الكهرباء، مضيفا أن الكهرباء تحصل على الغاز بسعر مدعم لا يزيد على 16 سنتا لكل مليون وحده حرارية بينما سعره لا يقل عن 4 دولارات، وكذلك المازوت الذى تحصل عليه الكهرباء بنحو 240 جنيها فى حين نستورده بما لا يقل عن 700 دولار.

وأشار مصدر مسؤول بالوزارة فى يوم 14 أكتوبر إلى أن الوزارة ستخفض حصص وزارة الكهرباء من كميات الوقود اليومية، إذا تقرر تأجيل تنفيذ أو إلغاء قرار ترشيد الطاقة بإغلاق المنشآت غير الحيوية فى الساعة العاشرة مساء، لعدم قدرة الوزارة على توفير كميات الوقود الكافية لإنتاج الكهرباء لتشغيل هذه المنشآت بالمواعيد الحالية، مشيرا إلى أن وزارة البترول حثت الحكومة على تنفيذ قرار ترشيد الطاقة لتوفير نحو 17% من دعم الطاقة فى مصر، كما أن وزير البترول أبلغ وزارة الكهرباء، بضرورة الدفع فى اتجاه تنفيذ القرار، حتى تتمكن الوزارة من توفير الوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء. وتحصل محطات الكهرباء على نحو 63% من الإنتاج اليومى للغاز الطبيعى بمقدار 4 مليارات متر مكعب.

أما وزارة التنمية المحلية فكان لها هى الأخرى نصيب من التصريحات، عندما أشار وزيرها اللواء أحمد زكى عابدين إلى أن «الحكومة الحالية مش جاية عشان تزعّل وتقرف الناس، وإن كانت هناك سلبيات لقرار إغلاق المحلات فى ال10مساء فإن إيجابياته أكثر، منها ترشيد الطاقة الكهربائية وتخفيف الأحمال الكهربائية، مما يقلل من حالات انقطاع التيار عن القرى وتوفير البنزين المدعوم، ويقلل من التلوث، كما يسهل القرار عمل شركات النظافة فى جمع القمامة ليلا، وانتظام حركة المرور التى يرجع جزء كبير منها إلى احتلال الباعة الجائلين للأرصفة فى فترة الذروة، من الساعة العاشرة حتى الثانية عشرة مساء، ولا يوجد بلد فى العالم تستمر المحال فيه حتى الصباح»، مشيرا إلى أن القرار ليس له أى تأثير على البطالة قائلا «والناس اللى هتسهر إزاى هتروح شغلها الصبح؟»، لافتا إلى أنه «لا يجب أن نتحجج بالأمن، فالأمن بدأ يتعافى».

عمال المحلات: الحكومة عايزة تخرب بيوتنا
«هنا القاهرة الساحرة الآسِرة الهادرة الساهرة»، جملة قالها شاعرنا سيد حجاب وأمَّن عليها كل من وطئت قدمه أرضها من عرب وأجانب وحتى المصريين من المحافظات الأخرى، لتصبح القاهرة بأنوارها ومقاهيها ومطاعمها، التى تستقبل زبائنها والساهرين بها ليل نهار، كأنها على موعد دائم معهم، ولكن الوضع بالتأكيد سيختلف تماما بعد قرار الإغلاق المبكر للمحلات، فهل تتحول القاهرة إلى «القاهرة النائمة»؟ أصحاب المحلات والمقاهى لهم رأى آخر.
حمدى فراج، وهو صاحب سوبرماركت يعمل على مدار الساعة فى الدقى، أشار إلى أنه لا يمكن أن يطبق هذا القرار، لافتا إلى أن تطبيقه يفتح الباب للسرقة والبلطجة.

«أنا مش بس مشكلتى فى البيع أنا مشكلتى إن لازم أفتح أطول وقت عشان تهوية بضاعتى، الخضر مابتحبش الكتمة»، هذا ما أشار إليه عادل كامل صاحب محل خضر وفاكهة بالبحوث، لافتا إلى أنه حاليا للظروف الأمنية السيئة يغلق محله فى الواحدة صباحا فى حين أنه كان يظل مفتوحا قبل الثورة 24 ساعة، مشددا على أنه لو طُبق القرار فسيتكبد كثيرا من الخسائر، وهو ما سيجعله يخفض أجر عامله من 20 جنيها إلى 15 جنيها، وهو أيضا رب أسرة، مضيفا «إيه اللى هيضر الحكومة لو فتحت؟ ما انا بادفعلهم 120 جنيه كهرباء كل شهر، عايزين إيه تانى».

منى، إحدى العاملات فى محل ملابس ببولاق الدكرور، قالت إنها تعمل منذ الثانية عشرة ظهرا إلى العاشرة مساءً، ومع دقات العاشرة مساء تتوجه إلى منزلها، ولكنها فى الوقت نفسه قالت «بس لو هما هيحددولى الساعة عشرة أقفل وأمشى.. أنا بقى مش همشى وهكمل ل12»، لافتة إلى أن الشعب المصرى بطبيعته لا يحب الشراء إلا بعد انتهاء كل أعماله، وهذا لا يكون إلا ليلا، «فكيف أغلق باب رزقى؟ ولصالح من؟».

صاحب محل ورد بالدقى، رفض ذكر اسمه، أشار إلى أنه يعمل 24 ساعة ومع ذلك يخسر كثيرا منذ عامين ويضطر إلى أن يدفع من جيبه لسداد احتياجات المحل، قائلا «وبعد كل ده عايزينى أقفل بالليل عشان يتخرب بيتى، لا نسيبها الشغلانة دى أحسن مابقتش جايبة همها، ثم إنه هو زصلا حد بيصحى بالنهار عشان يشترى؟ وكهربة إيه اللى باستهلكها؟ أنا كل فاتورتى 90 جنيه فى الشهر، خلاص بقوا أزمة».

محمد أحمد صاحب «نت كافية» لفت إلى أنه يعمل ثلاث ورديات يوميا، ولكن أفضل فترة فى العمل من الساعة الخامسة مساء إلى الساعة الثانية صباحا، وهى أكثر فترة تعوضه عن كساد النهار، فكثير من الشباب يقصده بعد خروجة من الجامعة أو انتهاء عمله للترفيه عن نفسه واللعب، وبعضهم يأتى لعمل بعض الأوراق الخاصة ببحث ما أو عمل ما، قائلا «أنا بافتح 24 ساعة عشان أغطى إيجار المحل الغالى، وفاتورة الكهرباء 1200جنيه، ورواتب عمال الورديات التلاتة، ودى أكتر فترة باشتغل فيها وبتغطى مصاريفى، مين هيعوضنى؟»، لافتا إلى أنه «لو كان تطبيق القرار بعد الواحدة صباحا كان ممكن نقبله، لكن 10 صعب قوى».

عم محمد، صاحب «نصبة شاى»، أشار إلى أنه غير مقتنع بالقرار، نافيا ما يتردد عن أن عمله سيزدهر بعد إغلاق الكافيهات والمقاهى، قائلا «لما كل المحلات تقفل والناس تروح بيوتها هاقف فى الشارع لوحدى أعمل إيه، وقليل لما هيجينى زبون معدى ولا حاجة، يعنى مش جايبه همّها، هلمّ نصبتى وهاروّح أنا كمان».

أما وليد زينهم، مدير أحد أفرع سلسلة محلات شهيرة، فأشار إلى أنه لا يعرف إذا كانت رخصة الفرع سياحية أم عادية، ولكنه يعمل 24 ساعة، لافتا إلى أنه لو طُبق القرار واضطُر إلى إغلاق الفرع فسيطلب من الشركة توزيع العمالة الليلية على أفرع أخرى لو أمكن ذلك، بدلا من تشريد كل هؤلاء الشباب، مضيفا أن استمرار عمل المحلات يعطى إحساسا بالأمن فى الشارع، قائلا «لما كل المحلات دى تقفل مين هيأمّن الشارع؟ ونسيب الصيدليات مفتوحة لوحدها لو حصل لها حاجة لا تجد من يسعفها؟ وجودنا مخلى فيه ونس فى المكان وكلنا سهرانين»، مشيرا إلى أنه يمكن أن يحدد مواعيد لمحلات الملابس والأحذية لأن المواطن يستطيع أن يشترى منها ما يلزمة نهارا، ولكن محلات الأكل والمطاعم والكافيهات لا غنى عنها فى كل وقت.

من جانبه أشار عمر رمضان، صاحب محل عصائر بجامعة الدول العربية، إلى أنه يدفع فاتورة الكهرباء 300 جنيه شهريا، «فلماذا يحرموننى من أكل عيشى؟»، مضيفا «أنا شغلى أكتره بالليل، يعنى من 8 مساء ل2 صباحا أكتر وقت الناس بتجيلى فيه، لما يخلينى أقفل من 10 ده كده بيضربنى ف مقتل»، مشيرا إلى أن هذا القرار يفتح الباب لعمل الباعة الجائلين أكثر قائلا «بقى أنا محل ملابس مثلا وبادفع للحكومة كهرباء وإيجار وضرايب واقفل الساعة عشرة فى عز حركة البيع والشراء، وأسيب الشغل كله للباعة الجائلين اللى هما مابيدفعوش للحكومة حاجة أصلا؟ وبعد ما افتح الصبح الناس تكون خلّصت كل حاجتها واشترت بالليل أعمل إيه زنا بقى يا حكومة؟!».

علاء محمد، عامل بمحل لبيع السندوتشات يعمل 24 ساعة، لفت إلى أن محله يعمل ورديتين فى كل وردية 9 عمال أى 9 أسر، بيومية 50 جنيها للعامل، لو طُبق القرار فهذا معناه إغلاق الوردية الثانية وتشريد الأسر التسع، لافتا إلى أن الشتاء آن أوانه وفيه يكون العمل ضعيفا وأنهم يُضطرون إلى فتح المحل اليوم بأكملة لتغطية مصاريفه، كما أن محله لن يستطيع تحويل رخصته إلى رخصة سياحية لأن إمكانياته المادية لا تسمح، قائلا «لما نقفل الوردية دى والشغل أصلا ميت فى الشتاء هنعمل إيه؟ ده مش بعيد صاحب المحل يسرّح كل العمال مش بس عمال الوردية التانية، ونبقى كلنا فى الشارع، الحكومة وقتها هتجيبلنا شغل؟».

أساتذة الاجتماع: هل يغيِّر قرار «النوم بدرى» نمط حياة المصريين؟
قد يكون المسؤولون فى الحكومة وضعوا الشقَّ الاقتصادى نُصبَ أعينهم وهم يتناقشون حول قرار تحديد مواعيد إغلاق المحلات والمطاعم.. بالتأكيد كانت تشغلهم أفكار ترشيد الكهرباء والغاز والوقود، ولكن يبقى سؤال مهم: هل درست الحكومة الشق الاجتماعى والنفسى لهذا القرار قبل محاولة تطبيقه؟ وهل تم قياس مدى إمكانية تغيير نمط حياة المجتمع؟

رئيس قسم علم الاجتماع السابق بجامعة عين شمس، الدكتور على ليلة، يرى أن تأثير هذا القرار سيكون إيجابيا بشكل كبير، موضحا أن كثيرا من المصريين يضيعون أوقاتا كثيرة فى المقاهى والتجول بين المحلات والمطاعم، قائلا «نحن شعب مستهلك، والمفروض أن نتحول إلى نمط أكثر إنتاجية، فننام مبكرا ونستيقظ مبكرا، بدلا من أن نذهب إلى المؤسسات ونجد الموظفين نائمين على مكاتبهم».

وأشار ليلة إلى أن القرار سيزيد من التفاعل والتماسك الأسرى، لأن الأسرة ستعود إلى الاجتماع مساء كل ليلة، وقال «الأسرة تجتمع لقضاء السهرة معا وسيخلقون لأنفسهم وسائل ترفيه وتسليه معا بدلا من قضاء كل فرد سهرته بعيدًا عن نطاق الأسرة، وهو ما يخلق تباعدًا بين أفراد الأسرة الواحدة»، إضافة إلى أنه سيقلل من تعاطى المخدرات.

ليلة أكد أنه سيكون من الأفضل لرب الأسرة الفقير أن يستغل الأموال التى ينفقها على جلسته فى المقهى أو تناول وجبة بمفردة فى مطعم لينفقها على أبنائه وجلسته معهم، وأن هذا بعيد عن قول البعض إنه سيخلق تقسيما وتمييزا طبقيا قائلا «المثل الشعبى يقول (على قد لحافك مد رجليك)، والمصيبة أننا شعب يميل إلى الترف وهو ليس معه إمكانيات لذلك، وأفضل للفقير أن يجلس مع أسرته من أن ينفق أمواله على جلسات المقاهى لأنها تهدر المال والوقت وتزيد الفقر والتعاسة الأسرية».

وجهة نظر مغايرة تبنتها الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذ علم الاجتماع فى جامعة عين شمس، التى استبعدت أن يكون من اتخذ مثل هذا القرار اتخذه بعد دراسة علمية لكل جوانب وتأثيرات القرار قبل تطبيقه منعا للعودة فيه مرة أخرى، قائلة «يبدو أن هذا قرار متسرع ولم يدرس علميا جيدا، وهو ما ينذر بإمكانية العودة فيه مرة أخرى، ما سيؤدى إلى إحساس الناس بحالة من القلق وعدم الاستقرار نتيجة لاتخاذ قرارات وتغييرها بعد فترة»، مشيرة إلى أن المجتمع يعانى من بطالة وكساد وكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، لذلك لا يجوز أن نقلد المجتمعات المتقدمة فى كل قوانينها قبل أن نصل إلى مستوى تقدمها.

الساعاتى أضافت أن الوجوه السلبية لهذا القرار أكثر من الوجوه الإيجابية، لافتة إلى أن مثل هذا القرار يرسخ لوجود تقسيم طبقى وفروقات اجتماعية بين المواطنين، وهذا غير مستحب فى النفوس ويخلق نوعا من المرارة، قائله «لما الفرد يكون متعود يجلس فى مكان أو يأكل فى مطعم معين، وبعدها يُمنَع منه، والذى معه مال هو الذى يستطيع أن يمارس حياته ويجلس فى أماكن كثيرة لأنه يملك المال الذى سيدفعه لها، سيخلق هذا مرارة، لما المواطن يشعر أن المجتمع يُقَسَّم على أساس أماكن وأوقات للأغنياء وأخرى للنُّصّ نُصّ وأخرى للفقراء، وفى النهاية يُضطر المواطن إلى الجلوس فى بيته لأنه ليس لديه المال الكافى لدفعه فى المقاهى السياحية المفتوحة على مدار اليوم».

العنترى: الحكومة تطلب من الشعب ترشيد الاستهلاك من أجل إسرائيل
«القصة ليست عجز الميزانية ولا ترشيد استهلاك الكهرباء بقدر ما هى توابع لاتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل». هكذا قالت الخبيرة الاقتصادية ورئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الاشتراكى المصرى سلوى العنترى، مشيرة إلى أن كميات الغاز لا تكفى لتوليد الطاقة، خصوصا بعد فشل استخدام المازوت بديلا للغاز.

وقالت العنترى «الكلام عن أن ترشيد الاستهلاك سيقلل من عجز ميزانية الدولة مبالغة كبيرة ولا علاقة له بالميزانية، المشكلة أن عندنا عجزا فى توفير الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء، كما أن الحكومة مرتبكة جدا فى هذا الأمر مما اضطرهم إلى اختراع فكرة ترشيد الكهرباء».

العنترى أشارات إلى أنه «على الجانب الآخر نجد أن التجار وأصحاب المحلات يعانون من الكساد التجارى، فيأتى لهم إغلاق المحلات مبكرا فى فترة رواج حركة البيع والشراء»، معتقدة أن تكون نتيجة الاستجابة لهذا القرار ضعيفة للغاية، قائلة «هذا القرار ييوقف حال الناس أكثر مما هو واقف، كل ده لأنهم سرقوا الغاز بتاعنا ومستمرين فى سرقته بثمن بخس، والعائد الذى نأخذه لا يكفى لاستيراد غاز بديل».

الخبيرة الاقتصادية أشارت إلى أنه «لا إغلاق المحلات ولا ترشيد الاستهلاك المنزلى سيجدى فى موضوع توفير الطاقة»، لافته إلى أن الاستهلاك الأكبر للطاقة يكون فى المصانع التى تعانى من نقص فى الطاقة من الأساس وتعمل بأقل من طاقتها».

العنترى أكدت أنه كان الأولى بالحكومة أن توقف تصدير الغاز إلى إسرائيل وتعيد النظر فى الاتفاقية بدلا من الحديث عن ترشيد الاستهلاك لأن ذلك هو الحل الجذرى للمشكلة، مضيفة «لو كنا هنصدر لهم بأعلى من السعر الذى يمكننا من أن نستورد به غيره من الخارج كان ممكن، ولكن على هذا الحال فهذه سرقة كبيرة، قائلة «تطالبون بترشيد الاستهلاك من أجل تشغيل المصانع فى إسرائيل».

صاحب مقهى: هى الحكومة عايزة إيه مننا؟! نمشِّى العمال ونشرّدهم ولاّ نقول لهم روحوا اشتغلوا حرامية؟!
قرار الحكومة بتحديد موعد لإغلاق المحلات والمقاهى ترشيدا للاستهلاك قد يكون إيجابيا فى مناحٍ، وسلبيا فى مناحٍ أخرى، لكنه أغفل جوانب نفسية واجتماعية، خصوصا لأنها تُعتبر التسلية الوحيدة لكثير من متوسطى الدخول، الذين لا يجدون وسيلة أخرى للترفيه.

«من الصعب تطبيق القرار، والمواطنون تعودوا على نمط محدد من الحياة، ومن الصعب تغييره»، هكذا قال سائق التاكسى عزت فوزى، مشيرا إلى أن الحل قد يكون من خلال الجلسات الخاصة أمام كل منزل، وأضاف «الناس مش هتفرق معاها حاجة». فوزى أكد أن المقاهى البعيدة عن وسط القاهرة لن تطبق القرار.

أما الحاج محمود، وهو أحد الباعة الجائلين، فأشار إلى أنه يحب أن ينهى عمله ويتوجه إلى المقهى لاحتساء كوب من الشاى والجلوس مع بعض أصدقائه، لافتا إلى أن هذه هى التسلية الوحيدة له بعد يوم شاق من العمل متسائلا «هنرجع البيت من الساعة 10 نعمل إيه؟»، مضيفا أن هذا القرار يفتح الباب لانتشار البلطجة.

بالقرب من ميدان الجيزة، يجلس مرسى محمد على مقهاه، وعندما سألناه عن قرار الحكومة أكد أنه يستخدم اللمبات الموفرة، وهو ما يجعله لا يستهلك كثيرا من الكهرباء، «فاتورة الكهرباء لا تتجاوز 200 جنيه، والغاز لا يكلفنى سوى 100 جنيه فى الشهر»، مضيفا أنه قد يُضطر إلى الاستغناء عن ثمانية عاملين من أصل 16 هم قوام الوردية الثانية، «يعنى هاشرد 8 أسر.. ولا أقول لهم روحوا اشتغلوا حرمية؟ هى الحكومة عايزة إيه مننا؟».

محمد اقترح على الحكومة رفع نسبة الضريبة على أصحاب المحلات، ولكن لا تحدد مواعيد للإغلاق، مؤكدا أنه مستعد أن يقلل أكثر من إنارة اللمبات مع أنها لمبات موفرة، مستدركا «لو عايزينى أنورها بالشمع أنا موافق، بس مايخربوش بيتى»، مضيفا أن من وضع هذا القرار لا يمكن أن يكون وضعه بعد دراسة، قائلا «هما بيصدروا قرارات وهما قاعدين فى التكييف مش دريانين بالناس فى الشارع، والأولى بيهم يجيبوا الكهربا اللى بيصدروها بره بدل ما يحرمونا احنا من خير بلدنا ويقطعوا رزقنا».

عبد العال مصطفى، أحد العاملين بمقهى بالجيزة، أشار إلى لا مانع عنده من تطبيق القرار ولكن فى الوقت نفسه على الحكومة أن توفر له عملا آخر بنفس راتبه غير عمله بالمقهى بعدما يتم تسريحه «حتى لو بتاع زبالة»، حسب قوله، مستدركا «بس هو كان وفّر للخريجين اللى قاعدين على القهوة دول كلهم لما عايز يركنّا جنبهم ويزود عدد العاطلين؟».

اقتراح مصطفى وافق عليه حمادة حربى، أحد العاملين فى مقهى فى أول شارع الهرم، لافتا إلى أنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولا يعرف لنفسه مهنة أخرى غير القهوجى، مشيرا إلى أن القهوة التى يعمل بها تعمل 24 ساعة على ورديتين، وأكثر الأوقات عملا هى من بعد الساعة الخامسة حتى الثانية أو الثالثة فجرا، فمن سيعوضهم عن ربح ساعات الذروة الخمس التى سيغلقونها؟ لافتا إلى أن كثيرين من المسافرين والقادمين من محافظات أخرى يأتون ليلا ليجلسوا على المقهى حتى الصباح ويتوجهون بعدها إلى الاماكن التى يريدونها فى القاهرة لقضاء مصالحهم.

أما إبراهيم خليل، أحد الجالسين على المقهى ومن عمال الشركة الشرقية للدخان، فأشار إلى أنه يتعب من رائحة الدخان فيأتى إلى المقهى من وقت إلى آخر ليرتاح قليلا أو ليحتسى كوب شاى ويشترى طعامة من أى محل مجاور، قائلا «القهوة هى تسليتنا والمكان اللى بنرتاح فيه أنا وزمايلى من ريحة الدخان، لكن لو قفلوها هنعمل إيه؟ هنقعد على الرصيف؟»، مضيفا أن استمرار عمل المقهى وجلوس الناس عليه يعد مصدر أمن لسكان المنطقة والمارين فى الشارع، قائلا «الناس كلها على القهوة حتى لو حد حصل له حاجة وصرخ هيلاقى اللى يسعفه، أما لو قفلت فالدنيا مش أمان، والله وأعلم باللى هيحصل، بس والله لو وزير الداخلية يشد حيلة معانا شوية هنبقى مية مية، دلوقتى لا فيه أمن ولا أمان، الله يرحم أيام حبيب العادلى، كان ظابط الكلام، كان الواحد بيروح وييجى ف أمان»، حسب قوله.

عاطل بلا مقهى.. بلطجى على الطريق
العاطلون على المقاهى: رضينا بالهمّ والهمّ مش راضى بينا
«تريد أن تعرف نسبة البطالة فى مصر اذهب إلى المقهى»، جملة يرددها كثيرون واعتادها المصريون منذ سنوات طويلة بعدما ارتفعت نسبة البطالة، إذ لم يجد خريجو الكليات والمعاهد سوى المقاهى والكافيهات للتنفيس عن غضبهم.

نحو 16 سنة يستغرقها الشاب حتى ينهى دراسته، ليخرج بعد ذلك إلى المقهى بلا عمل، هربا من نظرات أهله المتحسرة. فى الوقت نفسه لا تحاول الحكومة حل مشكلة هؤلاء الشباب، فتسعى لإغلاق المتنفس الوحيد الذى يصبِّرهم على معاناتهم، لتطردهم مرة أخرى، ولكن هذه المرة من المقاهى إلى الشارع ليصبحوا أرضا خصبة ومشروعا لبلطجى على الطريق. محمد على، شاب عاطل تَخرَّج فى كلية الخدمة الاجتماعية، ويجلس دائما على مقهى بحى فيصل، يقول «المقاهى والكافيهات هى متنفس كثيرين من الشباب ممن تَخرَّجوا فى الكليات ولم يجدوا عملا حتى الآن، لو الحكومة عايزه تقفل لنا المقاهى تشغّلنا الأول واحنا مانقعدش عليها تانى، أنا وزيى آلاف هنعمل إيه؟ مش معقول هنقعد طول الليل والنهار فى البيت، إحنا بنيجى نشرب حاجة ونلعب دورين طاولة». محمد ومصطفى وعلِى، ثلاثة شباب من خريجى كلية التجارة والحقوق ومن رواد أحد الكافيهات فى منطقة بين السرايات، أشاروا إلى أنهم تخرجوا منذ عامين ولم يجدوا حتى الآن الوظيفة التى تناسبهم، مما اضطر علِى إلى العمل سائقا إلى حين إيجاد عمل مناسب، مشيرين إلى أنهم يلتقون فى المقهى للجلوس معا ولعب الشطرنج والطاولة يوميا، كنوع من أنواع التسلية والخروج غير المكلف نسبيا إضافة إلى الترويح عن أنفسهم حسب قول أحدهم، «مش معقول هانام فى البيت ليل ونهار ولا يفضل وشى ف وش أهلى مش عارف أعمل لهم إيه وأحسرهم عليا بعد ما كبّرونى وعلمونى، آدينى قاعد خالى شغل اهه باجى القهوة أقعد مع صحابى واغيّر جو وانسى».

أحمد محمد خريج معهد فنى تجارى أشار إلى أنه يأتى إلى المقهى بعد يوم شاق من البحث عن عمل ليستريح بالجلوس مع أقرانه وأصدقائه ممن لهم نفس مشكلته ويتبادلون جميعا أخبار يومهم وهل منهم من حالفه الحظ، مشيرا إلى أنه يحاول يتأخر فى المقهى لكى يتهرب من نظرات أعيُن أسرته المتسائلة فى كل يوم عن نتيجة البحث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.